واقعه الطف 6

30 5 0
                                    

لما بدأت المعركة حمل أصحاب الإمام الحسين عليه السلام حملة واحدة - عرفت بالحملة الأولى - سقط خلالها الكثيرون، وقيل سقط فيها من الأصحاب زَهاء خمسين رجلاً. بعدها تغيّر أسلوب المعركة فأخذ يخرج الواحد والإثنان منهم للمبارزة ولم يسمحوا للعدو بالاقتراب من الإمام عليه السلام.

الحملة الكبرى؛

وقبيل الزوال من ظهر العاشر من المحرم حمل جيش ابن زياد على الحسين عليه السلام وأصحابه من كل جانب، فقاتلهم أصحاب الحسين قتالاً شديداً، وأخذت خيل أصحاب الحسين عليه السلام تحمل، وما إن حملت على جانب من خيل أهل الكوفة حتى كشفته، فلما رأى ذلك عزرة بن قيس - وهو على خيل أهل الكوفة - بعث إلى عمر بن سعد بعبد الرحمن ابن حصن، فطلب منه أن يبعث إليهم الرجال و الرماة». فدعا عمر بن سعد الحصين بن تميم فبعث معه المجففة والرامية، فأقبلوا حتى إذا دنوا من الحسين عليه السلام وأصحابه رشقوهم بالنبل، فلم يلبثوا أن عقرت خيولهم، وصاروا رجّالة كلهم.

‏ وأخذ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام بالانتشار بين الخيام للدفاع عنها ومنع من يريد الاقتراب منها ونهبها وتمكنوا من قتل البعض وجرح البعض الآخر، فلما أحسّ عمر بن سعد بحراجة الموقف وعدم تمكنه من القضاء على الإمام عليه السلام وأصحابه بسرعة، أمر بتقويض الخيام فسارع ابن ذي الجوشن مع أصحابه للهجوم على المخيم فتصدى له زهير بن القين في عشرة رجال من الأصحاب وكشفوهم عن الخيام.

واشتد القتال وكثر القتلى والجرحى في أصحاب أبي عبد الله عليه السلام إلى أن زالت الشمس.١٨٤ وسقطت مجموعة من أنصار الإمام.

المبارزات؛

روى الطبري وغيره من المؤرخين أنّ عمرو بن الحجّاج كان بالميمنة من جيش الكوفة، فاقترب من معسكر الحسين (ع) فأخذ الأصحاب (ع) يرشقون جنده بالنبال فأسقطوا منهم قتلى على الأرض. واستشهد في الهجوم الأول مسلم بن عوسجة، وكان ابن سعد لما رأى صمود أصحاب الحسين (ع) منع جنوده من المبارزة وجهاً لوجه.

ثم استأذن الحرّ الإمام ليتقدم للقتال معاتباً نفسه بأنه أول خارج على الإمام فاستئذنه أن يكون أول من يقتل بين يديه. وقبل أن يبارز قام بوعظ جيش الكوفة وألقى الحجة عليهم، فكان من أول المدافعين والمستشهدين بين يديه.

وخرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان وسالم مولى عبيد الله بن زياد من جيش عمر بن سعد، دعَوا أصحاب الحسين (ع) إلى النزال فقام إليهما حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير، فأمرهما الحسين بالجلوس، فقام عبد الله بن عمير الكلبي فأذن له عليه السلام وقاتل حتى قتل.

فاستشهد أصحاب الحسين (ع) واحداً بعد آخر ولمّا نظر مَن بقي من أصحابه (ع) إلى كثرة مَن قُتل منهم، أخذ الرجلان والثلاثة والأربعة يستأذنون الحسين في الذبّ عنه وعن حرمه، وكلّ يحمي الآخر من كيد عدوّه.

أحداث ظهيرة عاشوراء

استمر القتال بين الطرفين حتى زوال الشمس فلما حضر وقت الصلاة قال أبو ثمامة الصائدي للحسين نفسي لنفسك الفداء أرى هؤلاء قد اقتربوا منك - بمعنى أننا مقتولون على أيدي هؤلاء- والله لا تقتل حتى أقتل دونك وأحب أن ألقي ربي وقد صليت هذه الصلاة التي قد دنا وقتها فرفع الحسين رأسه وقال ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين نعم هذا أول وقتها ثم قال سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي ففعلوا!

قتل حبيب بن مظاهر

فعلّق وقتها الحصين بن نمير بأنّ الصلاة لا تقبل من الحسين (ع)، فقال له حبيب بن مظاهر: «لا تقبل الصلاة زعمت من ابن رسول الله وتقبل منك يا حمار»، "وفي رواية يا ختار يعني يا غادر، فحمل عليه الحصين بن نمير وحمل عليه حبيب.ولم يزل حبيب يُقاتل حتّى حمَل عليه رجلٌ من بني تميم يُقال له بُديل بن صُرَيم فضربه برمحه فوقع وذهب ليقوم فضربه الحُصين بن نمير على رأسه بالسّيف فسقط شهيدا.

صلاة ظهر عاشوراء؛

تقدّم الإمام عليه السلام ببقيّة أصحابه وكانوا عشرين رجلاً اصطفوا للصلاة خلفه فلما أراد الصلاة قال عليه السلام لزهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي: «تقدما أمامي حتى أصلي الظهر فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه حتى صلّى بهم صلاة الخوف».وروي أن سعيد بن عبد الله الحنفي تقدم أمام الحسين عليه السلام فاستهدف لهم يرمونه بالنبل كلّما أخذ الحسين عليه السلام يمينا وشمالاً قام بين يديه، فما زال يرمى به حتى سقط شهيداً.

وبعد أن أتمّ الإمام صلاته استشهد سعيد بن عبد الله على إثر ما أصيب من جراح. ثمّ برز كل من زهير بن القين، برير بن خضير الهمداني، نافع بن هلال الجملي، عابس بن أبي شبيب الشاكري، حنظلة بن سعد الشبامي فاستشهدوا واحداً تلو الآخر.

وروي أن آخر من بقي مع الحسين عليه السلام من أصحابه سُوَيد بن عمرو الخَثْعَمي.

أحداث عصر عاشوراء

تسجل لنا المصادر التأريخية أنه بعد استشهد أصحاب الإمام الحسين عليه السلام أخذ بنو هاشم بالخروج إلى المعركة.

بنو هاشم يتقدمون إلى المعركة

واقعتِ طفُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن