٩- أوْهَــامْ

29 2 3
                                    

☆☆☆

الْحَقِيقَة دَائِما تُؤْلِم مِنْ تَعَوُّد عَلَى الْأَوْهَام.

☆☆☆
الصُراخ المُزعَج خَف شَيْئاً فشَيْئا حَتى اختَفى كُلِياً،صَوت الطَلق النَاري تَوقف
لَم يتبَقى أي أحَد فِي المَكان و الصَمت المُخيْف عَم أرجَائه، عَلى الشَاشَات الكَبيْرة ظَهرت كَاتيَا التِي حَاولت سَحْب آغور مِن سَيارتِه دُون جَدوى، رائِحة البنْزين عَمت المَكان و العَديْد مِن اللقطَات مَرت عَلى عيْنَاي، إرتَجفت يَداي و تَصلبْت مَكانِي و لَم أعُد أشْعر بَما يَحدث حَولِي، أيْن أنَا و مَالذِي أفعَله فِي هَذا المَكان؟ أنا لا أنْتَمِي إلى هُنا، أخْطَئت بخروجِي مِن المَنزِل...لكِن مَا لا أفهمُه هُو لِمَاذا أفَكر بِنفٌسي فِي حيْن لسْت المُحاصَرة فِي سَيارة مُحطَمة و أحدُهم يُحاوِل قَتلي...شَيْئاً فشَيئاً أفقْت عَلى المكَان مِن حَولِي أخَذت نَفساً مُهتَزاً و ركَضت لأسَاعِدها
"حَرريْه مِن حزام الأمَان!" صَرخْت أتجَه نَحو سَيارة ليون، لمَاذا تَوقفت الطَلقَات النَارية؟ فكرت...هَل يُعقَل أنه مَات، لا لا مُستَحيْل لا تُفكِري هَكذا، أيْقظنِي مِن أفْكَاري صراخ كَاتيا اليَائِس
"تَباً، لا أنْجَح..." صَمَتت و سقَطت دمُوعَها بغَزارة "لا أسْتطِيع حَتى فَتح البَاب اللعِين...لا أسْتطِيع فِعلها" صَرخت مُجدداً بَينمَا تَضرِب السَيارة بِرجلها بِقوة تَنهدت و قَبضْت يدِي بقوة
"حَاولي مَع لِيون" أسْرعت نَحو سَيارته و حَاولت فَتح البَاب لكِن دون جَدوى
فكِري بُسرعة فَكري بُسرعَة...سحَقت شفتَاي بَين أسْناني بِسبب الفِكرة التِي راودتْنِي. إبتَعدت قلِيلاً و نَظرت فِي الأرْجاء أبحَث عَن أي شَيْئ يَستَطيع مُساعدتِي إتَجهت بِسرعة أحْمل حَجراً مُتوسِط الحَجم فِي يَدي و إقْتربت مِن السَيارة ثُم حَطمت زًجَاج النَافِذة و حَاولت إدخَال يَدي لأفتَح البَاب إبتَسمت بِسعادة حالما فُتِح، تَالياً حاولْت بِكل ما أمْلك مِن قوة سَحب حِزام الأمَان لَكنه كَان عَالقاً أيْضاً، تَنهدت بِقوة و جَردتُه مِن الخُوذَة التِي كَان يَرتَديها و حَاولت مُجَدداً لكِن دون فَائدة صَرخت بِضيْق لا أعْلم مَاذا أفْعَل نَظرت حَولي مُجَدداً أتمَنى لو أجِد شَيْئاً يُساعِدني ليَقع نَظري عَلى كَاتْيا التِي حَاولت مُساعدة لِيون كَدت أصْرخ لأحذرهَا مِن الشَخص الذِي كَان ورائهَا لكِنه ضَرب رأسهَا بمُسدسِه و قَبْل أن تَسقُط أرْضاً أمْسَكها و وضَعها عَلى قَارعة الطَريْق
مُسدس...أجَل هُو كَان يَحمِل مُسدَساً و إقْتَرب مِن سَيارة لِيون المُهَشمَة تَوقف عَقلي عَن العَمل للحْظة و مُجرد التَفكِيْر فِي مواجَهة رجُل مُسَلح جَعلتنِي أتوقَف عَن التَنفس، إرتَجفت أوصَالي خَوفاً مِن القَادم، هُو سَيقتُله لا مَحالة سأشْهد عَلى جَريْمة قَتل يَجِب أن أفْعل شَيْئاً لكِن مَاذا...هَل أواجِهه فَقط سأكُون ضحِيته التَالية إن فَعلت عَضضت شَفتاي بِيأس و إتَخذت قَراري، بالنِسبَة لِي أفَضل المَوت عَلى أن أشْهَد جَريْمة قَتل تَحركْت مِن مَكانِي ببُطْئ
"هَل سَتقتُله حَقاً؟" خَرج صَوتِي مُهْتَزاً مِن خَلفِه غَير قَادرة عَلى التَحكم فِيه شُعوري بالعَجز سَبب لِي الضِيْق و جَعلنِي أشْعر أنِي بِلا فَائدَة، فِي المُقَابِل ذاك الذِي كَان مُنحَنياً أمَام السَيارة إستَدار ثُم وقَف و قَابَلنِي بِعيون بَاردَة و بصَوت لم يَظهر عَليه الضُعف أو الشَفقة للحظَة أردَف بِبُطئ "أجَل...لِما لا؟" قُشعريْرة قَوية سَرت عَلى طول عَمودِي الفِقري و لَم أستَطع أن أرُد أو أن أنْظُر نَحوه هُو الأَخَر إستَشعر ضُعفِي لكِنه أضَاف رغْم ذَلك
"مَن أنْتِ؟ و مَالذِي تَفعلينَه هُنا؟ و مَاهو الشَيْئ الذِي يجْعلك تُواجِهين رَجُلاً مُسلحاً لوحْدك فِي الفَناء، هَل ترغَبين فِي الموت لتِلك الدرجَة"
هُو نَصص عَلى 'لوحدك' 'الفناء' 'الموت'، أنا مَيتة لا مَحالة إستَجمعت مَاتَبقى لِي مِن شَجاعة و قُلت
"أفَضل المَوت عَلى أن أشْهد عَلى جَريمة قَتل دون فِعل أي شَيْئ، هَذا هُنا هُو شَخص مِن عَائلتِي و كمَا قُلت أفَضل أن أشَاهدك تُزهِق روحِي عَلى مُشاهَدتك تَقتله" صَمتت قَليْلاً ثُم أضَفت بِثقة أكْبر
"لا أعَلم مَافعله حَتى تُكِن له هَذه الضَغينَة لَكنِي أعْلم أن لا أحَد يَستحِق المَوت أو القَتل دُون فُرصة لتَبْرير أفْعَاله أو تَوضِيح وِجهَات النَظر...أنْت لا تَعلم قَد تَقتُل أحدهُم بِسبب سُوء فَهم، الفُرص الثَانِية هِي مَاتَجعلنَا نَمضِي فِي هَذه الحَياة، فَكر فِي الأمْر بهَذه الطَريقة: لَو كُنت مَكانه هَل سَترغَب فِي الموت دون مَعرفة سَبب قتْلك أو دُون فُرصة ثَانِية؟" رَفعت رأسِي هذِه المَرة و نَظرت فِي عِينيه بِكل ثِقة أنَا لا أتكَلم قَبل أن أزِن كَلامي و أنْتقِي الكَلمَات المُناسِبة لحَديْثي هُو لَم ينْبِس ببنة شَفة..وقَف هُناك فَقط يُحدق بِي و كأنَه يُحدِق بروحِي و شَعرت بالتَوتر مِن نَظراتِه هُو كَان طَويْلاً ذو بُنية عَضلية قَوية يَبدو فِي العِشريْنات مِن العُمر بِشعْر أسوَد حَالك و عُيون زَجَاجِية نَاعِسة تَسحَبك للغَوص داخِلها و تأمُلها بِلا كَلل أو مَلل مَلامحه قَوية و بَارزَة لَيْس بِشكَل سَيئ لا..بَل بطرِيْقة مُريْحة للنَظر حَرك شَفتاه ليتَكلم
"مَا إسمُك يا أنِسة؟"
بَلعت ريْقِي بصُعوبة هَل سَيلحقُني الأن و يتَربص بِي ينْتظر اللحظة المُناسِبة للتَخلص مِني، مَاهذا الغَباء لو أرَاد التَخلص مِني لَفعل الأن إبتَسمت بتَوتر و أجَبْت
"وَتيْن العَربي"
نَظر نَحوي بتركِيز
"إذاً سُعدْت بِلقائك أنِسة وَتيَان، كَما تَرين سأمْنح فُرصة لقَريبك هَذا كَما تَرغَبيْن" نُطقه لإسمِي بطَريقَة خَاطِئة أغضَبني لَكني إبتَسمت بِسعادة رُغم ذَلك
"حَقاً! شُكراً لك! "
إبتَسم بِسخْرية و قَال
"لَيْس و كَأني كُنت سأقتُله حَقاً أنَا أهَاجم وَجهاً لوجْه..لا أغْدر فِي الظَهر أنِسة العَربِي، و الأن أحْتَاج أن أذْهب" قَال يَتفقد سَاعته ثُم رفًع رأسَه نحوي مُجدداً
"سَيكون لَنا لِقاء آخر، أتَمنى أن يَكون فِي ظروف أفْضل" أومَئت لأصرفه فَقط و حَالما إستَدار أسْرعت نًحو كَاتيا أتفقدُها، كَانت فاقِدة للوعْي فَقط حَمْداً لله أغْلقت عَيناي و بَدأت أسْمع أصوَات سَيارات الشُرطة و الإسْعاف تَقتَرب مِنا، حِينها حَاولت قَدر الإمْكان البَقاء فِي وعيي لكِن التَعب أهْلك جَسدي و الرغْبة العَارمة فِي النوم دَاهمت أجْفانِي لِذا أطْبقت عَيناي بِتعب و غَفوت.

فَــوقْ حَـقِـيْــقَـة الــكَرادِلَــةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن