الفصل الثاني عشر

105 13 2
                                    

(( تيروريسموس ))

_ الفصل الثاني عشر _

تنهد بعمق قبل أن يقول بادئًا بالموضوع مباشرةً بدون أي مقدمات :
_ عصام طلب إيدك مني إمبارح بليل

استحوذت الصدمة عليها للحظات قبل أن تجيب بعدم استيعاب :
_ مين !!!

_ عصام يازهرة ، كلمني وفاتحني في الموضوع ده

ضحكت بسخرية شديدة قبل أن تردف بجدية تامة :
_ بابا إنت من كل عقلك جاي تقولي البني آدم ده طالب إيدي !!! ، ده تلاقيه داخل على الأربعين ، إنت أكيد بتهزر مش كدا !

تمتم ناجي بحنان أبوي ، واهتمام لأمرها :
_ هو 38 سنة ، وبعدين الراجل كويس وباين عليه عايزك بجد ، وبيقول معاه شقة في لبنان ، بس كان بيقول أنه عايز يكتب الكتاب وياخدك لإنه هيسافر قريب بعد خطوبة فارس بكام يوم

هب واقفة ثائرة وقد أحمرت عيناها من الغضب وهي تهتف بنبرة شبه مرتفعة لا تحمل النقاش :
_ ده لو آخر واحد في الدنيا مش هوافق عليه يابابا ، ولو بتتكلم عن الحب وإنه عايزاني فكان فارس أولى بيا

فقد التحكم في أعصابه وصاح بها منفعلًا :
_ وليه مقولتيش لنفسك الكلام ده ، ابن عمك كان بيحبك ومستعد يعمل كل حاجة عشانك ، ولما اتكلمت معاه بخصوص الجرح وإنك مش عايزة تعملي العملية قالي براحتها أنا مش هغصبها على حاجة والموضوع كان مش فارق معاه أصلًا ، قوليلي هتلاقي واحد شاريكي زيه فين وأهو خطوبته النهردا خلاص ، هتفضلي لإمتى ترفضي في العرسان كدا !! ، أنا مش هفضل قاعدلك العمر كله وإخوكي أهو هيخطب إن شاء الله ومسيره هياجي اليوم اللي يتجوز فيه ، هو رافض يتجوز عشانك وعشان عمايلك وعايز يعمل خطوبة بس حاليًا

مصمصت شفتيها بألم وحزن قبل أن تهمهم بخفوت موجع :
_ محدش يربط حياته بيا يابابا وسيبوني في حالي من فضلكم ، وبالنسبة لفارس أنا مكنتش هروح أتجوز واحد أمه شيفاني إني بنت مش تمام أكمني بنت إيطالية وكنت عايشة في بلاد برا معاها ، وماخدة اعتقاد إن كل اللي بيعيش في بلاد الغرب بيبقى زيهم في تصرفاتهم واللي بيعملوه من قذارة وغيره ، والله أعلم بتقول إيه في شرفي من ورايا ، أمه كانت سبب قوي جدًا أنه يخليني أرفض الجواز منه لإني مش هستحمل كلمة فيا أو في ماما وممكن آخد روحها لو غلطت في ماما قدامي ، أنا عارفة إني مش هلاقي زي فارس ، بس مكنتش عايزة أظلمه معايا

أدار وجهه للجهة الأخرى وقال بعصبية ونفاذ صبر :
_ روحي على أوضتك يازهرة

فرت دمعة حارقة من عيناها ثم استدارت وسارت عائدة إلى غرفتها ، تلملم أشلاء قلبها المتبعثرة خلفها ! .

                                ***
أستر الظلام سائره ولكن بقطعة معينة في القرية كانت مضيئة بالأنوار حيث كانت هذه القطعة التي ستقام بها الخطبة وقد بدأ الضيوف بالقدوم تدريجيًا ، فكان معظم أهل القرية يحضرون هذه الخطبة ، معادا هو الذي كان يجلس أمام المنزل بمكانهم المخصص هو والمسن الذي لم يكن معه الليلة لذهابه للخطبة ، وعندما طلب منه القدوم رفض حينما عرف أنه ابن عمها وبالتأكيد ستكون موجودة ، ففضل الجلوس بمفرده في الهدوء ليستجم قليلًا مع نفسه في الظلام ويريح أعصابه للدقائق ولكن هل ستتركه الظروف لينعم ببعض الراحة .
كانت هي قد تركت الخطبة لتذهب لشراء شيئًا لها من أحد المحلات ، وهمت بأن تمر من نفس الطريق الذي أمام منزله ولكن حينما رأته جالسًا على المقعد وبيده شيء يعبث به وينظر أمامه بشرود فتسمرت ومرت لحظات قصيرة وهي تفكر هل تمر أم تتراجع وتمر من طريق آخر ، كان هناك صوت داخلي يخبرها بأن تتراجع وتحاول هي مثله قطع كل الظروف التي تحاول ربطهما ، وبالفعل قررت وكانت على وشك التراجع إلا عندما رأته يخرج هاتفه من جيبه ويجيب على المتصل وقد بدت على ملامح وجهه أن هناك أمرًا جادًا ، ثم وجدته يقف ويضع هاتفه بجيبه من جديد ويضع يده في بنطاله من الخلف ليخرج سلاحه وتلفت حوله ليتأكد من عدم وجود أحد ثم أخرج خزينته وتأكد من أمتلائها وأعادها مرة أخرى لمركزها وأخيرًا وضعه بمكانه في بنطاله وانطلق مسرعًا .
ولن تهدأ هي إلا عندما تعرف لما يحمل سلاحًا معه دومًا ، ما هو السر الذي يخفيه عن الجميع هذا الغريب  ، ما سبب رفضه للذهاب إلى المستشفى ، وأين أخذ الشاب عندما رأته ، وكما هو يسعى وراء الحقيقة ويحاول فهمها ستسعى هي خلفها أيضًا ، لتتمكن من معرفة هويته ولما يلاحقها ! . فتلفتت هي الأخرى حولها ثم اندفعت خلفه تراقبه بحذر ؛ فغرزيتها الفضولية لم تتركها إلا عندما تجعلها تتورط بموقف عصيب ؛ فقط لإرضاء هذه الغريزة ومعرفة المكان الذي ذاهب إليه ، ولكنها فاشلة في هذه الأمور الذي تتطلب مهارة وذكاء ، وجعلته يشعر بها عندما ضغطت بقدمها على زجاجة بلاستيك .. هذه الزجاجات دومًا تورطها هكذا وتعزم الهمم على أن تقضي على كل ما تحاول فعله ! ، فجحظت عيناها عندما رأته يضع يده في بنطاله مكان سلاحه حينما أحس بملاحقة إحدهم له ، وفي لحظة واحدة كانت تتلفت خلفها قبل أن يراها واسرعت لتختبئ خلف جدران أحد المنازل ، وقد ندمت وعاتبت نفسها الفضولية التي دفعت بها لهذا الشيء اللعين ، ماذا سيحدث إن رأها وعرف أنها تراقبه وهي التي أرسلت له رسالة تحذره من عدم ظهوره أمامها مجددًا والآن تراقبه ! .. حتمًا ستكون النتائج غير سارة لها ! ، فعضت على شفاها بتوتر وكانت سترحل بهدوء قبل أن يأتي ولكن هذه الزجاجات أقسمت اليوم على أن تعطيها درسًا على مراقبتها له ، فقد ضغطت على علبة أحد المشروبات الغازيةضغطة صغيرة أحدثت صوتًا أكثر إزعاجًا من ذي قبل ، فسبت هذه اللحظة وغبائها وتتمتم بداخلها " من أين تخرجين لي !! " ، أما هو فقد كان زناده بيده ومستعد لأي خطوة ستحدث الآن وهو مستمر في التقدم لهذا المنزل ليعرف من الذي يختبئ خلفها ، وسلاحه يسبقه وعندما استمع لهذا الصوت مجددًا أسرع في خطاه ليلحق به قبل أن يفر ، وفي لحظة مفاجأة كانت هي سترحل وتوليه ظهرها مستعدة للذهاب ولكنها تسمرت عندما أحست بالزناد الذي يوجه على رأسها من الخلف ، وقد كانت الرؤية غير واضحة له في الظلام فلم يستطيع التعرف عليها ، سوى أنه فقط رأى شخص يهم بالهروب وكان يلاحقه .
أغمضت هي عيناها وضغطت على غلقهما بشدة كدليل على توترها من أنها أنكشف أمرها ، ولم يعد هناك مفرًا للهروب سوى الالتفات وإظهار نفسها حتى ينزل هذا السلاح من على رأسها قبل أن تحدث جريمة ، فالتفتت ببطء وقد التفت معها الزناد ليصبح على جبينها من الأمام ، وتتطلعه بصمت ونظرة مرتبكة ، فاعترته الدهشة لثوانٍ عندما رأها وبقى صامتًا ، حتى أنزل يده ووضع الزناد في بنطاله وهو يزفر متأففًا بنفاذ صبر ويغمغم بحدة :
_ بتراقبيني يازهرة !؟

رواية تيروريسموس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن