الجزء الاول

1.2K 83 36
                                    

بخطوات ثاقلة خرجت من محطة القطار وهي تتأمل الشوارع والبنايات من حولها دمعت عيناها لتغادر تنهيدة بائسة من حنايا صدرها رافضة الالتفات خلفها .. حيث تركت قلبها هاربة من مشاعرها الى مدينة اخرى غريبة عنها .. ارتسمت صورة غيث امامها وذكراه تتخلل مسام روحها ببطء لتشعر بوخزة قاتلة ايسر صدرها .. توقفت امام سيارة اجرة ثم اخرجت من حقيبة يدها الصغيرة ورقة تحمل عنوان مكان عملها الجديد كممرضة لسيدة مريضة في احد المنازل في المنطقة .. جلست في المقعد الخلفي بعدما اخبرت السائق عن وجهتها .. تساءلت فجأة في سرها عن تغير ملامح السائق عندما ذكرت له العنوان حيث شعرت بالذعر الواضح على وجهه تجاهلته ثم التفتت الى النافذة الزجاجية تنظر الى الطريق بشرود لتعود بذاكراتها الى الوراء ..

اتجهت نحو ممر المستشفى بهدوء .. القت التحية على زميلتها بالمشفى التي تعمل بها كممرضة ثم اتجهت الى مكتب الطبيب غيث .. او بالاحرى حبيبها الذي امتلك قلبها منذ الوهلة الاولى .. عندما تخرجت من جامعتها وقد حصلت على شهادة التمريض التي منحت لها فرصة عمل باحدى اكبر المستشفيات بالعاصمة .. هوى قلبها ارضا عندما وصل صوته الى جهازها السمعي لاول مرة التفتت اليه شعرت بقلبها يكاد يتوقف من اثر خفقاته التي تنبض بعنف .. كان اول من استقبلها حينما استلمت عملها ليتولى تدريبها بالقسم الذي يعمل به .. كان هو من وقف بجانبها وساعدها حتى ولدت بينهم قصة حب فاشلة ظنا منها انه يبادلها مشاعرها البريئة فمعاملته معها كانت مختلفة عن زميلاتها .. لم تشعر بنفسها وهي تستسلم رويدا رويدا الى عالم العشق .. لتقع في حبه .. كانت تتابعه طيلة الوقت دون ان تشعر وتقربه منها منحها جرعات من الامل انه ايضا يبادلها حبها .. كانت تفرح لفرحه وتبتسم لابتسامته وتحزن لحزنه .. وكل يوم تتعلق به اكثر .. تتعلق باوهام كاذبة كادت ان تاخذها للهاوية .. وحين اكتشفت حقيقته كان الاوان قد فات فقد وقعت في غرامه وانتهى الامر .. حتى جاء ذلك اليوم عندما اتجهت نحو مكتبه وقبل ان تطرق الباب المغلقة وصلتها ضحكات ناعمة من الغرفة ازدردت ريقها بصعوبة فتحت الباب دون تردد لترى ذلك المشهد الذي هز كيانها بألم وحسرة .. كان يجلس على كرسيه الخاص بينما كانت زميلة لها بالمشفى تجلس على قدميه يعانقها بحميمية اوجعت قلبها .. اتسعت عيناها بصدمة وقلبها تسارعت نبضاته بألم وهي تتطلع اليهما بملامح جامدة .. لا يمكن ان يكون ماتراه حقيقة .. هي تتوهم اكيد .. انه كابوس .. شعرت بغصة حارقة تحرق جوفها بلا رحمة .. انتفض غيث واقفا تراجعت بخطوتين الى الخلف محاولة السيطرة على دمعتها .. كلا .. طالما عاهدت نفسها قوية .. لن تضعف .. اجبرت نفسها على الابتسام وهي تهمس بخيبة ...

" اسفة على تطفلي سيد غيث .. كنت اظنك بمفردك .. "

لا تعرف من اين اتت بهذه القوة حتى تحدثه بهذا البرود المزيف بينما كان بركان غيرة يحرق كيانها بلا شفقة ... غادرت غرفة مكتبه بخطوات مهرولة دخلت الى غرفة الاستراحة ومن حسن حظها كانت فارغة لكي لا يشاهد احدا انفجار دموعها .. بكت .. وتالمت .. جلست على اقرب كرسي امامها ثم اطلقت العنان لدموعها شعرت بخطواته يقترب منها نهضت على قدميها المرتجفتين رفعت كفها تمسع دموعها .. امتدت كفه تلمس ذراعها هاتفا باسمها ...

نبضات متمردةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن