٣: وعودٌ لَم تُقل.

8 2 0
                                    


اليَومُ عطلَتي فحلّ اللّيل وَأنا أنتظِر جون منذ حديثنا السّابق،
مؤخّرًا، حالَت بينَنا نِقاشاتٌ مُتوتّرة،
كانَت لحظَةً مُحرِجَةً بينَ الحُزنِ وَالغَضبِ،
حينَ نَظرتُ لمَلمَحكَ الفارِغ،
شعَرتُ حينَها وَكأنك صديقًا قَديمًا، اقتَربتُ لتَحيّتهِ فتَخطّاني.
لمَ أحبَطتَ أديبةً جاورَتكَ وَكنتَ آخِر كِتاباتِها؟

لَم أشعُر إلّا بشيءٍ يوضعُ على كتفيّ، رفعتُ رأسي فإذا بجون يضع عليّ غطاءًا.. أنمتُ عند الكنبة في عمقِ أفكاري؟

مسحتُ على وجهي أبعِد علامات النّعاس بينَما أشير له بالجلوس.. هوَ تردّد فأصرّيتُ حتّى فعل.

" أنا آسِف لكلامي صباحًا"

"جون.. أنا جلستُ أنتظِرك هنا منذ خرجتَ،
أكان عليكَ إقلاقي هكذا؟"

" آسف"

"فقط.. لا تُبالِغ في شُعورِك،
أنا في سبيلِ التَّعمُّقِ وَجدتُ الحديثَ مَعَ هواجِسي جَوفًا للغوصِ بِه،
ثمَّ كَتبتُ وَكتبتُ،
حتّى جَفّ حبري على ورقٍ أمهَق كما ترى،
أردتُ بهِ قراءتَكَ لمَشاعري،
عبرَ أحاديثَ كانَت هذه إحداها،
موجّهةً لتَفاصيلِكَ،
ليسَ رغبتًا بكَ إنّما حاجةً إليكَ.. وَهذه الحاجة متبادَلة كما نرى لذا أنا موافقة على الزّواج بكَ.. وَأمّا المشاعر فلنتركها للوَقت."

هوَ كان خافِضًا رأسه، يستمعُ بتركيزٍ عند أوّل كلامي لكِن في نهايته هو رفعه من الانحناءِ بتعابيرَ غير مصدّقة.

"هل تعنينَ هذا حقّا؟ أنتِ متأكّدة الآن من قرارِك؟"

"نعَم، أعني.. لَن يتغيّر شيء، أنا بالفعل أعيش هنا، أعلمُ ما يتطلّب معرفته عن ماضيك وَحاضرِك، وَالمثل بالنسبة لك"

" أنا.. سوفَ أحرُصُ يا ماري على مُعامَلتِك كَما يُعامِل الغُروبُ الأعيُنَ المُهتاجَة مِن سُطوعِه الطّفيفِ،
وَأزرعُ في صدرِك الودَّ لي.. وَأمطِرُ على لينِك غيثًا منّي كي تَنمي فيَّ لاغَير.. أقسِمُ لك بذلكَ ماري! "

يتَهلّلُ الفجرُ ها هُنا، وَالشّعور الّذي انتابَني نتيجةَ ما قالَهُ الأخيرُ كانَ أشبَهَ بلحظَة إمساكِ وَلمسِ الموسيقى،
فصمتُّ إزاءَ ذلكَ، شاردَةً لفَوضى حَياته ومَساكن ذكرَياتهِ أوَليسَت أيّامه تَشفعُ لمَلمحهِ الذّابِل؟

إن كُنا كِلانا لا لغة تسعُنا،
لا تَعبيرًا،
لا رمقًا،
لا إلتفاتَة،
فكيف سننزفُ ببَعضِ جُروحٍ أو حتّى خُدوش مِن أجلِ بَعضِنا؟

أو كانَت صعوباتُنا لا تُناسب أيَّ إيقاعٍ،
رعدًا يُزلزِلُ توقُّعاتي،
أسنَكونُ بقاءًا محتومًا بالرّحيل؟
أَم نظلُّ حتى نضِلَّ؟

غُربَةٌ في نَفسيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن