Part-2-

44 20 2
                                    

اول لقاء 🌼

بعد لحظات قليلة، خرج جين من حمام الرجال، ثابتًا. كان يلبس زيه الأصلي، ولكنه فك قبعته وخلع نظاراته، كما لو كان يكشف عن وجهه الحقيقي.

نظر إلى يوني بعيون متألقة، بينما كانت تنتظره بلهفة. ابتسم لها برقة، وقال بصوتٍ هادئ ينبع من عمق الروح: "شكرًا لكِ، أعتذر إن كنتِ قد أحرجتكِ بموقفي."

كانت كلماته كلقاء موسيقي هادئ، تحمل معها لمسة من الراحة والشكر.
عاشت يوني لحظات من الدهشة والإثارة التي أشبهت بالانفجار الداخلي، فجين، الذي اعتادت أن تحلم به في صمت، الآن يتحدث معها ويمنحها ابتسامته الوديعة.

لم تظهر يوني أي ردة فعل واضحة، إذ كانت تستسلم لتأثير الصدمة الجميلة. بينما كانت تحاول جاهدة استعادة توازنها، قالت بصوتٍ متوتر، وهي تحاول إخفاء تأثير الدهشة في نبرتها: "أنا يوني، أعمل هنا. هل يمكنني مساعدتك بشيء؟"

نظر إليها بدهشة، وجد نفسه مذهولًا من هدوءها وتصرفها البارد لانه كان يتوقع أن تفيض بالحماس والفرح، ولكن كان هناك هدوء غامض يحيط بها.

بلطف واحترام، قال: "لا، لا أرغب في أي شيء. فقط أردت أن أعبر عن شكري لك مرة أخرى. كنت في ورطة كبيرة، وشكرًا جزيلاً لك على مساعدتي. أنتِ فعلتِ لي خدمة كبيرة، وأنا ممتن لك جدًا. لن أنسى ما فعلتِه من أجلي. أتمنى لكِ يومًا سعيدًا. وداعًا."

ومضت اللحظات ببطء حين رحل جين بخطى هادئة خارج المطعم، تاركًا وراءه أثراً من الدهشة.
كانت في حالة من الصدمة، ظلت واقفة في مكانها، تراقبه يبتعد وعواطفها متقلبة بين الأمل واليأس.

في هذه اللحظة الحاسمة، تتسرب الأسئلة في خيالها
هل ستراه مرة أخرى؟
هل ستعود لتعيش تلك اللحظات الساحرة؟

الندم والخيبة يغمران قلبها، وهي تتساءل بترقب إن كان حلمها تحقق أم أنها كانت مجرد لحظة عابرة من الخيال..

بعدما خرج جين من المطعم، ترددت يوني قبل أن تستحضر حروف الرسالة على شاشة هاتفها: 
"أين أنت؟
هل تستطيعين الحديث معي؟"

نقشت تلك الكلمات باهتمام فائق، محاولةً إيصال جمال اللحظة الفريدة..
"لقد حدث شيء مذهل. جين كان هنا، في المطعم. كان يهرب من الصحافة والمعجبين، ولكنه تحدث معي قليلاً. أشعر بالتوتر والفرح في آن واحد.
ماذا أفعل؟"

ردت ريم بسخرية: "أفضل ما تفعلينه هو النوم، لأنك حقاً أدخلتيني في حالة من الجنون."

لم تلق يوني اهتمامًا لكلام ريم، إذ كانت هي الأخرى مشغولة بتأمل ما حدث معها.

كانت تنظر إلى الخاتم اللامع بينما هي مستغربة  كيف حدث هذا اللقاء الغريب, وتشعر بأن حياتها قد أخذت منحنى غير متوقع، وكأن الواقع والحلم تداخلا في لحظة فريدة من نوعها وكان الخاتم يعتبر شاهدًا على تلك اللحظات الساحرة.

مع مرور الأيام والأسابيع، بدأت يوني تعيش في حالة من الحزن واليأس، حيث لم ترَ جين مرة أخرى. كانت تستمر في ارتداء الخاتم وتراه في حلمها  كل ليلة، ولكن يبدو أنه لن يظهر مجدداً.
الشكوك بدأت تنمو في داخلها، وبدأت تتسائل عما إذا كان الخاتم يعمل مرة واحدة فقط، أم أن ما حدث كان مجرد وهم. كانت تفقد الثقة في الخاتم وفي نفسها.

في ذالك اليوم الهادئ، انبعثت روح يوني بين جدران المطعم الخالي. كانت تتأمل في عتمة الزمن، وحينما كانت تستعيد هدوءها بتناسي ماحدث.. تحطم الصمت بفتح الباب.

دخل جين، كما لو كان الهواء يحمله إليها. كانت ملامحه ملتبسة بين ظلال القبعة والنظارات، لكن نبرة صوته كانت واضحة ومتألقة.

جين: "مرحبا.. هل لاتزالون تعملون ايمكنني الدخول؟"

المكان الفارغ بدا أكثر حيوية بحضوره.
يوني بترقب: "بالطبع، تفضل."

في لحظة شغف تعجز الكلمات عن وصفها، اندلعت عواطفها، لم تفكر وقفزت من مكانها بدون تردد، ركضت بسرعة نحوه، وكأن الزمن قد تجمد في تلك اللحظة المميزة. أحاطت ذراعيها حول جسمه بقوة وعانقته بشدة، كمن تحتضن السعادة نفسها.

بصوت مرتجف ينبعث من داخلها، قالت: "جين، أنت هنا.
أنت حقيقي.
أنا سعيدة جداً."
ثم ابتعدت ببطء..
ضحك جين بلطف وأجاب: "نعم، أنا حقيقي."
ثم اختاروا إحدى الطاولات، تلك التي تتوارى عن أعين الآخرين، ليجلسا معًا ويتبادلا الحديث في جوٍ مليء بالمشاعر والغموض.

بينما كانت يوني تعود إلى حالة الهدوء والاستيعاب بعد هذا اللقاء الفاجع، لم تستطع إيقاف فضولها الطبيعي. سألت بصوت يحمل الفضول:
"ماذا تفعل هنا؟"

اجاب جين بصراحة "أنا جئت لرؤيتك."

سألت يوني بدهشة: "لرؤيتي؟ هل تقصد ذلك؟".

قال جين بعاطفة: "نعم، أقصد ذلك. اردت زيارتك وشكرك قبل هذا اليوم لكني لم أستطع لان الأمور معقدة جدا. وعلي أن أكون حذرا جدا.."

يوني شعرت بالانتعاش والسعادة في نفس الوقت.
اوووه لقد  كان يفكر فياا
تحقق حلمي..
وقالت بصوت مرتجف: "أنا سعيدة جدا برؤيتك."

في حين كانت يوني تغمرها سعادة لا توصف، طلبت من جين ان تلتقط معه صورة  لتثبت لصديقتها ما حدث، ولكنه اصر على أن تبقى هذه اللحظة سرًا بينهما،  ثم فاجأها برفع هاتفها وكتابة رقمه، وقال لها: "سنظل على تواصل."
بعدما تحدثا لبعض الوقت، غادر ولكن القصة لم تنتهِ هنا. وفي لحظة هادئة بعد مغادرته، اكتشفت يوني رسالة جديدة في هاتفها: "سنلتقي مرة أخرى."

كلماته ترن في أذنيها كلمسة للغموض والأمل، لتبقى يوني في انتظار لحظة جديدة من السحر.. 

لعنة الخاتم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن