الفصل الرابع عشر

28 2 0
                                    

توالت الأيام سريعًا والجميع استعدوا جيدًا للحفل السنوي والترتيبات الأخيرة على قدمٍ وساق، فالجميع اليوم سيظهر بأبهى طلة، انتهى "جاسر" من ارتداء ملابسه فذهب لاستعجال شقيقته كما أرسل له "سيف" تلك الرسالة لأنه يعلم بتأخيراتها جيدًا
اطرق باب غرفتها ليسمع ردها من الداخل
- يلا يا "قمر" استعجلي شوية الكل جهز
- تمام، أنا خلاص خلصت انزل وأنا هشوف "نوراي" واحصلك
- تمام
انتهى من حديثه معها وذهب للأسفل ليجتمع بباقي الشباب، وما هي إلا دقائق حتى انتهت من تجهيز نفسها لتذهب لرؤيتها
طرقت بابها لتجيب "نوراي"
- ايوه، ايوه
ثم فتحت باب غرفتها لتجدها امامها بقمة      اناقتها فكانت ترتدي فستانًا لونه بني يقترب من الذهبي على اسلوب مفتوح من الكتف أعلى الذارعين ويذهب للأسفل باتساع وعليه من الوسط مثل الجيب المفتوحة من الامام بتدرجات فيعطى لها شكل خاص وكأنها أميرة 
لتخبرها "نوراي":-
- إيه الجمال والشياكة دي
فقالت بخجل:-
- شكرًا، أخجلتني
ثم انتبهت فجأة لها فقالت وعلى ملامحها الدهشة:-
- إيه ده يا "نوراي"!
لتتوتر من دهشتها:-
- إيه فيه إيه!
لتجيبها وعلى ملامحها سعادًة لها:-
- إيه الشياكة والأناقة والجمال ده كله!

خجلت مما قالته ابنة عمها فلم تعتاد على مثل تلك الكلمات المجاملة منهم لأنها وجدتها بقمة اناقتها ترتدي فستانًا أسود اللون بداخله درجات الرمادي المائل للأسود مفتوح من أعلى الذراعين ليذهب من الوسط على شكل تدرجات بطبقات ما بين الأسود والرمادي
فقالت بخجل:-
- طيب أنا…، أنا هروح اغيره وألبس حاجة تانية
لتردف مسرعة بانفعال:-
- إنتِ بتهزري يا "نوراي" إياكي تعملي كده عايزة تضيعي تعبك في الجمال ده
لتنتبه "قمر" على صوت زوجة عمها "نبيلة" تخبرها:-
- "قمر" واقفة عندك كده ليه فيه حاجة" نوراي" كويسة
لتجيبها بغمزة من مكانها:-
- اه كويسة الحمدلله بس هى بتتدلع
عند تلك الجملة فقد وصلت إليهم لتندهش مما رأته فلم تراها في مناسبة تخصهم بذلك الجمال والأناقة
فقالت بابتسامة مشرقة:-
- إيه ده كله يا جميل، إنتِ جاية النهاردة تغطي علينا كلنا واللا إيه
فأردفت بخجل:-
- كنت لسه بقولها أروح اغيره مش هينفع كده
لتعقب "نبيلة":-
- لا ينفع وينفع، ولو فكرتِ يا "نوراي" تغيري ده كله أنا هزعل منك هو أنا مليش خاطر عندك واللا إيه
فأجابتها بخجل:-
- لالالا، ليه بتقولي كده إنت عارفة غلاوتك عندي، خلاص انزله وأنا هحصلكم على طول
فقالت مبتسمة:-
- تمام، يلا يا "قمر" عشان يسكتوا شوية
غادرتا معًا للأسفل ليتركاها تنتهي مما تفعل، وفي طريقهن للأسفل قالت "قمر":-
- شوفتي يا "بلبلة" كانت عاملة ازاي، وشياكة إيه أنا مكنتش مصدقة عنيا.
لتردف ممازحة:-
- إيه "بلبلة" وبعدين معاكِ.
لتقول بمزح مماثل:-
- إنتِ عارفة لما ببقى مبسوطة بحب ادلعك يا جميل
ضحكت مليء فمها وقالت:-
- بس عندك حق، أنا كنت فاكرة هتعمل زب كل مرة البدلة السواريه، لكن متخيلتش أبدًا تكون بالشياكة والكياتة دي، ده الحفلة السنة دي هتبقى غير كل سنة
ليصلا للأسفل ليجدا "حسام" بانتظارها والشباب اجمعهم جاهزين للمغادرة
ليغازلها زوجها:-
- إيه الحلاوة دي يا بلبلة، هو فيه كده
فقالت بخجل:-
- وبعدين معاك يا "حسام" الأولاد ياخدوا بالهم
فقال بهدوء مبتسمًا:-
- ما ياخدوا، إنتِ حياتي وحلالي حد فيهم يقدر يتكلم
فقالت بحرج:-
- لا محدش يقدر يا حبيبي بس برضه يعني متكسفنيش قدامهم
- والله إنتِ اللي بتجبيه لنفسك أهه بتقولي يا حبيبي اعمل إيه أنا دلوقت
ضحكت على ما يفعله وقالت:-
- وبعدين معاك بقى
- طيب يلا بينا
فقالت بخبث يصاحبه حماس لم يره به منذ وقت:-
- لا أنا مستنية اشوف رد فعلهم على مفاجأة الليلة
فقالت مستغربًا:-
- مفاجأة إيه!
- دلوقت تشوف.
وعلى الجهة الأخرى بعدما تركت "قمر" "نبيلة" مع عمها "حسام" توجهت لتجمع الشباب لتخبر "جاسر" أنها انتهت لتجد "كريم" بحلته الرمادية يقف بجانبهم وحينما وصلت لأخيها لم يعيرها أي اهتمام، لتسأل نفسها ألتلك الدرجة أصبح يكرهها لمجرد أنها رفضته بطريقة حمقاء، فلحماقتها قد خانها التعبير من صدمتها فهو لم يستطع الوفاء بوعده لها بانتظار استعدادها لذلك، أما هو حين رأها كان على وشك فقد رباطة جأشه والضرب بسياسته الجديدة عرض الحائط والذهاب إليها مع عتاب رقيق كحالها، ولكن حينما بدأ التحرك تذكر ما فعلته به وبقلبه امام الجميع فتراجع عما كان ينوي على فعله
ولكنهم افاقوا على صوت سؤال "جاسر"
- امال فين "نوراي" مش قولتي إنك رايحة تستعجليها
- اه هي بتجهز أخر حاجة ونازلة حالًا

          *********
بفيلا بأحد الأحياء الراقية جلستا معًا ليتناقشا فيما جاءت لأجله
- وبعدين يا علياء مش ناوية تحلي المشكلة اللي عملتيها مع "نوراي"، قومي يلا اجهزي عشان تيجي الحفلة
- لأ يا "فريدة " مش هينفع، وبعدين أنا مش من المدعوين زي كل سنة
لتردف بحيرة من أمرها:-
- مش إنتِ اللي عملتي كده، إنت عارفة كويس إنه مكنش قصدها اللي حصل بس إنتِ زودتيها أوي يعني، دي كانت حاجة بسيطة وهي كانت هتعوضك اضعافها
لتقول بحزن عميق:-
- مكنش هينفع برضه، والكلام في الموضوع ده مش هيجيب نتيجة ولا هيرجع اللي فات، قومي يا "فريدة" عشان تلحق تروحي ليها
فقالت بحيرة أكثر:-
- طيب قولي لي ليه ده كله، يمكن اقدر اساعدك
لتتابع بحزن:-
- هيجي يوم وتعرفي كل حاجة، يلا بس الحقي وقتك
- ماشي يا "علياء" اما اشوف اخرتها معاكي، سلام
حينما غادرت افاقت على صوت اباها يخبرها:-
- ايه يا "عاليا" هي مشيت بسرعة كده ليه النهاردة
لتردف بهدوء:-
- اصل هي المفروض تلحق الحفلة
ليقول مستفهمًا:-
- وإنتِ مروحتيش معاها ليه، طيب أنا واعتذرت عشان مرضي لكن إنتِ ....
لتقول بحب:-
- أنا إيه يا بابا ازاي عايزني اسيبك واروح اتفسح أنا قاعدة معاك ومش هسيبك غير لما تكون زي الفل
نظر لها بإبتسامة حنونة واخبر حاله أنها لا تستحق ما يحدث معها وحمل الشركة الذي تحمله معه، من حقها أن تحيا حياتها كما تريد
فقال:-
- "علياء"
فانتبهت له ثم اردف ليقول:-
- أنا بفكر اشوف شريك يدخل معايا الشركة واهو يساعد ويخف الحمل عنك وعني شوية
لتعقب بانفعال خفيف:-
- لا يا بابا عشان خاطري بلاش، أنا معاك اهو ومش هسيبك أبدًا، وبكرة اخليها احسن شركة في الدنيا
حاول تهدئتها فقال:-
- طيب يا حبيبتي متزعليش، أنا كنت بفكر معاكي بصوت عالي
- طيب كفاية كلام بقى وقوم ارتاح شوية
- حاضر، بس كده طلباتك أوامر
ليضحكا معًا، لتساعده للذهاب إلى غرفته
             ******
امام باب القصر اصطفت السيارات استعدادًا للمغادرة في انتظار بعضهم فقد ذهبوا جميعًا ولم يتبقى سوى الشباب وعمهم "حسام" و زوجته "نبيلة" حين بادر"كريم" بالحديث:-
- هي اتأخرت كده ليه؟
فأردف "حسام" بهدوء:-
- زمانها نازلة يا "كريم" مجتش على الدقيقتين دول
فقال مبتسمًا:-
- يا عمى طيب وليه نستناها طالما كل مرة بتوصل بعدنا وبعدين المرة دي وافقت بمرافق
" ثم غمز ل *جاسر* "
ليصفعه "سيف" على رقبته من الخلف ويقول:-
- وبعدين معاك إنتَ بتضايقه، إنتَ عارف كويس إنها مردتش عليه، وهو اللي خلانا المرة دي نستناها
ليعقب "جاسر"بحزن:-
- ايوه لأنه مينفعش كل مرة تروحوا من غيرها وتفضل هي لوحدها حتى لو قالت لا، لأني مكنتش بقربكم من بعض زمان عشان تبقوا كده دلوقت، انتم……
وقبل أن يكمل جملته شعر بوجودها قبلهم ليلتف ليستقبلها، لينظر تجاهها ليتسمر مكانه وتتعالى دقات قلبه فقط لرؤية تلك الحورية التي يراها قادمة تجاههم
ليفق على صوت "سيف" الذي استغرب هيئته بقول:-
- ايه يا ابنى إنتَ متسمر مكانك كده، في إيه؟، إنتَ كويس
ليلتف وينظر لما يجعله على تلك الحال، لا تصدق عيناه ما يرى هل هذه هي حقًا، ليتابعاها حتى وصلت لمكانهم
نظرت لهم بخجل وقالت:-
- أنتم لسه هنا ليه!، كل مرة بتسبقوني
ليجيبها "سيف" مصدومّا:-
- اصل احنا كنا……
فأردف "جاسر" مسرعًا:-
- كنا إيه يا "سيف"، كنا مستنينك، إنتِ كنت فاكرة………
لم يُكمل جملته فقد قاطعه "حازم" حينما لمحها تقف معهم، فقال متسائلًا:-
- مين دي يا شباب مش تعرفونا!
ليتابعه "طارق" بذات التساؤل:-
- إيه ده مين الآنسة؟
فأردف "سيف":-
- يعنى انتم مش عارفين مين دي؟
- هو احنا عندنا حد حلو في العيلة كده
عقب "طارق" بهذه الجملة فقد قدم من الخلف لتخجل "نوراي" من جملته فهي تعلم أنه تعمد مضايقتها
ليعقب "حازم":-
- اوعى تقول إنها "نوراي"، بس إيه ده إنتِ النهاردة……
فاردف "جاسر"غاضبًا:-
- هي إيه ما تلم حالك إنتَ وهو، مش كده، انتم بتعاكسوا واحنا واقفين عيب كده، وعارفين إنه مينفعش اللي بتعملوه ده
فأسرع "حازم" بمزاح يقول:-
- اهدى يا عم "جاسر" أنا كنت هقول النهاردة لازم تبقى عنينا في وسط رأسنا بسبببها الله، لو تصبروا بس.
ضحك "سيف" وقال:-
- بجد يا "حازم" لا فعلًا ظالمناك
ليعقب "جاسر" بغضب:-
- وإنت يا "طارق" خف الدور شوية مش كده، ده إنتَ يا أخي بتيجي عندها وعيارك بيفلت، أنا ماسك نفسي عنك بالعافية
لتبتسم "نوراي" عليهم جميعًا لما تراه من الحب بينهم ليطمئن قلبها أنهم سيبقوا سندًا لبعضهم ولهذه العائلة دائمًا
ليضحك "كريم" ويقول:-
- بس إيه "نوراي" كده النهاردة بتقولك أنا موافقة على عرضك بالمرافقة
"نظر لها الجميع منتظرين ردها على ما قال"
- مين قال كده أنا مقولتش لحد حاجة
"ثم ابتسمت"
ابتسم "جاسر" فهو علم أنها وافقت بطريقتها دون أن تخبره، ثم قال:-
- طيب يلا بينا عشان منتأخرش
ليقول "طارق" مسرعًا:-
- طيب هسبق أنا بقى يا شباب
لتقول له "نوراي" بهدوء:-
- " طارق" متتأخرش
ليجيبها مبتسمًا:-
- عيوني، إنتِ تؤمري
فأعقب "جاسر" بضيق:-
- ليه هو مش جاي معانا
فقالت موضحة:-
- لا هيروح يحضر خطوبة واحد صاحبه عزيز عليه
- تمام يلا بينا
صمتت برهة وقالت:-
- "جاسر" ممكن اطلب منك طلب
فقال مبتسمًا:-
- شاوري بس وأنا هنفذ
ابتسمت وقالت:-
- شكراً، ممكن تغطي عليه معايا عند "بابا"، مش هيعديله أنه اتأخر المرة دي كمان
فقال بهدوؤ مضطرًا:-
- حاضر يا "نوراي" عشان خاطرك بس
ابتسمت وقالت:-
- شكرًا، يلا بينا

وعلى بعد يسير منهم وقف " حسام" و زوجته وابنة أخيه ليتابعا مشهد خروجها فكانت على وجهه علامات الاندهاش حقًا
- بجد يا "نبيلة " اللي أنا شايفه ده، دي "نوراي"!
فقالت ضاحكة لدهشته:-
- أيوه هي، مش قولتلك مفاجأة
- هي فعلًا مفاجأة حلوة أوي
ضحكت وقالت:-
- طيب يلا بينا بقى احنا كمان هنتأخر كده
- يلا بينا معانا يا "قمر"
فقالت مسرعة:-
- لا يا عمو "جاسر" قالي تعالي معايا
- تمام يلا بينا
لتلتف "قمر" أيضاً على صوت "جاسر" يخبرها أن تأتي ليتحركوا جميعًا باتجاه الشركة لحضور الحفل السنوي الخاص بها
             *******
في جو مليء بالبهجة والفرح والسرور بشقة ذلك الرجل الطيب اقيمت الأفراح وزين المكان بكل أنواع الزينة المبهجة التي تُعلق بتلك المناسبات السعيدة فاليوم خطوبة ابنته الصغرى "رؤى" على نصيبها الذي لاقته مصادفة بشارعها دكتور "هيثم" رغم أنه كان أسوأ يوم لكلاهما، ولكن لم يعلم أيًا منهما أنه رُب صدفة خير من ألف ميعاد تلتقي بسببها بنصيبك المنتظر منذ ألف عام
بداخل غرفتها جلست تتململ في فستانها ذات اللون الوردي ممتعضة من حالتها
- مالك يا "رؤى" مضايقة كده ليه؟
فأردفت بضيق:-
- يعني يا "حنين" مكنوش قادرين يأجلوا الخطوبة شوية اكون فكيت الجبس ده، اعمل أنا إيه دلوقت
فقالت بهدوء مبتسمة:-
- لا بقولك إيه مش عايزين نكد يا عروسة، وبعدين أنا معاكي ومش هسيبك أبدًا لغاية ما اليوم يخلص، ومش أنا بس ده كلنا معاكي يا جميلة، شوفتي وشك نور لما ضحكتي ازاى، يلا يا حبيبتي نكمل عشان زمانهم على وصول
فقالت بسعادة:-
- حاضر يا "حنين" يخليك ليا
ثم اوشك الجميع على الانتهاء من اللمسات الأخيرة
             ******
وصل الجميع لمجموعة شركات الجبالي وبدأ استقبال الضيوف في القاعة المخصصة للحفل والتي اشرفت على جميع تجهيزاتها "نوراي" فلم تترك شيئًا للصدفة من اصغر شيء إلى تأمين المكان بأعلى مستوى
وصل الجميع وأخر الوافدين هي رفقته، و دلفت "نوراي" رفقة "جاسر" مما جعل من يراهم تصيبه الدهشة من دلوفها رفقة مرافق لأول مرة منذ ترأسها لمجموعة الجبالي لتحيي كل من تلقاه بإيماءة من رأسها وابتسامة خفيفة حتى تعود لهم وتحيهم للتحدث مع الجميع فيما بعد
بدأ الحفل ليستمتع به الجميع بجانب النقاش فيما بينهم فمن المحتمل عقد صفقات داخل الحفل، في ظل ذلك بدأ "عاصم" بالبحث عن ابنته لكي ترحب بالضيوف معه فهو لم يراها منذ الصباح ليصطدم بأخيه
فقال:-
- "حسام" مشوفتش "نوراي"؟
فأردف ضاحكًا:-
- لا شوفتها، اوعى تقول إنك مش عارف تطلعها من وسط الناس هنا
ليقول بانزعاج:-
- ممكن افهم إنتَ بتضحك على إيه دلوقت!
ليعقب بابتسامة عريضة لم بستطيع اخفاءها:-
- اصل ليك حق متقدرش تعرف هي فين مع إنها طول الوقت قدامك وعلى بُعد خطوات منك، أهى هناك أهي
ليبحث والداها بعيناه ولكنه لم يستطع العثور عليها:-
- فين دي؟
فأجابه مشيرًا باتجاهها:-
- يا "عاصم" هناك اهي البنت اللي لابسة الفستان الأسود
نظر بدهشة وصدمة لابنته، هل هذه ابنته حقًا، فوصل لموقعها وندى باسمها لتلتفت له فور سماعها صوته بابتسامتها العذبة ليخرج من ذهوله على صوتها
- نعم يا بابا، حضرتك محتاج حاجة
ليردف بهدوء مبتسمًا فرحًا:-
- "نوراي" أنتِ فعلًا جميلة اليوم
"نطق باسمها مع ابتسامة حنونة ملئية بحبه الخالص لها وسعادته البادية على محياه لرؤيتها على تلك الحال"
"أما هي فخجلت لمدح أبيها لها، فقد سعدت لسعادته بها وبرؤيتها"
ثم استأذنت منه لتنصرف فهم يحتاجونها بصالة الاستقبال، ثم تحرك هو ليبحث عن رفيقة دربه زوجته الحبيبة ليشاركها تلك اللحظة حتى وجدها
ليخبرها مبتسماً:-
- "هدى" شوفتي "نوراي" الليلة عاملة ازاي.
فقالت بهدوء:-
- لا ملحقتش كنت مشغولة معاك
ليدف بسعادة:-
- لو تشوفيها تسعد عنيك وقلبك برؤيتها على حالها، فهي جميلة اليوم تشبهك حقًا حينما قابلتك بحفل الجامعة في عامنا الأخير جميلة، رقيقة، هادئة وليس لك مثيل
خجلت "هدى" من كلماته فهو ما زال يغازلها ويكن لها حبًا لم تكن لتحلم به حتى الآن
وقالت بخجل:-
- "عاصم" اهدى شوية احنا مش لوحدنا كلامك ده بيكسفني والناس بتركز وبتتفرج علينا
ضحك "عاصم" مليء فمه فحوريته ما زالت على حالها ولا يتمنى يومًا أن تتغير ثم قال:-
- حسنًا حبيبتي، ولكن انظري هناك
لتلتفت تجاه اشارته برأسها لترى حوريتها الصغيرة قادمة بأبهى صورة اليوم لتدمع عيناها لفرحتها بها وترتمي بأحضانه لتخبيء دموعها
ليقول بمرح:-
- إيه ده لحقتي نسيتي قولت إيه من شوية، الناس بتبص علينا
ليضحكا سويًا ويعودا لضيوفهم، ومن ناحية أخرى هناك عيونًا تترصد لفتاتهم بحقد دفين، فهي قد ذكرتها بهيئتها تلك بغريمتها التي تكرهها وتحقد عليها حتى الآن
           *******
ظلت "نوراي" تحيي الضيوف وتناقش الجميع فيما يريدونه حتى وصول صديقتها "فريدة" بطلتِها فكانت ترتدي فستانًا أسود به رسم لورق الشجر بين الاخضر والبني ذات اكمام شفافة ويتدلى بوسع للأسفل وعليه تنورة مفتوحة متدرجة
- إيه التأخير ده كله يا أستاذة
- معلش يا "نوراي" كان عندي مشوار مهم بس للأسف مقدرتش انجح فيه
نظرت لها "نوراي" فقد كانت تتهرب من عيناها ففهمت أين كانت؟، ولما تأخرت ولكنها لما تناقشها
فقالت بحزن:-
- تمام، روحي شوفي كنت سايبالك إيه مع البنات
- تمام، لو احتاجتي حاجة اندهي عليا

وتركتها وغادرت لتصطدم في طريقها بأخر شخص توقعت أن تقابله الليلة
- مش تحاسب، عينك دي بتعمل إيه
- ما بالراحة علينا يا حجة الله مخدتش بالي
ليرفع نظره تجاهها لأول مرة الليلة فكان مشغولًا بالمياه التي انسكبت عليه أثر اصطدامه بها ليقول:-
- لأ حجة إيه بقى، ما بالراحة علينا يا قمر
خجلت وارتبكت لكلماته وقالت:-
- وبعدين معاك يا "حازم" مينفعش كده، ووسع بعد إذنك
- إيه ده لو كل حفلة بتخليك بالاحترام والأدب والجمال ده، كل يوم اعملك حفلة
لتردف بغضب:-
- إنتَ قليل الذوق، دائمًا بتحط ملح على كلامك في الأخر، وسَّع كده
ثم تركته وذهبت ليقف مندهشًا لما تفوهت به، ليلتفت على ضحكات أخويه على موقفه الآن فكان الأثنان يشاهداه عن قرب
- بتضحكوا على إيه انتم الإثنين، عحبكم أوي اللي حصل واللي قالته
ليخبره "سيف" وهو يكتم ضحكته:-
- بصراحة آه، قولتلك ألف مرة بلاش اسلوبك ده معاها
ليعقب "كريم" مازحًا:-
- محتاج واسطة مننا تساعدك تخليها توافق عليك
ليردف بضيق:-
- بقولك إيه إنتَ وهو مش عايز هزار بايخ، وبعدين واسطة إيه هي تطول اصلًا
- فعلًا
رد عليه "سيف" بجدية فهو لم يعد يعلم ما الذى يدور بدماغ أخيه فلا هو يقترب مما يريد، ولا يبتعد ويريح باله
           ******
واصلت "نوراي" ترحيبها بضيوف الحفل حتى وصل إليها ذلك الشخص لترحب به وهي مرغمة
- أهلًا بيك يا استاذ "أسر"
- أهلًا بيكِ يا "نوراي" إيه اخبارك
فقالت بسخرية:-
- آنسة "نوراي"
ثم تابعت بهدوء:-
- والدك عامل إيه اتمنى يكون بخير مجاش معاك ليه
استمع إلى تلميحها ولم يعلق عليه ثم قال:-
- بابا بخير دايمًا، هو بس مقدرش يجي اصل تعبان شوية من كتر الشغل
- كان الله في العون
ليقول بهدوء:-
- اتفضلِ جبتلك معايا عصير تلاقيكِ مشربتيش حاجة من ساعة ما جيتي
- شكرًا ليك، مكنش فيه داعي تتعب نفسك
ثم قال وهو على وشك الانسحاب:-
- اسيبك تشوفي ضيوفك، هنتقابل قريب تاني
- إن شاء الله، بعد إذنك
تركته وذهبت لتستنشق بعض الهواء المنعش بالخارج
         *******
على الصعيد الأخر بدا الجميع بالأحتفال بقراءة الفاتحة والدعاء لهم بإتمام هذه الزيجة على خير وقام بإعلان خطوبتهما بعدما لبسا خواتمهما
- مبروك يا "رؤى"
- الله يبارك فيك يا دكتور
امتعض "هيثم" فلم يعجبه ما قالت, وقال:-
- ايه ده، إيه يا دكتور دي، اسمي "هيثم" محدش بلغك قبل كده واللا إيه
فقالت بخجل:-
- إيه لا ما أنا عارفة، بس محتاجة وقت اتعود عليه، اصل أنا كنت……
فقال برقة:-
- سكتِ ليه، كنت إيه؟
فقالت بخجل:-
- لا، ولا حاجة أنا هتعود اقوله من غير دكتور
فقال يضايقها مبتسمًا:-
- طيب سمعيني كده
فأردفت مسرعة:-
- قولتلك اصبر وبعدين بقى
- امرى لله، اصبر اما اشوف اخرتها
خجلت منه وأدارت وجهها الناحية الأخرى، كيف لها أن تخبره أنها كانت تهزأ منه منذ يوم الحادث، وما كانت تفعله واعتراضها دومًا عليه
فقالت محاولة ألا تحزنه:-
- طيب خلاص متزعلش
فأردف مبتسمًا:-
- إيه هتقوليها!
فقالت مبتسمة:-
- ايوه، يا "هيثم"
فقال فرحًا:-
- الله الله إيه الحلاوة دي كلها، طيب اقول إيه أنا دلوقت، والله أنا ماسك لساني اللي عايز يرد  وبتقي ربنا فيك لحد يوم كتب الكتاب
ابتسمت له على ما يقوله الآن فالله رزقها بزوج صالح كما دعت ربها، فكانت تخشى أن يكون مصيرها كما كان سيكون مصير شقيقتها
قرر "طارق" أن يذهب لمباركة صديقه ويغادر فهو لم يعد يستطيع ألا يذهب لمحادثة تلك الجميلة بفستانها الفضي وحجابها الأبيض ومن هي سوى "حنين"، فهو ما زال على عهده القديم
فذهب لصديقه ليقوم بمباركته:-
- مبارك يا صديقي فقد نولت أمنيتك، يتملك على خير يا رب
- شكرًا يا "طارق" عقبالك إن شاء الله
- طيب همشي أنا بقى، احسن عمي "عاصم" على أخره مني و"نوراي" حيشاه عني بالعافية لحد دلوقت
- ماشي يا حبيبي اشوفك بكرة في المستشفى.
ثم ترك حفلة صديقه وذهب باتجاه حفلة الشركة وهو يراجع عقله ألف مرة أيعود ليحدثها أم لا، ثم في النهاية ترك المكان وغادر
               *****
ذهب "سيف" ل "جاسر" ليسأله أين هي "نوراي" فلم يستطيع ايجادها ليلتفتا معًا أثر سماعهم ضجة كبيرة من منتصف القاعة ليتجها تجاه ذلك الحشد ليصدما مما رأته عيناهم، فرأوا "نوراي" تقف منتصف ذلك الحشد تضحك مع الجميع وتتحدث للجميع وهذا على غير عادتها، فمن ينظر إليها يرى أنها ليست على طبيعتها، فلم يستطع "جاسر" البقاء أكثر من ذلك مكانه فذهب إليها وأجبرها على السير معه خارج ذلك الحشد وتبعه أولاد اعمامه
ثم قال بغضب:-
- "نوراي" إنتِ شاربة إيه
وضعت يدها على فمها دلالة على دهشتها مما سمعت وقالت:-
- إيه!، شربت إيه؟، أنا مش شربت حاجة، وسع كده
"ثم ابتسمت"
فأغضبته أكثر بلا مبالاتها ليقول:-
- لأ، هو إيه اللي لأ ده شكل واحدة شاربة الإزازة كلها
لتردف بدهشة:-
- هو إنت فاكرني شربت حاجة حرام
" ثم ضحكت مليء فمها تحت دهشة الجميع"
وقالت:-
- أهدى كده، ده أنتم عيال كئيبة إيه التكشيرة اللي على وشكم دي، طيب خلاص هقولكم شربت إيه، شربت عصير ....؟

★★★★★

يُتبع

بقلم🖋️/ زهراء محمود

اتمنى تعجبكم ☺️
متنسوش كومنت وتصويت 🤗

قلبي أسيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن