الفصل19: عزاء

41 8 16
                                    


نظر إلى نفسه في المرآة مطولا

فكر مليا اي نوع من الوهم الذي يستطيع النظر في ذكرياته

كانت دي جي الصغيرة تنظر إليه بإستغراب

أبتسم لها ونقر على مقدمة رأسها بلطف

عاود تفحص ثيابه وما حوله

تلك الأوراق البيضاء التي علقت على أبواب منزله حملت كلمة واحدة

" عزاء"

سيطرت عليه تلك المشاعر مجددا , كان يعلم جيدا أن ما يراه الان ليس حقيقي بل هو عكس لما في ذاكرته

أكثر ذكرى لم يريد أن يعيشها مجددا

إحساس الفراق عن حبيب كان مختلف عن فقدان روحه

لم تفرقهم المسافات هنا فحسب بل العوالم كذلك

وليس من الممكن إعادته حتى إذا نزل إلى العالم السفلي

فقد مات والده بكل رضى وعلى يد من يحب

فلم يمتلك الاحقية في طلب رؤيته مجددا

كان شتاء هذه السنة محمل بالكثير من الامطار

خاصة البارحة فور وفاته , شعر شي وي كما لو أن السماء كانت حزينة و أمطرت الكثير من دموعها

كان العالم بأكمله حزينا

ولم يعد هناك المزيد من الدموع لذرفها

ليتساقط الثلج ويغطي ارجاء القمة

اللون الأبيض الناصع جعل المنزل أشد كأبة , كان شعورا خانقا

في مثل تلك اللحظات لم يعد لكل ما على الأرض أمامه اي معنى لم يعد يرى سوى الفراغ اينما نظر

" سيدي الصغير أرجوك تناول إفطارك أنت لم تتناول شيء منذ البارحة"

في ذكرياته تشاجر مع الخادمة المسؤولة عنه ولم يأكل اي شيء لمدة أربع أيام متواصلة

لكن في هذه اللحظة عندما نظر إلى وجه خادمته الطيب و إلى تلك الاعين الحمراء المنتفخة لم يستطع أن يقول لها لا

مشى معها نحو مائدة الإفطار لتبتسم بسعادة

لم يكن هناك أحد على الطاولة سواه

فقد كان الابن الوحيد لعائلته

اما والدته فلم تغادر غرفتها منذ خبر موته

فقد أصيبت بحمى شديدة بعد رؤية جثة زوجها تحت الامطار

أمسك عيدان الطعام ونظر إلى الطعام الشهي الذي أمامه

رغم أنه إحتوى على جميع الاصناف الغذائية إلا أنه كان خالي تماما من اي طعم
باهت للغاية كما لو كان يأكل ترابا

فعندما يذهب الحبيب من هذا العالم يذهب معه كل شيء

ويفقد الأنسان إحساسه بكل ما حوله

.مَصَبّين. "兩個河口"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن