١١/ الاول والاخير(( الفصل الاخير))

8.9K 244 9
                                    

وصل جان الى حيث جلست لورين , نظر اليها نظرة قاسية خالية من الشفقة وقال بلهجة واثقة:
"كنت واثقا أنني سأجدك هنا".
ابتسمت له ابتسامة خبيثة كأنها نمرة تتوثب للأنقضاض على فريستها , قالت:
" أنت! (تنهدت تنهيدة عميقة) لماذا لا تتركني وشأني؟ أريد الأنفراد بنفسي والأبتعاد عن جميع الناس وخاصة عنك".
وقف جان صامتا جامدا كأنه لم يسمع قولها.
" أرجوك أذهب لسبيلك( رغبت أن تجرحه بكلامها) وبذلك تكف عن ايلامي وتعذيبي , ألا يكفيك ما فعلته معي؟ لديك سلسلة كاملة من القصص المسلية تكفيك لتبلغ سن الشيخوخة , وتستطيع أن تتسلى بسردها على أصحابك ... لقد انتهت التمثيلية الهزلية وكنت بطلها .( ارتفع صوتها حادا وصرخت بغضب) أذهب, أذهب عني".
" أرجوك يا لورين أن تنصتي الى ما سأقوله".
" أنا أنصت اليك؟ وأستمع لأكاذيبك من جديد؟ لماذا؟ كيف تستفزني بالكلام وتسجل عليَ أقوالي على هواك ؟ ومن يدري ربما تنشر أقوالي في الصفحة الأولى من جريدتك لتؤمن مزيدا من البيع...".
" هل أنتهيت؟".
"لا!".
جلس قربها على الأرض بالرغم من أن المطر يهطل والرطوبة في كل مكان وقال:
"حسنا , أستطيع أن أنتظر حتى تنتهي من هجومك".
" نعم سأكمل وسأطلعك على سري , لقد انتصرت في الوصول الى أهدافك , سأخبرك بما فعلته بي منذ دخلت حياتي, لقد ... عزلتني كليا عن جميع أصحابي... جعلتني وحيدة, بتً لا أحتمل وحدتي , جعلتني أحس بها , صحيح أنني كنت وحيدة قبل أن تدخل حياتي ولكنني كنت سعيده بوحدتي ... أما الآن فأنني غير سعيدة لكوني وحيدة , لقد حرمتني أصدقائي واحدا واحدا: هوغ وآن وأخيرا ماتيو".
" أخبريني الحقيقة! ما هو شعورك بالنسبة لماتيو(صمت) هل أحببته؟".
لم تجبه على سؤاله , رفع رأسها بيده وأجبرها على النظر اليه وكرر سؤاله:
" هل أحببته؟".
لم تجبه , هزت رأسها نفيا وقالت:
"لم أنته من كلامي(تجاهلت سؤاله) لقد سرقت مني ثقتي بنفسي , سلبت مني مبادئي وآرائي وأستبدلتها بآراء جديدة حتى أصبحت ضائعة بين المبادىء القديمة والحديثة".
اختفى صوتها من شدة الغضب والصراخ وتمتمت:
" لقد ضعت كليا( بلعت ريقها بصعوبة وانسابت دموعها على خديها) لقد حطمت سمعتي في المدرسة وطردت من عملي , عليَ أن أفتش عن عمل جديد في مدرسة أخرى.( التفتت اليه والشرر يتطاير من عينيها) وكنت أنت السبب المباشر".
" أنت مخطئة يا لورين... مخطئة في كل ما تقولين (حدق في العتمة وأكمل) لن يعجبك دفاعي ... ولكن صدقيني أنني اكتشفت ما حصل مؤخرا بعد أن خرجت الأمور من يدي ولم يعد بالأمكان التراجع ... لم أستطع أن أفعل أي شيء حيال ما حدث في الجريدة , لو كان بأمكاني أن أوقف المطبعة عن عملها لفعلت دون تردد".
" وهل تنتظر مني أن أصدقك ؟ أنا أعرفك حق المعرفة وأعرف أن أخلاصك لعملك يأتي قبل كل أعتبار ... وماذا بشأن الصور التي نشرت؟ والصورة التي أخذت في حديقة المنزل... من صوَرني غيرك".
" أعترف أنني أخذت تلك الصورة بنفسي...".
" يمكنك أن تعترف أيضا أنك عرضتها على زملائك في العمل واقترحت عليهم نشرها مكبرة في الصفحة الأولى ... ما تفسيرك ؟ كيف ستحل هذا اللغز؟".
" حسنا . سأقول الحقيقة, كنت أحمل صورتك في محفظتي...".
التفتت اليه مذعورة وصرخت:
" ولماذا؟".
" لماذا ؟ ألا تعرفين السبب الذي يجعل شابا يحمل صورة فتاة جميلة في محفظته؟".
" لتتباهي بها أمام زملائك ... مع صور صديقاتك اللواتي يبلغ عددهن العشرات. كنت تغير صديقاتك باستمرار ... أو زهورك كما تسميهن... أنا لست واحدة منهن... لقد قلت لي ذلك بنفسك في عيد الميلاد".
مد يده الى جيوبه وأخرج محفظته ورماها الى الأرض بعصبية وقال:
" اليك محفظتي , أنظري بداخلها لتري بنفسك عدد صديقاتي ".
حملتها لورين بيدها وفتحتها وحدقت بداخلها وقالت:
" وهل تسمح لي بالنظر الى محفظتك؟".
" نعم, فأنا أثق بك أكثر مما تثقين بي".
لامست لورين نعومة الجلد الثمين وتنسمت رائحة سكائره المفضلة, وبعد أن تفحصتها رمتها أرضا من جديد وقالت بخبث:
" لقد سحبت من داخلها صور فتياتك وخبأتها في درج مكتبك قبل أن تحضر الى هنا... والا لم تكن لتسمح لي بالنظر اليها".
مد جان يده الى الأرض والتقط محفظته وأعادها الى جيبه, كان في قمة غضبه بحيث أنها لم تره على هذا الحال أبدا , نظر اليها قائلا:
" لسانك يقطر سما , لقد ابتلعت كمية كبيرة مما سمَم جهازك بكامله(قال ساخرا) يا عزيزتي الآنسة فارس , لقد أصبحت بأسلوبك وأفكارك وعنادك نسخة مصغرة عن رئيستك في المدرسة , لقد صممت أذنيك عن سماع الحقيقة...".
هزتها هذه الحقيقة المرة وزاد سيل دموعها في العتمة.
قال:
" لقد استمعت اليك صابرا , سمعت جميع أتهاماتك ولكنك لا تريدين أن تستمعي لدفاعي ووجهة نظري في الموضوع , أنت حقا تريدين أن تبقي وحيدة... حسنا... سأتركك وحيدة وستبقين كذلك الى نهاية العمر".
تركها في مجلسها ومشى مبتعدا وسط العتمة والصمت.

🎉 لقد انتهيت من قراءة روايات احلام/ عبير : لا احد ســــواك 🎉
روايات احلام/ عبير : لا احد ســــواكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن