لا سماء هذا المساء..
لا سهرَ ،
لا مدينة .. لا بلدْ
أجلسُ في آخر العمر،
متكئاً على وحدتي
شارداً .. في لا أحدْ.– فرانس كافكا
___________
( الفصل العشرون )
___________
- ادخلي.
دخلت الجازي بعد ما دقّت الباب على عادل وعلى وجهها علامات الاستغراب، جلست على الكرسي وهي تسأل:
- إيش كان يسوي عندك عبدالرحمن؟ أقصد خرج وشكله غريب؟
وقف عادل وبيده الملف، ثم اتجه للطاولة الصغيرة اللي هي جالسة عندها.. حط الملف قدامها:
- سلمني هذا الملف.
كمّل لما شافها مستغربة لسه وعيونها على الملف وهو يبتسم:
- ما خيّب ظننا عبدالرحمن، ما خيّب ظنك.. كنتِ صادقة لما أحسنتِ فيه الظن وتوقعتِ إنه ما تقرب منها إلا عمدا عشان يساعدنا في القضية.
ابتسمت الجازي براحة وعيونها تلمع، قبل لا يأشر عادل على الملف وهو يقول:
- افتحيه انتِ قبل، ما أعرف إيش فيه بالضبط.
بلعت الجازي ريقها بصعوبة وهي تهز راسها بإيجاب، تمدّ يدها المرتجفة.. ترفع عينها بين اللحظة والثانية تناظر عادل، حتى تشجعت أخيرا وأخذته.
ضحكت بارتباك وهي تقول:
- إيش ممكن يكون جمّع بهالفترة الطويلة؟ معقولة وثقت فيه أمي وهو ولدك؟
هزّ راسه بحيرة وفضوله في معرفة هالشيء أكبر.
وبدون تردد سحب الملف من الجازي وهو يقول:
- إيش رايك تسوين لي كوب قهوة؟
وقفت الجازي بسرعة وهي تهزّ راسها بإيجاب.. وخرجت بخطوات مسرعة.
كأنها كانت تبغى تهرب من البداية أصلا.
وهذا اللي عادل حس فيه.. وأعطاها الفرصة حتى تستجمع نفسها وتشوف المحتوى متى ما حسّت انه الوقت مناسب.
مو سهل الواحد يكون ضد أهله، يخالفهم لهالدرجة.. خاصة الأم!
لكن أحيانا الواحد يضطر، للـأسف.
مثل ما سوّت الجازي.ما كانت علاقتها فيها من البداية عميقة وحميمية.
دائما وأبدا.. كانت جازي الصغيرة مستاءة منها.. أفعالها ما تعجبها أبدا.
خاصة في دعمها لأخوها الكبير ( المقتول ) هشام!
كانت تنقهر منها كثير وهي تشوفه تدللــه.. تعطيه أكبر من حجمه، لو غلط بدال لا توبخه تحاول تنقذه من أي مصيبة.. تستخدم نفوذها وعلاقاتها حتى تطلعه من اللي هو فيه.
ما عمرها فكرت ببنات الناس اللي آذاهم ولدها.. كل اللي يهمها انه سمعتها هي وعائلتها ما تتضرر، وانه ولدها يوصل لمنصب عالي بدون ما تنضر سمعتها.. ما يهمها قد إيش تدفع للضحايا، وقد إيش تصرف عليهم.. المهم انها تنقذ ولدها وتنظف وراه بدون ما تترك أي أثر!
لو حاولت الجازي تفكر وتتذكر عن عدد البنات اللي انضروا بسبته! ما تقدري تحصي!
كثير تحرش فيهم، وكثير اعتدى عليهم.
بعد ما كان على علاقة غير شرعية معهم، ثم اكتشفوا هم شخصيته المخيفة ومرضه النفسي.. وقرروا يتركوه، وهالشيء مستحيل يعجبه، مستحيل يخلي أحد يتصرف تصرف ما يعجبه.
تذكر انها بلغت عليه أكثر من مرة، حتى لو كان أخوها ومن لحمها ودمها.. مستحيل تغض الطرف عن مثل هالأشياء!
خاصة انه أمها بالرغم من معرفتها انه ولدها مريض نفسي، بدال لا تاخذه لطبيب نفسي، حتى لا يصير عنده شيء تعتبره وصمة عار وعيب! ما يصير يتعالج عند طبيب نفسي حتى يكون ناقص، ويصير هالشيء عائق في مسيرته!
مهما حاولت تفكر وتدور سبب منطقي لكل هالأشياء فشلت ولا قدرت تستوعب شيء.
ياخذونه من جهة بعد بلاغها عليه، ويطلع من هذيك الجهة بعد مساعدة أمه.
صارت مكروهة من الكل، أمها وأخوها.. إلا انها ما كانت تبالي أبدا.
تعبت من كونها الشخص الوحيد اللي يفكر بمنطقية.. وتعبت من كونها شخص شبه شاذ في هالبيئة الفاسدة.
لذلك تزوجت فورا، أول شخص تقدم لها.. ابن المحامي عادل، أحد معارف والدها.
كان عادل الشخص الوحيد اللي قدرت تثق فيه وترتاح له، كان صديق والدها.. تعرفه من لما كانت طفلة، وكانوا يلازمون بعض طوال الوقت، عادل وأبوها.
تعرفه عز المعرفة.. زيادة على انه محامي مشهور بطيبته وحسه القوي بالعدالة.. وله من اسمه نصيب.
ولده مو أقل منه طيبة.
فعلا ارتاحت كثير بس ابتعدت عن أهلها.
ما كانت من الناس اللي يفكرون أو يعتقدون انه أفعال أخوها ممكن ترجع عليها هي، إلا انها بنفس الوقت كانت خايفة وكثير.. من عاقبة أفعال أمها أكثر من أخوها.
لأنه ما حد خلاه يتمادى غيرها هي!
أنت تقرأ
رواية: قيلولة القمر
Romanceلا احلل النقل بغير اذن '°° أتعشَقُ مثلي الرّبا و الشّجرْ فـ تُهدِي الضّياءَ لها يا قمرْ أتعشقُها أم رثيتَ لـ حاليْ ؟ فـ جئتَ تُشاركنيْ فيْ السّهرْ أعزّكَ أنّي مقيمُ الرّحـالْ؟ فسيحُ الخيالِ بعيدَ النّظرْ نُقيمُ و نحسبُ أنّا نُطيلُ و أيّامنا كلّـها ف...