واقعه الطف 3

52 10 0
                                    

فبادر يزيد بتعيين عبيد الله بن زياد والياً للكوفة فلمّا أتاها خطب بالناس ووعد المحسن في طاعته بالإحسان وتوعّد المسيء بأشدّ العقاب.

فتفرق الناس عن مسلم بن عقيل وأمسى وحيداً في الكوفة.

فبعث ابن زياد جنداً لاعتقاله فخرج مسلم إليهم وجعل يضرب فيهم. حتى أثخن بالجراح وازدحموا عليه حتى أوثقوه. فأمر ابن زياد أن يصعدوا بمسلم إلى سطح دار الإمارة لضرب عنقه وإلقاءه من أعلى المبنى.

نبأ استشهاد ابن عقيل للحسين (ع)

بعد اعتقال مسلم أوصى لمن حوله بأن يبعثوا رجلا يبلغ الحسين عليه السلام بما آلت إليه الأمور ويطلب منه الرجوع. التقى المبعوث عن مسلم بـالإمام الحسين عليه السلام في منطقة زُبالة، وأوصل له رسالة ابن عمّه مسلم بن عقيل إليه، والتي يخبره فيها بتفرق الناس عنه. فتأثر الإمام عليه السلام لذلك كثيراً وخاطب الناس:

أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل، وهاني بن عروة، وعبد الله بن يقطر، وقد خذلتنا شيعتنا...

ابن مُسْهِر إلى الكوفة

لمّا بلغ الحسين عليه السلام إلى الحاجز من بطن الرّمة، كتب كتاباً إلى جماعة من أهل الكوفة، منهم : سليمان بن صرد الخزاعي، والمسيّب بن نجبة، ورفاعة بن شداد وغيرهم. وأرسله مع قيس بن مسهر الصيداوي ـ وذلك قبل أنْ يعلم بقتل مسلم، فأقبل قيس بكتاب الحسين عليه السلام إلى الكوفة، فلمّا انتهى قيس إلى القادسيّة، اعترضه الحُصين بن تميم ليفتّشه فأخرج قيس الكتاب وخرقه، فحمله الحُصين إلى ابن زياد فلمّا مثُل بين يديه، قال له: مَن أنت ؟ قال : أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابنه الحسين عليهم السلام.. قال: فلماذا خرّقت الكتاب؟ قال: لئلاّ تعلم ما فيه. فغضب ابن زياد وقال: والله، لا تفارقني حتّى تخبرني بأسماء هؤلاء القوم أو تصعد المنبر فتسبّ الحسين بن علي وأباه وأخاه، وإلاّ قطّعتك إرباً إرباً. فقال قيس: أمّا القوم فلا أُخبرك بأسمائهم، وأمّا السبّ فأفعل.

فصعد قيس، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ قال: أيّها النّاس، إنّ هذا الحسين بن علي عليهم السلام. خير خلق الله، ابن فاطمة عليه السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا رسوله إليكم وقد خلّفته بالحاجز فأجيبوه.

ابن يقطر إلى الكوفة

روي أن الإمام الحسين عليه السلام قبل أن يصله خبر قتل مسلم بن عقيل أرسل إليه كتاباً بيد أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطوفي الطريق اعترضه الحصين بن نمير التميمي فسيره من القادسية إلى ابن زياد فقال له: إصعد فوق القصر والعن الكذاب ابن الكذاب ثم أنزل حتى أرى فيك رأيي، فصعد فأعلم الناس بقدوم الحسين عليه السلام ولعن ابن زياد وأباه، فأمر به ابن زياد فرُمي من أعلى القصر فتكسّرت عظامه وبقي به رمق، فأتاه عبد الملك بن عُمير اللخمي فذبحه.

سليمان إلى البصرة

كتب الإمام الحسين عليه السلام إلى جماعة من أشراف البصرة ورؤساء الأخماس (أي قبائل: العالية، بكر بن وائل، تميم، عبد القيس والأزد). مع مولى له اسمه سليمان ويكنى بأبي رزين إلى كل من مالك بن مِسمَع البكري، الأحنف بن قيس، المُنذِر بن الجارود، مسعود بن عمرو، قيس بن الهيثم، عمرو بن عبيد اللّه بن مَعمَر.

فجاءت منه نسخة واحدة إلى جميع أشرافها وفيه: «أمّا بعد...قد بعثتُ رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه، فإنّ السنّة قد أميتت، وإنّ البدعة قد أُحييت، وأن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد، والسلام عليكم ورحمة اللّه».

فكان كل من قرأ كتاب الحسين عليه السلام كتمه عن ابن زياد، ولم يخبر به أحد إلا المنذر بن جارود فإنه جاء بالكتاب إلى عبيد الله بن زياد، لأنّ المنذر خاف أن يكون الكتاب دسيساً من عبيد الله فأخذ عبيد الله الرسول فصلبه.

اجتازت قافلة الإمام عليه السلام الكثير من المنازل في طريقها إلى الكوفة، منها: «التنعيم؛ الصفاح حيث التقى بالفرزدق الشاعر المعروف؛ ذات عرق الذي التقى الإمام عليه السلام فيها مع بشر بن غالب ومع عون بن عبد الله بن جعفر؛ وادي العقيق؛ غمرة؛ أم خرمان؛ المسلح؛ أفيعية؛ العمق؛ سليلة؛ مغيثة مأوان، النقرة، الحاجز حيث أرسل من هناك قيس بن مسهر إلى الكوفيين؛ سميراء، أجفر حيث التقى فيها عبد الله بن مطيع العدوي الذي نصح الإمام عليه السلام بالرجوع؛ الخُزَيميّةُ؛ زرود حيث التحق به زهير بن القين وفيه بلغه نبأ استشهاد مسلم بن عقيل وهاني بن عروة، وإصرار آل عقيل على أخذ ثأر مسلم؛بطان، الشقوق؛ زبالة علم فيها بشهادة قيس بن مسهر، والتحاق جماعة منهم نافع بن هلال بركب الإمام عليه السلام، بطن العقبة التقى فيه مع عمرو بن لوذان الذي نصحه بالعدول عن سفره، العمية، واقصة، شراف، بركة أبي مسك، جبل ذي حُسَم الذي التقى فيه مع الحر بن يزيد الرياحي، البيضة، المسيجد، الحمام، المغيثة، أم القرون، العذيب، (من هذا المنزل اتجهت قافلة الحسين (ع) نحو أرض الطف بدلاً من التوجه نحو الكوفة) فإلى قصر

واقعتِ طفُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن