نظرت إلى عينيه مصدومة من قوله فبادلها النظرات بعيون ذابلة واستطرد : كنت أظن أنك متفقة مع صفية لتنتقما مني ، لكني اليوم تأكدت بأنك مهتمة بأمري فعلا
تجمدت مكانها دون حراك تنظر في عيونه وهو يرمقها بنظرات مليئة بالحب والثقة ولم تستطع أن تتحرك أو تتكلم حتى ابتسم لها بضعف فابتعدت عنه مسرعة ، إن نيتها الأساسية الانتقام ، لقد نسيت هذا الأمر في غمرة مغامرتها معه ، وراحت تردد بارتباك : أنا .. أقصد .. يجب أن أذهب ..
وابتعدت لتندفع نحو الباب لو لم تمسكها يده فجأة وجذبها نحوه فهوت على صدره ليلف يديه حولها وعانقها برفق ثم همس في أذنها : أحبك ..
شعرت بأن قلبها رفرف بعيدا خارج صدرها وظلا على هذه الحال دون حراك حتى شعرت بالباب يفتح وسمعت صوت المقبض ، فانتفضت من مكانها لتخرج فاصطدمت برفيقه عند الباب وهو يدخل فنظر إلى يوسف مصدوما يقول : أليست تلك رفيقتك ؟؟؟
لكنه سرعان ما نسي أمرها عندما وجد الغرفة تبرق من النظافة ، فحمل قميصا وجده أمامه قائلا مصدوما : هذا قميصي المفقود .. وهذا حذائي الذي اعتقدته قد سرق ، وهذا شاحنك المفقود ..
نظر يوسف فوجد هاتفه على الشاحن فابتسم وهو يشعر براحة لم يشعر بها حتى عندما كان بكامل صحته ثم دخل ليلتف داخل بطانيته وقد تورد وجهه ليس من الحرارة هذه المرة إنما من ذلك الحضن .
عندما خرجت ماريا من بنايته توقفت لتستند على الحائط وقلبها يركض قبلها ، وضعت يدها على صدرها لا تفهم هذا الشعور الغريب ، لماذا يدق بهذا الشكل ؟ ما خطبه ؟ أدركت بأن هذا شعور الوقوع في الحب بشكل عنيف ، لكنها خافت منه بشدة وظلت ليلتها تلك بدون نوم .
ارتاح يوسف بعد يومين من ذاك فعاد إلى الدراسة وهو متحمس للقاء محبوبته اللطيفة التي لولاها لأخذ منه الشفاء أسبوعا أو أكثر ، بينما كانت تقلب الطعام في سينيتها كما باتت تفعل منذ غاب محبوبها ، لقد لون حياتها بشغف ثم أخذ كل الألوان معه ، فلم تعد الحياة بعده كما كانت قبله وبينما تأكل على مضض جلس أمامها فجأة حين رفعت رأسها ووجدته امامها علقت اللقمة في حلقها وكادت تختنق شربت بعض الماء ثم لم تستطع أن تقول شيئا ، اختلطت بداخلها الشوق والحب والخجل من آخر لقاء بينهما لكنه قال بتلك الابتسامة الساحرة : هل اشتقت إلي ؟
ابتلعت ريقها ولم تستطع حتى أن تتنفس وهي تنظر إلى عيونه الجميلة فتوسعت ابتسامته وعقب : لم تردي على اتصالاتي .. هل هناك خطب ما ؟
لم تستطع أن تخبره بأنها تشعر بالخجل من ذلك اليوم .. ذلك الحضن ، لم تستطع أن تقول بأنه لم يقربها أي رجل في حياتها ، ونظرت هنا وهناك ثم قامت فجأة تقول بارتباك : أعتقد بأن صفية تحتاجني ..
ثم هربت من أمامه ، وظلت تتجنبه منذ ذلك اليوم ولم يعد يسلك طريقا إلا وسلكت أخرى ولم تعد تجيب على اتصالاته ، حتى جاء ذلك اليوم عندما انتهت محاضرتها وكانت تخرج من قاعة المحاضرات ، عندما وجدت يوسف أمامها فجأة عند المخرج يحدق فيها كأنه يقول : أمسكتك أخيرا
تصلبت أطرافها وابتلعت ريقها لكنها قررت التظاهر باللامبالاة ، فابتعدت لتخرج كأن شيئا لم يكن ، فوقف في طريقها فحاولت الاتجاه الآخر فأغلقه في وجهها مجددا ومجددا حتى بدت الفجأة على ملامحها وأشارت خلفه مفزوعة تقول : ما هذا ؟؟؟
فزع والتفت لينظر خلفه فتسللت مسرعة لتهرب غير أنه أمسك بذراعها قبل أن تتجاوز الباب وقد كشف حيلتها ثم جذبها ليدفعها إلى الحائط خلفها قائلا بحزم : أخبريني الآن لما تتهربين مني ؟
نظرت إلى وجهه إنه قريب جدا منها ،" يا إلهي سينفجر قلبي على هذه الحال .. "
تلون وجهها وتسارعت أنفاسها ، فحاولت الهرب مجددا غير أنه حاصرها بيده الثانية حين وضعها على الحائط خلفها وقال بحزم : أنا مستعد للبقاء هنا حتى الصباح إذا لم تتكلمي ، ما خطبك ؟ ما الذي حدث ؟
أخفضت رأسها وهو قريب يحدق فيها بهذا الشكل ، تشعر بأنها لو نظرت أكثر ستذوب بين يديه ، إنها تواصل الغرق والغرق كأنها لن تستطيع التنفس بجواره ، لكنه وضع يده على وجهها ليرفعه إليه قائلا برفق : لا بأس أخبريني ، قولي ما الذي يزعجك ؟
صدم بشدة عندما توردت وجنتاها وامتلأت عيونها دموعا فتلألأت بداخلهم ، أبعد يده عنها مسرعا وقال متوترا مصدوما : ما..ماريا .. ما بك ؟ هل .. أقلقتك بشكل ما ؟؟؟
ولم تعلم كيف ذرفت دموعها فجأة دون أن تشعر بدأت بالسيلان لتشق وجهها وقالت بصوت تخنقه الدموع : أجل .. أنت فعلت بي شيئا ما .. قلبي عندما يراك يبدأ بالنبض بطريقة غريبة .. لم أعد طبيعية ، أفكر فيك فقط طوال الوقت ، شعور لا يعجبني أبدا .. لا أحبه البتة
ووسط صدمته رفعت قبضتها لتضربه على صدره بضعف وهي تردد : أنت السبب ، منذ حضنتني ذلك اليوم تحولت إلى هذا الشيء .. لماذا ..
وزادت تضربه وهي تردد : لماذا تحضن رفيقة حبيبتك السابقة ، لماذا تعاملها بهذا الشكل ؟ لماذا تفعل كل هذا مع صديقة حبيبتك السابقة ؟؟؟
وقبل أن تضيف حرفا أمسك يدها فرفعت رأسه لتجد على وجهه نظرات باردة بشكل مخيف ، فتجمدت الدموع في عينيها لكنه قال بصوت جاف : لم أحتضن صفية ولا مرة .. لم أحتضن أي فتاة في حياتي .. لم أحب صفية حتى .. أحببت...
وسكت قبل أن يكمل بسبب وعده لصفية بأن لا يخبرها بشيء فابتلع حروفه لكن ماريا قالت بصوت تخنقه العبرات : لكني أظل صديقة حبيبتك .. لا تبدو شخصا لعوبا وماكرا لكني لا أستطيع إيجاد تفسير لعلاقتك هذه معي ؟ كيف يصاحب أحدهم صديقة حبيبته السابقة كيف يحتضنها و...
وقبل أن تضيف حرفا جذبها إليه ولف ذراعه حول خصرها ووضع يده الثانية خلف عنقها ثم مال بشفاهه على شفاهها ليطبع عليها قبلة حارة طويلة لم تستطع حتى أن تستوعبها ، عندما ابتعد عنها وجدها متجمدة مصدومة تحملق في الفراغ فقال بغيظ : إذا كنت منزعجة مني بسبب حضن ، فها قد أعطيتك سببا معقولا أكثر لتنزعجي بسببه ..
![](https://img.wattpad.com/cover/361713295-288-k623975.jpg)
أنت تقرأ
انتقام امرأة
Romanceكانت تعتقد بأنها حلم كل رجل ، وأنهم سيقعون باكيين عند قدمها بمجرد غمزة منها ، لكن يوسف حطم كل غرورها حين انفصل عنها ، خاصة بعد أن أحبته وهي التي لم تحب من قبل ، فماذا ستفعل به ؟