حياة بديلة

35 6 12
                                    

"ماذا إن كانت حياتي حياتكِ؛ وخاصتكِ ملكي، أتقبلين ... وإن لم تفعلي أظن أني سأتحمل كوني مذنباً في عيناكِ؛ على أن أترككِ وسط هذه الغابة".

___________♡

- داركين ... من فضلك اصطحبني لرؤية شيرو.

يصحبها لوجهتها، نحو مركز مدينة "سورا"، لتقف أمام ذاك الباب الذي ألفته، خلفه قد اعتادت هي و"شيرو" اللقاء، في تلك الغرفة التي خصصت لهما، تتردد في فتح الباب، ماذا ان لم يكن هناك، ماذا ان كان وهماً جميل، أو أن عقلها قد أصابه الجنون.

برفق تفتح باب الغرفة، ليظهر الى جوار الشرفة بطلته المحببة، رغم قدم الثوب الذي يرتديه، الا أنه لا يزال بنفس وسامته، من الذي قد قال أن الملابس هي من تصنع جمال الشخص.

امتلأت عيناها بالدموع حينما استقبلها بابتسامته المعتادة، لتتقدم تجاهه وتلكمه.

- فقط ما الذي فعلته.

ضحك بخفة وهو يضع كفه موضع ضربتها.

- لم يكن هذا هو الاستقبال الذي توقعته.

-وهل توقعت عناقاً مثلاً.

أجابته والدموع تتخلل ضحكاتها، وكأنهما من فرحتهما أصابهما السكر.

- لم أتوقع أن تعطيني حياة ليست لي بوعدك... ماذا لولم تناسبني.

- بالتأكيد ستناسبكِ... ان يداكِ لم تخلق سوى للدلال... ولو كنا قد تزوجنا لكنت أهديتك دلالاً حتى أفسدكِ عن هذه الحياة.

- وماذا عنك ... أليست هذه حياتك... بهذه السهولة تتخلى عنها.

- أنا رجل... خلقت لأعمل وأسعى في هذه الحياة... كما وأحفظكِ عن شرها ما استطعت.

- لكن ماذا عن والدك... رغم أن سعادة قد اعترتني لحصولي على أبٍ مجدداً... لكن كيف يمكنني قبول شيء ليس لي.

- لأكن فداكِ أنا وحياتي... لتصبحي سعيدة دوماً.

- وماذا عنك.

- سعادتكِ هي سعادتي.

صمتت، فأي كلام يقال من بعده، حتى وان كان عوضاََ لها عن فقدانها والديها وقسوة الحياة عليها، فقط كيف تقبل وهو من يشقى بدلاً عنها.

- كيف فعلت هذا... كيف عبثت بالجميع هكذا.

- أنسيتي أنني ساحر... لربما كان الأمر مرهقاً لكنه يستحق... اذاً... هل قبلتي بحياتي هدية لكِ.

رمقته بنظرة ربما سعادة، ألم، فخر وقلق، سعادة لحصولها على رجل مثله، وألم لأنه استغنى عن حياته لأجل راحتها، فخر لوجود رجل مثله، وقلق عليه، هل ياترى يقدر على مواجهته للحياة بعد حياة الدلال التي قد عاشها حتى الآن.

- مادمتي راضية... فقد حان الوقت لأقرأ أنا لكِ.

- كللي آذان صاغية.

تبادلا الأدوار هذه المرة، هو يقرأ وهي تستمع، هو يسعى وهي تنتظر، وكلاهما في سعادة لوجود الآخر.

- سأقوم بإقناع أبي بزواجنا... أقصد والدك... وسآتي من جديد بأخبار سعيدة هذه المرة.

- لن أنال لكمة مجدداً أليس كذلك.

- لا تقلق.

وداع بابتسامات، وعود لربما تتحقق، وأيام تمر على كلاهما بحلوها ومرها، هل ربما تخضع الحياة لمحاولتهما، أم ربما لم تكفيها محاولات.

__________♡

على طاولة جمعت "لونا" ومن أصبح والدها، بقلق ينتابها من ردة فعله.

- أبي ... أريد أن أحادثك بشأن ما.

- أسمعكِ يا بنيتي... لا تخشي شيء.

- انه بشأن شيرو أبي... من فضلك أنت فقط لا تعرفه وما فعله لأجلي...

- وما الذي أحتاج لمعرفته... هل تظنين أني أرغب بتعاستكِ وحسب... أنا فقط أخشى عليك الإنكسار... الرجل هو صاحب المسؤولية في منزله... هل لربما ينوي العيش من أموالكِ... أم أنه قد يأخذكِ للعيش معه... بنيتي ان عاش معكِ لن يقوى على مواجهة النبلاء ولا ان يعينكِ حينما تخلفيني... سيصبح في خلاف دائم معكِ لأنه لم يشبع قوامته ولن تسعدي... وان عشت انتِ معه هل ستقوين على الحياة معه... دون الترف التي كنتِ فيه طوال حياتكِ... ستشقين معه حينها.

بكى داخلها، فالأموال والترف الذي تحيا به هو ملك له، ولكن والده لا يدري، لا أحد يدري سواهما.

- من فضلك أبي... أدرك تماما مدى صحة كلامك... لكن من أجلي... أنا فقط من أعرفه.

تنهد وأردف على إصرارها:

- لأجلكِ فقط يا طفلتي... وان كنت أشك أنه يستحقكِ... سأقابله وأحكم بنفسي... سعيدة إذاً.

سعدت وكأنها طفل نال حلواه بعد طول انتظار، فيبتسم ويكمل:

- بعد اسبوع من الآن سأقابله... لكني لن أدعه يأخذكِ بسهولة.

- بالطبع بالطبع أبي.

طالتها السعادة وملئت قلبها، هي تثق تمام الثقة أن "شيرو" سينال ثقته، في النهاية هو ابنه، وهو أدرى بأبيه.

____________♡

تمر الأيام ببطيء أمام انتظارها، وتسوء الأجواء مما يزيد قلقها عليه، يتطرب البحر وتتخبط أمواجه، وتشتد الرياح وكأنها ستقتلع المباني، وكأن الطبيعة تثور على أمر ما، وكأن المباني توشك على مغادرة مكانها رعباً.

ما الحل حينما تقف الحياة عائق أمام النجاة.

ابنة القمر "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن