البارت الثامن عشر

2.8K 128 31
                                    

اللهم متعنى ببصرى و بصيرتى ماحييت
18
بعد الرحيل
البارت الثامن عشر
كان رشيد لسه بيحكى لشيراز عن اللى حصل بعد ما رجع لعيلته فى الكويت و عرف بمرض خليدة و راح لها المستشفى عشان يخلص لها اجراءات العملية
خليدة : من فضلك يا رشيد ، انا مش عاوزة اعمل العملية
رشيد باستغراب : مش عاوزة تعملى العملية .. ليه
خليدة : ارجوك يا رشيد ، لو كده كده هموت .. سيبونى اموت من غير الم و وجع اكتر من كده
رشيد بتعاطف : مين بس اللى جاب سيرة الموت ، انتى هتخفى و هتبقى زى الفل ، و العملية بتاعتك سهلة و مش صعبة ابدا 
خليدة : لكن نتيجتها مش مضمونة ، و كمان تأثيرها بعد العملية ممكن مايبقاش كويس ، سيبونى زى ما انا ، ماتدخلونيش فى دوامة انا مش هقدر عليها ، و عشان إيه كل ده .. هتأخروا معاد رجوعى لربنا ، معادى هيفضل هو هو معادى ، لا هيتقدم يوم من غير العملية و لا هيتأخر يوم بيها
رشيد : ربنا بيسبب الاسباب .. اسمعى انتى بس الكلام و اتفائلى ياحبيبتى
خليدة بألم : انا مش حبيبتك يا رشيد و عمرى ماكنت و لا هكون حبيبتك ، انا عارفة انى اتفرضت عليك و انك مجبر عليا ، بس صدقنى .. عمرى ما حقدت و لا نقمت عليك
رشيد باحراج : الحكاية مش زى مانتى فاهمة يا خليدة
خليدة بابتسامة باهتة : انت عارف ان طول عمرى صريحة و مابحبش الهروب ، فبلاش نكدب على روحنا ، و كمان انا سمعت عمى و هو بيتخانق معاك فى التليفون لما عرف انك بتحب بنت مصرية و عاوز تتجوزها
رشيد باسف : خليدة انا اسف سامحينى .. بس …
خليدة : بس قلوبنا مش بايدينا ، اوعى تفكر انى زعلانة منك ، انا ما اقدرش ابدا ادعى انك وهمتنى بحبك ليا فى اى يوم من الايام ، و لا كمان اقدر اقول انك بتسئ معاملتى
مش ذنبك انهم ربطونا ببعض من سنين ، و مش ذنبك ان قلبك ماقدرش يحس بحبى ليك طول السنين دى ، حبى اللى يمكن اتزرع فى قلبى عشان مادقش غير ليك و لا شاف غيرك ، و اللى ممكن يكون قلبى حوشهولك لانهم فهمونى انى ليك انت ، و انك نصيبى من الدنيا
ما اعرفش حبك اللى فى قلبى من انهى نوع فيهم ، لكن مهما كان نوعه أو سببه .. لاول مرة عاوزة ابقى انانية و اطلب التمن
رشيد بدهشة : تمن ايه اللى تقصديه
خليدة :  انا دلوقتى عاوزة تمن حبى ليك يا رشيد
رشيد : رغم انى مش فاهم قصدك كويس ، بس يا ترى التمن ده عاوزاه ازاى يا خليدة
خليدة بتعب : عاوزاه بانك تكرمنى فى اخر حياتى ، طولت او قصرت
رشيد : انتى دايما متكرمة فى حياة الكل يا خليدة
خليدة بدموع : لما قلت لعمى انى مش عاوزة اعمل العملية ، قاللى الامر ده بايد رشيد بس ، هو اللى يقرر ان كنتى تعمليها و اللا لا ، و بما ان امر العملية فى ايديك فانا بطلب منك انك تلغيها اكراما ليا
رشيد : عمك اكيد كان خايف عليكي و حب ينهى النقاش عشان مايتعبكيش مش اكتر من كده
خليدة : لا يا  رشيد ، مش عشان كده ، عمى كان مصمم على العملية رغم رفضى ليها من البداية ، بس لما سمع راى الدكاترة حب يرمى الكرة فى ملعبك انت
عمى رجع قلق من العملية بعد ماكان متحمس لها ، بس هو باصص لها من زاوية تانية و عنده أسبابه ، لكن انا .. انا برضة ليا اسبابى و ليا موازين تانية
رشيد بحيرة : ايوة يا خليدة ، بس برضة ليه تستسلمى للوجع ، طالما فى حل ممكن يريحك
خليدة : و اما يبقى الحل ده نسبة نجاحه مش اكتر من ستين فى المية ، و لما تبقى حالتى وصلت لدرجة ان حتى الحل ده مايضمنش انه يقضى على المرض فى جسمى ، بل انه كمان ممكن يزود مشاكلى و الامى
رشيد بحيرة : انتى متاكدة من قرارك ده
خليدة : ايوة يا رشيد .. متأكدة
رشيد : انا هعمل لك كل اللى انتى عاوزاه يا خليدة ، بس فى المقابل .. انتى كمان لازم تعملى اللى انا عاوزه
خليدة : اللى هو ايه
رشيد : انتى رفضتى العملية و ده حقك ، لكن التزامك بالعلاج اللى الدكاترة هيقولوا عليه .. ده حقى انا يا خليدة ، هنلتزم بكل تعليمات الدكاترة و بكل الأدوية و الجلسات .. ده لو انتى عاوزانى افضل رافض العملية
عودة من الفلاش باك
رشيد : رغم وجعى على حالتها و زعلى عليها ، لكن وقفت جنبها فى قرارها و ايدته و رفضت انها تعمل العملية
كتير من العيلة هاجمونى و اتهمونى انى ماصدقت و انى عاوز اخلص منها ، لكن هى وقفت جنبى بكل قوتها و دافعت عنى ، و قالت لهم ان انا الوحيد اللى فهمت رغبتها و نفذتهالها بصدق نوايا 
لكن طبعا كانت حالتها بتدهور يوم عن التانى ، و والدى صمم انه يتمم جوازنا رغم اعتراض خليدة نفسها ، لكن فى نفس الوقت كنت حاسسها مكسورة و زعلانة على حالها .. فقررت ان انا اللى اطلب منها نتمم الجواز
فلاش باك
رشيد كان فى زيارة لبيت عمه بعد ما قضى مع خليدة يوم طويل فى المصحة و هى بتعمل نقل دم و اللى اصبح روتين دورى على فترات متقاربة
رشيد لما وصلوا و حاول يساعد خليدة انها تطلع اوضتها ، لقاها منهكة و مش قادرة ، فبدون تفكير شالها و طلع بيها على فوق وسط اعتراضها الواهن ، و اما وصلوا قدام اوضتها نزلها وقفها و قال لها و هو بيسندها : نفسى اعرف انتى على طول معترضة ليه ، حد لاقى توصيلة سهلة و مريحة و سريعة كمان بالشكل ده
خليدة مدت ايدها فتحت باب الأوضة و دخلت بتعب و هى بتقول : انا تاعباك معايا اوى يا رشيد ، حقك عليا
رشيد دخل وراها و هو بيقول لها : و انتى مين اللى قال لك بس انى تعبان
خليدة قعدت على السرير و قالت بضعف : سامحنى انى ماقدرتش اقنع عمى بجوازك من حبيبتك
رشيد باستغراب : ايه الكلام ده ، انتى امتى اتكلمتى معاه فى موضوع زى كده
خليدة : مش الوقت هو المهم ، الفشل دلوقتى هو الاهم ، سامحنى .. كان نفسى اعمل حاجة ترد لك و لو جزء بسيط من اللى بتعمله معايا ، بس ماعرفتش
رشيد : انا يوم ما احب اتجوز ، مش هحتاج اقنع غير الانسانة اللى بحبها يا خليدة
خليدة بفضول : هى رافضاك .. مش عاوزاك
رشيد : رافضة ظروفى
خليدة بحزن : تقصد وجودى فى حياتك
رشيد بصلها و سكت ، فرجعت قالت له : فهمها ان وجودى فى حياتك زى عدمه بالظبط و انها مش اكتر من مسألة وقت
رشيد : ماتقوليش كده ، ثم الظروف دى كلنا اتحطينا فيها
خليدة : انا عارفة ان عمى عامل لك مشاكل بسببى
رشيد : طب ماتساعدينى
خليدة : ايه اللى فى ايدى اقدمهولك
رشيد : وافقى اننا نتمم الجواز
خليدة بذهول : انت اللى بتقول الكلام ده
رشيد : اسمعى يا خليدة ، انتى عارفة ان وجودكم فى البيت ده بعد موت عمى الله يرحمه مضايق عمك جدا ، و باقى العيلة ، و كمان والدتك صحتها مابقيتش اد كده ، و مش المفروض انكم تفضلوا لوحدكم بالشكل ده
و اخواتك كل واحد فيهم مشغول بحياته و ماحدش فاضى للتانى ، لكن لو تممنا جوازنا ، انتى و مراة عمى هتيجوا معانا البيت الكبير ، و هنبقى كلنا مع بعض و حوالين بعض ، و على الاقل تساعدينى فى ان كل واحد يبطل يتحشر فى حياتنا بمقترحاتهم اللى مابتخلصش
خليدة : بس انت كده بتظلم نفسك .. انت مابتحبنيش ، و كمان انت عارف كويس انى ما انفعكش لا انت و لا غيرك
رشيد : اسمعى يا خليدة .. انتى كده كده على اسمى و على ذمتى ، سواء هنا او فى البيت الكبير ، فخلينا نتمم جوازنا على الاقل نطمن الكبار علينا
خليدة : بس انت كده بتبعد بزيادة عن البنت اللى بتحبها ، و ممكن ترفضك نهائى و ابقى انا السبب ، و لو وافقتك على طلبك ده و اتفاجئت بيك بعد كده بتتخلى عنى لاى سبب .. مش هقدر اسامحك
رشيد : اوعدك انى عمرى ماهتخلى عنك مهما كان السبب ، انتى بس طاوعينى ، و صدقينى مش هتندمى
عودة من الفلاش باك
رشيد : و بعد ما ضغطت عليها وافقت ، و فعلا عملنا الفرح و اتنقلت معايا للبيت الكبير اللى مراة عمى فرحت جدا بيه لما شافت الكل مهتم بخليدة و بيراعيها ، رغم ان الكل عارف و متأكد اننا عايشين مع بعض زى الاخوات ، لكن ماحدش كان بيحاول يعلق لانهم عارفين حالتها و كمان شايفيننا بنتعامل مع بعض بكل احترام و مودة
و ماقصرتش معاها لحظة واحدة و لا قبل فرحنا و لا بعده ، و كنت دايما بحافظ على مواعيد الزيارات الدورية بتاعة الفحوصات بتاعتها ، و كمان جيبتلها ممرضة مقيمة معاها طول الوقت عشان تفضل باستمرار تحت المتابعة
لكن مرضها كان زى الغول اللى عمال ينهش فى لحمها و يمص فى دمها كل يوم بزيادة ، لحد من شهر فات تقريبا و هى ما بتتحركش من السرير
شيراز و هى بتمسح دموعها بتأثر : مسكينة ، ربنا يشفيها و يقويها ، لكن انت .. انت ازاى سببتها فى التوقيت ده و جيت مصر
رشيد بتنهيدة حارة : هى اصلا من وقت ماتعبت التعب الاخرانى ده و هى مانعة اى حد يدخل عليها غير الممرضة بتاعتها ، و لما حاولت اكتر من مرة انى ادخل لها اتطمن عليها قعدت تصرخ و رفضت تماما انى اشوفها ، و الدكتور بتاعها قاللنا مانضغطش عليها و نحاول نلبى لها كل طلباتها ، بس هى عارفة انى هنا فى مصر ، و حكيتلها تقريبا على كل اللى بيحصل ، بكلمها فى التليفون كل يوم قبل ما بنام .. بس حاسس انها خلاص .. قربت اوى
سكتوا شوية و بعدين رشيد قال : اخر مرة شفتك فيها لما طردتينى و ما اديتينيش فرصة انى اكمل كلامى معاكى ، يمكن الحل اللى قلتهولك وقتها ،  كنت ساعتها شايف ان هو ده الحل الوحيد عشان نحافظ على حبنا ، كنت عاوز افكر معاكى بصوت عالى ، كنت عاوز اوصل لك انى عاوز اعمل اى حاجة بس ما ابعدش عنك
بس لما هربتى منى و رجعت على الكوبت و انشغلت بموضوع خليدة ، ماكنتش بعدى اى فرصة من غير ما افاتح والدى فى موضوعك و انا بحاول اقنعه يسيبنى اكمل حياتى معاكى
اتخانقنا كتير و اختلفنا اكتر ، و بعترف انى لحد دلوقتى لسه ما اخدتش موافقته ، لكن احساسى بيقوللى انه فى الفترة الاخرانية ابتدى يلين ، حسيت انه حزين على حالى و هو شايف السنين بتسرسب من بين ايديا سنة ورا سنة ، خصوصا و هو عارف ان جوازى من خليدة مجرد جواز صورى مش اكتر
لكن عاوزك تتاكدى ان عمرى ما يئست و لا هيأس انى اقنعه ، و لولا ان انتى اللى مصممة ان جوازنا يبقى بعلمه و موافقته ، انا لا يمكن كنت قبلت ابدا انى افضل بعيد عنك طول السنين دى 
شيراز : و انت فاكر انك لو قدرت تقنعه ، انى ممكن اوافق اتجوزك و انا عارفة ان خليدة فى حالتها دى
رشيد بحزن : للاسف انا مهما اوصفلك حالة خليدة لا يمكن ابدا خيالك يوصل للى هى فيه
شيراز : و انا ما اقدرش ابدا انى ازود وجعها و الامها و هى بتتفرج عليك و انت بتتجوز عليها
رشيد : خليدة بقالها اكتر من سنتين دلوقتى بتتحايل عليا اجيلك و احاول اقنعك من تانى ، بس انا …
شيراز : بس ماقدرتش تزود وجعها ، ايه اللى غير موقفك دلوقتى
رشيد بحدة مكتومة : انى تعبت يا شيراز ، تعبت من بعدك عنى ، و تعبت و انا عايش و شبح موت خليدة بيحوم حواليها في كل لحظة  و انا حتى مش قادر اساعدها
انا عارف ان خليدة بتحبنى ، و عارف ان بعدى عنها و انشغالى بيكى ممكن يكون واجعها او اكيد مأثر فيها .. لكن مش بايدى و لا بايدها ، و اقسملك انى طول السنين دى كنت بحاول اتعامل معاها برقة ، لكن ماقدرتش اتعامل بحب ، اتعامل بحب ازاى و انا قلبى سايبه معاكى هنا من يوم ماطردتينى من حياتك .. ارجعيلى بقى .. ايه .. ماصعبتش عليكى ، ما اتوجعتيش من بعدى عنك زى ما اتوجعت على بعدك ، انتى ليه بتتعمدى تتعاملى معايا انا بالذات بالقسوة دى 
شيراز و هى بتهرب من عينيه : انت عارف ان ده مش حقيقى
رشيد بتصميم : لا حقيقى ، طول الوقت شايف حنانك و حبك مع شمس و ولادها ، اشمعنى انا
شيراز بذهول : انت كنت عاوزنى اتخلى عن شمس فى ظروفها دى
رشيد : انا ماقلتش كده ، و عمرى ما اقدر اطلب منك حاجة زى دى ، بس اعدلى يا شيراز
شيراز : انت عاوزنى اعدل بانى اعمل ايه ، اوافقك و اتجوزك فى حالة خليدة دى ، و اللا اقولك استنى لما هى تموت و نبقى نتجوز ، انا فى كلا الحالتين ابقى انسانة ماعنديش قلب و لا مشاعر ، و اللا انسانة ايه بقى ، ده انا حتى ما استحقش ان يتقال عليا انسانة
رشيد معالم وشه اتغيرت و زى ما يكون وشه اتكسى بالسواد و قال بزعل : انتى متخيلة انى مستنى موتها ، اقسملك ان رغم كل اللى حصل ده الا انى عمرى ما اتمنيت لها غير الخير ، انا لا يمكن اتمنالها ابدا اى اذى ، رغم ان الاذى بقى ملازمها من سنين
كان كل ما تعدى عليها سنة و هى عايشة ، كان الدكتور بتاعها دايما مابيقولش عليها غير البطلة من كتر كمية الوجع و الالم اللى بتتحملهم فى صمت ، رغم طول السنين عليها الا انى عمرى ما سمعتها بتتوجع قدامى ، كانت دايما بتحاول تكتم وجعها فى وجودى ، لدرجة انى كنت بتعمد اسيبها عشان تطلق اهاتها ، و من وقت ما منعت اى حد يدخل عليها و انا عارف ان قوتها خارت ، و مابقتش قادرة تكتم وجعها قدام حد ، عرفت انها قررت تستسلم
اول ما عرفت خبر وفاة سالم ، لقيت نفسى بكلم مدير مكتبى يحجزلى تذكرة على اول طيارة نازلة مصر ، ماقدرتش ما اهربش ، ماقدرتش افضل هناك و انا مستنى اسمع خبر ….
رشيد سكت و ما قدرش يكمل كلامه و كان واضح عليه الحزن الشديد فشيراز قالت له : كل ده و بتقول انك ماقدرتش تحبها
رشيد : حبى لخليدة حب انسانى يا شيراز ، و ماتنسيش انها بنت عمى و متربيين سوا ، كنت دايما بعتبرها اختى ، رغم انى حملتها جزء كبير من غضبى لما والدى صمم يكتب كتابنا ، و لما كان كل شوية يطالبنى بتعجيل الجواز ، الا ان كل غضبى منها ده اتبخر لما شفت ضعفها و مرضها
و ماقدرش انكر انها انسانة جميلة من جواها ، هادية زى النسمة و رقيقة ، هشة زى القشة فى مرضها و صلبة زى الوتد بايمانها و قوة تحملها
شيراز كانت بتسمعه و هى حاسة بغيرة رهيبة جواها من انه بيتكلم كده عن خليدة ، لدرجة ان وشها اترسمت عليه معالم الغض/ب ، و لما رشيد لاخظ تعبيرات وشها قال لها بفضول : مالك يا شيراز ، انتى فى حاجة ضايقتك
شيراز اتنهدت و هزت راسها اكنها بتضيع حاجة معينة من دماغها و قالت بامتعاض : انا لحد دلوقتى مش فاهمة انت عاوز منى ايه بالظبط
رشيد : عاوزك تصالحينى
شيراز و على وشها معالم الغباء : اصالحك! .. ده اللى هو ازاى مش فاهمة ، هو انا زعلتك عشان اصالحك
رشيد ضحك جامد بصوت عالى لدرجة ان شيراز ابتسمت له بحب ، و استنت لحد ما هدى و قالت له باستنكار متصنع : ممكن اعرف انت بتضحك على ايه
رشيد بابتسامة مرحة : اصلى ما اقصدش انك تصالحينى بالمعنى اللى انتى قلتيه
شيراز : اومال بانهى معنى
رشيد : بمغنى اننا نتصالح ، مش احنا كنا زعلانين من بعض ، او على ادق تعبير انتى كنتى زعلانة منى ، فانا عاوز اننا نتصالح
شيراز بمكر : اممم ، فهمت ، بس احنا مش متخاصمين ، احنا لما بنشوف بعض عند شمس بنتكلم عادى و بنسلم على بعض عادى
رشيد قرب منها و قال لها بخفوت : بس انا مش عاوز العادى ده ، انا عاوز نرجع حبايب و اصحاب
شيراز وقفت مرة واحدة و سحبت شنطتها فى ايدها و خرجت بسرعة بعد ما قالت : هفكر
رشيد قام بسرعة حط الحساب على الترابيزة و خرج يجرى وراها لقاها ركبت عربيتها و مشيت و هى عينها عليه بابتسامة مليانة شقاوة خلت قلبه يتنطط زى مايكون عنده تسعتاشر سنة 
طلع البايب بتاعه من جيبه و ولعه و قال بسعادة : شكلنا كده هنتصالح
عدى حوالى خمس ايام .. كانت شمس فيهم اتنقلت هى و اولادها عند شيراز فى الفيلا بتاعتها ، و قفلت الفيلا عندها و نبهت على مطاوع ان اى حد غريب يسال عليها .. يقول ان الفيلا اتباعت و اصحابها الجداد مش موجودين حاليا
و ماحصلش تانى اى جديد ، غير ان نورا كانت كل ما تدخل البلكونة يلفت نظرها عربية قاعد فيها واحد عينه دايما من البلكونة بتاعتهم ، و لما شافته تانى ندهت على مامتها و قالت لها : ماما .. تعالى كده ثانية عاوزة اوريكى حاجة
عنايات جت وقفت معاها و قالت لها : خير .. هتورينى ايه
نورا بصت لبعيد و قالت لمامتها : بس ماتبصيش على طول ، انا ملاحظة ان العربية السودة اللى راكنة هناك دى عند السوبر ماركيت ، شبه مبتتحركش من مكانها ، و دايما واحد قاعد جواها و عينه على البلكونة بتاعتنا
عنايات عملت انها بتبص على الشارع و التفتت بالراحة لحد ما شافت العربية ، و رجعت بصت لنورا و قالت : فعلا ، و كمان انا لما نزلت السوبر ماركيت اللى راكن قدامه ده عشان اجيب شوية حاجات دخل ورايا و فضل يتفرج هنا و هنا و ما اشتراش حاجة و خرج اول ما انا خرجت ، بس ماشغلتش بالى و قلت صدفة
نورا شاورت بعنيها على الشارع و قالت : نهى وصلت اهى ، فضلوا متابعينها بعنيهم لحد ما ركنت عربيتها و راحت ناحية مدخل العمارة ، و قبل ما يدخلوا يقابلوها .. نورا قالت : ايه ده ، ده كان فى عربية جاية ورا نهى و اللى نزل منها راح قعد جنب الراجل اللى فى العربية السودة ، الموضوع كده مايطمنش
عنايات و نهى دخلوا قابلوا نهى اللى كانت فتحت بمفتاحها و دخلت و قالت : السلام عليكم
عنايات راحت اخدتها فى حضنها و هى بتقول : و عليكم السلام يا حبيبتى ، طمنينى سالم الصغير اخباره ايه
نهى بهزة بسيطة من راسها : الحمدلله ، الدكتور هناك طمننى
نورا : و انتى جاية مالاحظتيش حاجة يا نهى
نهى : حاجة زى ايه
نورا شدتها وديتها عند الشباك اللى بيبص على نفس الشارع اللى البلكونة بتبص عليه و خلتها تبص من ورا الستارة و هى بتحكى لها على اللى شافته هى و عنايات ، و على العربية اللى كانت مراقباها هى كمان
نهى بخضة : يعنى ايه ، طب بيراقبونا ليه و غرضهم ايه من كل ده
نورا : اهدى بس ، انا رايى انك تكلمى استاذ امجد و تحكيله و تشوفى رايه ايه
و فعلا نهى كلمت امجد و حكت له كل حاجة و بعدها قالت له : انا قلقى دلوقتى على سالم ابنى ، تفتكر ممكن يأذوه زى ما اذوا ابوه
امجد : ماتقلقيش يا نهى ، انا هشوف الموضوع ده و النهاردة هكون متصرف ، بس مش عاوزك تخافى كده
نهى : انا مش خايفة على نفسى يا استاذ امجد ، انا خايفة على سالم و على ماما
امجد : ان شاء الله كل خير ماتقلقيش ، و انتظرى منى تليفون اعرفك انا عملت ايه
امجد قفل مع نهى و يا دوب بيحكى لرشيد على اللى نهى قالتهوله فى التليفون ، لقى وجيه بيكلمه ، فرد عليه و فتح الاسبيكر عشان رشيد يبقى متابع معاه اللى بيحصل ، و اول ما امجد رد علي وجيه .. سمع وجيه بيقول له : زيدان شكله مش ناوى يجيبها لبر
امجد : كنت لسه هكلمك ، بس واضح ان عندك اخبار جديدة
وجيه : زيدان من اليوم اياه و هو حاطط مراقبة على بيت مراة سالم
امجد : يعنى انت عارف
وجيه : عارف و عامل احتياطاتى لان انا كمان رجالتى هناك ، بس مش ده المهم دلوقتى
امجد : اومال ايه المهم
وجيه : المهم و الاخطر ، انه بيراقب المستسفى اللى فيها سالم الصغير
امجد بقلق : معناه ايه بقى الكلام ده
وجيه : الكلام ده مالوش غير تفسير واحد
امجد : انا سامعك .. كمل تقصد ايه
وجيه : ان زيدان ناوى يلاعب عنايات بسالم الصغير
امجد بغضب : ده يبقى اخر يوم فى عمره يوم مايفكر انه يلمس شعره من راسه
وجيه : زيدان مابيلعبش بشرف و احنا عارفين ده كويس ، فالاحسن و الأمن لنا كلنا اننا نسبقه بخطوة
امجد بفضول : خطوة ايه دى
وجيه : سالم الصغير لازم يختفى من المستشفى اللى هو فيها
امجد : ازاى يعنى الكلام ده ، ازاى يخرج من المستشفى و هو تحت الاشراف الطبى و فى الحضانة كمان
رشيد هنا قال بحماس : ماتحملوش هم .. انا عندى الحل
…………….
ونتقابل بكرة ان شاء الله ، و يا ريت ماتنسوش اللايك
بحبكم فى الله



بعد الرحيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن