Part 14

4 1 0
                                    

إنه اليوم الذي طال انتظاره!

وبعد ٣ أيام فوضوية، استطاع الثنائي الجديد إن يحددا موعدهما الأول. 

وصلت سام أولاً، وبدأت حواسها في استكشاف المكان المميز الذي اختاره دونغهي، تحسست ذرات الرمل المتطايرة مع النسيم، وقد لامست جلدها تارة، وثوبها الناعم تارة أخرى.

لقد كان الجو مثالياً، مليئاً بالحب، مليئاً بالحماس لأول نظرة لهما كشخصان يملكان بعضهما، وقد شعرت أن الطبيعة من حولها، الريح اللطيفة، البحر الذي يغني، كانوا جميعاً بحماسها.

انقضت نصف ساعة ببطء شديد، لكن سام لم تتذمر، فهي تعلم جيداً وضع دونغهي كآيدول، وكشخص مطارد من الصحفيين والمتصيدين في كل مكان، فقد اضطر أن يخبرها أن تذهب قبله، ولم يرد أن تكون هذه البداية لعلاقتهما الجديدة، لكن سام تفهمت وقابلت أسفه بابتسامة مررت من خلالها أنها ستكون معه مهما كان الأمر صعباً، فهي طبيبته الشخصية، واليوم... حبيبته!

"سام!" سمعت صوته، فتزايدت ضربات قلبها مجدداً، التفتت لتجده مادّاً ذراعية مستعداً لاحتضانها، ركضت بضع خطوات لتغرق بأول حضن صريح، دون مشاعر مخبأة، دون أناس تراقب، لقد سمحا لنفسيهما اليوم بتحرير قلبيهما.

"أين سنذهب؟" سألته وقد نظرت إلى البحر حيث لا شيء بعده

"لقد حضرت مكاناً مميزاً، لكن لحسن الحظ، لم تنظري خلفك لتفسدي المفاجأة" ابتسم منتصراً ثم أدار كتفيها لتلمح عيناها الفضوليتان كوخاً مختبئاً خلف بضعة أشجار خلف الشاطئ، لم تتوقع مكاناً كهذا أبداً، لكن جمال الكوخ، وصغره وبساطته، جعلوها تتحمس أكثر لهذا اليوم الذي لن ينسى. 

لم تقل شيئاً، بل اكتفى وجهها بكل شيء، تشابكا الأيدي ودخلا ببطء. 

كانت رائحة الخشب الممزوجة بماء البحر تسيطر على المكان، تخللتها بخجل روائح بعض الأزهار التي حضرها دونغهي، وبينما بيمشيان في الرواق الضيق، تلامس أقدامهم خشب الأرض ليصدر صوتاً لطيفاً مرحباً بهما، والنسيم يدخل بفضول بتهتز الزهور فتنافس كل الروائح بطيبها. 

لامست أنامل سام حائط غرفة الجلوس الصغيرة، وشعرت بالدفء فور رؤيتها لبطانيات مجهزة أمام تلفاز صغير، تعلم جيداً أن دونغهي مولع بالبساطة مهما ارتفع شأنه

"تريدين أن تأكلي شيئاً؟" سمعت صوته من غرفة أخرى "لقد أحضرت معي بعض الشطائر" 

"أريد الجلوس معك الآن دونغهي" تكلمت بخجل، لكنها تشجعت خوفاً من انقضاء هذا اليوم المثالي بسرعة

خرجت من غرقة الجلوس لتجد دونغهي يقف مبتسماً آخر الرواق، تفصل بينهما بضع ألواح خشب، تقدم نحوها مستعداً لسرقة قبلة، ليلمح غرفة أصغر من التي كانت  فيها، كانت فارغة من كل شيء إلا فراش رقيق افترش الأرض وبطانية ووسادة، لم يستطع إخفاء خجله حينها، وقد لاحظت عليه سام، فتقدمت لترى ما الذي جعل وجهه محمراً، ليتورد وجهها كذلك، لحظة صمت ثم أدارها ظهريهما. 

"هل... تريدين مشاهدة فلم؟" حاول دونغهي كسر الصمت بسؤال، وقد علم أنه سيفوت فرصة التعرف على سام أكثر فأكثر

"طبعاً!!" أجابت دون تردد بحماس فاجأ دونغهي، فدخل غرفة الجلوس وأخذ أحد العلب التي  وضعت فوق التلفاز

"ما رأيك بهذا؟" 

"أحب هذا الفلم!" انه المفضل لدي 

"أحقاً؟ حسناً سأعتبر أن هذه أول معلومة تعلمتها عنك اليوم" 

أطرقت سام وججها خجلاً، ومع أنها كانت تريد قضاء اليوم كله تتحدث معه، إلا أن هذا الفلم هو الطريقة الوحيدة لكسر حاجز الخجل بينهما 

تغطى الاثنان ببطانية واحدة وشغلا الفلم، ومضت ساعتان كدهر طويل، وقد استسلمت سام لقلبها وأرخت رأسها على كتف دونغهي حتى انتهاء الفلم، وهي تسمع نبضات قلبه المتسارعة. 

انتهى الفلم فعم الهدوء مرة أخرى

"كان فلماً لطيفاً" علقت سام مغمضة عيناها كمن استعد للنوم بطمأنينة. 

"لم أرد أن يكون موعدنا الأول في سينما أو مطعم، أردت أن أقدم لك شيئاً مميزاً مثلك سام" 

رد دونغهي فنظرت إليه سام بدفئ، شعور أنها مميزة بالنسبة له، أنه يقدر مجرد وجودها، كان كل شيء

"أريد أن أعرف أكثر عنك سام، أنت الآن أهم شخص في حياتي، أريد أن أكون جزءاً من حياتك، أريد أن أغوص فيها، وأشاركك إياها، وأقف معك في كل لحظة فيها"

شعرت بيده تضغط على كتفها، لقد كان متوتراً لكنه تشجع، تلألأت عيناها وكادت تبكي من السعادة والخجل، وشعرت بالحرارة بينهما، ما زالت تنظر إليه وينظر لعيناها، ومع كل ثانية كان يقترب أكثر، وكان نبض قلبها يسرع أكثر، هل سيتوقف الوقت هنا؟ 

أنفاسهما تلاحمت، وكادت تختفي، لكن وللحظة، شعرت بتسرع أنفاسه. 

ساورها القلق للحظة، وزاد حين شعرت بيده تضعف قبضتها على كتفها، انسدلت أجفانه وسقط بين ذراعيها

"دونغهي!!" نادته بقلق، لكنه لم تجبها إلا أصوات أنفاسه. 

أمسكت بمعصمه لتقيس نبضه فلاحظت انخفاضه، حينها استطاع أن يرفع رأسه من حضنها

"لا تقلقي، مجرد تعب عابر" أخبرها بابتسامة ضعيفة، وأمسك يدها التي كادت تلامس جبهته لتتبأ بحرارته

"لا تقلقي" كررها ونهض إلى المطبخ ليحضر الشطائر "ربما أنا جائع!" ضحك وعاد للتربع بجانبها، ابتسمت لقوته محاولة إخفاء قلقها

ما إن أنهيا الشطائر حتى لاحظت سام غروب الشمس، فاستغلت اتصال مدير دونغهي لتخرج إلى الشاطئ لتراقب المياه الزرقاء و القمر و نجومه
..
تتأمل البحر.
كان هادئاً عكس الوقت الذي جاءت به، كأنما شعر بها.
راقبته دون قول شيء، وتنفست بعمق، ثم شعرت بدونغهي يفترش الأرض بجانبها، ارتاحت أكثر
للحظة ضاع الاثنان في الفضاء الذي ارتسم على البحر
كانت تتأمل انعكاس القمر على المياه، وهو كان يراقب انعكاس القمر في مقلتيها
ثم توقف الوقت مجدداً، وتحررت قلوبهما مجدداً، أمسك وجهها، أداره ناحيته، أغمضا أعينهما واستمتعا بصوت البحر بينما تلاحمت شفتاهما برفق تحت ضوء القمر.
بقيا على الشاطئ حتى وقت متأخر استغلا عدم وجود أحد فيه، ثم نهضا ناحية الكوخ الصغير..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 19 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

نحوَ عالَمِهم ْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن