كُلّ المَنافي لا تُبدِّدُ وحشَتي مادامَ منفايَ الكبيرُ بداخِلي.
بعدَ أربَعةِ أعوامٍ،
لازالَ غِيابُهُ حاضِرًا وبقوّة،
كصرخَةٍ خَرساءَ داويةٍ،
كفراغٍ عَجِزَت الكَلماتُ عَن غَمرِه،
وَمازالَت الكُتبُ وطنَ كُلِّ مُغتَربٍ.نظرتُ باتجاهِ معالجَتي النفسيّة، وَكانَت على حالها، تدوّن بهدوءٍ وَاتّزانٍ، لا تعطي بالًا لأحدٍ.. وَلا حتّى أنا.
" مَن هذا الغَريب يا ماري؟ صديقٌ قديم؟
أم تُراهُ وطَن؟ وَلماذا يقتحِم بحرَك وأحرفكِ؟
ماذا عَن أوجاعِك؟ أهكذا دواليكَ؟ "" في كلّ مرّة أردتُ الكتابة فيها، يقتحمُ الشّجن أسوار قلمي قائلًا: [انتَظروني! لا تحرقوني بصفاءِ بدء الحِكاية!]
ظَنَنتُني آلَفتُ جَمالَ الفُنونِ حَتى قُطِعت طُرقي بثنايا جون،
وأَبَت عِياني أن تَعتَكفَ النّظَر إلى شيءٍ سِوا لُجِّها.
عَجِبَت أدعَجيّتاي بٍبديعِ فِتنتِهِ، فَكيفَ تُصبِحُ عَيناهُ سَماءًا وَبَحرًا في آنٍ واحِدٍ.. وَكيفَ بيَ التحليقُ وأنا أَغَرقُ؟!""ماري مَن يستطيعُ حرقَ الحزن على أيّ حال؟ فعَلى الرّغم من أنّه لاينتهي إلّا بالمَوت فهوَ يحرق نفسهُ بحزنٍ آخر جديد، لذا أعيدي ترتيبَ الرّواية وَلو بسطحيّة ثمّ اقرئيها كاملةً على نفسِك دونَ أن تُفسدي أساريرَك بدموع الزّائلين"
عجبا للانسان، يتَظاهر بألف فعل ويردّد مائة اسم للتباهي،
ثم ينكَسر عند الذكريات،
على سبيل المثال أنا.. 'غریب' عجزت عن تخطيه،
فكلما أتعرقل به هربًا من طارف لُحيظات كانت ستجمعنا،
ما أسقط إلّا إليه.. لأغدوَ هاربةً منه.. وإليه!يا للبشر، نَعيش التّعب وَالهلاك لسنوات متأمّلين بالحظ أن يلتفت رائفًا بحالنا، لكنه كثيرًا ما يَمضي قدمًا متخط إيانا،
بَينما قبلة لم تتعدى مدتها الدقيقة؛ انتشلَتنا وكأننا لم نخُض فَوضى الحياة يومًا.وَكأنّنا ساعي البَريد يا جون، لاشيءَ مما حمَلناهُ كان لنا..
أعتذرُ لأطرافِك وَجلّ زوايا شغلَتها روحِك يَومًا يا جون، فما عادَ العَوضُ بيَميني، وَشمالي يدُ بتراءُ لوّحت بها أمامَ قبرِك لأتعلّم أنّ التّلويح حقًّا لايكونُ للوَداع بل لمَحوِ المَشهد.
لمَ الوَقتُ يودّك؟ لمَ حتّى حزني المجروح منكَ يودّك؟ بالله ماذا بي أحترقُ وأودّ قربك لأخمد.
وَتَتهادى المَشاعِرُ فَتستَقرُّ عَلى حُبِّكَ بينَما، قُربُكَ ينذرُني بهدوءِ مكانٍ آمِن، بينَ طيّاتِ دَواخِلي، بين الحُب والكُره، يُسمّى: لم تعُد تعني لي شيئًا، أنا لا أملِكُ نحوَكَ أيّ مشاعرٍ وَحتّى لَو كانَت مُستنزَفَة.
أحِبُّ كيفَ أنّني أتذكّرُ جميعَ تَفاصيلِ وَجهِكَ بدِقّة، وَكأنني أعلَمُ أنّي لن أراكَ مُجدَّدًا.. إلّا أنّي في وجوهِ المارّةِ رَأيتَك.
أربَعُ سنواتٍ مرّت منذُ آخِر لقاءٍ لنا، تلكَ السّنوات كانت عذابًا بالنسبَة لي، شُخّصتُ بالاكتآبِ، وَكم هوَ مُضحِكٌ أنّ سبَب مُعاناتي هِي ذكرَياتي السّعيدة مَعك، وَحتّى إذا كانَ نِسيانُ ذكرياتِنا الجميلة أو تخطّيها سيُعيدُ عافيَتي، أُفضّلُ العيشَ مريضةً للأبَد.
أأخافُ مِن أن آكلَ نفسي وانا حيّة؟
أن يَنهَشَني النّدَمُ والخِذلانُ وَعدمُ المعرِفَة؟
أن يهجُرَني الأصدِقاءُ والعائلةُ الّتي سبق وهجرتني؟
أن يترُكَني الحبيبُ ويتمّ نَفييي بعدَها إلى أقربِ جدائلِ الحياةِ التي لايُنتَفعَ بِها كما بالفعلِ حصل؟
أَأنا خائفةٌ مِن أن أفقِدَ ما أملِكُ وَأعيشَ بعدها بفراغٍ أكثَرَ مِن الفراغِ الّذي أعيشُه؟
أَم كانَت مَخاوِفَكَ يا ليلَكيّي أسمى مِن ذلِكَ فتَقبَعُ وراءَ المرئيّات؟تَمامًا كبحري المُحبّب نَحن، لايُهاجِمُهُ سِوى أمواجِهِ.. حُبُّكَ الفاني فِكرَةٌ مُحفِّزةٌ للبُكاءِ حَقًّا يا جون.
![](https://img.wattpad.com/cover/349564167-288-k492300.jpg)
أنت تقرأ
غُربَةٌ في نَفسي
Fanfiction"الغَريب" .. انتَظرتك في حينِ البُعد، عِندَ أعتاب قَلبي لتَدخُلَه، فأدخُلهُ معَك غيرَ لاويَةٍ على شيء، أشاطِركَ روحي وَدواخِلي، لتغدوَ منّي وَفيّ، كي لا تَموتَ فيني دون أن أعلَم. ملاحظَة: بعضُ المَكاتيب مُقتبسَة وعُدّل عليها بقَلمي.