«ليس في التكليف أصعب من الصبر على القضاء، ولا فيه أفضل من الرضا به».
-ابن الجوزي.
_______________________________
لو علمَ العَبد استماع الله لهُ حال دُعائه،
لاستحىٰ أن يَظن أنها لن تُقبل!فاستغيثوه يغثكم، واطلبوا منه يجبكم، وألحّوا عليه، فإنه يُحب الملحين.
_______________________________
ونُؤمِنُ أنَّك خيرُ الورى
ومسكُ الحياةِ وخيرُ الأنامْ
تَفيضُ بِحُبِّـكَ أرواحُـنـا
عليكَ الصّلاةُ عليكَ السّلامْ"ﷺ
_______________________________
-وكان يخيّل إليه وهو يحدث نفسه بهذا الحديث أن الحب الذي ملأ قلبه قد فاض عنه إلى جميع الكائنات التي يراها بين يديه.
فكان يرى في صفحة السماء صورة الحب، ويسمع في حفيف الأشجار صوت الحب، ويستروِح في النسيم المترقرق رائحة الحب، ويرى في كل ذرة ثغرًا باسمًا، وفي كل نأمةٍ عودًا ناغمًا!#المنفلوطي.
_______________________________
اللهم عليك باليهود المجرمين
اللهم أفسد عليهم أسلحتهم ودباباتهم
واقتلهم بنيران أنفسهم
اللهم ارمِهم بالأمراض والأوجاع
واقطع عنهم ما قطعوه عن إخواننا من أسباب الحياة
اللهم خالف بين كلمتهم وقلوبهم
واجعل الدائرة تدور عليهم
إنك ولي ذلك والقادر عليه._______________________________
" وبين القلبِ والعقلِ أقفُ أنا. "شهقة خرجت من فاه الأثنان، جال في خاطرها ذكرى مشابهة إلى تلك في حياة أخرى قد عاشتها من قبلها، همست بِـ سخرية لاذعة بعد ما ترقرق الدمع في عينيها " سرحت فيك ساعات، فيك مني كتير حاجات. "
مسحت دموعها بعد ما عصتها ونزلت أمامهم، وقفت في تحديٍ ونبرة واثقة في ثباتٍ واه بعد ما رأت نظرات الأنتصار والتشفي في عينيهم : رشي، هتضربي؟ أضربي، أعلى مافي خيلك أركبيه، كدا كدا أنتوا ناس جبانة وأخركم الكلام وبس.
تحدثت تلك المرة ' زُهرة ' وهى تحاول أن تستمد القوة من شقيقتها : وفكرك الحِجة الخايبة اللي قولتوها دخلت علينا، عايزة أصدمك وأقولك أن أحنا عارفين ومن زمان أنكم عايزين كريم لِـ إيمان، إيمان اللي ماشية مع أتنين، ها أتنين مش واحد، والأتنين شمامين في مستواها، وأنتِ سايباها ونازلة تدي أختي محاضرة، مع أنها مابتعملش حاجة غلط أو حرام ولا من ورا الناس زي بناتكم، هى لما حبّت قالت للكل ووقفت قصاد الكل، مهربتش من دروسها علشان تقابله ولا ضحكت على أمها، وتوفيق اللي المفروض يكون بدل بابا الله يرحمه مش عايزه علشان عارف انه كويس، أنتوا أنانين أوي، أوي أوي، مستخسرين فينا الشخص الوحيد اللي عرف يداوينا كلنا مش فريدة بس، اللي بقى أب وأخ وصاحب لينا، الشخص الوحيد اللي عمل اللي أنتوا المفروض كنتوا تعملوه، تعرفي ياميرفت، خسارة فيكِ كلمة عمتي أنتِ وهى، تعرفي صحابي لما بيعرفوا أني عايشة في بيت عيلة وسط عمتين وعم وولاد عم وعمة، عيلة كبيرة، سند وعزوة، ساعات بحسهم بيحسدوني، بيقول لي يابختك عايشة وسط عيلتك، لما تقعي هتلاقي اللي يسندك، ميعرفوش أن هما اللي بيوقعوني، ميعرفوش أن الكترة دي كلها ملهاش لازمة، هما للأسف فاكرين أن أنتوا عيلة.
نزلت دموعها تُعلن هزيمتها، نظرت لهم في أنتظار حضن دافئ الأن منهم، لكنها لم تجد سوى الاستهزاء بِـ حديثها والسخرية فقط، لِـ ذا نظرت إلى ' فريدة ' تطلب منها بِـ عينيها أن يذهبا من ذلك المكان، فَـ وجدت الأخرى تنظر لهم بِـ حقدٍ ودموعٍ متحجرة في عينيها، أمسكت بِـ كفِ شقيقتها تضغط عليه بِـ قوة تبث لها الأمان، سددت لهم نظرة أخيرة حارقة ومن ثم ذهبت من أمامهم، استمعت إلى صوت ' فاطمة ' تقول بعد ما رحلا من أمامهم : بعد الفيلم الهندي دا كله، بردوا لو معملتيش اللي قولنا عليه هننفذ، وأنتِ حرة، اللهم حذرت.
كان صوتها يتلاشى شيئًا فَـ شئ حتى أختفى تمامًا، تسلل الخوف إلى فؤادها وبدأت يديها ترتعش، الأن هى بين ثعابين وعقارب سامة من الممكن أن يفعلوا ذلك حقًا، من الممكن حقًا أن عائلتها تفعل ذلك بِها؟ لِما لا! لِما لا وهم الغِل ملئ قلوبهم حتى محى أي ذرة حب تجاهم، لِما لا وهم لايرون سوى السئ وفقط! لِما لا وهما الأن في دنيا، دنيا يغدر فيها القريب قبل الغريب، دنيا أصبحت فيها القلوب سودا كَـ سواد الفحم ورُبما أكثر.
وقفا أمام باب منزلهم، ألتفتت ' فريدة ' إلى ' زُهرة ' قائلةً : متقوليش لماما على حاجة دلوقت، هما مش هيقدروا يعملوا حاجة أصلًا فمتخافيش.
أرتمت الأخرى عليها تحضتنها بِـ قوةٍ وهى تبكي هاتفة بِـ وجعٍ وحزن : أنا خايفة عليكِ أوي، دول جبابرة ويعملوها عادي، ربنا ينتقم منهم يارب.
تنهدت ' فريدة ' بِـ عمقٍ تُربت على رأس ' زُهرة '، ردت عليها قائلة بِـ حنانٍ وتعقل : متقلقيش، اللي عايزه ربنا هيكون، وأكيد اللي عاوزه ربنا هو الخير ليا وليكِ، يعني بالعقل كدا ربنا اللي هو أرحم بينا من أمنا وأبونا هيكتب لي حاجة وحشة! أكيد لأ، يبقى ليه تقلقي وربنا هو حامينا الأول والأخير! أتوكلي على الله وسلّمي أمرك ليه وهو بقدرته هيعدل المايل، وبالنسبة ليهم هما ف صدقيني يومهم مش بعيد، هيدوقوا نفس اللي دوّقوه لينا من عذاب وقهرة، كل دمعة نزلت مني منك ومن أمي، كما تدين وتدان، هى دايرة وبتلف، يوم عليكِ ويوم معاك، ويومهم قرب صدقيني.
أبتسمت ' زُهرة ' وهى تبتعد عن أحضانها، وكإن بحديثها ذلك أثلجت نيران كانت مشتعلة بِـ داخلها خوفًا على شقيقتها أولًا، وكره وحقد يتزايد كل يوم إليهم ثانيًا: عندك حق، يومهم مش بعيد.
أبتسمت لها ' فريدة ' بِـ راحةٍ بعد ما رأت الأطمئنان يرتسم على وجه شقيقتها، ولكن الأن كيف تُقنع قلبها بِـ ذلك الحديث؟ بين أربع حيوات وقفت هى تنظر لهم بِـ حسرةٍ وخوف، أربع حيوات عاشتهم وتسلل الخوف إلى قلبها على أبطالها الحقيقيون الأن، تُرى ماذا حدث لهم؟
دخلت الشقة هى و ' زُهرة ' بعد ما أتفقا على ألا يُخبرا والدتهما بِـ أي شئ الأن، ويخبروا ' كريم ' بعد أستياقظه لِـ يكون هو الداعم لهم والمنقذ كعادته، ولكن خوفهم الأكبر من غضبه، إن عَلِم بِما حدثَ سَـ تحدث مشكلة أخرى رُبما تكون أكبر من تلك، جلست حائرة على فراشها تُفكر في حل لِـ تلك المعضلة، ماذا تفعل الأن؟ صوتٌ داخلها يُخبرها بِـ أن تهرب كعادتها، تترك كل شئ وتخرج من الحياة، وصوتٌ أخر يُعنّفها، يريدها أن تُكمل باقي الرحلة وأن لا تهرب كما فعلت في المراتِ السابقة، ولكن هيهات هيهات لِمن يقول ذلك الكلام؟ خلود الفتاة التي تُريد حياة كاملة، بِلا مشاكل أو أعباء، فقط الراحة والنوم، وأين تجد ماتُريد ونحن في دنيا فانية، أختبارٌ ليس إلا.
نظرت إلى الهدية التي جلبها لها اليوم، من الممكن أن يكون قد جلب ذلك القلم معه؟
ألتقطتها وأفرغت محتوايتها أمامها، بدأت تُقلب بين الأشياءِ بِـ لهفةٍ لِـ ترى القلم، مرّ ثواني حتى أبتهج وجهها بِـ فرحةٍ وسعادة، لقد وجدته وأخيرًا! كان توقعها صحيح وبِـ الفعل وجددته وسط الأقلام الذي جلبهم لها ' كريم '، مددت يديها تلتقطه تنظر له بِـ شعورين متباينين، الأول يريدها الهروب والأخر يريدها التكملة، وهى بينهم تقف تائهة، عقلها يخبرها بِـ أن تنهي كل ذلك، وعلى عكسه قلبها الذي يُلِح عليها البقاء ومساندة مَن هم بِـ حاجة لها، وفي النهاية لِـ تبقى معه، وفي صراعٍ بينهم مَن سَـ يفوز؟