واحِد ' أجرَام '

531 22 3
                                    

' M '
---

قَضمتُ طَرف إصبِعي الخنصر ، يَليه هوَ والبُنصر

ما رَغِبتُ سِوى بِمَسَدٍّ لِلفَضاء المُجوّف بِداخِل ثَغري ،
أجُول المَكان بِرِمّته وأنا سَاكِنة ، بِناظِرَيّ

نَقرتُ عَلى طَرفيّ اصبَعيّ بِرِقّة بِالمِنديل ، كُنت مُمدِدةً لِسَاقاي أُناظِر فِي اللاشَيء وكُل شَيء ، لا شَيء مُحَدد

الأبنِية الرُخامِية ، مَحلّة بَيّاع الخُضر الَذي يَمتلِك ثَقب فِي سِتارة بِضاعتِه ، فَتًى بِقَميصٍ أزرَق لَم يَعي سَبب تَآكُل حَلواه وكانَ بِعَينيه الجَاحِظتين؛ عَلى وَشك البَصق بِقانونٍ فِيزيائيّ جَديد لِإكمَال مَسِيرة أسلافِه لَكِنّ لَاحِقًا لَاحظ كَلبَهُ الَذي كانَ يَلعقُها كُلّ ما سَنحت إلَيه الفُرصة

أُناسٌ عِدّة ، يَأتُون ويَذهبون ، كُلٍ مِنهم بِمِحيا مُختلِف ، نَبراتٍ مُختلِفة ، طَيّاتٍ مُختلِفة

لَطالما أحبَبتُ المُقَل ، خِصيصًا بَعد ما قالَهُ أُستاذ الفِيزياء فِي مَرحلتي الأخِيرة فِي الإعدادِية ، بِأنّ الإنس أجرَام ، وما كُل إنسانٍ إلّا عِبارة عَن جُرم صَغير ،

هَل أجرَامَهُم تَظهر بِصُورة مُتَساوِية ؟
أم أن كُل فَردٍ لَهو مُخصَص ؟

لَكِنني لَاحظت ، أنّ المُقَل لَهيَ أجرَامٌ هَائِلة بِحَدّ ذاتِها ، لَطالما كانَت بَدِيعة فِي تَصوِيرها ، وكأنّها مَجرّاتٌ خَاصة بِمَضِيفِها

لَم يَتسنَّ لِي قَط الرُؤية بِخَاصتيّ ، لَم أكُن مِن مُحبذي النَظر فِي المِرآة مُطوّلًا ، جَلّ ما أعرِفُه أنّ مُقلَتاي رَماديّتان

مَجرّتي رَمادِية .

عَلِمتُ ذَلِك ، لَستُ بِمالِكة لِعالمٍ مُلوّن ، لَم أكُن قَط .
والرَمادي بَدا جَيّدًا بِالنِسبة إلَيّ ، رَمادٍ ، رَصاص ، فَرو الذِئاب البَريّة ، صُخور جَبل ايفرِيست ، الفُضّة ،، وأخِيرًا؛ مِيكاسا .

شَابَكتُ كَفّاي ، مُطأطِئةً بِرَأسي

وما لِي إلّا أن أشعُر بِحَرارة لَاسِعة ، لَاذِعة فَد كُبّت عَلى فُخذَاي

شَهقتُ دونَ صَوت ، أُناظر السَائِل البُنيّ الَذي تَخلّل جزيئَات البِنطال وصُولَا إلى مَلمس جِلدي الَذي شَعرتُ بِه يُدهس ، يُفتّت ، ويَتمزّق فِي الآنِ ذَاتِه

وَضعتُ يَدي عَلى المَنطقة الَتي بَاتت مُبلّلة بِدون وَعي ، خَاشِيةً أن أُمسّد عَليها فَينتقل الشُعور اللاذِع إلى كَفّاي ، ولا بِي مُبعِدةً يَداي
وَدِدتُ فَقط إعلَام قَدمي بِأنَني هُنا ، وأنَني سَأكُون بِخَير

لَم أنتبِه إلّا مُتأخِرة نَحو الهِيّة القَصيرة الوَاقِفة بَعديّ ، أشيَبُ الرَأسِ ذُو البَذلة كاحِلة السَواد ، كانَ مُفرّقًا لِشفتَيه بِارتِجاف بَينما الكُوب الوَرقيّ الفَارِغ لِذلِك السَائِل البُنيّ كانَ مُحتَضنًا مِن قِبل أنامِلِه

جُرمُه ، بَدا مُشتّتًا ، كَما لَو أنّ كَواكِبه تاهَت وتَفرّقت بِعَشوائِية ، لِمَ يَفعل ذلِك ؟

لِمَ يُدمّر مَجرّته ؟

" بُنيّتي ، أستمِيحُك العُذر وخالِص اعتِذاري ، لَم أنتبِه لِطَرِيقي ،، أتَستطيعين الوقُوف لِيتسنّى لِي أخذَكِ لِلطوارِئ ؟ "

عانَقتُ كَفّاي ، لَوّحت بِعِدّة إشارَاتٍ بِأنامِلي ،، لَكِنّه بَدا أخرَقًا

'لا أستطيع الوقوف'

حَرّكتُ رَأسِي ، نَحو الحَشد الصَغير الَذي تَجمهَر ، الأُلى يُناظِرونني بِأجرَامِهم المُتفتّتة ، بِحَاجِبين مَعقودَين بِأسٍى

تَنهّدت ، هُم لَا يَعُون مَا أُشيرُ إلَيه

التَقطتُ قَلمًا ووَرقًا مِن حَقيبَتي ، ودوّنتُ عَلى عَجلة وارتِجاف ، ذلِك السَائِل قَد توغّل إلى أعمَاق جِلدَتي حَتّى أنَني حَسَستُ بِه يَنهش عِظامِي

نَقشتُ بِصُورة سَرِيعة ، بِضعة خُطوط ودوائِر تُشكّل لُغةً يُحاكونَها ، ورَفعتُها أمام جُرمَيه

لانَ مِحياه ، وما زالَت تَعابِير الأسَى مُتجلّية كَسائِر بَقيّته

" سَأُنادِي مُسعفيّ الطَوارِئ فَورًا ، بُنيّتي .. وفَلتبقِ هَكذا لِحِين وصُولِهِم "

أومَأت ، إنّها حَركة قَد استَطاع فَهم مَقصدي بِها ، لَكِن الأجرَام المُتفتّتة بِأسٍى ما زالَت لَم تَبرَحني

لِمَ يُفتّتون أجرَامهُم هَكذا ؟
ألَا يَجدُر بِهذا أن يَكون غَير قَانونيّ ؟

طَأطأتُ رَأسِي أُناظِر بَاطِن كَفيّ ، أتَتبّع بَصماتِي بِخُطوطٍ وَهمِية أرسُمها فِي ذِهني

لا أرغَب بِتَشتيت جُرماي الآن .

---

---

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
الجِهبِذحيث تعيش القصص. اكتشف الآن