' كَيف لِي أن لَا أُنادِي .. '

74 9 7
                                    

" MIKI "
---

" كَيف لِي أن لَا أُنادِي ..

مَن ألبَس عُمرِي سَوادِي ؟ "

مَسّدتُ عَلى الرُخام الأسوَد أعلَى العُشب ، عِدّة كلِماتٍ حُفِرت بِلونٍ مُضاد ، ما شكّل سَطران حَسبْ قَد حفِظتُه عَن ظهر قَلب الآن ،

هُنا يرقد عزِيزي ، وأكثَر مَن أُحِب .

جَلستُ قِباله ، ما زلتُ أُمسّد عَلى القِطع أمامِي وعَيناي مُثبّتان على العُشب ، حيثُ دُفِن أسفَله لِستّة أقدَام ؛ مَحبوبِي .

مرّت رِيحٌ بَارِدة بَين الفِينة والأُخرى ، جاعِلةً خُصَلي الَتي الآن بِموازاة كتِفي تَتطاير ، نحنُ فِي أواخِر الرَبيع وما زِلتُ أزورُه كُل يَوم ، وآتِي أحيانًا لِأعتذِر لَه عَن عَدم مَجيئِي فِي اليَوم السَابق .

مرّت ثلاثَة سَنوات مُنذ ذلِك الحِين ، ثلاثَة سَنوات مُنذ رُؤيتي لجِفنَيه المُغلَقين وتعرُضي لِنوبَة هِستيريّة ، ثلاثَة سَنوات مُنذ أنّ أُعلِنت كُل مُخططات آرمِين لِسفالتِه التامّة وأُغلِقت فِيريوس إلى أبَد الآبِدين ، وساعدتُهم فِي الوصُول إلى جَميع ملفّاتِه الخَاصة .. حتّى وصُولهم إلى تسجِيلاتِه الصوتِية بِاتّفاقاتِه مَع مُعظم المُستثمِرين وبِضمنِهم جُوناس ، وبِفضل هَذا كُلّه ؛ أصبَحتُ بَطلة حمَت بَني جِلدتها مِن تجرُبة طائِرات حربِية مُتهوّرة ، واستطعتُ امتِلاك مَتحفًا صغِيرًا لِفن خَزف يَدوي فِي فَرنسا .

تَحقق ما ابتَغاه إيرِين مِنّي .

بَعد دُخول جُوناس لِلسجن المُؤبد ، إثر مُعاهداتِه مَع آرمِين وعدّة صَفقات وأفعال غَير قانونِية أُخرى ، كُنت أزورُه رِفقة ابنتِه الَتي تولّيتُ رِعايتَها بِنَفسي
لَم يكُن لَها أقرِباء ، ووالِدتها توفّيت عِند وِلادتها

كُنت الوَحيدة الَتي وافَقت عَلى أن تُنادِني 'أُمّي'

دنوتُ بِرأسي نَحو الأعشَاب الصغيرَة الَتي تسبّبت بِحكّة فِي رُكبتَاي ، الهُدوء الَذي يفترِش هَذا المَكان لَطالما جَعلَني أسترخِي ، أهوَ يشعُر بِالرَاحة الآن ؟ هَل أُزِيح عَنه ما أثقَل كاهِله أخِيرًا ؟

" أنتَ أنانِي .. "
شابَكتُ كفَّي المُرتجِفين حِين قُلتُها

" ابتَغيت رَاحة ذِهنك حَسبْ ، لَكِن مَاذا عَنّي ؟ "

" أنا أشعُر بِالضَياع حِين أتعرّض لِنوبَة ، أُحاوِل السيطرَة عَليها بِنَفسي دون إخافَة كالّا ، لَيس هُناك أحد أتّكِئ عَليه ، أنتَ لَستَ هُنا لِتهدِئتي .. "

" أودّ رُؤيتك .. "

تناقُض ما خَرج مِن ثَغري فِي غُضون ثوانٍ كانَ لِيَضحك عَليه إيرِين بِشدٍة ، قائِلًا إنَني لا أعرِف ما أبتغِيه بِالضَبط
لَكِن ما قابَلني هوَ صوتُ أورَاق الشَجر المُتضارِبة مَع بَعضها ، ولَا شَيء سِوى الصَمت غَير ذلِك

وَضعتُ يَدي أعلَى ثغرِي حِين شَعرتُ بِشهقاتي قَد تهرُب ، أغمَضتُ عَيناي ، مُحاوِلةً استِذكار ما أذكُره عَنه

حاجِبيه الكَثيفِين ، خُصلاتِه الطَويلَة الَتي اتّخذت مِن الشُوكولاتة لَونًا ، مُحيّاه الحِنطي-البرُونزي ، مُقلَتيه الزبَرجدِيّتين اللتَين لَطالما جَعلاني أتوهُ غرقًا ، ضِياعًا تامًّا فِي جُرمَيه الأخَّاذين .

وأخِيرًا ؛ صوتُه ، أحببتُ نَبراتِه كُلّها ..
الهادِئة ، الساخِرة ، الحادّة ، والَتي يُهدِئني بِها .

لَطالما أخبَرتني أنّك هُنا ، وأنّك ستَكون مَعي ..
أين أنت إذَن ؟ أيُها الأحمَق الكذّاب .

مُنذ مماتِه ، وأنا أشعُر بِأنّ هَذا مَألوفًا
كَما لَو أنّ ذِكريات مَشبوهة تنبض فِي ذِهني .

حِينها علِمت ،

أن أيّ عالمٍ ، أيّ كونٍ أتواجَد فِيه ..
موتُ إيرِين لا بُدّ مِنه ، لا بُد لِي أن أُواجِه هَذا فِي كُل كونٍ ، ذَاتِي دومًا ما ستَرى جُرميه المُحمرّين وهيَ تجعلُه يلتقِط أنفاسه الأخِيرة

" فِي هَذا العالَم ، أو أيّ عالم قَد توجَدينَه ..
موتُ إيرِين حتمِي ولا مَناص مِنه البتّة . "

---

---

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.




I had all and then most of you,
some and now none of you .



- النِهاية .

الجِهبِذحيث تعيش القصص. اكتشف الآن