الفصل الثامن

23 6 0
                                    

دلفت إلى مكتبها وجلست بمقعدها وراء المكتب وأخذت تفكر ماذا ستفعل معهم، هم لم يعودوا صغاراً لتوبخهم

ثم قالت:-
- إيه يا "حازم" اللي إنتَ عملته ده، أياً كان السبب اللي اتخانقت معاه عليه على الأقل كنت استنيت لما روحتوا واللا خرجتوا من الشركة، على العموم حسابك معايا بعدين، على مكتبك ومش عايزة اسمع أى كلمة اتفضل

غادر "حازم" وهو ممتعض لأنها لم تعطيه فرصة للرد والتبرير لما فعل

وبعد أن غادر قالت:-
- وإنتَ يا أستاذ "جاسر" اتفضل سلم شغلك كله للبشمهندس "أحمد" وتجيلي

ابتسم بسخرية وقال:-
- للدرجة دى، خلاص قررتى تطردينى
فقالت بهدوء:-
- لأ طبعاً، ليك هنا حق زيك زينا، لكن بشروطي، وجودك هنا بشروطي، وحالياً نفذ الأمر
فقال بسخرية:-
- تمام يا  نوراي" هانم بعد إذنك
حينما غادر، التفت "سيف" وتساءل:-
- ليه كده يا "نوراي" هتعملي إيه أكيد مش هتوديه الأرشيف

ضحكت وقالت:-
- لأ يا "سيف" الأسوأ، الأرشيف ده بالنسبة للجاى ليه رفاهية، يلا على مكتبك والخبر هيجى لحد عندك

استغرب من ردها، وسأل نفسه ما الذي تخطط له، وقال :-
- ماشى، سلام
غادر "سيف" متوجهاً إلى مكتبه وفى رأسه ألف سؤال و سؤال لا يعلم سر تقلبها المستمر من الصباح وحتى الآن
          *******
استمرت "نوراي" على حالها ولكن كانت تفكر فيما ستفعله الآن وكيف ستجبر "كريم" على ما تريده وضغطت زر الاستدعاء للسكرتارية فجاءت فتاة ودلفت للداخل

- تحت امرك يا فندم
- فين "فريدة"
- لسه ما وصلتش يا فندم ، تأمري بحاجة
- لأ خلاص، روحى إنتِ

وبعد مرور بعض الوقت وجدت من يطرق بابها فسمحت بالدخول وكان الطارق "كريم"

- أهلًا، كنت فين، هو كان صعب إن "فريدة" تلاقيك
- معلش تعبتها معايا، كنت في المصنع وليه ده كله يعني، كان ممكن تبعتى رسالة على التليفون كنت هقولك أنا فين
ونظر إليها وشعر أنها ليست بخير وقال متسائلًا:-
- إنتِ كويسة إنتِ خرجتِ غضبك عليها صح وبعتيها تدور عليا

نظرت له مطولاً وقالت:-
- إنتَ لسانك ده بيخلي رصيدك عندى يخلص حبة حبة، كنت بدأت تصعب عليا وكنت هغير رأيي، لكن خلاص حلال فيك الخطة المرسومة
فقال ممثلًا الحزن:-
- ليه بس كده يا "نور" أنا بس كنت بسأل، بس خلاص يظهر إن مهما قولت، قضىَّ الأمر
فأردفت مبتسمة:-
- بالظبط كده، شوف بقى يا أستاذ "كريم" من النهاردة هيجيلك متدرب جديد تحت اشرافك شخصياً
ليقول بضيق:-
- احنا مش كنا خلصنا من موضوع الأشخاص اللى بتتدرب تحت إيدى، أمرى إلى الله، مجتش على واحد، بجملة الشغل
فقالت بخبث:-
- إنتَ بتتذمر من الشغل، هو كتير واللا حاجة، قول بس، وبعدين إنتَ بتوافق كده وخلاص مش تعرف هو مين المتدرب ده الأول
فقال بلامبالاة:-
- عادى يعنى يا "نوراي" متدرب زيه زى أحد بيجى ندربه مش هتفرق

ضحكت وقالت:-
- لا، لازم تعرف هو مين عشان مش هقبل أى مشكلة هتعملها بعد ما تعرف
استغرب من جملتها وقال:-
- مين!، أنا قلقان منك
ابتسمت وقالت:-
- يبقى…… "جاسر الجبالي"

صدم مما قالت، لم يصدق ما سمعته أذناه وقال:-
- إنتِ بتهزرى صح، إنتِ متخيلة إنتِ عايزة تعملِ إيه، عايزة تعملِ مشكلة هو عمره ما هيوافق يبقى تحت اشرافي وكمان اصغر منه وابن عمه
فقالت محذرة:-
- أنا مش بعتالك عشان أناقشك، ده قرار هيتنفذ فورًا، وعقلك ميقولكش أرفض لأن لو رفضت هرجع برنامج التدريب تحت اشرافك بالكامل مرة تاني ، أظن كلامي واضح
فقال بغضب:-
- إنت بتستغلِ سلطتك
لتردف ببرود:-
- فكر فيها زى ما إنتَ عايز، نفذ

ثم ضغطت على زر بجانبها و دلفت من الباب على أثره "فريدة" وطلبت منها أن تستدعي "جاسر"
ثم قالت ل "كريم":-
- هوفر عليك أمر إخباره، أنا هقوله خليك قاعد لغاية ما يشرفنا

        ********
بمنزل ذلك الرجل الطيب كانت "حنين" تهدء أمها فحقًا شقيقتها تأخرت ولم يرد والدها على مكالماتها حتى الآن، واخبرتها أنها ستذهب لتهاتف شقيقتها من جديد لعلها تجيب

ظلت "حنين" تعيد الاتصال بها إلى أن اجابت عليها وقالت:-
- ألو، ايوه يا "رؤى" مش بتردوا ليه قلقتونا
- اهدى يا "حنين" حصلت حاجة كده لما هاجى هحكيلك، هتأخر شوية كمان تمام، سلام دلوقت عشان اخرج من الكلية
- ماشى سلام، خلى بالك من نفسك، اهدى بقى يا ماما  أهى زمانها جاية وهنعرف اتأخرت ليه

          *********
كانا ينتظران قدوم "جاسر" فهب كانت تعمل على ملفاتها، وهو كان يعبث بهاتفه وارسل رسالة لأخيه "سيف" ولكنه ردَّ عليه بأن لا يستفزها الآن فهذا أخر ما يريد لأخيه أن يراه لأنه سيندم إن فعل، وهنا طرق الباب فأذنت للطارق بالدخول

- افندم، حضرتك طلبتينى، اتأخرت كنت بسلم كل الشغل زى ما طلبتِ
فقالت بلامبالاة:-
- مش مشكلة، و دلوقت بقى استعد عشان تستلم شغلك الجديد، تدريبك هيبقى تحت إيد " كريم" واشرافه

صدم "جاسر" مما قالت و رفضه عقله وقال:-
- إنتِ بتهزرى صح، اشمعنى "كريم"
قالت ببرود:-
- نفذ من غير مناقشة واللا تحب تروح بعيد فى أمان فى مكان بعيد عن الموظفين والمشاكل اللى حصلت من ساعة، إيه رأيك تروح الأرشيف؟
فقال بضيق وانزعاج من طريقة تحدثها معه، ولكن ماذا توقع بعد عرضه:-
- مش للدرجة دى، أنا مش خايف من اللي حصل ولا خايف من كلامهم أياً كان اللي هيقولوه، أنا كنت عايز اعرف ليه!
فقالت متجاهلة انزعاجه:-
- زى ما عرفت السبب فى الأول هتعرف في الثانى
فأجاب بغضب حاول اخفاؤه:-
- تمام، مش مشكلة، موافق
ليعقب "كريم" حينما شعر بتوتر الجو حوله:-
- طيب كويس، خلصتوا، ممكن بقى يا أستاذ "جاسر" تسبقني على مكتبي وأنا هحصلك، ولو مش فاكر مكانه خلي "فريدة" تفكرك

نظر له "جاسر" بغضب اخفاه سريعاً وقال:-
- تمام، بعد إذنكم
ثم تابع " كريم" بسخرية:-
- أنا كمان هخرج عايزة حاجة تانى يا ميس "نوراي"
- لأ، اتفضل

غادر "كريم" وذهب لمكتب "سيف" ليعلم ما حدث أثناء غيابه بالمصنع ولما هى على تلك الحال
         *******
انتظرت تلك الشقية أن يأتي ليقلها إلى منزلها ولكنه تأخر كثيرًا فمنذ مكالمة والدها لها أنه لن يستطيع أن يحضر لظروف خارجة عن إرادته بعمله واخبرها أن الدكتور "هيثم" سوف يأتي لاحقًا لتوصيلها ولكن عدَّت ساعتان ولم يصل حتى الآن، كانت تشتعل غيظًا ولن تفوت له ذلك مطلقًا، فقط تنتظر أن يأتي وسيرى

قالت لصديقتها "فرح":-
- طيب أوصلك أنا، هنستناه ليه، يعنى احنا مش هنقدر يا "رؤى"
- يا حبيبتى، مش كده والله، لكن دي كده خلاص اترتبت ومش عايزاهم يقلقوا عليا اكتر من كده وهزودها لو وافقتك وجه وملقنيش وبعدين هيبقى جابوا لنفسه لما يجي

وخلال محادثاتهم، وصل "هيثم" لمدخل كليتها ليقلها إلى منزلها ويعلم أنه تأخر كثيرًا
وحينما وصل وترجل من سيارته واقترب منها وجلس القرفصاء ليكون بمستوى جلوسها
وقال:-
- أنا أسف حقك عليا، أنا عارف إنى اتأخرت عليكِ كتير، بس غصب عنى صدقيني ومضايق جدًا إن ده حصل

نظرت له "رؤى" متفاجئة مما فعل وحديثه المليء بالندم لتأخره عليها، لم تكن تصدق أنه سيقول هذا، والأكثر عيناه المملؤة بالخوف خوفًا من أن يكون حدث لها شيء، وأيضاً إنها المرة الأولى التي يقترب منها بهذا الشكل فوجدت أنه حقاً وسيم ولكنها افاقت من تركيزها وابعدت نظرها

وقالت:-
- تمام، ممكن نمشي بقى، أنا اتأخرت
- تمام، اتفضلِ

استغرب رد فعلها، تصور حديث أخر سيدور بينهما نظرًا لحدة لسانها
جلست بالمقعد الخلفي وهو بالأمام أمام المقود وبطريقهم للمنزل شعر بالريبة من صمتها فهو لم يعتادها هكذا

- أنسة "رؤى" إنتِ كويسة، حاسة بحاجة وجعاكي

نظرت لمرآة السيارة لتراه للحظة ثم قالت:-
- لأ، أنا كويسة الحمدلله مفيش حاجة
ليخبرها مسرعًا دون تفكير:-
- أصل بصراحة مش واخد على كده، أنا كنت مستني اسمع كلام زى الرصاص بسبب التأخير

نظرت له بحزن لما قاله، ولما احزنها ما قال ثم قالت:-
- كنت هتسمع بس إنتَ اعتذرت وأنا قبلت الاعتذار، يعني أكيد فى حاجة خارجة عن إرادتك أخرَّتك

شعر بغصة فى حلقه لرؤيتها على تلك الحال وقال:-
- غصب عني والله، جت عملية مهمة جدًا على أخر لحظة ومكنش فيه حد غيرى يعملها
ابتسمت وقالت:-
- لأ براءة، الروح اللي انقذتها في الوقت اللي استنيته أنا أهم
ابتسم وقال:-
- براءة الحمدلله، بس عارفة لو كان معايا رقمك كنت بلغتك، عشان متبقيش قاعدة مضايقة كده وإنتِ منتظرة
- بسيطة هكتبه فى ورقة واديهولك للطوارئ تمام
- تمام
أراد أن يعرفها أكثر فقال:-
- واختك بقى بتدرس
- لأ خلصت، بس لسه بتدور على شغل، مش عايزين حد عندكم
- مش عارف هشوف واقولك المرة الجاية، هى تخصص إيه
- هى خريجة كلية التجارة الخارجية، شكراً جداً هنتعبك معانا
- لا ولا تعب ولا حاجة، هشوف واقولك يلا احنا وصلنا، هطلعك وامشى، فيه حد يقدر يساعدنى قريب منك أخوكي، أي حد
- لأ، ساعدنى بس انزل وانده "حنين" تنزل العكاز وهطلع على رجل واحدة بمساعدتها
- لأ طبعاً غلط ومش هينفع، كلمي "حنين" واطلبي منها بطانية
اردفت باستغراب:-
- إيه!، ليه؟، طيب……

تدلت "حنين" ومعها ما طلب ولا تعرف لماذا يريدها

- أهلاً يا دكتور حضرتك هتعمل بيها إيه!
- افرديها على الكرسى، افرديها، يلا يا آنسة اتحركى وانزلى على الكرسى، يلا بس

بعد أن جلست اقترب منها فقالت:-
- إنتَ هتعمل إيه!، أنا مش مطمنة لجنانك هتطلعنى زى السبت وتربطنى بحبل، الحقينى يا " حنين "

ضحك بملئ فمه وقال:-
- لأ هشيلك، ده الحل الوحيد وإنتِ في قلب البطانية

ورفعها قبل أن تعترض وأوصلها لباب المنزل وخلفه صعدت "حنين" تحمل الكرسى ممتعضة مما حدث

وقالت:-
- كان ممكن أشيلها قصادك بدل اللي حصل ده، صحيح البطانية بعدتك شوية بس برضه مكنش ينفع
- أنا عارف إنها حاجة مرفوضة لكن مكنتيش هتقدرى قصادى تحبي تجربي لحد جوه الشقة واسمه مشي بس، يلا جربي

صمتت لأنها تعلم أنها لن تتحمل ذلك
ابتسم وقال:-
- حمدالله على سلامتك، السلام عليكم وياريت تبلغونى الإمتحان الجاى إمتى
"خرجت أم حنين على صوتهم"

وقالت:-
- استنى يا دكتور اتفضل اشرب حاجة
-لأ شكراً يا حاجة مش هينفع، السلام عليكم

ودلف الجميع إلى المنزل ونظرت "حنين" إلى "رؤى" التي احمرت خجلًا مما حدث ولم تنطق بحرف واحد حتى الآن، ولكنها لكزتها بكتفها لتفق من شرودها وتخبرها لماذا تأخرت حتى الآن، فسردت لهم ماحدث مع والدها ومع الدكتور "هيثم" وطلبت من "حنين" أن تدخلها غرفتها لتستريح حتى موعد الغداء
        
          *********
عاد الجميع إلى منازلهم ولكن هناك بقصر الجبالي كانت تلك الفاتنة تتحدث إلى الجميع وتمزح معهم على مرآى ومسمع "جاسر" لتدفعه إلى الجنون أكثر فأكثر فهو من اختار ذلك الطريق حينما عرض عليها ذلك العرض، فإلى متى سوف يتحمل نتيجة تهوره، فهو يعلم يقيناً أنها تتعمد ما تفعله الآن، حتى أنه لم يشعر أن "سيف" أتى وجلس بجواره، فذهنه شارد يقبع هناك لدى محطمته

- "جاسر"، "جاسر"، يا "جاسر"
ليخبره پأن يتوقف بانزعاج:-
- إيه يا "سيف"، فيه إيه، أنا جمبك على فكرة
فضحك وقال:-
- ما إنتَ اللي مش سامعني، مالك يا ابني، إنتَ كويس، لا ده إنتَ عقلك مش معايا خالص، عقلك هناك عندها
ونظر بالإتجاه الذى ينظر إليه وقال:-
- إنتَ مضايق من القرارت اللى قررتها "نوراي" النهاردة
ليقول ببال مشغول:-
- إيه، أه، لأ، يعنى مش أوي، مش ده اللي شاغل بالي حالياً

نظر له "سيف" مطولًا فهو حقًا غريبًا اليوم ثم قال:-
- هو إيه اللي حصل بينك وبينها الصبح و وصلكم للحالة اللي انتوا فيها دى!
- مفيش
  ثم أكمل دون تركيز:-
- عرضت عليها التخاصم معايا مقابل الصلح معاك

تحولت عينا "سيف" واشتعلت غضباً وقال:-
- إيه!، قولت إيه!، أنا مش قادر اصدقك

ركز "جاسر" للتو وأدرك ما تفوه به لسانه وعقله مغيب، حقًا ستجعله يخسر كل شيء وقال:-
- استنى بس، هقولك أنا كان قصدي……

لم يدعه يكمل جملته و هدَّر بإسمها بغضب
-"نوراااااااي"

         ★★★★★★

بقلم 🖋️/ زهراء محمود

شجعونى وقولوا رأيكم 🤗
متنسوش الفوت 🤗

قلبي أسيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن