لعبة الموت

35 3 3
                                    

....ظلام دامس ... وصمت يعم المكان جاعلا المقصورة الباردة التي تصعد ببطئ أشبه بتابوت متحرك الفرق بينها وبين التابوت أنه يدفن أما الضيق الذي أنا فيه يصعد ببطئ مع تزامن ضجيجه الصدئ البطئ نحو المجهول أو بطريقة أكثر وضوحا إلى موتي المحتم . انتظر بفارغ الصبر لحظة توقفه .
لم اشهد في حياتي اطول من هذه اللحظة .
الزمن ينساب ببطئ شديد كإنسياب الرمل خلال ساعة رملية مؤقتة .

قلبي يكاد يخرج من صدرى حتى اني شعرت بصدى دقاته تعم المكان .
هذه المرة لا احد يرافقني . انا فقط ....
توقف المصعد فجأة جاعلا مني اتحرك قليلا من وضعيتي المخدرة والمتحجرة ، ابتلعت ريقي وأخذت بفرقعة أصابعي بطريقة مرتبكة.
لاحظت أنهما يتعرقان بشدة داخل القفاز الجلدي السميك ، اخدت نفسا عميقا للغاية واخرجته.
السترة الحامية جعلت من تنفسي صعبا لكني بدأت اعتاد عليها قليلا .
بقي المصعد الضيق ساكنا من دون أي حراك ، الباب لا يزال مغلقا وانا لا أزال متعرقة ومتوترة في الداخل .

لأتفاجأ بصوت . موسيقى تعم المصعد الضيق ثم توقفت الموسيقى ليليها صوت لرجل يقول :

" الرجاء من المشاركين في اختبار التجنديد أخذ اللوحة دلتا التي ستكون أمامكم والإنطلاق . اليكم القوانين
اولا سسقوموم بجمع سبعة اعلام حمراء خلال محاولتهم للفوز."

"الفائز واحد لا اقل ولا اكثر "

ليظهر كما قال لوحة إلكترونية صغيرة للغاية بحجم هاتف تقريبا من فتحة في المصعد أخذتها بينما فتح الباب لأتفاجأ بالمنظر اللذي امامي.

اشجار عالية وكثيفة وصوت زقزقة العصافير تعلو المكان نظرت إلى ورائي لأجد أن المصعد إختفى تحت الأرض .
لأمس بيني وبين نفسي :

" همم مذهل ، مكان جيد لأموت فيه "

اخذت التطلع إلى ما يحيط بي ، أنها اشجار ويبدو الأمر كما لو أنني وحيدة في هذا المكان حينها أدركت أن لكل شخص مكان مخصصا لينطلق منه وإن المكان الذي قدر لي هو غابة .

"حسنا "

بدراسة البيئة المحيطة بي فإن نسبة نجاح تأقلمي سيكون ١٠ بالمئة وهنا تزداد نسبة موتي .
لم يسبق لي في حياتي دخول غابة ورؤية هذا الكم الهائل من الأشجار والنباتات والجذوع يحيط بي ظننت أن مثل هذه الطبيعة المنعشة موجودة فقط على التلفاز .

بصراحة كنت متوترة للغاية حتى اني ارتعبت حتى من تحريك قدمي.

ليكسر هذا الهدوء انطلاق مفاجئ لسرب من العصافير من مكان بعيد ،
هذا واضح من الصوت ، بل الأوضح من ذلك أن هذا إنذار وان هناك أمرا .. ليس أمرا عاديا في مثل هكذا مكان بل أمر خطير للغاية .

وتزامنا مع هذا الصوت اشتغلت اللوحة الإلكترونية ليرتسم على شاشتها ارقام خضراء وأخرى حمراء .
أدركت أن الحمراء هي عدد الموتى خلال الدقائق الأولى التي كنت أراقب فيها المكان واستمتع بصوت العصافير بطريقة شاعرية .

𝑰𝑵𝑽𝑬𝑹𝑻𝑰𝑨//𝚎𝚙𝚒𝚍𝚎𝚖𝚒𝚌 𝚠𝚊𝚛حيث تعيش القصص. اكتشف الآن