ذكرى

63 6 2
                                    

𓆝𓆟𓆝𓆞𓆝𓆝𓆟𓆝𓆟𓆞𓆝𓆝𓆝

"و يعلم أنه حين يأوي إلى ربه يأوي إلى ركن شديد "
_____________________________

قيلولة قصيرة مدتها ست ساعات انتهت و اخيرا بنهوض الأميرة من سباتها المؤقت و قد نجحت حقا في تخطي بعض تلك الوساوس التي عكرت مزاجها صباحا ، تقلبت في فراشها ملتفة بصعوبة نحو الشمال رامية بصرها نحو النافذة المفتوحة اين تبدو السماء لازوردية تزينها كتل الغيم التي تطفو بتأني و الستائر البيضاء الشفافة التي لا تزال تحركها نسمات الهواء الباردة التي تنعش الغرفة .......... شعور لن يتكرر حقا

اعتدلت في جلستها على السرير و هي تحاول تعديل ساقيها بيديها كي تكون مستعدة للانتقال نحو الكرسي المتحرك و هاهي ذي بصعوبة نجحت في الاستقرار على سندها الوحيد

توجهت نحو طاولة الزينة ، حملت فرشاة الشعر وشرعت في تمشيط خصلات شعرها ذات اللون الفريد من نوعه و هي ترى في المرآة انعكاسا لفتاة يافعة من المفترض أن تقبل على الحياة وتستعد لتحمل عقبتاها و عيش حلوها و مرها ولكن الحقيقة أن ما تبدو عليه الآن يشعرك أنها ستدبر عن الحياة ، شعر زهري باهت فقد لمعته ، نظرات متعبة ، بشرة شاحبة و عيون زمردية هي الوحيدة التي تحافظ على لمعتها لو بذلت جهدا و ركزت فيها لرأيت أنها تدفن بإتقان حزنا عميق ، يد هزيلة تحرك المشط الذي بدأ يمتلأ بكتلة وردية من الشعر المتساقط

ألقت المشط جانبا بعد أن نظفته من بقايا شعرها و انتقلت بعد ذلك رويدا و هي تلف عجلات كرسيها ببطأ نحو الباب بعد أن وضعت ملائة رفيعة فوق ساقيها لتشعر بالارتياح بعض الشيئ

تتوقف قليلا امام باب غرفتها و هي مترددة في تجاوزه ، تنهدت بعمق و عزمت على الخروج وهاهي ذي الآن في الرواق الطويل ، التفت يمينا ويسارا لتلمح تلك اللطيفة و هي تتجه راكضة نحوها وابتسامتها لم تفارق محياها ، ضمتها إلى صدرها لتردف و هي تحركها في الرواق :" هل تحسنت آنستي الصغيرة ؟ لم تكوني على خير مطلقا صباحا ، لا تفكري أني لم انتبه لذلك . بلى لقد انتبهت و لكنني آثرت الصمت على أن اسألك عن حالك ، اعلم انك حين تكونين في مزاج سيئ فإنك لا تحبين محادثة الآخرين لذا حدث ما حدث و تسللت خارج الغرفة كتسلل الشعر من العجين "

ابتسمت الأخرى بهدوء و هي تعبث باصابعها في حجرها لتردف بتساؤل مريب :" هل اخبَرَتكِ شيئا ما ؟"

بلعت الاخرى ريقها لتنبس بهدوء :" لا لم تخبرني شيئا ، فقط رمقتني من أعلاي إلى اسفلي بنظرات لؤم فاحصة ثم مالت بوجهها عني ، اصارحك بشيئ ؟ وددت لو افقع عينها و لكن الفروقات الاجتماعية لا تسمح " أردفت ليلى بحزن زائف و هي تكور يدها في شكل لكمة وهمية تبعتها ضحكة الوردية التي أسعدت المتحدثة كثيرا

هي لا تمانع بتاتا أن تحدثها خادمتها الصغيرة المقربة عن أفراد عائلتها بلهجة مسيئة ، فهي اصلا من منحتها الضوء الأخضر لفعل ذلك والأخرى وجدتها فرصة مواتية جدا لتفرغ غضبها منهم و سوء معاملتهم

صراع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن