أكمَلت مَمشايَ بذِهنٍ مشَوّش،
أتجاهَل صراخَ جدّتي،
قاصدةً نفق القِطارات،
أتعثّر هَونًا وَأنتبهُ عند آخَر،
حتّى وصَلتُ وَبين يديّ حقائبي وَمخلّفات السّنين،
وَسائد الحنينِ وَالذكرياتُ فيها قاطبةً،
طرقاتٌ شبهُ خاليَة وَالزّمهرير يغمرُ كلّ زاويَة مِن مدينةِ "ايدينبيرغ" الاسكتلنديّة حتّى استعمَرها.هذه المرّة لم أخبِر أصدِقائي،
لم أفكر في المستقبَل،
لم أبكِ،
لم أشعر بشيءٍ.. فقَط أردتُ المُغادرة.استقلّيتُ القِطار وَذهني يعجّ بالكثيرِ، كنتُ بعيدة كلّ البعدِ عن الواقعِ وَقريبة كلّ القربِ من الهَذيان.
وضعتُ حقائبي بقربي وَشردتُ مِن خلالِ النّافذة أُناجي، حتّى طفقَت روحي وَتكفّلت أجفاني بسكبِ الرّاحة عليّ، بانسِدالِها.
استَيقظتُ فزِعةً بفِعل هزّ أحدهم لكَتفي،
نظرتُ إلى جانِبي فإذا بهِ شابّ أشعثٌ أصهب،
يرتدي السّواد وَقد نالَ التّعب مِن ملامحهِ ما نال.
لكن ما لفتَ تشتّتي إلّا عيناهُ الّتي أخذت القسمَ الأكبَر مٍن التّفجّع الهادئ.."وَصل القِطار إلى آخر محطّة يا آنسَة عليكِ المُغادرة قبلَ أن تتعرّضي للتّوبيخ"
هوَ طفقَ ثمّ غادَر مِن أمامي وَفي يدِه سيجارة يستنشِقها،
استَقمتُ بعجلةٍ مِن أمري أحمِل أغراضي،
حتّى غادَرتُ مضجَعي فقابلَني الصّقيع بنوائحهِ.نظرتُ حَولي، السّماءُ تلحّفت بألوان المغيب وَالثّلجُ يغطّي التّربَ مِن تحتي.. كَم مِن الوقتِ قد نِمت؟ لقَد.. فوتّت محطّتي!
اعتَراني الشّجنُ فأفلتّ ما كان في يَدي مِن أمتِعة وَأخذت أتنفّس الصّعداءَ حائرةً أتلفّت هنا وَهناك.
لمحتُ قَفا ذلك الشّاب مِن القطار وَما زالَ الدّخان يعومُ مِن فوقِه، مشيتُ بكلّ ما بقيَ في جَوفي مِن أملٍ ناحيتهُ فلا طاقة بي للرّكضِ.
وصلتُ بعدَ جُهدٍ أشكر الرّب أنّه كان يمشي برويّةٍ وبطءٍ." يا سيّد أستميحكَ عذرًا"
هوَ لَم يلتَفت بل أكمل طريقهُ قائلًا وَكأنّه توقّع لحاقي به:"هَل أنتِ تائهة؟"
" أينَ نحنُ بالضّبطِ يا سيّد؟"
توقّف يلتفِتُ لي وَأخيرًا،
نظرَ لي بحدقتيهِ المُحيطيّة،
ينفُث المزيد مِن الدّخان ثمّ أبعد مافي يدهِ مجيبًا إيّاي:"أنتِ في مرجٍ أغبرَ بين جبالِ اسكتلندا"
كنتُ على حافّة الانهِيار بعدَ سماعي لجَوابه،
أنا أردتُ الابتعادَ عن المنزل لا الابتعادَ عَن المَدائن بأكملها!
![](https://img.wattpad.com/cover/349564167-288-k492300.jpg)
أنت تقرأ
غُربَةٌ في نَفسي
Fanfic"الغَريب" .. انتَظرتك في حينِ البُعد، عِندَ أعتاب قَلبي لتَدخُلَه، فأدخُلهُ معَك غيرَ لاويَةٍ على شيء، أشاطِركَ روحي وَدواخِلي، لتغدوَ منّي وَفيّ، كي لا تَموتَ فيني دون أن أعلَم. ملاحظَة: بعضُ المَكاتيب مُقتبسَة وعُدّل عليها بقَلمي.