”لا اليأس ثوبي ولا الاحزان تكسرني ، جرحي عنيد بلسع النار يلتئم “تلك اليد التي امتدت من العدم تحمل بكل خفة الكتاب بالغلاف الزيتوني الذي اعجبها
انتفضت في مكانها و هي تمسك محل قلبها الذي يقرع كطبول حرب ، رافعة بصرها نحو الذي ظهر فجأة
شاب طويل ذي ملامح تكاد تقسم أنها شُغل ناحت ، بعيون سوداء تكاد لا تظهر تفاصيلها و شعر كحلي ، قميص أزرق ناڤي مرفوع الأكمام يتناسق مع سروال أبيض كريمي, يقف بجانبها و لكن حالتها تجعلها تشعر بأنه فوقها و أنه ضخم ........ طويل ، المهم هي ترفع رأسها بشرود وعظام رقبتها بدأت تؤلمها ......
وعت على نفسها أنها كانت شاردة فيه لتنتفض بهدوء ملتقطة الكتاب بين يديها بخجل واضح اكتسحت آثاره وجنتيها , مردفة بثبات مصطنع :" شكرا لك " لتنسحب من أمامه دون إضافة متجهة نحو إحدى الطاولات الكثيرة هناك لتقرأ شيئا منه
يتعقب حركتها و ابتعادها عنه بهدوء مخترقا ذاتها بكحليتيه و هي تختفي من أمامه
"هل أنا شبح أم ماذا ، لما ردة الفعل تلك ..؟" نبس بهدوء موجها إصبعه نحو نفسه ببلاهة .......
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.تقلب صفحات الكتاب الخشنة التي تصدر حفيفا محببا ، و عينيها تنتقل بين تلك الأسطر التي كتبت بخط ملكي جميل ، تقرأ أحد أشهر قصص أوروبا في عصور الظلام ......... قصة ماري انطوانيت النبيلة من الطبقة الأرستقراطية، ملكة فرنسا الأخيرة قبل الثورة الفرنسية و زوجة الملك لويس السادس عشر ، التي تنسب إليها المقولة الشهيرة كما يدعي الكثيرون:”إذا لم يجد الفقراء الخبز فدعهم يأكلوا الكعك" رغم أنه لا دليل قاطع على أن المقولة كانت مقولتها، لكن هاته الحكاية الواهية منتشرة بين العامة كثيرا
مستمتعة بالقراءة إلى أبعد حد و تستأنس بعد كل وجه تنتهي من قرائته ، و يزداد تبسمها أكثر
هل للقراءة كل هذا التأثير ؟ هل القراءة تحيي الروح ؟
نعم !! إنها كذلك !!...
ليست القراءة هي ذاك الفعل الذي تقوم فيه باختيار كتاب ما ، فتحه ......... ثم قراءة تلك الكلمات التي أتعبت رأس الكاتب حتى يسوقها لنا بطابع أدبي جميل و بأسلوب يلامس الافئدة
القراءة هي أن تبحر في عوالم المجهول ، تقلب صفحات الكتاب أو الرواية أو أيا كان ما تقرأءه و أنت تجهل النهاية....... لا تدري هل الكاتب سيقتل أفضل شخصياته بكل برودة فيفاجئ القارئ المسكين و يهُدُ سقف أحلامه و توقعاته ، أو يجعل نهايتها سعيدة ترضي تلك الشريحة من القراء المتحمسين ، تشدك اول كلمات الترحيب التي تكتب في الصفحة الأولى و التي يتجاهلها الكثير ، ثم حين تنتهي من قراءة تلك التحفة تشعر بالفراغ و تتمنى لو تجد يوما كتابا كالذي انهيته للتو ، فتجد فيما بعد آخر افضل منه و أبلغ و ترتفع معاييرك في اختيارات شتى و يتوسع فكرك و تتعدى معرفتك حدود المعقول