Vote and comment
.
♡
.الطّاوِلَة المُستَدِيرَة هيَ كلّ مَا يفَرّقنِي عَن الصّحفِيّ أمَامِي، كُوبُ قَهوَة سَاخنَة بَينَ يدَيّ و ابتِسَامَة متَوتّرَة أو رُبمَا محَطّمَة مَا رُسِمَ علَى وَجهِي حِينَ أومَأتُ كمُوَافَقَة لإرضَاءِ فضُولهِ بخُصُوصِ فضِيحَة بَحّارَة الحَبَابِير؛ مِن بَينِ ثلَاثَة وثَلَاثِينَ بحَارًا، عَادَ أحدَ عَشرَة شَخصًا علَى قَيدِ الحَيَاة. و كُلّ وَاحدٍ منّا يَرتَدِي البُرتقَالِيّ بَينَ جُدرَانٍ طِوَالٍ نهَايَاتهَا أشوَاكٌ كَهرَبَائيّة.
" إذَن، أنَا لَستُ رَاضيًا بنَظرِيّة الاِضطِرَابِ العَقلِيّ و الهَلوَسَاتِ المُشتَركَة، و لَا أظُنّ أنّ القَدَر سَاخرٌ كفَايَة ليَجمَع كلّ مُجرِمِي اُستُرَاليَا فِي مكَانٍ وَاحدٍ. " نطَقَ الصّحفِي أثنَاء تَرتِيبِه لأورَاقهِ ختَامًا بضَغطِه علَى زرّ القَلمِ مُستَعدًا لأخذِ أهَم النّقَاط مِن حدِيثِي؛ فِيلِكس لِي.
" بِيتَر كَان طبِيعيًا قَبلَ الرّحلَة.. كنّا نَذهَب لذَاتِ الثّانويّة حتّى. " نطَقتُ سرِيعًا ضَاغطًا علَى الكُوبِ بكِلَا يدَيّ، ثمّ زفّرتُ مُترَاجعًا للوَرَاء قلِيلًا " الكُل كَان جيّدًا فِي البِدَايَة.."
" فهِمت.. سَيّد لِي، أيُمكِنكَ اِطلَاعِي علَى كلّ تَفصِيلٍ مُمكِنٍ مِن قَضِيّة الجَرِيمَة فِي البَحرِ ؟"
.
.
.مَرّ علَى الوَاقعَة خَمسُ سنَوَاتٍ بالفِعلِ، و قَبلَ أن يصِيرَ الجَمِيعُ صيّادًا لِلبَشرِ، كَانُوا و أنَا معَهُم صيّادِينَ للحَبَابِير.
لِلمَعلُومَاتيّة فإنّ البحَارَ الأسترَاليّة لَا تُرضِي، فكُلّ الحبَابِيرِ عَاليَة الجَودَة تتَواجَدُ عِندَ ميَاهِ أمرِيكَا اللّاتِينِيّة؛ الرّحلَة لهُنَاكَ لَيسَت بهَينَة حتّى فهِي تَستَغرِقُ بالمُتوَسّطِ شَهرَينِ. ميَاهُ الهَادِي لَيسَت بتِلكَ الهدُوء و الرّحمَة، حِينَ تصِلُ لقَلبِ المحِيطِ فلَا ترَى فِي الأفقِ يَابسّا، تَبدَأ الهلَاوِسُ إن كُنتَ ضعِيفًا نَفسيًا أمّا جسَدكَ فسَتحَتَاجُه ضدّ العوَاصِف، و ميَاهٍ جلِيديّة تُرمَى بهَا لتَصطَادَ الفرَائِس، مِن غَير الأعمَال علَى سَطحِ البَاخرَة وَ ضَربِ الطّاقَم الأعلَى لكَ.
قَد أقلَعنَا فِي السّابعِ و العِشرِين، أيْ يَومٌ قَبلَ المِيعَاد. كَانَت الأيّامُ بَائسَة؛ تُفِيقُ لَيلًا وَ تَصعَدُ للسّطحِ المغَطّى بحِبرِ الكَائنَاتِ ذِي؛ مَهمَا حَاوَلتَ التّنظِيفَ فيَستحِيلُ إزَالتهُ. الأضوَاءُ تَشتَغلُ ضدّ الميَاه الدّاكنَة فَتَجذِب الحَبَابِير و تُرمَى الشّباكُ و معَهَا بَعضُ البحَارَة غَالبًا. و عِندَ السّطحِ تَبدَأ الأعمَال الشّاقَة؛ تُدَار العجَلَات الحدِيديّة يدَويًا لرَفعِ الشّبَاك معَ ' الغنَائِم '، التِي تنَظّف و تقَطّع ثمُ تُنقَلُ للبرّادِ ليَتمّ تَجلِيدُها – و كلّ ذَا يَدَويّا – أثنَاء الاِستِمَاع لآلَافِ الهَسهَسَاتِ مِن هذِه المَخلُوقَاتِ القَذِرَة.
فِي نهَايَة اليَومِ، تجِدُ أنَّ رَائحَتكَ أشبَه برَوَائحِ السّمكِ النّيء، البَولِ و الحِبرِ مَمزُوجَة. مُرهَقٌ و عظَامكَ هشّة؛ رُبمَا مِن كَثرَة الميَاهِ التِي لَا تجِفّ عَن جسَدكَ. الشّركَة لَم تَرغَب حتّى بدَفعِ تكَالِيف غَسلِنَا لثيَابنَا.. فكُنا نَغسِلها بمَاء المحِيط، بالإضَافَة لِأعمَال التّنظِيفِ المتَعلّقَة بالسّفِينَة.
أحَدُنَا.. جُوليَان؛ قَد استَسلَم فِي الشّهرِ الرّابِع إذْ كنَا نَنامُ سَاعَة فِي اليَومِ لقُرَابَة الأسبُوع. أرَادَ العَودَة للديَارِ، لَم يَرغَب بالمَالِ حتّى.. لكِنّهم قَامُوا بإخضَاعهِ بالعُنفِ و التّجوِيعِ ليَصطَادَ مزِيدًا. أعنِي؛ حتّى لَو وَاصَلتَ و كُنتَ بطِيئًا، كُنتَ ستَتعَرّض للضّربِ بوَحشِيّة.
كَانَ الأمرُ أشبَه بكَارتِل خَاصٍ بصَيدِ الحبّار.
كنّا مَفصُولِينَ عَن العَالَم، مُرهَقِينَ و لَا نَملِكُ شَيئًا غَيرَ مَا أحضَرنَاه معَنَا مِن الدّيَار.. مُعظَمهَا سجَائِر يَبِيعهَا لنَا أحَد البحَارَة، قَد أتَى بصَنادِيقَ مِنهَا. أوه، و بالمُنَاسبَة ، الشّركَة التِي وظّفتنَا؟ كَانَت تَأتِي بأيّ كَان. أغلَبنَا لَم يَصعَد لبَاخرَة قَبلًا. الوَثَائقُ التّي تُؤكّدُ خِبرَتنَا كلّهَا مزَيفَة!
أوّل يَومٍ منَ الرّحلَة كَانَ مقَزّزًا، تقَيّأنَا كثِيرًا بمُجَردِ النّظر لعُلبِ النّودلز التِي أخَذنَاهَا معَنَا نظرًا لغلَاوَة كُلّ مَا يبَاعُ علَى المَركَب. كَانَ كلّ شَيءٍ ضدّنَا مِن أوّل لَحظَة.. لكِنّ الوَضعَ تَغيّر؛ اعتَدنَا علَى البَحرِ و تعَرّفنَا علَى بَعضِنَا. الصّيدُ كَانَ سلِسًا رَغمَ قسَاوَة الأعمَالِ لكِنّنا كنّا رَاضِيينَ عَن كلّ شَيءٍ و لَم نَشتَكِ مِن شَيءٍ.
أوّل شَهرَينِ قَد لَمَسنَا الحُريّة.
لَمسنَاهَا أكثَرَ منَ اللّازِم..
.
.
————————Always remember, the sea is lawless.
— Rina.
رَأيكُم بالفِكرَة؟
السّرد؟
سنَتعَمّق بالرِوَايَة فِي الفَصلِ القَادمِ،
حَاليّا مجَردُ مَفَاهِيم تُسَهّل تخَيّل و فَهمَ الآتِي.
دُمتُم برِعايَة اللّه.
أنت تقرأ
دوَار البَحر |✓| فِيلكِس و تشَان.
Macera" المُفتَرضُ أنّ الطّاقَم كَان لصَيدِ الحبَابِير البَحرِيّة، لَيسَ لصَيدِ بَعضِهم البَعض. " التَصنِيف : وَاقعِي، مغَامرَة، إثَارَة. عدَد الفصُول : 6. الشّخصِيَات الرّئِيسيّة : فِيلِكس لِي، كرِيستُوفَر بَانغ. الرّوايَة مقتَبسَة مِن حَادثَة وَاقعِيّ...