قررت ليليان العودة للواقع بعد الحلم الذي تحطم، فهي لم تأتي لرؤية أحد، ولم يكن شيئاً مما واجهته حقيقياً، كانت لعبة مشاعر دفعت ثمن دخولها وقررت عدم تجربتها مجدداً
ولأجل مصاريف السكن والمعيشة، لم تشأ أن تترك سام تتحمل المسؤولية وحدها، تعلم جيداً أن سام لها، لكنها لم ترد أن تكون عبئاً، لذا قررت البحث عن وظيفة بدوام جزئي.
"سأبدأ بالمخابز"
حملت حقيبتها وأخذت تتجول في شوارع لم تمش بها قط، ولم ترها إلا في الصور، لم تظن يوماً أنها ستمشي في شوارع مدينة أحلامها.
وقد كان الحظ إلى جانبها حين وجدت مخبزاً عصرياً يقع على بعد شارعين من مسكنهما، وهرعت إليه حين لمحت ورقة بيضاء على الزجاج تطلب موظفين جدد.
"أرجوك أجاشي، أنا جاهزة للعمل فورا! لقد ورثت مهنة الخبز أباً عن جد، ولن أخذلك!"
وبكلمتين لطيفتين وحماس يشبه حماس الأطفال، استلمت ليليان مئزراً قد رسم عليه اسم المتجر
لقد أصبحت موظفة أخيراً!
أرادت الاتصال بسام كي تخبرها بفرح، لكن العمل الشاق قد بدأ بحظة إعلان المحل بجرسه الصغير ساعة الافتتاح
الكثير من الطلبيات، والكثير من الزبائن المحتارين والمدققين، لكن ليلي كانت لها!
مرت عدة ساعات، وتطلخ مئزر ليليان بالطحين وروائح التوت والشوكولا، وحين رأت آخر زبون يغلق وراءه الباب بعد أن ودعته، لاحظت أن الليل قد حل فعلاً، وبدأ التعب بالتخلخل إلى عظامها.
"آه سام!" تذكرت أنها لم تتصل بها، فغسلت يديها وأخرجت الهاتف لتجد مئات المكالمات الفائتة منها.
"ستقتلني حتماً" همست وقد فتحت لتكتب لها، فقد شعرت أن الاتصال بها الآن سيجعلها صمّاء من الصراخ.
وبلحظة إرسالها للرسالة، سمعت جرس المخبز يرن، تنهدت لأنها ظنت أن ذلك الزبون كان الأخير.
"كيف يمكنني مساعدتك؟"
تكلمت بابتسامة قبل أن ترى أن الرجل قد خبأ ملامحه وراء وشاح طويل وقبعة، فانتباتها الريبة وعادت لهدوءها.
اقترب الرجل أكثر لكنه لم ينظر للقائمة، بل كان نظره موجهاً نحوها فقط.
وباللحظة التي شعرت بها أن قلبها على وشك الانفجار، خلع الرجل وشاحه، وتحول من رجل مريب بنظرها إلى رجل مهمته اللعب بمشاعرها.
"كيو؟" قالتها بشكل مختصر، وبنبرة تملؤها الريبة، لربما خفق قلبها فرحاً، لكن عقلها لم يتقبل الأمر أبداً.
"ليليان شي" همس مقترباً منها أكثر، لتجعل المسافة المتبقية بينهما صوته أكثر هدوءاً.
"كيف عرفت مكاني؟" كان أول سؤال عفوي انطلق من شفتيها، وقد أمالت رأسها متجنبة النظر إلى وجهه الذي أصبح قريباً منها.
"للصراحة، كنت ذاهباً لمنزلك، لكنني مررت بالمخبز لأتفاجأ برؤيتك هنا"
لم تتكلم واكتفت بهز رأسها، فتابع:
"ليليان أنا آسف حقاً، لم أدرك مدى غباء تصرفي، أعلم أنني قد جرحتك، لكنني لا اريدك أن تأخذي تلك الفكرة السيئة عني إطلاقاً، لست هذا الشخص المتحجر الذي تتوقعينه"
" إذن لماذا فعلت ذلك كيو؟ "
لم يدرك كيوهيون مدى سعادته حين سمعها تنادي اسمه المختصر بنبرتها الناعمة مجدداً، لكن قلبه لم يخف الأمر.
"لقد كان مجرد سوء تفاهم، صدقيني، تعرفين أن الإنسان كائن معقد، ذو مشاعر معقدة"
" نعم، لقد اكتشفت ذلك بفضلك"
لم يفهم ما عنت، لكنه قرر الاستمرار، فأخرج من سترته وردة بيضاء بحجم كفه، وسلمها لها
"اقبلي مني هذه ليليان، الورود البيضاء هي مشاعر صافية وبسيطة"
عادت ابتسامتها سريعاً بمجرد رؤيةتها للزهرة الصغيرة، امسكتها بأطراف إصابعها خوفاً عليها، وعادت للنظر له.
لاحظت أن عيونها عادت لتلمع كمان في السابق، تلك اللمعة التي لاها قلل أن يبدأ أول شجار معها
لن يتركها تزول هذه المرة
فابتسم حماية لها
"أشكرك حقاً على الخاتم، سأحرص على ارتدائه في حفلي القادم" عادت نبرة صوته ترتفع لتصبح نبرة الصوت التي اعتادت أن تسمعها ليليان، فشعرت بالراحة
هاهي لعبة المشاعر تناديها مجدداً
هل ستدخل؟
"إذاً وبمناسبة حصولي على عمل هنا، دعني أقدم لك أول ما خبزته"
أخرجت من أحد الرفوف كعكة ذهبية اللون، تخللتها خيوظ حمراء متوازية.
"هذه كعكة الفراولة، لكن بها خلطة سحرية ستجعلك تتذكر مذاقها للأبد"
شعر كيو بحماسها المتصاعد، فاستلم الكعكة ضاحكاً "سأجعل كل أعضاء الفرقة يتذوقونها وأخبرك برأيهم، نحن خبراء، لقد تناولنا كعكاً من مختلف دول العالم، فكوني مستعدة للانتقاد"
وتعالت بعدها الضحكات لتملأ المكان الهادئ وسط الشارع المظلم
.
.
بعد وداع غير مرغوب، عادت ليلي للمنزل ناسية تماماً أنها ستتلقى صراخاً وتأنيباً عنيفاً
"ليلياااان!!!!" استقبلتها سام منذ فتحها الباب، فركضت ليلى متجنبة أي هجوم منها
"سأفسر لك! أعطيني فرصة" صرخت وهي تغلق باب الغرفة عليها
"أتعلمين أنني كنت سأذهب إلى مركز الشرطة الآن للبحث عنك؟ لم تخبريني بعنوانك حتى" صرخت سام
"لقد أخطأت أوماااا" أجابتها بنبرة ضاحكة "لكنني التقيت بكيو اليوم"
"كيوهيون؟؟ ما الذي حدث؟"
"أولاً عديني أنك لن تبدأي بضربي إن خرجت"
" لقد نسيت الموضوع تماماُ" ضحكت سام" هيا اخرجي انتابني الفضول"
وبعد جلسة مطولة من الحديث، ابتسمت الاثنتان ابتسامة حزينة، فهن تعرفان تماماً ان ما يحصل معهما ومع كيوهيون ودونغهي مجرد حلم، وسينتهي مهما كان طويلاً
"سام، ما الذي علي فعله؟"
"أواجه نفس المشكلة، ليلي"
أجالتها بدون أي استفسار، فقد فهمتا بعضهما دون أي كلمة زائدة
......
مرت عدة أيام زارت فيها سام المخبز الذي تعمل فيه ليلي، وهنأتها ووصت بها صاحب المكان بأسلوب أحرج ليلي، لكنها كانت سعيدة أن لها أختاً كبرى تعتني بها.
وقبل موعد النوم بقليل، جلست الاثنتان لتناول بعض الوجبات الخفيفة أمام التلفاز، والتحدث بعد يوم طويل
شغلت سام التلفاز على إحدى القنوات الفنية، وللصدفة كانت هنالك مقابلة مع تشو كيوهيون
"لحظة!" أخبرتها ليلي فور رؤيتها لوجه كيو، فضحكت سام وتركت جهاز التحكم ساخرة "هاقد بدأنا"
"أخبرني سيد كيوهيون، ما هو هدفك القادم كمغني مشهور؟"
"ما زلت أعمل على ألبومي الجديد، سيكون دافئاً، وسيحتوي ٧ أغان، موعد الإطلاق لم يحدد بعد، ولكني سأخبركم سراً، هنالك أغنية سأرقص فيها!"
"هذه أخبار حصرية رائعة! ما الذي سيتحدث عنه الألبوم؟"
"سيتحدث عن صراع المشاعر المبهمة لحظة الوقوع في الحب لأول مرة"
"اوووه هذا دافئ حقاً! وبمناسبة هذا الموضوع، هل لي بسؤالك إن كنت قد واجهت هذه المشاعر قبلاً؟ هل لديك أحد جعلك تصارع هذه المشاعر؟"
"انه سؤال شخصي جداً" ضحك بخجل "ولكن سأكون صريحاً، وأخبرك أن هنالك شخصاً جعلني ويجعلني أشعر بهذه المشاعر"
وبعد هذه الجملة، شعرت ليلي أن أصوات العالم قد انكتمت، ولم تعد تسمع إلا دقات قلبها
لماذا؟
هل لها الحق بأن تكون حزينة؟
"ليليان" هزتها سام لتستعيد رشدها، ولاحظت الدموع قد ملأت عيونها
"لماذا؟" سؤال لكل شيء...
.
.
.
.
مرت عدة ايام منذ آخر مرة لمحت طيفه فيه، تلك التي ارهقتها احاسيسها و تمكنت مشاعرها من إطاحة الهزيمة بها
..
اما الصغرى فلم تكن افضل حالا، مشاعرها لقد جُرحتْ بعمق رغم ان ما حصل متوقع و خبر أقل ما يقال عنه انه طبيعي و لكنها لم تستطع ان تكبح مشاعرها..فقد شعرت ان حلمها الوردي قد تلاشى بعيدا
..
أنت تقرأ
نحوَ عالَمِهم ْ
Adventureحين نقرر الدخول بمفتاح الحب، متجهين نحو الطرف الذي أصبح جزءاً منا، لا ندرك أن عالمينا سيندمجان... بطريقة ربما لا تكون لصالحنا... أن نصبح جزءاً لا يتجزأ.. قطعة جديدة داخل حياته.. هل سيكون التغيير هذا دائماً للأفضل؟ نحو عالمهم.. سندخل بوعي غطاه الحب و...