واقعه الطف 2

104 11 1
                                    

مرّ الإمام الحسين عليه السلام في مسيرته من المدينة إلى مكة بالمنازل التالية: «ذي حليفة، السيالة، عرق الظنية، الزوحاء، أناية، العرج، لحى الجمل، السقيا، الأبواء، مضيق هرشا، رابغ، الجحفة، قديد، خليص، عسفان، مر الظهران، وأخيراً إلى مكة».

الحسين (ع) في مكة

دخل الإمام الحسين عليه السلام إلى مكة المكرمة ليلة الجمعة في الثالث من شعبان. وأقبل أهلها ونواحيها المجاورة يترددون إليه ومن كان بها من المعتمرين. وكان ابن الزبير فيها قد أقام إلى جانب الكعبة فهو قائم يصلي عندها ويطوف، وكان الناس يلتقون الحسين عليه السلام باستمرار فأثقل ذلك على ابن الزبير وكان الأخير طامعاً بالخلافة، وعرف أنّ أهل مكة لا يبايعونه ما دام الحسين عليه السلام فيها.

كُتُب الكوفيين

لما بلغ أهل الكوفة موت معاوية أوجسوا الخيفة من استلام يزيد مقاليد الحكم، وعلموا بخبر امتناع الحسين عليه السلام من البيعة ليزيد وموقف ابن الزبير وخروجهما إلى مكة، فاجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن صرد .. فكتبوا إلى الإمام الحسين عليه السلام: «إنّه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق». ثم أرسلوا الكتاب مع عبد الله بن مسمع الهمداني وعبد الله بن وال فخرجا مسرعين حتى وصلا الحسين عليه السلام بمكة في العاشر من رمضان.

وانتظر أهل الكوفة يومين بعد إرسالهم الكتاب السابق حتى بعثوا مع قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمن بن عبد الله الأرحبي وعمارة بن عُبيد السلولي ومعهم نحو مائة وخمسين رسالة موقّعة باسم شخص واحدٍ أو إثنين أو أربعة. ثم صبروا يومين آخرين وبعثوا إليه هانئ بن هانئ السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي وكتبوا إليه أنّ الجماهير هنا بانتظارك ولا رأي لهم بغيرك فعجل إليهم ليبايعوك.

وحتى شبث بن ربعي الذي يعد من الموالين للحكم الأموي، كتب مع آخرين إلى الإمام الحسين عليه السلام قائلين، أنّ البيئة في الكوفة مؤاتية لمبايعتك فإذا رغبت فأقدم إلينا ونحن لك جنود وأنصار. مجمعين على ضرورة قدومه عليه السلام إلى الكوفة.

ومع ذلك بقي الإمام عليه السلام يتأمل في كتب القوم ولم يكتب في جوابها شيئاً حتى وصل إليه في يوم واحد ستمائة كتاب من الكوفيين ثم توالت عليه الكتب والرسائل من سائر الكوفيين حتى بلغ عدد الكتب اثني عشر ألف كتاب. فحينئذٍ كتب رسالة وأعطاها إلى هانئ بن هانئ وسعيد بن عبد الله الحنفي وكانا آخر الرسل، ومضمونها إنّي باعث إليكم مسلم بن عقيل وهو ثقتي فإن كتب لي أنّه قد اجتمع رأيكم وذوي الفطنة منكم على ما جاء في كتبكم فأقدم عليكم قريبا إن شاء الله. فجعل الإمام عليه السلام ذهابه إلى الكوفة منوطاً بما يصله من سفيره مسلم بن عقيل.

التوجه نحو الكوفة

شاع في مكة ما عزم عليه الإمام عليه السلام من السفر إلى الكوفة فجاءه عبد الله بن عمر ومحمد بن الحنفية لثنيه عن السفر إلى الكوفة.

إلاّ أن الإمام عليه السلام كان قد عقد العزم على ذلك، فطاف البيت مع أصحابه وسعى بين الصفا والمروة. وخرج من مكة المكرمة بعد أربعة أشهر وخمسة أيام قضاها فيها وكان ذلك في يوم الثلاثاء المصادف للثامن من ذي الحجّة يوم التروية، وكان معه عليه السلام إثنان وثمانون  وقيل ستون من كبار الكوفيين وأتباعه وأهل بيته عليهم السلام.

عَمْرو بن سعيد يعيق الركب

فلمّا خرج الإمام الحسين عليه السلام من مكة متوجهاً إلى الكوفة اعترضته جماعة من جند عمرو بن سعيد بن العاص بقيادة يحيى بن سعيد، فطلب الأخير منه (ع) الانصراف عن مواصلة المسير وهدده بالمنع قسراً، فرفض (ع) ذلك واستمر في طريقه حتى تدافع الفريقان وتضاربوا بالسياط. فبلغ ذلك عمرو بن سعيد، فخاف أن يتفاقم الأمر فأرسل إلى صاحب شرطته يأمره بالانصراف.

إرسال الحسين (ع) سفراء عنه

بعد ما كتب أهل الكوفة رسائل إلى الحسين (ع) يدعوه للقدوم إليهم لمبايعته، بعث الحسين (ع) سفراء عنه إلى الكوفة يستخبرون الوضع هناك ليطلعونه عن حقيقة أمر الدعوات التي أرسلت إليه، فبعث مسلم بن عقيل  ثم أوفد قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الله بن يقطر قبل أن يتلقى نبأ نقض أهل الكوفة عهدهم لمسلم ومقتله وأرسل سليمان إلى البصرة ليدعو بعض القبائل هناك لنصرته ومبايعته.

ابن عقيل إلى الكوفة

أرسل الإمام الحسين (ع) مسلم بن عقيل إلى العراق وسلّمه كتاباً إلى الكوفيين ٥٤ وذلك لاستطلاعالرأي العام الكوفي وحقيقة ومصداقية التوجهات فيها. فخرج مسلم من مكّة سرّاً في منتصف شهر رمضان حتى دخل الكوفة في الخامس من شهر شوال فأقبلت الأفواج من الناس تتعاقب واحدة تلو الأخرى لتبايع ابن عقيل. فكتب مسلم بن عقيل كتاباً أرسله الى الإمام الحسين عليه السلام . يطلب فيه التعجيل في القدوم إلى الكوفة ويخبره فيه أن جميع أهل الكوفة معه وقد بايعه قرابة ثمانية عشر ألفاً.

فأرسل بعض من يوالي بني أمية ليزيد رسائل تخبره بتواجد مسلم بن عقيل في الكوفة لأخذ البيعة للحسين (ع) .

واقعتِ طفُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن