المقدمه🌹(الفراق)

962 38 0
                                    

في بيتٍ تملؤه الأسرار والخفايا، كان هناك طفلٌ صغير يحمل في قلبه ما لا يتحمله حتى الكبار.

كانت أيامه تمر في خوف ورهبة من أقرب الناس إليه. يجلس في حجرته الصغيرة، وملامح الحزن تغطي وجهه البريء، بينما الألم يفيض من قلبه الصغير.

عيناه الصغيرتان شديدتا الحمراوان من كثرة البكاء تعكسان معاناته، وهو ينظر إلى ما بيديه ويبكي.
عيناه لا تكفّان عن الدمع، يمسح دموعه بيديه الصغيرتين، لكن رعشة الخوف لم تفارقه.
عندما سمع صوت الباب يُفتح بعنف، أخفى ما بيديه سريعًا.

دخلت امرأةٌ يظهر على وجهها كل علامات الشر، ينبعث الشر من عينيهاوالغضب يتفجر في صوتها وهي تقول: 
"انت بتعمل إيه عندك؟ يلا قوم وقفل الزفت ده، اخلص!"

بصوت متقطع وباكي، رد الطفل: 
"حاضر يا نانا."

نظرت إليه بعينين مليئتين بالقسوة وهي تقول: 
"قوم اعمل واجب مدرستك، بلاش أرف. أنا عارفة مامتش انت كمان ليه، أوف!"

خرجت الجدة وأغلقت الباب بقوة، فتنفس الطفل بعمق وفتح الدرج ليتناول الصورة مرةً أخرى.

خاطبها بصوت مليء بالشوق والحزن: 
"اشتقت لكم كتير أوي، ليه تركتوني هنا؟ ماحدش بيحبني، ليه سبتوني لوحدي؟"

لم تتوقف عيناه عن البكاء، وارتفع صوت نشيجه.
وضع يده على فمه ليخفي صوت بكائه عن جدته، التي لا تعلم بما يفعله.
استمر على هذا الحال لوقتٍ طويل، ثم أخذ نفسًا عميقًا وخاطب صورة والده: 
"اشتقت لك كثير يا أبي، أتمنى لو أنام في حضنك زي زمان، وأمي تصنع لي الفشار، ونقضي السهرة مع بعض نلعب."

أخفى وجهه بين يديه ليمنع نفسه من البكاء، ثم مسح دموعه وأمسك بصورة والدته.

تنفس بعمق ونظر إليها قائلاً: 
"لقد اشتقت إليك كثيرًا يا أمي، أسأل الله أن تكوني بخير، أعلم أنكما الآن عند الله، وأتمنى أن ألحق بكم قريبًا، أدعو الله كل يوم أن نكون معًا في الجنة."

تحدث والدموع تتساقط على خديه، وكان الحزن يغطي وجهه البريء.
أكمل حديثه وهو يمسك الصورة بيده الصغيرة: 
"أنا بسمع كلام جدتي، بس هي ما بتحبنيش، دايمًا بتضربني وتقول 'مت مثل أمك، هي السبب في موت ابني'. هي ما بتحبنيش يا بابا."

فُتح الباب بعنف ودخلت جدته، فنظر إليها بخوف: 
"إنت لسه قاعد؟"

رد آسر بسرعة: 
"لا يا نانا، أنا بعمل الواجب."

سألت وهي تنظر إلى يديه: 
"إيه اللي في إيدك ده؟"

أجاب مرتبكًا: 
"مافيش، صورة بابا."

 أنياب الورد🌹الروايه الاولى  من سلسلة روايات (ورد الياسمين)/بقلم  Gasmin khaterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن