الفصل الخامس

31 6 0
                                    

ذهب "سيف" ل "جاسر" ليسأله أين هي "نوراي" فلم يستطيع ايجادها ليلتفتا معًا أثر سماعهم ضجة كبيرة من منتصف القاعة ليتجها تجاه ذلك الحشد ليصدما مما رأته عيناهم، فرأوا "نوراي" تقف منتصف ذلك الحشد تضحك مع الجميع وتتحدث للجميع وهذا على غير عادتها، فمن ينظر إليها يرى أنها ليست على طبيعتها، فلم يستطع "جاسر" البقاء أكثر من ذلك مكانه فذهب إليها وأجبرها على السير معه خارج ذلك الحشد وتبعه أولاد اعمامه
ثم قال بغضب:-
- "نوراي" إنتِ شاربة إيه
وضعت يدها على فمها دلالة على دهشتها مما سمعت وقالت:-
- إيه!، شربت إيه؟، أنا مش شربت حاجة، وسع كده
"ثم ابتسمت"
فأغضبته أكثر بلا مبالاتها ليقول:-
- لأ، هو إيه اللي لأ ده شكل واحدة شاربة الإزازة كلها
لتردف بدهشة:-
- هو إنت فاكرني شربت حاجة حرام
"ثم ضحكت مليء فمها تحت دهشة الجميع"
وقالت:-
- أهدى كده، ده أنتم عيال كئيبة إيه التكشيرة اللي على وشكم دي، طيب خلاص هقولكم شربت إيه، شربت عصير ....؟

صدم الجميع مما تفعل والحالة التي اصبحت عليها ثم قال "جاسر":-
-إنتِ عايزة تفهميني إن الحالة اللي إنتِ فيها دي سببها عصير، إنتِ مش حاسة بنفسك.
-مالها نفسي بقى، ما أنا زي الفل اهو إنت اللي كئيب "ثم ابتسمت"
ليردف "سيف":-
-طيب خلينا معاكِ للأخر لو إنتِ مشربتيش غير العصير، ليه عاملة كده إنتِ تقريبًا في حالة هلوسة
ضحكت "نوراي" مليء فمها تحت دهشة الجميع وقالت:-
-هلوسة
ومازالت تضحك وقالت:-
- هلوسة إنتَ بتتفرج على فيلم، بقولكم شربت عصير البرتقال اللي عزم عليا بيه اسمه ايه ده مش فاكرة
هنا تدخل "طارق" بعدما سمع من بعيد مايدور بينهم ليعلم ماذا يحدث معهم
وقال:-
-لا هلوسة يا "نوراي" ولازم تقولي شربتي إيه عشان اعرف اساعدك
لتردف ضاحكة:-
-اهو جه اهو ده بابا قالب عليك الدنيا، إنتَ مش وعدتني إنك مش هتتأخر
وأوشكت على السقوط لولا ذراع "طارق" التي ساندتها، ثم قالت:-
-أنا عايزة ارجع البيت
فقال مسرعًا:-
-كل اللي إنتِ عايزاه هنعمله بس الأول ساعدينا عشان نعرف نساعدك
ما زالت تضحك بشدة على ما يخبرونها به، ومن جهة أخرى هناك من يحترق بجوراها مما تفعل ويقف مكتوف الأيدي لا يعرف ماذا يفعل لأجلها
ثم قال لينهى ما تفعله:-
-"نوراي" كفاية كده، وركزي معايا فين كوباية العصير اللي شربتيها
كادت أن تبكي ثم قالت:-
-إنتَ بتزعقلي ليه، وبعدين اللي فين شربتها في معدتي
فلم يستطع أن يمنع الجميع كتم ضحكتهم على ما تخبرهم إياه لينظر لهم "جاسر" بتوعد لأنه علم إن استمر الوضع بهذا الشكل لن يستطيع أحد أن يفهم ما يريده فصمتوا جميعًا
ثم نظر لها من جديد وقال بغضب:-
-"نوراي" مش عايز هزار أنا، أنا سألتك سؤال فين الكوباية اللي شربتي فيها
ابتسمت وقالت:-
-هو اسمي جديد وبتجربه كل شوية "نوراي"، وبعدين إنت بتتعصب وبتجز على سنانك كده ليه إنتَ كويس
-"نورااااي"
لتقول بامتعاض،:-
-طيب خلاص متزعلش ، اهدى كده عشان افتكر
ثم اعقب "سيف":-
-اهدى يا "جاسر" شوية، إنتَ عارف كويس إنك مش هتعرف تاخد منها حاجة وهي بالشكل ده
فقال محاولًا تهدئة نفسه:-
-تمام اتفضلِ افتكري
فقالت بحزن:-
-لا أنا عايزة ارجع بيتنا
قال "سيف" بهدوء:-
-بصوا هي بيتقلب حالها في ثانية ازاي ، دي كده ينفع معاها لا هدوء ولا عصبية، دي محتاجة نجاريها
ثم صفقت بيدها فلفتت نظر من يقف بالقرب منهم، قائلة:-
-اه افتكرت أنا خدتها وخرجت برا في الجنينة
 
ليخبرهم "حازم" فورًا:-
-يلا بسرعة اتحركوا ناحيتها هتفرج الناس علينا
ليردف "سيف":-
-وده اعتقد المطلوب من الحالة اللي وصلت ليها، يلا بسرعة

وصل الجميع للباب الخلفي المُطل على الحديقة الخلفية ليبحثا معًا على الكوب المجهول، وذهلوا جميعًا من شكلها الطفولي وهي تبحث وكأنها تبحث عن لعبتها التي أضاعتها
ثم قالت بفرحة :-
-أهي لقيتها، شوفتوا بقى لما هديتوا ازاي لقيتها، بس انتوا هتعملوا بيها إيه!
ليخبرها "جاسر" مبتسمًا لأسئلتها الطفولية بعدما اخذها من يدها بمنديل:-
-هقولك بعدين لما تفوقي
فقال بحزن:-
-لا مليش دعوة عايزة اعرف دلوقت
فقال مهدئًا إياها:-
-طيب، طيب "حازم" هيجيب كيس بلاستيك ناخدها فيه عشان نعرف كان فيه إيه بالعصير
ثم التفت إليه وقال:-
- خدها واطلع بيها على المعمل عندنا وخليك فوق دماغهم
فقال يومأ رأسه:-
-تمام خلي بالكم منها
ثم التفت "جاسر" من جديد إليها ليجدها تنظر إليهم وكأنها تتعلم ما يدور حولها لأول مرة ليتعجب مما قالت:-
-اروح معاه اتفرج، عشان خاطري
فقال متنهدًا:-
-تروحي فين هي رحلة، لا خليكِ هنا عايزينك في حاجة أهم
صفقت بحماس وقالت:-
-بجد طيب قول بسرعة
فقال "سيف" مسرعًا بهمس:-
-يلا إنتَ يا "حازم" قبل ما تصمم تروح معاك
"ثم انتبها لحديث "جاسر" معها"
-قوليلي بقى مين اللي ادالك العصير؟
فقالت مفكرة:-
-مش فاكرة هو مين، بس فاكرة إن هو الوحيد اللي كان لابس بدلة بيبي بلو( أزرق فاتح)… شوفت أنا شطورة إزاي
فقال بنفاذ صبر:-
-اه فعلًا شطورة، الصبر من عندك يارب، وانتم روحوا شوفوا لسه هنا واللا لأ مش هنقدر ناخد منها معلومات اكتر من كده حاليًا، اقلبوا المكان عليه

ثم تركوهما وذهبوا للبحث عنه لعلهم يجدوه ليعرفوا ما حل بها وماذا أراد من كل ذلك
لتردف بتعجب:-
-هما راحوا فين!
فقال بهدوء:-
-راحوا يدوروا على الشخص اللي قولتي إنه ادالك العصير
فقالت بنبرة طفولية:-
-كنت سيبتني اروح ادور معاهم
فقال مبتسمًا:-
-لا احنا مش عايزين نتعبك، هم عايزنك تسني هنا معايا وهيجوا يقولوا عملوا إيه، ممكن بقى تهدي شوية
ابتسمت لما قالت ومعاملته لها مثل الأطفال ووافقت على ما قاله، ثم فجأة ضحكت مليء فمها واقتربت منه تحت دهشته، فهو يكبح نفسه منذ ساعة لما تضحك وتبتسم امام هذا وذاك وتتحدث بعفوية للجميع، ولم يكن يريد ذلك لأحد سواه فاندهش لاقترابها منه لذلك الحد، هو يعلم أنها ليست على طبيعتها حقًا لا يعلم ماذا يفعل؟
ولكنه صُدم حينما قالت:-
-هو إنتَ ممكن تمشي وتسيبني تاني
-"نوراي" أنا……….
فقالت بحزن عميق:-
-"كانت ذكراك ضد النسيان، فقد تمردت ذاكرتي عليك"
لم يستطع أن يقول شيئًا وكأن الكلمات لم يعُد لها وجود بقاموسه، فكيف له أن يحزن تلك الملاك الواقف امامه
ثم أردفت لتقول لحزن أعمق:-
-هتبقى تالت مرة يا "جاسر" إنت ممكن تمشي

استطاع أخيرًا أن يخرج كلماته التي وقفت بحلقه وقال:-
-"نوراي" إنتِ مش في وعيك نتكلم الصبح
فقالت بحزن واقتربت أكثر منه:-
-أنا معاك دلوقت وليك، إنتَ مش هتمشي صح، إنتَ………
فقال متماسكًا:-
-"نوراي" إنتِ مش في وعيك وكل الكلام اللي إنتِ بتقوليه هتندمي عليه الصبح
فقالت بقلب يتمزق:-
-يعني إنتَ بترفض وجودي للمرة الثالثة، إنت……
صمتت لبرهة وقالت:-
-"جاسر" احنا………

لم تُكمل جملتها فقاطعهم "كريم" بتلك اللحظة، ولم يستطع "كريم" أيضًا تكملة جملته بسبب نظرتها له وكأنها ستحرق الأخضر واليابس، وكأنها تقول له ما الذي أتى بك الآن، حتى قاطع "جاسر" ذلك السكون
-"كريم" ها لقيتوه؟
فقال بعدما أجلى حلقه:-
-لا لسه ملوش أثر وكأنه كان جاي عشان يقدملها العصير ويمشي
فقال بهدوء:-
-وممكن يكون موجود برضه وهي مش عارفة تدينا تفاصيل كاملة حاليًا
نظرت له بحزن عميق وقالت موجهة نظرها تجاه "كريم":-
-"كريم" ممكن توصلني للبيت لو سمحت عايزة امشي
ڤاردف "جاسر" مسرعًا:-
-لا روح إنتَ وقولهم تمام خلاص خليكم مع الضيوف وأنا هوصلها
فقالت بحزن يقطع نياط القلوب:-
-لا مش عايزة، لو سمحت يا " كريم"
فقال بغضب:-
-انتهى النقاش روح يا " كريم"
نظر لهم "كريم" لا يعرف ماذا يفعل وهو يراها حزينة لتلك الدرجة، ومن جهة أخرى نقاشهم الحاد وقبل أن يقول شيئًا أخيرًا التفت على صوتها يخبرهم بأنها ليست موافقة ولكن لم تستطيع اكمالها فقد فقدت الوعي فأسندها "جاسر" قبل أن تصل للأرض
فقال بهدوء ليظل متماسكًا:-
-روح إنتَ يا "كريم" وأنا هوصلها هي كده طاقتها خلصت، وبلغ "طارق" لو فيه حاجة لازم تاخدها يكلمني
ثم حملها وذهب معها للباب الخلفي ليصعدا للسيارة لإيصالها للقصر
          ******
وصل "كريم" لمكان تجمع الشباب وسط القاعة الرئيسية للحفل السنوي ليجدهم في قمة غضبهم
-ها يا شباب لقيتوه؟
فقال "سيف"مسرعًا:-
-لا ملوش أثر، إيه الاخبار هناك؟
فقال "كريم" بحزن:-
-مش عارف اقولك ايه يا "سيف" الجو بينهم مكهرب، مش عارف إيه اللي حصل وهي كانت حزينة أوي، وفى الأخر فقدت الوعي وأخدها "جاسر" يوصلها
فأردف بهدوء:-
-تمام، طبعًا "حازم" في المعمل ومش عايز حد يسأل عليه ولا على "جاسر" وخاصة "نوراي" انتشروا وخلي الليلة تعدي على خير، وبالذات إنتَ يا "طارق" اشغل عمك "عاصم" عنها بوجودك، لو شايفك قدامه فوق العادة طول الوقت مش هيسأل عنها كتير اتمنى
-تمام متشغلش بالك، بس الأول اكلم "جاسر" اشوف "نوراي" اخبارها ايه

فقالت "فريدة" بقلق بالغ:-
-يعني هي هتبقى كويسة يا شباب
فأجابها "سيف" مهدئًا:-
-ايوه يا "فريدة" إن شاء الله حالتها مش خطر، المهم داري على غيابها على قد قد ما تقدري وياريت تساعديها يا "قمر"
ڤأدرفت"قمر" مسرعة:-
-تمام يا " سيف" متقلقش ربنا يعدي الليلة على خير
-إن شاء الله يا "قمر" انطلقوا
            ******
على الجهة الأخرى صعد "جاسر" سيارته بعدما وضع "نوراي" بالمقعد الأمامي واحكم حزام الأمان عليها حتى لا تصطدم بشيء، وأدار محركها والتف ليخرج من موقف السيارات المخصص للحفل ليعود بعا لقصر الجارحي، فكان رأسه مليء بما حدث الليلة وما الذي سيستفاده ذلك الشخص المجهول مما فعل؟، وفوق كل ذلك ما فعلته هي به ازعجته حقًا بمرحِها ذلك امام الجميع، وأكثر ما فعلته وقالته له بالنهاية هل حقًا لم تستطع نسيانه يومًا؟
قاطع تفكيره أنينها بجواره وهمهمتها ثم استيقاظها للحظة وعندما وجدته بجوارها قالت:-
-"جاسر"
ثم ابتسمت وعادت لغفوتها من جديد وقبل أن تتعمق بها سمعها تخبره…… " ليه يا "جاسر" وذهبت في سبات حتى وصولهما للقصر ليعودا معًا بذكرياتهما للماضي
         __________

بحديقة قصر الجبالي مُلأت بالبهجة والفرح بلعب اطفالهم كل واحد على طريقته فكان "سيف" ذو العشرة أعوام يلعب مع أخيه "حازم" ذو الثمانية اعوام وابن عمهتم "طارق" ذو الخمسة اعوام ، وتشاهدهم من بعيد "نوراي" ذو الخمسة اعوام التي رأتها والدتها تجلس بمفردها لتقترب منها
وقالت:-
-حبيبتي ليه مش بتلعبي معاهم؟
لتقول بحزن:-
-عسان(عشان) هم مس(مش) بيحبوني ألعب معاهم بيقولوا عسان(عشان) إنتِ بنت وأنا كمان مس(مش) بحبهم عسان(عشان) بيتريقوا عليا كتيير
-طيب تعالي وأنا هكلمهم
فقالت بحزن أكبر:-
-لا يا ماما مش عايزة ألعب معاهم كل مرة بيقولوا حاضر بس……
-بس إيه؟
لتحاول الهرب من الإجابة قائلة:-
-ولا حاجة، أنا……، أنا هروح اسوف(اشوف) دادة باسلة فين
حزنت "هدى" لحال ابنتها فهي دائمًا بعيدة عن أولاد اعمامها ولا تعلم كيف تقربهم منها، فقررت أن تخبر "عاصم" ليجد معها حلًا، فلم تعُد تستطيع رؤية ابنتها على تلك الحال
بعد أيام أتي "عاصم" يبحث عن ابنته ليجدها تجلس بركن الحديقة فذهب إليها ونادا باسمها فأتت إليه راكضة مبتسمة فحملها وقال:-
-حبيبت بابا قاعدة لوحدك ليه
-مفيس( مفيش) بس ماما وعدتني إنها تلعب معايا لكن يظهر إنها مسغولة( مشغولة)
-طيب ما تروح تلعب معاهم هناك
-لا مس (مش) عايزة
فقال بهدوء باسمًا:-
-طيب عندي اقتراح صغير زيك كده اتمنى إنك توافقي عليه
فقالت بتفاخر لطيف:-
-قول قول متخافس( متخافش)
ابتسم وقال:-
-احنا هنحل مشكلة صغيرة عندك بس محتاجة منك شجاعة
-قول أنا سجاعة(شجاعة) جدًا
-هنروح لواحدة صحبة ماما هتحل ليك حرف ال (ش) إيه رأيك؟
فقالت بحماس:-
-وانطقه صح زيكم كده
-ايوه ومن غير ما تغلطي فيه أبدًا
صفقت بيدها دليل على حماستها والفرحة بعينيها لم يتسع لها قلبه لفرحتها
وقالت:-
-خلاص يا بابا أنا موافقة، موافقة كبيرة، سوف(شوف) تحب نروح امتى وقولي
ثم وضعت يدها على فمها لنطقها الخطأ ليبتسم وتبتسم معه ليضحكا مليء فمهما على ما قالت

بعد بضعة أيام أتت "نوراي" للقاعة الرئيسية لتجد الجميع مجتمع معًا فنظرت تجاه والدتها لتفهم من هؤلاء الذين يرحبون بهم بشدة
انخفضت "هدى" لمستوى ابنتها وقالت:-
-ده عمك "عمر" وطنط "نهى" مراته وابنهم "جاسر" كانوا مسافرين فترة ورجعوا خلاص
اقترب "عمر" منها مشيرًا إليها وقال:-
-بنتك يا "عاصم" ما شاء الله عليها ربنا يبارك لك فيها
-ويبارك لك في ابنك وبنتك
فابتسم وقال مرحبًا بها:-
-تعال سَلمِى عليا
اختبأت وراء والدتها وتمسكت بملابسها فقالت والدتها بحزن:-
-معلش يا "عمر" اديها فرصة تتعود عليكم
-أكيد براحتها
__________
حينما كان يلعب الأطفال معًا واخبارهم ل "جاسر" أن يشاركهم اللعب فهو بعمر "سيف" فأشار لهم بالموافقة وبعد لعبه معهم بضعة أيام لاحظ وجودها تشاهدهم دومًا من بعيد فتركهم واقترب منها
وقال:-
-ازيك يا "نوراي" إنتِ ليه مش بلعبي معانا
جاوبته بعدما قررت أن تحدثه:-
-الحمدلله، مس( مش) بلعب معاهم عسان (عشان) هم مس(مش) بيحبوا يلعبوا معايا
كتم ضحكته على طريقتها فلم يستطع ذلك لتغرورق عيناها بالدموع ليسرع ويخبرها:-
-أنا آسف حقك عليا مكنش قصدي اضحك متبكيش
لتواصل بكاءها:-
-كلكم بتضحكوا عليا أهيء أهيء
ليحاول أن يطبب حزنها قائلًا:-
-خلاص متزعليش، وبعدين أنا بضحك عشان إنتِ لذيذة وإنتِ بتقوليها، اقولك على حاجة أنا هساعدك تصلحيها كمان
فقالت بفرحة:-
-بجد
ثم تابعت بجدية حاولت رسمها:-
- وبعدين إيه لذيذة دي هو أنا شيكولاتة
فقال مشجعًا لها:-
-لا إنتِ أحلى، بس أنا هساعدك مقابل إنك تيجي تلعبي معانا
فقالت بتراجع:-
-لكن……
نظر ففهم ما رمت إليه وقال:-
-ملكيش دعوة أنا ليا طريقتي
-ماسي( ماشي) موافقة
       ________
مرت ثلاثة اعوام اقتربت "نوراي" من الجميع بشدة تحت مرأى الجميع وفرح والداها بذلك كثيرًا وتخطت خطأها في النطق
-"جاسر" تعال تلعب شطرنج
-لا يا "نوراي" مش دلوقت روحِ إلعبي معاهم وأنا هشوف ماما كانت عايزاني ليه وهاجي
-تمام
مرت أيام شعرت فيها "نوراي" أنه يتجنبها لما يفعل ذلك!، ما الذي فعلته؟، فذهبت لتبحث عنه حتى وجدته
فقالت بحزن:-
-"جاسر" استنى هو إنتَ زعلان مني
فقال بهدوء:-
- لا، مين اللي قالك كده
فأردفت مستفسرة:-
-امال ليه مش بتتكلم وتلعب معايا زي الأول
فأعقب بلامبالاة:-
-مفيش حاجة روحي إلعبِ دلوقت.
ثم تركها وذهب تاركًا إياها في حيرتها

-حقيقي أنا مش فاهم يا "عمر" ليه ابنك مصمم يدرس في مدرسة داخلي الكام سنة دول
-ولا أنا صدقني، أنا حاولت معاه اكتر مِن مرة أنا مش فاهم ليه مصمم وكمان "نهى" بتشجعه وده غريب وهي روحها فيه
-خلاص سيبه على حريته لما يفتقد الجو اللي كان عايش فيه هيطلب يرجع لوحده
-ياريت يا "عاصم"
        ________
جاء اليوم الذي سيغادر فيه "جاسر" لا تعلم "هدى" كيف تخبر ابنتها
-"نوراي" تعالي شوية
-نعم، فيه حاجة يا ماما
-لا بس كنت عايزة اقولك حاجة
-قولي؟
-"جاسر" هيمشي يروح مدرسة داخلية
صُدمت مما سمعته الآن لماذا سيذهب اهو بسببها وقالت بحزن عميق:-
-ليه يا ماما هي المدرسة اللي بنروحها مش حلوة، طيب أنا زعلته هو مش بيتكلم معايا بقاله كام يوم، طيب يقولي لو زعلان
فقالت بحزن لحال ابنتها:-
-لا يا حبيبتي هو اللي عايز كده، وهو أخر يوم ليه النهاردة هيخرج كمان ساعة
لم تقول شيئًا بعدما سمعتها وظلت صامتة ساكنة تلك الساعة، ثم انتبهت على خروجهم جميعًا لتوديعه لتنهض من مكانها
وقالت بحزن عميق وهى على وشك البكاء:-
-يا "جاسر" ليه طيب؟، لو إنتَ زعلان مني قول وأنا مش هزعلك تاني بس خليك هنا
ليردف بهدوء:-
-بس أنا مش زعلان منك
فتابعت باكية:-
-طيب ليه هتمشي
تنهد بعمق وقال:-
-عشان لازم امشي، عشان فيه حاجات حلوة هنا مش عايز اخسرها
فتساءلت:-
-أنا مش فاهمة طيب ليه، طيب خليك ومش هزعلك متمشيش، أنا……
وانهارت باكية ولم تُكمل جملتها ليردف "عمر":-
-يا ابني اسمع كلامنا كل دول مش عجبينك
ليردف بحزن:-
-عشان خاطري يا بابا متصعبهاش عليا
-ليه فهمني؟ إنتَ مش شايف نفسك عامل ازاي
ليحاول "عاصم"تهدئة شقيقه:-
-اهدى يا "عمر" مش كده صحتك
ليقول بحزن:-
-اعمل معاه إيه طيب اديك شايف
-سيبه زى ما قولتلك هيرجع لوحده

ثم ذهب لأنه إن بقى دقيقة أخرى لن يستطيع المغادرة، ذهب…، ذهب على مرأى من الجميع ومن ضمنهم تلك الصغيرة التي تشبثت به منذ أول مرة قدم يد المساعدة لها، فانهارت باكية وعلى لسانها جملة واحدة
-متمشيش، مش هزعلك تاني
فكيف يخبرها أنها لم تحزنه بشيء، حتى انهارت بين يدي "هدى" فصعدت بها لغرفتها"
        __________
وصلا للقصر واصطف سيارته امام الباب ونزل بعدما فك حزام الأمان الخاص بها ليلتف للإتجاه الأخر ليفتح الباب ويوقظها لتدلف للداخل حينما سمعها تقول بهمس
-متمشيش، مش هزعلك تاني
-"نوراي" اصحي، ها اصحي محدش هيمشي أنا هنا اصحي
اسيقظت على صوته وعلى وجهها علامات النوم والإرهاق لتقول:-
-سيبني انام شوية
-"نوراي" هتنزلِ حالًت واللا اشيلك لحد فوق
لتفق من غفوتها قليلًا على قوله:-
-إيه؟ لا خلاص هنزل
علم أنها واعية بعض الشيء وسترفض ذلك فأيقظت حالها أكثر وترجلت مِن السيارة على مهل تترنح أثر النوم والإرهاق ليتبعها محاولًا ألا تسقط حتى صعدا للطابق الخاص بغرفتهما وصلا إلى غرفتها واخبرها أن تدلف إليها وتستريح، فأومأت برأسها علامة على الفهم، فتركها وذهب تجاه غرفته وما هي إلا دقيقة حتى وجدها خلفه
-فيه إيه تاني نسيتي حاجة!
فهمست له:-
-لا بس فيه حد في الأوضة جوه
فتعجب لقولها زقال:-
-أوضة مين؟ أوضتك
-ايوه
-متأكدة
أومأت رأسها بنعم وقالت:-
-لا مش متأكدة بس إنتَ هتسيبه جوه
فقال بنفاذ صبر من تلك الليلة:-
-لا مش هسيبه ازاي مينفعش تعال ورايا

ذهبت وراءه حتى وصلا لغرفتها فتركها على بابها ودلف للداخل ليرى ذلك الشخص الذي تخبره أنه بالداخل، ثم خرج لدى الباب واخبرها
-"نوراي" مفيش حد ومفيش حاجة المكان زي الفل، تقدري تدخلِ
-فعلًا، امال مين اللي كان هنا
-اعتبريه من ضمن هلوسة اليوم، أمان، الدنيا أمان، ادخلِ بقى
دلفت على مهل تتلفت يمينًا ويسارًا ببطء حتى وصلت للداخل
فقال عقب دلوفها:-
-شوفتِ أنه مفيش حد، يلا ادخلِ خدي شاور وفوقي كده عشان ترتاحِ وتنامي شوية
فقالت بخوف:-
-إنتَ رايح فين؟
-رايح أنام، محتاجة حاجة تاني!
-لا، خليك معايا، أنا خايفة يرجع تاني
-طيب روحي بس إنتِ، وانا هفضل هنا يلا بقى
فقالت ببراءة:-
-وعد.
فقال بصبر على وشك المفاذ:-
-يارب، ايوه وعد، روحي بقى
بمجرد دلفوها للحمام خرج من غرفتها وذهب للأسفل لدي دادة باسلة مهرولًا
-مالك يا بنى بتجري كده ليه؟
-مفيش، بس معلش هتعبك معايا، اطلعِ معايا عند "نوراي"
-فيه إيه يا بني، حصل حاجة
-هحكيلك تعالي بس قبل ما تخرج وتعمل مشكلة جديدة
وصلا قبل أن تنتهي مما تفعل، وقصَّ "جاسر" على "باسلة" ما حدث الليلة بالحفل حتى الآن، ففهمت لما جاء إليها حتى لا يبقى معها بمفرده، ثم انتبها على صوتها
-"جاسر" إنتَ فين؟، إنت قولت مش هتمشي
فأوشكت على البكاء حينما دلفا الاثنان معًا على صوتها
-اهدى، اهدى أنا هنا اهو، يلا بقى ادخلي نامي عشان تفوقي من كل ده
فقالت وهي على وشك البكاء:-
-هتمشي……، هــ……
فأردف مهدئًا لها:-
-لا أنا هنا اهو، ودادة باسلة كمان نامي إنتِ بس.

ذهبت إلى مخدعها وبمجرد أن وضعت رأسها على وسادتها غطت بنومٍ عميق ودثرتها "باسلة جيدًا ثم خرجا من الغرفة ليصطدما بوالدها فأوقفه "جاسر" وهدئه حتى لا يوقظها فالليلة كانت مرهقة وطويلة على الجميع، فأخبره أن يطمئن عليها دون أن يوقظها فلن يحتمل احد نوبة أخرى من جنونها وهلوستها الآن
بعدما اطمئن والداها عليها ذهب الجميع لينفضوا عنهم عناء اليوم.
               ******
استيقظ الجميع على نيران تحاوط القصر من كافة الاتجاهات وهروب الجميع يحاولون الخروج من بين النيران حتى اجتمعوا جميعًا ثم نظرت "نوراي" للجميع لتتأكد أنهم جميعًا بالخارج لتصرخ باسمه فما زال بين النيران لم يستطيع الخروج، لتصرخ باسمه " جاسر"
                ★★★★★★

بقلم 🖋️/زهراء محمود 

فوت وكومنت للتشجيع 🫣🤗
قولوا رأيكم 🫣 🤗      

قلبي أسيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن