بقيت لورين تتقلب في فراشها دون أن تستطيع النوم, من الواضح أن جان عاد لمتابعة الحفلة الراقصة ولم يعد الى المنزل قبل الثالثة بعد منتصف الليل, وبعد أن صفق باب غرفته وراءه استطاعت لورين أن تغفو.
في اليوم التالي استفاقت كئيبة تعبة تحس ألما في رأسها, تناولت بعض الأقراص المسكنة للألم علها تتغلب على وجع رأسها وتستعيد بعضا من نشاطها وتوازنها لتستطيع استقبال الزائرين , جيمس وابنه ماتيو.
رأت بريل وجه لورين الشاحب ولكنها لم تعقب بشيء ما, ساعدت لورين والدتها في ترتيب البيت وتنظيفه والطبخ وبقية أعمال المنزل ... مما شغل تفكيرها وأبعده عن مشاكلها العاطفية , عملت جهدها أن تبعد عن طريق جان قدر المستطاع , وربما هو أيضا حاول الأبتعاد عن طريقها وتجنبها.
صعدت لورين بعد الظهر الى غرفتها لتهيء نفسها لأستقبال الزائرين, لبست ثوبا من الصوف الأزرق الغامق كانت قد اشترته مؤخرا , وضعت بعض مساحيق التجميل الخفيفة على وجهها , وتركت شعرها منسدلا على كتفيها , نظرت الى شكلها في المرآة ورأت بعض الشرود في نظراتها ... وهي تعرف أسبابه جيدأ.
التقت جان في الممر وهي في طريقها الى غرفة الأستقبال , كان مشعث الشعر وربطة عنقه ملتوية وذقنه دون حلاقة... قفز قلبها من مكانه وهي تنظر اليه, لم يبتسم لها وهي أيضا لم تبتسم , حدق فيها وحدقت فيه دون كلام.
وبعد فترة صمت قال بجدية:
" أهلا لورين...".
" أهلا جان..".
مرت بسرعة فلامست ذراعها ذراعه عفوا وابتعدت عن بعصبية واضحة , لم يتحرك من مكانه.
كانت بريل تقف في أسفل السلالم تراقب المشهد, بقي جان مكانه لم يتحرك, قالت بريل تخاطبه:
" سيحضر جيمس لتناول الشاي مع ابنه ماتيو... أريدك أن تتعرف اليهما ويسرنا أن تبقى لتتناول العشاء برفقتنا...".
" أشكرك يا سيدة فارس ولكنني مشغول ولا أستطيع مشاركتكم ولكنني أحب أن أتعرف اليهما".
" كما تريد , يمكنك أن تقابلهما لفترة وجيزة قبل ذهابك اذا رغبت".
دخلت بريل الى المطبخ وتبعتها لورين لمساعدتها.
قالت لورين تخاطب والدتها:
" شكلك جميل الليلة يا أماه , وتبدو السعادة واضحة على محياك , هل هناك مناسبة معينة؟".
" نعم, لقد تقدم جيمس طالبا يدي للزواج البارحة..".
" وهل وافقت؟".
هزت بريل برأسها موافقة وقالت"
" هل يزعجك قبولي؟".
أمتلأت عينا لورين بدموع الفرح ولفت والدتها بذراعيها وعانقتها قائلة:
" أنا مسرورة جدا يا أماه, وكنت أنتظر هذه النهاية السعيدة...".
شاركتها بريل دموعها ولكنها أخفتها بسرعة وقالت لورين من جديد:
" أذن نحن نحتفل اليوم بمناسبة سعيدة...".
هزت بريل رأسها موافقة وقالت:
" أراد جيمس أن يحضر ابنه ماتيو هذه المناسبة السعيدة, وأنا رغبت مشاركتك لي فرحتي... نحن الأربعة فقط".
" اليوم سألقى أخي... الشقيق الذي تمنيت وجوده في حياتي...أخيرا سأحصل على رغبتي".
ضحكتا كثيرا , ثم سمع جرس الباب الخارجي, قامت بريل وفتحت الباب للزائرين المنتظرين, وقف جيمس دافئا حنونا يبتسم, وفتح ذراعيه لبريل وابتسم محييا لورين.
وقف ابنه ماتيو بالقرب منه, كان أطول منه قليلا , ممشوق القوام , كثيف الشعر وعيناه ضاحكتان كعيني والده.
أغلقت بريل الباب الخارجي وتم التعارف بين الجميع وتصافح ماتيو ولورين.
قال ماتيو:
" لم أكن أتصور أنني بعد ثلاثين سنة من عمري ستكون لدي شقيقة (عبس بشكل تمثيلي) لن تتشاجري معي ولن تعضينني يا لورين, أليس كذلك؟".
ضحك الجميع وعلق جيمس قائلا:
"لا تكن أحمق يا ماتيو فهي ليست شقيقتك...".
" صحيح , وربما هذا لحسن حظي أيضا...".
" لا تتسرع يا ولدي ودع الأمور تأخذ مجراها".
دخلوا غرفة الجلوس وطلبت بريل من جيمس أن يجلس قربها على الأريكة ففعل , وجلس ماتيو أمامها.
قالت لورين:
" نتناول الشاي؟".
نظرت الى الجميع تستطلعهم الرأي.
فقالت بريل:
" هل يمكنك يا عزيزتي أن تسألي جان ان كان يريد تناول الشاي معنا؟ وذكريه بوعده للقاء جيمس وابنه ماتيو في وقت لاحق قبل مغادرته".
شرحت بريل لماتيو أن لديها مستأجرا شابا, وهو صحافي ... قررت لورين أن تقدم الشاي للجميع دون أن تسأل جان, ستحمل له فنجان الشاي وبذلك ستراه مرة واحدة فقط.
قرعت بابه قرعا خفيفا وبدأ قلبها يضرب ضرباته القوية , فتح لها الباب وتناول فنجاي الشاي من يدها وشكرها , بدا التعب واضحا على قسمات وجهه, سألها:
" هل حضر الزوار؟".
" نعم, وتذكرك والدتي بوعدك في ملاقاتهما قبل رحيلك".
هز جان رأسه موافقا وقال:
" حاضر, وشكرا على الشاي".
أغلق الباب في وجهها وشعرت كأنه صفعها صفعة شديدة دون أن يدري, نزلت غاضبة الى غرفة الجلوس وقد خاب أملها وازدادت كآبتها, الجميع في غرفة الجلوس يمرحون ويضحكون ويثرثرون وهم يشربون الشاي, تركتهم لورين ودخلت المطبخ تحاول أن تتلهى بتحضير الطعام ووضع آخر لمساتها هنا وهناك, ولما حان موعد العشاء دعتهم الى غرفة الطعام وقامت على خدمتهم بلباقة واحترام. وبعد أن فرغوا من تناول العشاء صنعت القهوة وطلبت اليهم تناولها في غرفة الجلوس.
قالت بريل:
" نادي جان ليتناول قهوته معنا".
نزل جان وقد رتب نفسه وحلق ذقنه وشد ربطة عنقه , سلم على الجميع وحمل فنجان قهوته بعد أن أضاف اليه قطعة سكر, وشكر لورين بطريقة مهذبة.
حاولت أن تقرأ تعابير وجهه ولكنها لم تفلح , حدقت في عينيه والتقت نظراتهما, وأحست سرعة هائلة في نبضها , استدارت لتخفي ارتباكها...
تناول جان قهوته بتأن وهو يتجاذب أطراف الحديث مع ماثيو , بينما كان جيمس يتحدث مع عروسه وهو ممسك بيديها بحنان ومودة ظاهرين.
أنت تقرأ
روايات احلام/ عبير : لا احد ســــواك
Romanceالملخص " لن تكوني زهرة في حديقتي أبدا" كان يردد لها هذا بينما يجمع الأخريات الأشد جرأة منها في باقات زاهية سرعان ما تذبل وتأخذ طريقها الى زوايا النسيان. وعندما دخل حياتها المقفرة كسحابة واعدة بالمطر, أحبت لورين الصحافي الشاب جان داربي . بكل جوارحها...