على طريق تمتد على مد البصر سارت بهدوء سيارة سوداء و بين أشجار طويلة تكاد تخترق السحب مشت، و بين أغصانها شديدة التشابك كثيفة الأوراق إختفت...
الجو صاحٍ، سماءه صافية قليلة الغيوم، و شمسه تتوسط كبد السماء معلنة منتصف النهار.
على المقعد الجلدي في الخلف جلست الطفلة هادئة تراقب والديها و هما يعصفان غاضبين في وجه بعضهما البعض، لم تر يوما والدها بذلك الغضب و لا والدتها بذلك القهر، صوت المذياع يغدو و يروح لكن بالها منشغل عنه تماما... ها هي ذي تمسك بدميتها بين كفيها الصغيرتين... تشد عليها حتى تغوص أصابعها الصغيرة داخل قماشها العتيق. بعينين ممتلئتين بالدموع تشاهد ما يحدث و كأنها تشاهد عرضًا ما... فيلما أو مسلسلا يشابه المسلسلات التي تدمنها والدتها، تحاول جاهدة أن تعزل نفسها عما يحدث داخل تلك السيارة، كل ذلك الصراخ و العتاب يبدو الآن غير حقيقي، غير قادر على الوصول إليها... أولئك ليسا والديها، و تلك ليست حياتها، تغمض عينيها و سرعان ما يتباطىء نفسها، ترسم داخل مخيلتها مشهدا دافئا ساكنا بعيدًا عن هناك، حتى إذا ما فتحت عينيها مجددا وجدت أشخاصًا مختلفين.ترى والدتها و هي تمازح والدها بلطف ثم ما تلبث أن تستدير إلى الخلف نحوها، تمسح على خد الصغيرة بلطف ثم بنبرة حانية تسألها إذا ما كانت جائعة فتهز الصغيرة رأسها نافية. والدها يشارك الراديو الغناء بصوته الأجش دون إكتراث لتوسل إبنته له بالتوقف عن الغناء... "إنك لا تجيد الغناء يا أبي، فلتتوقف!" تردد و هي تغلق كلتيّْ أذنيها بيديها فيضحك والدها و تشاركه والدتها الضحك، فتبتسم الفتاة الصغيرة و تخرج رأسها من النافذة تطل...
لم تتبين ما كان ذلك بالتحديد لكنها تدرك أنه كان حيوانا كبير الحجم نوعا ما، لمحته لبرهة و هو يخرج من بين الأشجار فيركض نحو الطريق... حدث كل شيء بسرعة كبيرة و قبل أن تتاح لها الفرصة لتتذكر كيف كان شكل هذا الحيوان أو لماذا كان يركض بتلك السرعة، كان الأوان قد فات بالفعل. لم يتمكن عقلها الصغير من استيعاب ما يحدث بتلك السرعة...
سمعت والدتها تصرخ "انتبه!"تحذر والدها الذي حاول إبعاد السيارة لكنه لم يتمكن من ذلك... إنحرفت السيارة و فقد بذلك السيطرة عليها. و في لحظة شعرت الصغيرة بأن الوقت قد توقف و بأن العالم أجمع قد صمت مذهولا! شعرت بقوة تسحبها إلا أن حزام الأمان منعها من ذلك، و هكذا طارت ذراعاها الصغيرتين فوق رأسها بينما انقلبت السيارة في الهواء قبل أن تصطدم بالأرض!
"أمي... أمي!" صرخت و هي تنظر إلى والدتها التي تحول وجهها إلى اللون الأحمر بسبب جرح مفتوح في جبهتها. ثيابها غارقة في الدماء و منظرها يوحي بأنها لم تعد تتنفس. لم تستجب والدتها إلى نداءاتها المتكررة و لا والدها الذي طار مخترقا الزجاج الأمامي للسيارة.
بحثت عنه لوهلة قبل أن تلمحه مرميا على الأرض، كان لا يزال واعياً حينها، رأته يحاول الزحف عائداً إلى السيارة نحوهما، كان فمه يتحرك و كأنه يستغيث بشدة و لكن كل ما خرج من فمه كانت دماءه. زحفت الفتاة الصغيرة من السيارة بصعوبة و مشت نحوه بخطوات ثقيلة عرجاء، لكنها حاربت ألمها الشديد الشي جعلها تئن بصوت مسموع، تمكنت من الوصول إليه في نهاية المطاف و عندما وصلت سقطت على ركبتيها و حاولت جاهدة مساعدته على الجلوس... كان ثقيلاً جداً و هشاً جداً، في كل مرة حاولت أن تحمله على الجلوس كان يصرخ بفعل الألم و قد حطم ذلك قلبها الصغير و جعلها تبكي بصوت عالٍ.
أنت تقرأ
LOKI : Meant To Be
Fanfictionيقع لوكي، إله الخداع ضحية حب فانية. "... و إن كان حبك نارا كما تدعين... فإني رجل ولد من رحم الجحيم، لا أهاب النيران و لا يرعبني لهيبها، لا يخيفني حرها و لا أمانع الإحتراق... دعيني أحترق, بل إني أتوسلك أن تدعي نيرانك تطهرني... تمحو من جلدي كل أثر ترك...