الفصل التاسع

28 7 3
                                    

ترى العمل على قدم وساق و كل شخص يعمل باجتهاد لعلمه بالأرواح التي بين يديه، وخرج للتو تلك الوسيمان من غرفة العمليات فقد اجروا جرحة ناجحة للغاية حينما تحدث احدهما

- الحمدلله عدَّت على خير، بقولك إيه عايزك في موضوع كده على السريع

ضحك وقال:-
- عايز إيه يا "هيثم" انجز، فيه عملية أخيرة لسه قبل ما اروح
- تعال نقعد فى المكتب بس الأول

ذهبا الاثنان لمكتب "طارق" ليتحدثا
- قولى بقى يا "هيثم" عايز إيه؟
- كنت بسأل يعنى لو احنا محتاجين محاسبين أو وظيفة تانية فاضية

نظر له صديقه بإستغراب وقال:-
- بتسأل ليه هتشغَّل حد عندنا، وإنتَ من إمتى بتتوسط لأى شخص
  ثم فكر قليلاً وقال:-
- معتقدش احنا قفلنا العجز الشهر اللي فات
- يا خسارة، طيب مفيش حل تانى، تعرف حد محتاج يشتغل
- فضولي عايزنى اعرف مين اللي مهتم توظفه اوي كده
- لأ بس يعني، مش مهتم بالشخص ده شخصيًا، لكن هو تبع حد اعرفه وكنت عايز…
- بس بس، شكلك صعب عليا، دي واحدة وعايز تقرب وتتعرف عليها اكتر على حسابي، تبقى مين دي!

اخبره باسمها دون أن يفكر للحظة:-
- "رؤى"
فسأله مندهشًا بألا تكون تلك الفتاة:-
- "رؤى" مين!
تنحنح وقال:-
- فاكر البنت اللى٥ خبطها بالعربية وجت عندك العيادة
فقال مبتسمًا:-
- ايوه، ايوه، اللي رجلها اتكسرت، وده حصل من إمتى ده
فقال بتوتر:-
- والله يا صاحبي أنا نفسي مش عارف، لكن الشغل مش ليها لأختها اللب جت العيادة عشان تاخد الروشتة لما نسيوا ياخدوها

تذكر صديقه تلك الحسناء التي تأثر بدخولها للحظة وتناسها بمجرد خروجها

- اه افتكرت، هى دب اللي طالب توظفها، بسيطة، أنا هشوف و هرد عليك

ابتسم "هيثم" في نفسه لأن تلك الحسناء تركت أثراً ولو بسيطاً لدى صديقه حتى أنه لم يدَّخر جهداً ليتذكرها
وقال:-
- بجد، طيب فين في شركتكم
- هشوف لسه
ثم صمت برهة وقال:-
- هى اسمها إيه؟
ابتسم "هيثم" وقال:-
- اسمها "حنين"
ابتسم وقال:-
- "حنين" تمام، استنى مني تليفون ويلا على شغلك

        *********
بغرفة تلك الشقية جلست تحاول أن تستذكر دروسها لإمتحانها القادم حينما دلفت تلك الحسناء وهى غاضبة لتتحدث معها

- عاملة إيه دلوقت يا "رؤى"
- أنا كويسة الحمدلله، أنا عارفة إنك مضايقة من اللي حصل، وأنا كمان مضايقة بس كنت هعمل إيه!
- كويس إنك عارفة، واستعربت إنك متكلمتيش بعدها نهائي، هو ضايقك في حاجة تانية

خجلت حينما تذكرت ما حدث منذ مجيئه للجامعة وحتى وصولهم لمنزلها
وقالت:-
- لا أبدًا، أنا بس معرفتش اعمل إيه؟
فقالت بغضب:-
- طيب فكرى معايا بقى فى حل للمشكلة دي لازم نلاقى حل
- تمام، فكرى وأنا لو وصلت لحل هقولك
- تمام، كملي مذاكرة بقى

         **********
سمعت في نطقه لاسمها غضبًا شديدًا لا تعلم مصدره ولكنها حين التفتت وجدت "جاسر" يتبعه ليهدئه ولكن هيهات، وجدته يلتفت إليه ولكنها لم تسمع ما قاله له، ولكنها خمنت ما وصله إلى تلك الحال الآن

- عندك يا "جاسر" معنديش استعداد اسمع أى مبرر منك دلوقت، لينا كلام تانى بس بعدين، ودلوقت متجيش ورايا

ثم تركه وذهب إليها ليعلم لماذا فعلت ذلك، ثم قال بغضب:-
- "نوراي" مكنتش متخيل إن دي قيمتي عندك
حولت تهدئته لكي تتحدث معه وقالت:-
- اهدى بس، إيه اللي إنت بتقوله ده، إنت عارف كويس معزَّتك عندي، تعالى بس نقعد في الحديقة بره ونتكلم

ذهبا وجلسا بحديقة القصر الخلفية ليتحدثا لعله يهدأ
قال بغضب:-
- بتتصالحي معايا يا "نوراي" مقابل خصامك مع "جاسر" للدرجة دى كنت محتاجة عرض زى ده يحركك
فأردفت بهدوء:-
- اهدى واسمعنى الأول، أنا مستحيل أفكر كده وإنت عارف كده كويس، وبعدين أنا كنت هجيلك قبل ما "جاسر" يعرض عليا الإتفاق ده
فقال بغضب أكبر:-
- وأنا بقى المفروض اصدق الكلام ده، طيب ليه نفذتي العرض!

قالت بحزن:-
- لأن "جاسر" عاملنر على إني آلة ومش هيفرق معايا الكلام ده وبعد ما كان بيتكلم معايا على إنب بنت عمه، رجع في ثانية واتعامل على إني "نوراي" سيدة الأعمال
ثم قالت بغضب:-
وافقت لأنه عاملني على إن وجودى مش هيفرق معاه نهائي، وافقت عشان اشوف هيقدر يوصل لحد فين
هدأ قليلًا بعد سماع ما قالت، فهذا الأحمق يصر على خسارتها وقال:-
- أنا آسف، حقك عليا، اتعصبت وغضبت ومفكرتش للحظة إنك مستاءة جداً من اللي حصل، "نوراي" أنا مش عارف اقولك إيه
فقالت بحزن:-
- متقولش حاجة، هو فاكر إن هيفرق معايا، لأ يا "سيف" أنا اتعودت السنين اللي فاتت إنه ميكنش ليه وجود، وظهوره قدامي وإنه ميبقاش فيه كلام بينا زى ما طلب مش هيضايقنى كتير، حتى هو كمان اعتقد مش هيفرق معاه كتير
ثم صمتت وابتلعت الغصة التى بحلقها وقالت:-
- ممكن ننهى الكلام في الموضوع ده، أنا هقوم اشوف "قمر" فين
  ثم التفتت وقالت:-
- اتمنى متكونش زعلان مني

أومأ برأسه علامة الموافقة على حديثها وابتسم، ولم يناقشها أكثر فهو يعلم أنها تخفى جزء من شعورها تجاه ما حدث لم تخبر به أحدًا بعد

        **********
مر يومان على الجميع وكل يغنى على ليلاه، عاتب "سيف" "جاسر" على ما حدث وكانا يجلسان الآن بركن من أركان الحديقة حينما تحدثا سوياً

- عامل إيه النهاردة يا "جاسر"
فقال بحنق:-
- كويس الحمدلله، هعمل إيه يعنى، اهو شايف قررت تلعب اللعبة للأخر وتكمل في الخصام، وأنا بحاول ابقى هادي، ومجبش أخرى معاها

ضحك وقال:-
- طيب، اهدى بس، كلها يومين ويخلص ده كله، "نوراي" بس بتعاقبك على السنين اللي فاتت بس بطريقتها وبتربيك عشان متقررش عرضك ده مرة تانية، ومحدش يقدر يلومها وبالنسبة لها حاليًا كفاية إنك تكون موجود قدامها ومتتكلموش
- كمان بتفسر على مزاجك…
حينها بُترت عبارته حينما التفت و رآهم جاليسن بالجهة الأخرى ووضع لم يستسيغه مطلقًا
          **********
بالصباح الباكر جلست بركن من حديقة القصر تراقب الأزهار المتفتحة لتتأمل إبداع الخالق على الأرض حينما أتاها أخر شخص تتوقع أن تراه في الصباح

- صباح الخير يا "نوراي"
- صباح النور، إيه ده!، أهلًا أهلًا، عاش من شافك

ضحك وقال:-
- عاملة إيه؟، ما إنتِ عارفة وقتي مش ملكي، غصب عنى أنا عارف إنى مقصر معاكِ

ابتسمت وقالت:-
- الحمدلله، وبعدين أنا عارفة، بس برضه متختفيش أووى كده، اظهر أكتر

- أنا عارف إنك هتقدَّرى، بس يعني

ضحكت وقالت:-
- "طارق" هات من الأخر عايز إيه، عارف لو بتظهر قدامي لإنك محتاج حاجة، فأنا ممنونة لطلباتك عشان بتخليك تيجي ونشوفك

ابتسم وقال:-
- أنا اللى ممنون لطلباتى عشان بتخلينى أفضى نفسي مخصوص واجيلك
ثم صمت لبرهة وقال:-
- يعنى كنت عايز اسألك انتم محتاجين محاسبين في الشركة أو أى وظيفة تانية

استغربت من سؤاله وقالت بعد تفكير:-
- مش عارفة حاليًا، هسأل "سيف" واقولك، لكن إنتَ بتسأل ليه! إنتَ عايز توظف حد عندنا
اخابها متوترًا:-
- إيه، آه، واحدة معرفة، قصدي يعنى معروف لصديق
- أها معروف لصديق، طيب مش تقول يا ابني
- لأ، دماغك متروحش لبعيد، إنتِ عارفة إني مبفكرش فى الموضوع ده نهائي
لتقول ببراءة:-
- أنا مقولتش حاجة، ليه فرضت إني فكرت فى الموضوع ده، مع إن يعني مش هضرك إنك تفكر بالعكس ده ممكن يشفي قلبك و صوابعك مش زى بعضها وزى ما فيه الحلو فيه الوحش، ولو البنت تستاهل، إدب نفسك فرصة
ثم تابعت وكأنها لم تق شيئًا:-
- وعلى العموم هشوف الدنيا عندنا محتاجة إيه واقولك
ثم غمزة له وقالت:-
- ولو مفيش يتوجد اللي إنتَ عايزه احنا عندنا كام "طارق"
ضحك ملئ فمه وقال:-
- أنا مش هخلص معاكى

وقام من مكانه وقبَّل رأسها وحين رفع عيناه رآه يراقبهم من مكانه وكان قادم فى اتجاههم
وقال :-
- إلحقى "جاسر" جاى علينا وغضب الدنيا بيلاحقه
" ثم ابتسم"

اعتدل "طارق" في وفقته حينما أتى "جاسر" ووقف قبالته في تحدى

ليقول "طارق" بابتسامة :-
- صباح الخير يا "جاسر"، عامل إيه؟

ليرد وهو على وشك فقدان اعصابه:-
- صباح النور، الحمدلله، يارب تكون إنتَ تمام
- أنا تمام، المهم إنت تبقى زى الفل
" وابتسم ليستفزه"

حينها همس "سيف" ل "نوراي" وقال:-
- إلحقي لقاء الجبابرة ده إنهيه، هيقلب بغم، وإنتِ عارفة كده كويس

اسندت وجنتيها بين يداها واتكأت بمرفقيها على الطاولة أمامها وابتسمت وقالت:-
- لو "جاسر" جاى عشان يتخانق و "طارق" ضربه هسيبه يضربه دى أمنية "طارق" من زمان وأنا بفكر اسيبه يحققها

صدم "سيف" من ردها والتفت "جاسر" إليها وقال:-
- إيه؟، قولتِ إيه!

تدخل "سيف" وقال:-
- تعالى يا "جاسر" معايا دلوقت هى مش هترد وإنتَ عارف، امشى بس معايا وهفهمك امشى……

تحرك "جاسر" معه دون رغبة منه، وحينما ابتعدا قامت "نوراي" من مكانها لتغادره وقالت:-
- هشوف واقولك

- "نوراي" إنتِ كنت متعمدة يسمع اللي بتقوليه صح، عشان توقفيه وتوقفيني

التفتت له وقالت بلامبالاة:-
- هو اللي سمع، ركز مع الكلام مش اكتر
- إنتِ بتكدبى يا "نوراي"

صمت الاثنان لبعض الوقت ثم نظر لها وقال:- - إنتِ كنت ِ متعمدة، إنتِ مكنتيش عايزاه يتأذي بسببك أو بسبب أب حد تاني
فقالت بلامبالاة:-
- مش هناقشك فى كلام فاضى، استنى مني تيلفون
" وتركته لتغادر"
فاستوقفها حينما قال:-
- لعلمك هو لايستحقك يوم واحد، رغم أنه جرحك زمان و أذاكِ إلا إنك مش عايزة حد مننا يقربله مع إنك بتعاقبيه أسوأ عقاب

دون أن تلتفت إليه قالت:-
- وافرض إن كلامك صح، بلاش يخسر حد منكم، لكن أنا كده كده خسرنى من زمان
" ثم غادرت "

         *********
وعلى الجانب الأخر ما زال "سيف" يدفع "جاسر" ليبعده عن موقع هذان الاثنان، لا يعلم إن بقى أكثر فماذا سيفعل؟، وما أن وصل إلى غرفة المكتب سحب "جاسر" ذراعه من بين يديه فتركه "سيف" ليهدأ

- أوعى يا "سيف" بقى، أنا مش فاهم سحبتنى كده ايه، كنت سيبتنى اعمل اللي أنا عايزه
فقال محاولًا تهدئته:-
- اهدى طيب وفكر، هتستفاد إيه لما تتخانق معاه، ها قولي
فقال "جاسر" بحنق:-
- اوعى من طريقي، سيبنى ارجع هناك، أنا اصلا مش قابل الوضع اللي شوفته ولا طريقة المعاملة دى بينهم
- اهدى بس، واقعد
فقال بانزعاج:-
- إيه يا أخى البرود اللي إنتَ فيه ده، أنا مش فاهم هي ليه بتقبل منه معاملة بالشكل ده، لو حد مننا اتصرف معاها كده كانت…… كانت…
فتساءل أيضًا:-
- اهدى، اهدى، عندك حق، شيء محير فعلًا لرضاها لتعامله معاها عادى كده و كأنه طبيعى
ليقول بغضب:-
- أنا هلاقيها من "طارق" واللا من……

كتم "سيف" ضحكته وقال:-
- لأ، ده غيرتك إنتَ اللى هتقتلك

نظر له "جاسر" بغضب وقال:-
- غيرة إيه؟، إيه اللي إنتَ بتقوله ده بس، ده كان زمان، أنا……، أنا خارج اشم هوا حاسس إني هنفجر

غادر "جاسر" وترك "سيف" يحدث نفسه:-
-  وبعدين معاك يا "جاسر" أنا مش فاهم ليه بتعمل في نفسك كده، لا عايز تقرب وتفوز بيها ولا تبعد وتريح نفسك، يا ترى هتوصل معاها لحد فين، اتمنى يا صاحبى متخسرش نفسك في الأخر

         **********
جلست بمقعدها تفكر فيما حدث الأيام الماضية، حقًا هناك احداث كثيرة وبعضها لم تنتهى منه بعد، وقطع تسلسل افكارها الطرق على بابها
فسمحت بالدخول:-
- ادخل، تعالى يا "فريدة"
- صباح الخير، البريد
- سيبيه و روحى كملي شغلك، واقفة ليه؟
ثم نظرت لها وقالت:-
- عايزة إيه يا "فربدة"

أخذت نفساً عميقاً وقالت:-
- بصراحة بقى يا "نوراي" إنتِ لحد دلوقت مكلمتيش "علياء" ولا شرحتِ ليها اللي حصل، و أظن من حقها تعرف الشركة اخدت منها الصفقة ليه بعد ما كانت هتبقى ليها، أنا صحيح كلمتها، لكن برضه أنا معنديش كل التفاصيل

صمتت عقب حديثها قليلاً ثم قالت:-
- عندك حق، أنا هكلمها وكمان هعوضها، روحى وابعتيلي "سيف" لو سمحتِ، وشوفي لو هي فاضية النهاردة نتقابل احسن 
- تمام

        ***********
بعد بضعة ساعات تقابل الجميع بمقهى وسط المدينة، أرادت "نوراي" أن تعتذر منها وتراضيها على ما اضاعته منها تلك الصفقة وهنا بدأت هي الحديث

- ازيك يا "لولو" عاملة ايه، أنا عارفة إنك زعلانة بس صدقيني كل اللي حصل ده كان خارج ارادتي لأني بعد ما لغيتها رجعوها من غير ما يرجعوا ليا، افتكروها غلطة

علياء بسخرية:-
- أنا كويسة جدًا، ومكنتش اعرف إن فيه حد في الشركة ليه صلاحية غيرك لإصدار الأوامر
فقالت مراعية إياها:-
- أنا عارفة إن المفروض اكلمك وابلغك باللي حصل لكن أنا انشغلت فى اللي حصل وقتها عشان اعرف مين رجعها، بس دى عندي، هعوضك بغيرها إن شاء الله، وفي مفاجأة على مكتبك بكرة الصبح
لتجيبها باستياء:-
- لأ، لأ يا "نوراي" مش عايزة منك تعويض ولا عايزة منك حاجة بعد كده، يكفيني اللي حصل لحد كده

قالت "نوراي" بتوتر:-
- يعنى إيه!
- يعنى كفاية اللي خسرتوا لحد كده، انسي إنك كنتِ تعرفيني فى يوم، عن إذنكم
فقالت "فريدة" بصدمة:-
- إيه اللي، بتقوليه ده يا "علياء" استني، متزعليش يا "نوراي" منها، هي أكيد مضغوطة في الشغل
لتقول "نوراي" بحزن:-
- روحى وراها يا "فريدة"، إلحقيها، خليكِ معاها
لتردف "فربدة" بقلة حيلة:-
- ايوه لكن إنتِ، اسيبك ازاى بس
فأردفت مسرعة:-
- متقلقيش، أنا كويسة، روحي وراها، روحي
"تركتها "فريدة" مضطرة لتلحق بتلك الحمقاء"

أما "نوراي" شعرت أنها لم تقدر على الحركة، ولم تستوعب ما حدث الآن، هل حقًا صداقة سنوات تنتهي بين ليلة وضحاها ولأى سبب، سبب تافه و خارج عن ارادتها، ألهذا الحد صداقتهم هشة، شعرت بصداع يكاد يقسم رأسها نصفين، حاولت أن تتحرك لتعود للقصر ولكن جسدها أبى أن يتحرك، فما كان منها إلا أن هاتفت "عم أمين" السائق الذى يعمل لدى والدها ليأتى ليقلها

          *********
على الجهة الأخرى لحقت "فريدة" بتلك الحمقاء لتوقفها ولكنها وصلت إليها وهى على وشك صعودها إلى سيارتها فما كان منها إلا أن صعدت بجوارها

- "علياء" استني، إيه اللي إنتِ قولتيه ده، إيه اللي حصل لده كله، وبعدين لو إنتِ مضايقة من اللي حصل أياً كان يتحل، لكن هي متستهلش منك كده، مش لدرجة تقطعي علاقتك بيها، إلا إذا كان في سبب تاني وده الأكيد

قالت بغضب:-
- اسمعِ يا "فريدة" إن كنتِ هتستنى اوصلك تمام، لكن كلمة في الموضوع ده مش عايزة اسمع

قالت "فريدة" بقلة حيلة:-
- تمام، اسيبك تهدى الأول وبعدين نبقى نتناقش، سلام
لتقول بهدوء محاولة امتصاص غضبها:-
- استني رايحة فين هوصلك، بلاش جنان، مع إن كان المفروض تفضلِ معاها
فقالت بحزن:-
- ويهمك في إيه حالتها دلوقت مش قولتِ مش عايزة تسمعِ كلام في الموضوع ده، وهي أكيد دلوقت يعني هتطردني لو رجعت
- طيب اهدي، خلاص هوصلك
" وبدأت تدير محرك سيارتها"

          ********
جلست تنتظر أن يأتي ليقلها حينما أتى ووجدها على تلك الحال، حالها يرثى له حقًا، فماذا حدث هنا؟

- "نوراي"، "نوراي" يا بنتي، إنتِ كويسة، مالك، حصل إيه؟

انتفضت أثر سماعها صوته وسؤاله على حالها فهو حقًا رجلًا طيبًا لطالما اهتم بأمرها وأمر أولاد عمها منذ أن كانوا أطفالًا
وقالت:-
- أنا كويسة مفيش حاجة، ممكن توصلني

تحركت معه لتصعد لسيارة والدها التي أتى بها، وخلال ساعة كان قد أوصلها إلى المنزل ولكنها لم تنتبه لذلك حتى اخبرها

- يلا يا بنتي انزلي وصلنا
"هنا انتبهت للمكان الذي وصلت إليه"

وقالت:-
- لو سمحت يا عم "أمين" خد المفاتيح وابعت حد يجيب العربية من المكان اللي خدتني منه

ثم ترجلت من السيارة لتدلف منزلها وعقلها بعالم أخر، غير أنها لا ترى أمامها بوضوح حقًا، فقد كانت تترنح بمشيتها حين وصلت للداخل، ويظهر لمن يراها أنها ستفقد الوعي بأية لحظة، وحقًا، كانت ستسقط لولا ذراعه التي اسندتها، فشعرت بذلك حينما تحدث

وقال:-
- "نوراي" إنتِ كويسة

التفتت تجاهه بوجهها لترى أنه "جاسر" كيف له أن يكون هنا ويراها بتلك الحال، لما الآن، هي حقًا تكره أن يراها بهذا الضعف وتذكرت ما حدث منذ قليل واخبرت نفسها أنه السبب في أنها اكتسبت كافة العلاقات التي حولها الآن سواء عائلتها أو اصدقائها، وكل ذلك كانت تزداد متانته يومًا بعد يوم منذ أن تركها وسافر، والآن بعد عودته تشعر أنها تخسر كل شيء واحدة تلو الأخرى، فلماذا يحدث معها كل ذلك، أم هي فقط تبالغ

وهنا افاقت وانتزعت نفسها من بين يديه وقالت:-
- مش عايزة منك أى مساندة أو دعم

وتركته وذهبت وهي تضع يدها اليمنى على جانب وجهها وكأنها تذكرت الصداع الذى ينتابها على أثر افكارها وهي بطريقها للصعود لغرفتها قابلت "سيف" فتوقفت فى طريقها لتواجهه

- "نوراي" إنتِ كويسة
  وتفاجأ بما قالت:-
- شكرًا، شكرًا على إنك كنت السبب في خسارة أعز صديقة ليا
وتركته و ذهبت ليقف مذهولًا لا يعرف ماذا حدث؟
حينما غادرت اقترب من "سيف" وقال بحزن:-
- مالك يا "سيف"، فى إيه مالها قالتلك حاجة 

اخبره "سيف" بما قالت وقال:-
- مش عارف إيه اللي حصل ومين فيهم اللي…  وتذكر هنا شيء وقال بغضب:-
- مفيش غيرها بنت الشيمى
ليتابعه "جاسر" بعيناه ولكنه لام يفهم شيئًا مما تفوه به فقال مستفهمًا:-
- أنا مش فاهم حاجة، لا تكون دي البنت اللي حصل مشكلة بسببها ساعة الصفقة
ليقول مؤكدًا:-
- ايوه هي بكرة هقولك إيه اللي حصل النهاردة فعلًا يلا نطلع ننام دلوقت وبكرة يحلها ربنا

           ★★★★★

بقلم 🖋️/زهراء محمود

شجعونى وقولوا رأيكم 🤗
متنسوش الفوت 🤗

قلبي أسيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن