' إحذر التراكُمات... فإنّها لا تُخلِّف إلّا بُركاناً '
—
رواق أبيض، و أصوات الخُطوات مُتثاقلة تعلوا شيئاً فشيئاً، حتى إتّضحت الصورة الضلّية للطبيب الأصلع اللذي لم يتبقّى له سوا شاربه و اللذي أكل شيب كبر سِنّه عليه، قصير و سمين، سيُخطئُه من يراه على أنّه طبيب عجوز غريب الأطوار قليلاً.
الجو مُنعش للغاية في مثل هذا الصباح الباكر، و قد يكون بارداً بشكل طفيف، يُجد المُمرّضون و الموظّفون اللذين يسهرون على راحة المرضى، لكن يبدو ان الأطباء لم يصلوا بعد إلى المشفى..
خرجت إحدى المُمرّضات الصغيرات حديثات العمل من أحد الغُرف في الرواق، ذات شعر أحمر قصير مربوط للأعلى، عندما وقعت عيناها عليه، تغيّر تعبيرها كما لو أنّها كانت تبحث عنه تحديداً.
إبتسمت قليلاً لتتسارع خُطواتها مُتّجهة ناحيته، مع عدد من الرُزم في يدها، توقّفت على بُعد عدّة خُطوات منه، و إنحنت بشكل طفيف لتحيّته بأدب..
"صباح الخير، غاراكي سان!"
"اوه! صباحُكِ، كانياشكي سان."
توقّف للحظات بإنتظار ما بدا له أنّها أرادت قوله، مدّت له رُزمة الأوراق في يدها، و قد بدت على وجهها بعض علامات الإرتباك.
"سيّدي! لا يُمكِنُنا العُثور على المواد المطلوبة في مذخر المشفى! سنفقد المريضَين في الغُرفتين 3 و 47 على هذه الحال!"
رفع حاجبيه بدهشة واضحة و شيء من الصدمة، أنزل يديه من خلف ظهره و نظر إليها بإستغراب شديد.
"رأيتُهم يُفرّغون الشحنة قبل يومين! كيف يُمكن هذا؟!"
تسائل الرجُل بتعجُّب شديد بينما يُهذّب شاربه الأشيب، هزّت الفتاة كتفيها للأعلى بتوتُّر، لم تعلم ما كان يجب عليها قوله.
"أنا أيضاً فعلت، لكن المذخر خالٍ تماماً! أنا أقول الحقيقة!"
بدا لها أن الرجُل كان يُفكّر للحظات، لكنّه سُرعانما عاود النظر إليها بجدّية.
"لا بأس، كانياشكي سان، دعينا نذهب للتحقُّق مُجدّداً."
كانت المُمرّضة على وشك قول شيء ما، لكنّها تراجعت و أومأت برأسها فحسب، قادت الفتاة الطريق إلى مُستودع أسفل المشفى، كان المكان مُظلماً، إذ أنّ الأضواء الخافتة في السقف لم تكُن كافية لإضائة المكان الواسع.
لكنها كانت كافية للكشف عن مجموعة الصناديق المليئة بالأدوية..
"ما هذا؟ أليست هذه هي الصناديـ..."
تم قطع كلماته فجأة عندما بدأ جسدُه العجوز يكبُر و يشيخ أكثر مما هو عليه حتى، سقط على رُكبتيه بينما يتجعّد جلدُه و تتقعّر عيناه بشكل مُخيف، بدا كما لو أنّه مومياء حيّة.
![](https://img.wattpad.com/cover/353470391-288-k338430.jpg)
أنت تقرأ
WHITE TEETH [BNHA]
Fantasiaوقفت بين الأشجار، أضاء النور الخافت المُتسلل من بين الأغصان إبتسامة تَهُز الأبدان.. و الطريقة اللتي أمالت بها رأسها قليلاً، مع كُل تلك الدماء الجافّة على رقبتها و أجزاء من ملابسها، جعلته يشُك في سماعه لصوت صرير حاد مؤلم للأُذنَين. عندما أطلقت تلك ال...