الفصل السابع عشر

7 0 0
                                    

حينما تشعر بأن الأمان الذي يحتويك لن تخسره يومًا لتتفاجأ بأن ذلك اصبح سرابًا فتضع على جدار قلبك قيودًا جديدة لتشعر ذاتك بالامان الذي انتزع منك.
استدعاها والدها إلى مكتبه فذهبت إليه وطرقت بابه فسمح لها بالدلوف لتجد والدتها بالجوار تنظر له بحزن
وقبل أن تتحدث وتسأل ما الذي يجري بينهم، سمعتها تخبره:-
-بلاش يا "عاصم" عشان خاطري بلاش
-اخرجي لو سمحتِ يا "هدي"
حاولت لمرة أخيرة أن تستجدب حبه لها:-
-يا "عاصم"
-انتهى النقاش لو سمحتِ اخرجي دلوقت
خرجت مرغمة تنظر لابنتها بقلة حيلة لا تدري ماذا تفعل لتثنيه عما ينوي فعله الآن
لتلتفت تجاه والدها وتتساءل:-
-فيه إيه يا بابا هي ليه خارجة زعلانة كده
-متشغليش بالك، عايز اتكلم معاك
-اتفضل
-بعد اللي حصل ده قررت قرار
-قرار إيه؟
فاسترسل بعدما أخرج تنهيدة لم تراها:-
-قررت إنه مبقاش ينفع تفضلِ كده بعد اللي حصل ده، طول الوقت هيبقى دايمًا في حد طمعان في المجموعة وهيبقى بالنسبة ليه إنتِ الطعم، و زي ما حصل المرة دي ممكن تتكرر تاني، وساعتها محدش عارف إيه اللي ممكن يحصل
سألت مستفربة مستفسرة:-
-مش فاهمة حضرتك عايز توصل لإيه!، أنا كويسة الحمدلله، وإن شاء الله ده مش هيحصل تاني، أنا والشباب هنغير حاجات كتير عشان ده ميتكررش
فتابع مؤكدًا كلامه السابق:-
-يا بنتي احنا يهمنا تفضلِ دايمًا بخير، وده مش هيحصل ويقفل الباب قصاد أي حد نفسه مش تمام، إنه يفكر بس يقرب منك
عقبت مستفهمة:-
-يعني...؟
فأسرع قائلًا:-
-يعني لازم تتجوزي حد من ولاد عمك
فاردفت بسخرية:-
-ده اللي هو ازاي يعني؟، حد فيهم طلب إيدي!
-لا، ده قرار اخدته وهتنفذيه
قالت بصدمة:-
-يعني افهم من كده إنك هتجبر حد فيهم على الجواز مني، لا طبعًا مستحيل، مش موافقة على الكلام ده
-اعتبريه اجبار يا "نوراي"، لكن ليكي أنتِ
فقالت بغضب:-
-ليا أنا!، وأنا إيه اللي يجبرني على المهزلة دي استرسل بهدوء:-
-أنا، وقبل ما تقولي ازاي هقولك، ببساطة موافقتك على القرار والجواز ده مقابل مكانك بالمجموعة
فأعقبت بسخرية:-
-قصدك يعني سحب صلاحياتي ورجوعي من الصفر، تمام معنديش مشكلة
ليقول بصرامة لم تعهدها منه:-
-لا، بره الشركات نهائي
صُدمت مما قاله والدها، كيف له أن يخبرها أنه على استعداد لتجريدها من منصبها بالشركة لا بل طردها منها نهائيًا وهو يعلم جيدًا أنها قضت سنواتها الأخيرة بها، تبني كل شيء فيها من طموح وصلت إليه وتحسين علاقاتها بالجميع اكثر فأكثر واندماجها للمجتمع من جديد وتلك المرة دون مساعدته، نعم دون مساعدة "جاسر" مثلما ساعدها بالماضي، فها هي حياة بَنَتها سوف تضييع امام عيناها، هل حقًا ستقدر على التخلي عن ما بنته يداها؟، هل سوف تستطيع التنازل على حياتها؟
بعدما افاقت من شرودها، ونظرت تجاه والدها بحزن دفين لم تستطيع أن تخفيه وقالت:-
-حاضر اللي تشوفه حضرتك، بس ليا طلب، ياريت لما تقرروا مين فيهم اللي وافق على المهزلة دي تبلغني، أظن ده طلب مش كبير
-أكيد هبلغك
-حضرتك عايز حاجة تاني مني
-لا، خلاص تقدري تخرجي
ذهبت امام نظر والدها مكسورة القلب، فهو يعلم أنه يضغط عليها كثيرًا ويجبرها على شيء لم يكن يريد أن تبدأ حياتها بذلك الشكل، ولكن ليس بيديه حيلة فلا يريد أن يراها تضيع امام عيناه، يعلم جيدًا أنها لن تسامحه بسهولة، وأن الطريق امامه معها طويلًا، فمتى سيستريح قلبه وباله تجاهها

               ****
وبذات الوقت خارج مكتبه ذهبت "هدي" تجاه التجمع وطلبت من "نبيلة" أن تأتي معها لتتحدث إليها فهي اقربهم إليها بذلك المنزل لترافقها للخارج لتصدم مما اخبرتها به الآن
-إيه اللي بتقوليه ده يا "هدى"، ده الجنان بعينه
فقالت بحزن:-
-اعمل إيه يا "نبيلة" حاسة إني مُقيضة ومش عارفة اعمل حاجة انجد بيها بنتي من الفكرة دي، أنا بين نارين بنتي من ناحية وجوزي من ناحية
-و "حسام" و "عمر" مشاركين في المهزلة دي
فقالت بسخرية:-
-موافقين أو مش موافقين تفتكري حد فيهم هيعارض "عاصم" لو اقنعهم إن ده في مصلحتهم
لتردف بسخرية:-
-و"عاصم" مقدرش يقنعك ليه يا "هدى"
لتقول بحزن شديد:-
-عشان دي بنتي يا "نبيلة"، قوليلي اعمل إيه؟
لتجهش بالبكاء على حال ابنتها الآن، فتخبرها "نبيلة" بأن تهدأ فمن الآن حتى الغد يغير الله من حال إلى حال، لعل الغد يأتي بحلٍ يريح قلبها
            *****
غادرت "نوراي" مكتب أباها لا ترى امامها، فمن يراها الآن يظن أنه تم توبيخها الآن من والدها، كان حالها يُرثى له، فتلك الفتاة ذهبت بوجه وعادت بوجه أخر حزين
مر يومان لم تسمع فيهم "نوراي" شيئًا، وذهبت للشركة من جديد وعادت لتمارس حياتها اليومية كما اعتادت، وقررت أن تتناسى ما أخبرها به أباها مؤقتًا
وبتلك الفترة علموا جميعًا ما اتفقا عليه أباءهم وأعمامهم فلم يكن يتخيل احدهم أن يفكروا بتلك الطريقة، كيف استطاعوا فعل ذلك؟، كيف استطاع عمهم "عاصم" أن يفعل ذلك بابنته الوحيدة؟، أين ذهبت كل الأقاويل التي ترعرعوا عليها بأنه سيفعل المستحيل من أجل سعادتها
اجتمعوا في غرفة خاصة بهم يذهبوا إليها إن أرادوا التجمع لفعل شيء
فقال "سيف" بغضب:-
-أنا بجد مش قادر استوعب ازاي قدروا يقولوا كده، كده كتير
ليستفسر "طارق" عما يتحدث عنه فقال:-
-أنا مش فاهم حاجة بجد يا "سيف" أنتَ بتتكلم عن إيه، وإيه اللي مضايقك أوي كده أو بمعنى أصح مضايقكم كلكم
ليردف "حازم" بعصبية:-
-أنتَ بتستهبل عايز تفهمنا إنك متعرفش حاجة
فأردف مستغربًا انفعالاتهم:-
-أنا حقيقي مش عارف أنتم جمعتونا ليه، ده حتى "جاسر" لسه موصلش
فقرر "سيف" إنهاء ذلك التشاحن قبل أن يبدأ فقال:-
-يا "طارق" عمك "عاصم" وباقي اعمامك قرروا أنهم يجوزوا "نوراي" لحد فينا بالإجبار فهمت واللا افهمك تاني، وأنتَ يا "حازم" اهدى كده مش عايز مشاكل دلوقت خلينا في اللي احنا فيه
ليستوعب "طارق" الصدمة ليقول:-
-ازاي يعملوا كده، ويا ترى بقى هو كمان عارف
ليدلف على حين غرة حينما سمع تلك الجملة فقال:-
-عارف إيه يا "طارق"
-حمدالله على سلامتك، معلش ملحقتش اشوفك لما رجعت
-الله يسلمك ولا يهمك، بس هو إيه ده اللي عارفه
ليردف "سيف":-
-تعالى بس اقعد وهنقولك كل حاجة
جلسوا جميعًا وبدأ "سيف" يسرد عليهما ما حدث بينهم وبين اعمامهم حينما لم يكونا بالجوار لتكون صدمته الأقوى بينهم فقد تمكن منه الحزن الشديد لأجلها، فكيف استطاع والدها أن يفعل بها ذلك
لينتبه على صوته مجددًا يقول:-
-بس أنتَ الوحيد يا "طارق" اللي محدش بلغه بحاجة، طيب قول "جاسر" مكنش موجود لكن أنتَ ليه معرفتش زينا
-عشان في كل الأحوال أنا برة الحسبة دي
لينظروا له جميعًا ليتحدثوا في نفس واحد:-
-ازاي يعني؟، اشمعنى
-عشان أنا......
ليقاطع حديثهم دلوف "بسمة" لتقديم المشروبات التي طلبوها قبل دلوفهم إليها، ثم بعد مغادرتها أردف "طارق" وقال:-
-المهم دلوقت هتعمله إيه، بُناءًا على اللي حكاه "سيف" لازم تكون لحد فيكم ولازم تقرروا دلوقت
ليقول "سيف" بعد تفكير :-
-بالنسبة ل "كريم" فده أمر مستبعد لأن كلنا عارفين قلبه مع مين، أما أنا فمستحيل بالنسبة ليا الموضوع ده لأن أنا مش شايفها غير أخت ليا وبنت عمي وبس، وأنت يا دكتور سحبت نفسك من اللعبة وقولت مش هينفع، كده مفضلش غير "جاسر" و " حازم" القرار بإيدهم
لينظرا إلى بعضهم البعض عقب حديث "سيف" بتحدي ليقول "جاسر" بحزم:-
-من غير ما تقول أنتم عارفين إن "حازم" هو كمان برة الحسبة دي
ليردف "حازم" مسرعًا:-
-ليه بقى إن شاء الله يا "جاسر" بيه، ناقص إيد واللا رجل
ليردف بهدوء:-
-لا يا حبيبي أنتَ زي الفل، بس هي مش هتكون لحد غيري
فاسترسل بتحدي:-
-وليه بقى ما أنا ممكن اكون مكانك، على الأقل عمري ما هجرحها أو أذيها
ليعقب "جاسر"بغضب:-
-وأنا مفكرتش في يوم اعمل كده ولا هفكر
ليردف "حازم" بسخرية:-
-فعلًا، السنين اللي فاتت تشهد عليك
لينظر لهم بحزن ونبس:-
-أنتم مش فاهمين حاجة 
فاستطرد "حازم" مجددًا:-
- فهمنا أنتَ، شوفت اهو سكت، هي كلمة واحدة زي ما اديت لنفسك الحق في أنها تكون ليك أنا كمان من حقي افكر في ده

لم يتحمل "جاسر" أكثر من ذلك فهو يعلم جيدًا أنه يتمنى أن تكون له رغم أن قلبها لم يكن له يومًا، ولكنه لم يستطيع أن يتحمل أكثر فقام بمهاجمته ليتشابكا معًا، حاول الشباب أن يفصلوا بينهما ولكن غضبهم من بعضهما حالا دون ذلك حتى وصل شجارهما سماع من بالخارج فاجتمعوا لمحاولة فض اشتباكهم بما فيهم "قمر" و "نوراي" القادمتان من الخارج لتصدم من شجارهم معًا وشعرت أنها سببًا فيما يحدث، فلم ينفصلا حتى سمعا صوت أبيه وعمه "حسام"
-جرى إيه أنتَ وهو محدش مالى عينكم
فابتعدا عن بعضهم وقالا تباعًا:-
-يا بابا أنا بس كنت……
-يا عمي أنا……
ليردف مسرعًا :-
-بس أنتَ وهو لسه كمان هتبرروا اتفضلوا ورايا على المكتب

أما هي فحينما رأت ذلك حزنت لما آلت إليه الأمور فإن كانت سببًا لذلك فحمدت ربها على تدَّخل عمها لفض نزاعهم ولكنها حدثت نفسها
"لم أكن اعلم أن هناك شيئًا مازال عالق بقلبك يجعلك تغضب لأجلي فكنت ارغب بأن أرى تلك الشعلة الأخيرة باقية طيلة تلك الأعوام فلمَ عادت الآن، ومن ناحية أخرى قلبي يتألم لذلك القلب الذي يتمنى أن اكن له يومًا رغم علمه بأن خاصتي لم يُعد ملكًا لي، فكم اتمنى أن يجد ذلك القلب الذي يداوي ما فعلته يداي دون أن ادري"
             ******
بعدما تعرضهما للتوبيخ من أبيه وعمه وكأنهم أطفال داخل الروضة خرجا الاثنان ولكن قبل أن يذهب كل منهم في طريقه أوقفه "حازم" وقال:-
-"جاسر" استنى
فأردف بسخرية:-
-خير ليك نفس نتخانق تاني
ابتسم وقال:-
-لا ده أنتَ قلبك اسود يا أخي
فأعقب بهدوء:-
-ولا اسود ولا حاجة، أنت عارف إني بعزك ومش بحب اتخانق مع حد فيكم
فأردف "حازم" مبتسمًا:-
-عارف، بس عندي كلمتين عايز اقولهملك
-قول وأنا سامع
تنهد بعمق وقال:-
-اسمع يا "جاسر" لو كنت فضيت ليك الساحة فده مش خوف منك، لا أنا بس عارف إن قلبها أسير ليك للأسف رغم كل السنين اللي فاتت وكأنك مرض رافض يتركها لحالها، لكن صدقني لو فكرت في يوم تعيد الماضي أنا اللي هقفلك، سامعني
فاسترسل بهدوء:-
-فهمت يا "حازم" وأنا عارف إنك قد كلامك، لكن عايزك تطمن أنا عمري ما يهون عليا إني ازعلها أو أذيها
-تمام، اتمنى ده يحصل فعلًا
-طيب اسيبك بقى عشان عندي كلام لازم اقوله لحد تاني
-الله معك  
           ********
ذهب في طريقه لمكتب عمه لينهي تلك المسألة التي ستؤرق مضجعه إن لم ينهيها الليلة، طرق الباب فأذن له بالدلوف
-عمي ممكن اتكلم معاك خمس دقايق
-آه طبعًا ممكن يا حبيبي تعالى
صمت لبرهة ليستجمع ما اوشك على قوله:-
-أنا مش عارف اقولك إيه حقيقي، مكنتش متخيل إني هقف قدامك بالشكل ده ولا إني هقول الكلام ده
ثم تابع بحزن وغضب:-
بصراحة بقى كده أنا مش عاجبني اللي حضرتك عملته مع "نوراي" ولا الموقف اللي حطتيها فيه ليه تجبرها على حاجة زي كده، وليه تحطنا في موقف زي ده قدامها
فقال بهدوء:-
-خلصت، برضه مقولتش اتفقتوا على ايه
نظر له بذهول لما يتعامل مع شيء يخصها بتلك اللامبالاة وقال:-
-من الأخر يا عمي "نوراي" مش هتكون لحد غيري، ومحدش فيهم هيجيلك
ثم صمت لبرهة وقال:-
عارف يا "عاصم" بيه لو كنت استنيت شوية كنت أنا هاجي من نفسي، ده غير إنك صعَّبت الدنيا عليا أكتر من الأول، شكرًا لحضرتك، بعد إذنك
فتابع بذات الهدوء:-
-استنى عندك
ظل "جاسر" مكانه منتظرًا عمه لكي يتحدث ولكنه ابقاه لدقائق ثم قال:-
-ياريت يا "جاسر" لو حابب تتكلم معاها تستنى لما اقولك
أومأ برأسه دلالة على فهم ما أراده عمه بأن يخبرها أولًا ثم استمع لأخر جملة قالها قبل أن يصرفه ليغادر مذهولًا مما قاله واستعجاله
                ******
تمنت أن تكون قادرة على أن تحل محل والدها، وأن تكون على قدر تلك المسؤولية فلم يكن له ابناء سواها، ولكن برغم كل جهودها ومرض والدها الأخير، ولكونها اصبحت وحيدة وليس هناك من يساعدها وازدياد حجم الأعمال المتراكمة وتدهور صحة والدها أكثر فأكثر فلم تستطيع مواكبة كافة المشاكل التي واجهتها، فبدأت الشركة بالانهيار رويدًا رويدًا فلم يكن من والدها سوى الموافقة على عرض صديق عمره
استدعى ابنته ليخبرها بما نوى على فعله لتطرق بابه وتدلف للداخل
-عامل ايه النهاردة يا بابا
-الحمد لله يا علياء
-يارب دايمًا
-قعدي يا بنتي عايز اقولك على حاجة
-خير يا بابا!
                   *******
بحديقة قصر الجبالي جلسوا جميعًا يتسامرون محاولين اخراجها من حالة الحزن التي تسيطر وإن لم تتحدث فهم يشعرون بها، لتأتي "بسمة" وتضع العصائر التي طلبتها "قمر" امامهم ولم تنصرف بعدها، بل ظلت واقفة لينتبهوا لها
فبادرت "نوراي" بسؤالها:-
-في إيه يا "بسمة" محتاجة حاجة؟
لتخبرها بخجل:-
-لا أبدًا خيرك مغرقني
لتردف مستغربة هيئتها؛+
-أمال مالك! قولي اللي عندك؟
لتخبرها على استحياء:-
-اصل…، اصل في حاجة عايزة اقولها ومش عايزة
-ليه؟
-عشان "عاصم" بيه قالي اقولك تروحيله المكتب، ومكنتش عايزة اقولك عشان المرة اللي فاتت لما روحتي خرجتي حزينة فمكنتش عايزة اشوفك كده تاني
نهضت "نوراي" من مكانها وذهبت تجاهها ووضعت يدها على كتفها لكي تطمئنها وابتسمت وقالت:-
-شكرًا على مشاعرك الحلوة دي، بس مش عايزاكي تقلقِ أنا كويسة روحي شوف وراكِ إيه
-حاضر
نظرت لهم بمعنى أنها ستذهب لترى ما يريده أباها
             *****
بتلك الشقة الفاخرة يتحرك ذهابًا وإيابًا بجنون وزاد أكثر بسكره المعتاد، فلم يكُن يتخيل أن يستطيع احدهم انقاذها، اعتقد انهم تحت رحمته لتنقلب فجأة خطته رأسًا على عقب مغيرة كافة حساباته ومخططاته ليثور كما المجنون إن جاء احد بطريقه سيدمره حتى دلف إلى مكانه والده لتزداد ثورته بعدما تحدث إليه
-أهلًا يا "أسر" بيه، ها نفعت خططك؟،  جابتها لحد عندك، أبدًا فشلت زي ما بتفشل دايمًا، وفوق كل ده خليتهم يحطوك في دماغهم ومش هيسبوك تفلت منها بسهولة
-كفاية، كفاية، أنا عارف كويس اللي عملته والغلطة اللي حصلت مكنتش عامل حسابي أبدًا أن "جاسر" ممكن يقدر على انقاذها، لكن اوعدك مش هتكون لحد غيري ومحدش فيهم هيقدر يلمس شعرة مني
ليعقب والده بغضب:-
-أنتَ غبي يا ابني نهايتك هتكون على ايديهم، حاربهم زي ما أنتَ عايز بس بعيد عنها
ليستطرد ونظرته يكمن بها شرًا يستطيع الإطاحة بأي شيء:-
-لا لما اعوز حاجة لازم اخدها، ومش عايزك تقلق عليا أبدًا
فقال بحزن:-
-ازاي بس، أنا مش عايز اخسرك
ثم تركه وغادر بقلة حيلة من ذاك الابن الذي يرى فيه فشله دائمًا ليدير عمله تاركًا ابنه الأرعن ليفكر من جديد لعله يرجع عما ينوي عليه، فذلك الماجن يكتب نهايته بيديه
              *****
بعدما اطمأنت على صحته وجلست لكي تعلم ما الذي يريد والدها أن يناقشها فيه انتفضت من مكانها منفعلة فلم تكن تعلم أن الامور ستؤول إلي ذلك، كيف لأبيها أن يوافق على ما اخبرها به الآن، والأسوأ أنه يطلب منها أن توافق على ذلك
لتخبره بهدوء:-
-لو سمحت يا بابا فكر تاني في اللي بتقوله ده، أرجوك
-يا بنتي مبقاش ينفع، كل الحلول المتاحة هو ده حاليًا اهونها
فأردفت بحزن:-
-طيب سيبني افكر في حل، اديني وقت
-مبقاش فيه وقت يا علياء
-أنا بقول لحضرتك مش موافقة، ومش هينفع
فقال بهدوء:-
-فكري الاول وردي عليا
لتردف بعصبية:-
-مش هينفع، وجودنا جمبهم هيأذينا أكتر
-ازاي
             ★★★★★★

بقلم زهراء محمود 🖋️🤗
ڤوت وكومنت ☺️ 🤗

قلبي أسيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن