حياة جديدة

29 6 12
                                    

"أتريني إن لم أستطع منحكِ حياة تليق بكِ، ماذا عساي أفعل؟".

________♡

تفتح عيناها على وضع جديد، سقف غير مألوف، غرفة واسعة مبهرجة، أثاث مزخرف، ومرآة ضخمة في منتصف الغرفة.

تتحرك "لونا" بحذر تتحسس ما حولها، لتقف في النهاية أمام المرآة تتأمل بها، مع فستان حريري يغطي جسدها، ما حل بها، لليلة كانت لاتزال في غرفتها الضيقة، ولكن ما انا فتحت عينها وكأنها بحياة أخرى، أو بالأحرى حلم.

- آنستي ... هل إستيقظتِ؟؟

يأتيها صوت يقطع شرودها، لتدخل فتاة ترتدي ملابس للخدم، فستان أسود بأكمام طويلة مع مِريلة بيضاء، لوهلة تعرفها ولكنها لم ترها يوماً.

تنتابها أفكار مبعثرة، ذكريات ليست لها، مكان ليس مكانها، وأشخاص لا تعرفهم.

- هذه ليست حياتي.

تنظر لها تلك الفتاة بحيرة، فسيدتها التى تخدمها تتصرف بغرابة، تنهدت "لونا" وتركت الفتاة تكمل عملها، غسلت وجهها، وساعدتها على تغير ثيابها، ومشطت لها شعرها، وكأنها أميرة في أحد الحكايات الخيالية، بفستان  لامع ناعم، وبتسريحة شعر لم تعرف كيف فعلتها تلك الصغيرة، وتلك المجوهرات التى لم تفكر  يوماً أن تحصل عليها.

- هذا حلم ... حتماً حلم.

اصطحبتها لغرفة الطعام في ذلك القصر الواسع، تتأمل في تفاصيله بهلع؛ فالمكان غريب بطريقة مألوفة، تعلم تفاصيله، غرفه وطرقه، لكنها حتماً المرة الأولى التي تراه بها.

على طاولة ضخمة ممتلئة بكافة أصناف الطعام والشراب، وكل هذا لشخصين هي وذاك الجالس بالقرب منها.

- أبي ...

ابتسم لها، من جديد غريب مألوف، لم تره من قبل لكنها تعرف من قرارة نفسها انه والدها، لكنه ليس والدها كما تذكر، يمكنها بالتأكيد أن تتذكر حياتها وسط العامة، منزلها الصغير الدافئ، وذكرياتها مع والديها كل هذا ليس وهماً.

- صباح الخير.
- صباح الخير صغيرتي ... أرى أنك أصبحتِ هادئة الآن ... من الجيد أنك فهمتِ ما أعنيه ... ذاك الشاب لن يفيدك ... أنتِ تستحقين أفضل الأفضل.

صمتت لوهلة، أى كلام تفهمه، ومن يقصد بالشاب، ماذا يعنيه كلامه، شردت تفكر متي تغير كل شيء، حتي تذكرت كلمات "شيرو".

"فقط صباح الغد سيتغير كل شيء ... أعدكِ"

أهذا ما قصده بالتغيير، لكنها لاتزال لا تفهم ماذا حدث، هذه ليست حياتها، حتى وان تعامل الجميع بغير ذلك، توقفت عن تناول الطعام وهمت بالذهاب.

-إعذرني من فضلك.

أومأ لها موافقاً، لتخرج هي من قاعة الطعام، عبر تلك الممرات، ومروراً بذلك الباب الضخم، نحو الخارج لتقابل حديقة واسعة، تكاد تجزم أنها أوسع من الميدان بوسط المدينة، ذهلت من جمال المكان، فقط عيناها تلتمس كل جميل، حتى قاطعها صوت خشن، صوت وملامح تتذكرهما بالفعل، "داركين" إنه ذاك الفارس التي رأته من قبل مع "شيرو" ولم تكن تعرف اسمه يوماً، بطوله الفارع، وملامحه الجادة، لوهلة شعرت بالأمان، ليست بعيدة عن أعين خطيبها، حتى ولو لم يكن هنا.

- آنستي ... أراكي عازمة على شيء ما.
- نعم ... نعم داركين ... دعنا نتحدث.

انحنى لها وقد ضم يده تجاه صدره.

- كلي آذان صاغية ... كما كنت دوماً.

تجاه موضع بالحديقة توجها، جلست بعد أن قبل "داركين" بالجلوس، بدأت بفرك أيديها سويا، من أين تبدأ.

- داركين .... هل تتذكر شيرو.
- لازلت أفعل سيدتي ... هل ترغبين أن أحضره لكِ ... إن كان قد آذاكِ لأرينه أشد العذاب.

انتفضت لفكرة أن فارسه قد يؤذيه يوماً، يبدو أنه حتى هو كما البقية لا يدري.

- لا لا ... شيرو لم يؤذيني يوماً ... فقط أريد الذهاب لرؤيته.

لانت ملامحه قليلاً، وأردف برفق:

- آنستي ... من فضلكِ ... مقابلتكِ لهذا الشاب ستضر بسمعتكِ وحسب، ألا تظنين يوماً أنه طامع بثروتكِ ومكانتكِ ليس إلا.

- ليس كذلك ... إنه شخص جميل ... لا يمكن أن يؤذيني.
- آنستي ... ليس كل جميل غير مؤذٍ ... لطالما وجدت كائنات غاية في الجمال وغاية في السمية في نفس الوقت.
- لم أقصد فقط جمال وجهه ... إنه جميل من كل النواحي ... أخلاقه، تعابيره، أسلوبه، كل ما فيه جميل.

صمت "داركين"، فماذا هو فاعل أمام عزم سيدته.

- فقط أريد مقابلته ... ألا يمكنك فقط أن ترافقني.

تنهد وأردف:

- بأمركِ آنستي.

__________♡

"إن كانت الحياة عازمة على فراقنا، فلم جمعتنا، وكأنها ترفعنا عاليا في السماء، لترمينا أرضاً"

__________♡

"قد تتهشم قلوبنا ... لكن ألا يمكننا فقط مواصلة المسير".

ابنة القمر "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن