الفصل الثامن

56 4 1
                                    

اللهم أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق.
لا تلهيكم روايتي عن الصلاة وذكر الله.
لا إله إلا الله.

_____

نَظَرتُ بِبِشرٍ نَظرَةً ظَلتُ أَمتَري
بِها عَبرَةً وَالعَينُ بِالدَمعِ تُكحَلُ
إِذا ما كَرَرتُ الطَرفَ نَحوَكِ رَدَّهُ
مِنَ البُعدِ فَيّاضٌ مِنَ الدَمعِ يَهمِلُ
فَيا قَلبُ دَع ذِكرى بُثَينَةَ إِنَّها
وَإِن كُنتَ تَهواها تَضِنُّ وَتَبخَلُ
— جميل بثينة

_____

( الفصل الثامن )

_____

رفع راسه لما تكلمت بصوت هاديء، مختنق من الغصة:
- ليش تسوي فيني كذا ألماس؟
كملت وهي تبتسم بألم وسخرية:
- كأنه من حقي أسأل هالسؤال وأنا اللي وصلت الأمور لهالحد.
ردّ بعد صمت قصير:
- لا تلومين نفسك، كنتِ تتمنين لهالخير.
- الخير؟ هذا الخير؟ لما سلمتها لواحد مثل سلطان؟ عديم الرجولة والمسؤولية.
- اللي صار صار يا صفية، كلامك هذا ولومك لنفسك ما راح يغير شيء.
صفية بغضب:
- بس ألماس ما كان لازم تسوي كذا، ما كان لازم توافق تتزوجه بعد اللي صار، أنا لما تركتها هناك غصبا عني تركت لها الخيار، لو قالت انها تبي الطلاق كنت بوقف معاها وأسوي أي شيء.. بس هي عقلها كله بالدراسة، والحين شوف.. بتتزوجه وترجع، لا هي اللي بتكمل حياتها مع واحد يستحقها ولا هي اللي حققت اللي عشانه صارت كل هالمصايب.
- حتى لو هالشيء مو عاجبك لا تنكري انه للأفضل، الناس راح تسكت الحين ولا تتكلم عنها أكثر.
زفرت أنفاسها بضيق وهي تقول:
- أتمنى انها تكون ذكية وقوية بما فيه الكفاية عشان تتطلق منه لو ما حست انها مرتاحة وترجع البيت.
ظل ساكت لبعض الوقت قبل لا يقول:
- هذا اللي راح يصير، من البداية ما كانت مرتاحة لسلطان.. وأنا متأكد انها وافقت على العرس عشان مصلحتها، وبعد الطلاق يا صفية كل اللي أبيه منك انك تتركيها على راحتها، خليها تسوي اللي تبيه لا توقفي بوجهها، أنا مو مستعد أخسرها.. مو مستعد أخسر أكثر.
ناظرته صفية بصدمة واستغراب من نبرته الغريبة، قبل لا تسأل:
- لا تقول لي انك كنت تدعمها وتشجعها على الدراسة من البداية يا إبراهيم.
التزم إبراهيم الصمت وهو يكمل قراءة اللي بيده.
ارتفع صوت ضحكتها الساخرة وهي توقف:
- لا والله هذا اللي كان ناقصني! وأنا أقول من وين جايبة ألماس كل هالثقة عشان تتحداني؟ طلعت انت وراها يا إبراهيم!
وقفت قدامه ووجهها محمر من الغضب، قبل لا ترفع صوتها بتهديد:
- أنا بعد يا إبراهيم، أنا بعد ما أبي أخسر أكثر، صدقني.. هالمرة لو صار شيء، لو جا شيء لألماس اني ما راح أسامحك ولا راح أنسى، والله العظيم راح تدفع الثمن غالي، ما عندي قلب يقدر يسامح كل مرة تخيب فيها ظني وتخليني أتوجع هالقد.. ما راح أسامح لا نفسي ولا انت.
خرجت من الغرفة وقفلت الباب وراها بقوة حتى دوى صداه أنحاء البيت.
وابتعدت عن الجناح وصدرها يعلو ويهبط من الانفعال.

رواية: قيلولة القمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن