الجزء 17: حديث العيون

118 7 7
                                    

ليس هنالك مثيل لهاته الفرحة التي يمتلىء بها قلبي الآن... لا عمق و لا حدود لها...

ها أنا ذا أركض... نحوه... إليه، أركض بكل ما فيّ من حب و شوق... أركض ضاحكة كمن يركض نحو حريته فما إن تلمحه عيناي حتى أمكنني التنفس أخيرا....

لقد عاد. و فجأة... بدا كل شيء على ما يرام! بدا العالم مسالما و هدأ كل ضجيجه.

لم يعد بإستطاعتي رؤية أحد غيره، العالم خاو إلا منه هو... إنه كل ما أراه، إن المكان المزدحم في حضوره يغدو فارغا... ليس هناك سواه و إياي .
لقد اختفت الوجوه الكثيرة، و سكنت كل الضوضاء العالية فلم أعد أسمع إلا صوت نبض قلبي هو ينبض بسرعة و بصوت عالٍ  يخفق بين أضلعي فأتساءل... أتراه يستطيع سماعه أيضا؟

حين تلاقت أعيننا صام لوكي عن الكلام و تجمدت أنا دون حراك، و مثل شهيد في ساحة معركة شهقت حينما اخترقت قلبي سهام عيناه الحادتين فابتسم هو لصراعي... في تلك اللحظة عرفت و تأكدت، و صرت أعلم يقينا بأنه قد إستطاع أن يرى من خلالي و عبري و أن كل تنكراتي كانت تسقط أمامه الواحدة تلو الأخرى... إنني متأكدة تماما من أنني أحبه و بشدة.

لست أدري سبب شعوري بالخجل الشديد، و و لا بالإنتهاك! لست أرغب إلا بأن تظل أسراري أسرارا! أردت أن أبقي هذا الحب بيني و بين نفسي... لكنه الآن قد عرف!

إن الصمت الذي تشاركناه لصاخب، أفواهنا محكمة الإغلاق لكن عيوننا تأبى السكوت، و لعل أصدق الكلمات هي تلك التي تقال في الصمت... و ها أنا ذي أقف صامتة في حين يصرخ قلبي مناديا باسمه.

أقف وسط الحشد... أراقبه من بعيد كمن يراقب نجما....
أرى ذراعا أودين و هما تضغطان عليه بلطف، يدفعانه نحوه، و كالطفل الذي إهتدى إلى منزله بعد الضياع يهدأ لوكي و يسكن في حضن أبيه أودين، ​يريح ذقنه على كتفه ويبتسم لوالدته التي تقف خلف أودين تتلمس بحنان وجه لوكي المتعب. و حينما يهمس له أودين ببعض الحديث فإن عينا لوكي تتشحان بالحزن، تلوح فيهما دموع تنذر بالسقوط فيضيق شفتيه ضاما إياهما كما لو كان يكافح لمنع نفسه من البكاء... لكم أتمنى لو كان بإمكاني أخذه بين ذراعي... سأدعه يبكي حتى يغلبه النعاس فينام، لكن لوكي عزيز النفس، شديد التكبر و الترفع، يأبى أن يرى غيره دموعه فيحجبها عن الناس أجمع!

أولئك الأقوياء بما فيه الكفاية سوف يستسلمون للحب حين يطرق قلوبهن، أما الضعفاء فسوف يقضون حياتهم هاربين... مختبئين منه.

الآن أفهم... الآن أعرف... الآن أرى.

مشيت في أروقة القلعة المزدحمة، ممسكة بقلبي بكلتا يدي، شعرت بالخوف إن أنا رفعت يدي فلسوف يسقط لا محالة. أمشي بهدوء... وحيدة و مرتبكة فيفاجئني صوت مألوف... "أحتاج إلى مساعدتك... هل لديك بعض الوقت؟" تسألني فريغا تسحبني إلى الواقع...

"هل أنت بخير يا عزيزتي؟" سألتني مرة أخرى حين قرأت ملامحي، و على الرغم من معرفتي بأنها ستكتشف أكاذيبي... إلا أنني مازلت أكذب... فأجبت بابتسامة باهتة: "أنا بخير"

LOKI : Meant To Beحيث تعيش القصص. اكتشف الآن