أسرارُ المصحة العقلية

7 5 0
                                    

2024|28|فبراير-شباط

أسرارُ المَصحة العقليةمَريضتي الصَادقة: تَوقفواا ، لا تأخذوها:أرجوكم ،انها سليمة العقل والفكرِ: لا تنسيني يابُنيتي : لقد اخبرتكِ أنهم لن يتركوني وشأني، أعتني بنفسكِ في غيابي ،ولا تَنسيني*** *** ***ـقبل بُضعة أشهر وأنا لا أزال طريحة الفراش ، مُنذ ذَلك اليوم و أنا احترق لـكوني لم استطع فعل شيء لمريضتينَـعم فـلقد تَم توظيفي في مَصحُ عقليّ مؤقتاً قبل أشهر طويلة،أتذكر ذلك اليوم جيداً، اول يومٍ لي في المصحة ،تقدمت ناحيتي امرأة أربعينية قَبلت وجنتي وهمست في أذني:أهلا بكِ وِدَاً في عالم لا وِدَ فيه.-فَغَرتُ فاهي أنى لها ان تعلم أسمي؟!:سألتها فَـلِم تُجبني ،بل أكتفت بإهدائي ابتسامة دافئة وحنونة ولم تَبح من فَمها سوى هذه الكلمات والتي الى الان لا اعرف كيف استطعتُ سماعها ،رغم أنها لم تتفوه بِها(ستعلمين قريباً)مَرت أيام ، وفي كُل يوم تحاول هذه المرأة التودد إليّلقد بدأت أشكُ أنها مريضة نفسياًأكتشفتُ فِيما بَعد بأن لها أسم يُطلق عَليها بِه (أمَ نابٍ)لقد بَدى ليّ اسمُ غريبٌ في بادئ الأمر ،ريثما أعتدتُ عليه بمرور أيام تواجدي فيّ المصحأكتشفتُ الكثير مِن الأمور الغريبة هُنا ،في البداية جعلوني أوقع تعهداً بإنيّ لن اتفوه بأي حرف مما أراه هُناومِن ثم أرغموني على توقيع عقداً يَنصُ بمكوثيّ فِي المَصح طيلة أيام عَمليالأمرُ غريباً حَقاً.1544|11|2 ـذات لَيلة ، نهضتُ مِن فُراشي على ضجيجُ عَاليأخذت اخطو بحذرٍ و بِبطئ شديد نَحو مَصدر الصوت، وصَلت الى المطبخ الأرضي ،والذي نادراً ما رأيتُ أحداً يستخدمهُ مُنذ مجيئيّ الى الاننَظرتُ من فَتحة الباب وفتحتهُ قليلاً ،فـلمحتُ "امرأة " بيدها أكياس بلون الدم ، مهلاً لِما يبدو ان ماتحملهُ دَم ؟!كنتُ على وشك الدخول ،لكن توقفت بعد أن رأيتُ جسداً ضخمُ بشكل رهيب يقف بجانبُها : أسرعي يا أم أنا عَطشاناً: تريث بُني سوف يستيقظون أن استمريتَ بإصدار هذا الضجيج ،خُذ هَذا ما تبرعت بهِ المُمرضة السابقة لقد نَفذت الدِماء مِنالَم أستطع تحديد هَوية المرأة ، ولكن شهقة عالية خَرجت مِن فَمي بعد أن رأيت هَذا الضخمُ يَشرب الدماء:مَن؟ مَن هُنااااااك؟ّأخذتُ أركض متجهة نَحو غرفتي ، حَاولت اقفالها لَكن لا قفل بِها اختبأتُ داخل لحاف السرير ،و أنا أرتعد خوفاً : لقد أخبرتكِ أنها ليست المنشودة ، لقد هَربت يالجُبنها: لقد أخبرتك تريث مِرارً وتكرَراً ، أنا أثقُ بِها ، والان اذهب بعد ان رويتَ عَطشك قبل ان يكتُشف أمرك الأخرين.*** *** ***ـلَم أستطع النوم مُنذ ليلة البارحة ، بعد الذي حَصل وأنا أحاول الصمود ، لانه لا يمكنني العودة الان ، العقد ينتهي أقل فترة في غضون ستة أشهرأعطاني أحد المُمرضين ورقة ، أخبرتهُ ما هذه ؟! ،أخبرني بتذكرها دائماًوحينما قرأته وجدتُ العقد بشأن عدم فتح فَمي بأي شيء أراه وتذكيري بالمبلغ المالي الذي سأدفعهُ أن خَرقتُ العقدَما بهم؟ لما يعطونهُ ليّ؟!مَرت دقائق ومِن ثُم تقدم المدير السمين صاحب الوجه الـمَليئ بالبثور والاسنان الصفراء ضحك في وجهي وقال : لا أظن انه ينبغي ان اكرر على ما نَصت عليه الورقة أليس كَذلك؟َ: بالطبع أستاذ "سِراف" (مع ابتسامة أرغَمتُها على الظهور)اخذ يتجول بي في المصحة ، ثم اخد يفتح باب لا مرئي ،دخلنا فيه وكان كـ السرداببدأنا في النزول ، والقُضبان الحديدة تُحيط المكان ,أيقومون بسجن المَرضى؟!وَصلنا الى غرفة في اخر الدرج ،كانت عبارة عَن غُرفة كبيرة بيضاء تحتوي غرفة صغيرة داخلها ، يُمكن رؤية كُل ما يحصل في الغرفة الصغيرة من خلال الغرفة الكبيرة عَبر مرآة،أشار لي المديرُ أن أتقدم لرؤية ما بداخل الغرفة الصغيرة .عَلمتُ أنه يُريد أن يَدرس رَدة فِعلي فَـفَعلتُ خاصية اللامبالاةتقدمتُ بخطى ثابتة ، ونظرتُ مِن خِلال المرآة فوجدت كُرسي وسطها ،انطفئت أضواء الغرفة الكبيرة ،وبانت لي كل محتويات الغرفة الصغرىكان هُناك على الكُرسي مربوط مَريض نَفسي ، لقد رأيته لم يَكن بِه عَيبُ ، الكدمات تَملئ جَسدهُ ووجههُ ،تقدم ناحيتهُ مُمرض ، واخذ يصبُ فوق رأسهِ ماءٌ حار.اخذت صرخاتهُ تتردد في أذناي ، لم أفعل شيئاً تقيدتُ ،وشَلت حَركتي ، لم أشعر إلا بيدان تُحيطان خصري وتُحثني على الابتعادكانت يدا رَجل ضخم ، لم أرى وجههُ بسبب الظلام هَمس في أذني : لا تدعيهم يَرون خَوفك ، أصمدي عُدتُ لوعيّ وتصنعت الجمود وتجلدُ القلبِ ،وداخلي يرتجف من الخوف والأسى على حال المريضُ*** *** ***ـأمَست رؤية تعذيب المرضى روتينًا أُجبر على رؤيتهُ كُل يوم


وفي كل يوم و "أمُ نابٍ" تُخبرني بأمور تُذهل عَقلي ، و يا للعجب كُل ما تقولهُ لي يَحدث بَعد مرور بضع ساعات في المصحة

وهَذا فادني جداً في المحافظة على تجلد وجهي وقساوة أفعالي.مِما جعلني مُميزة في نَظر المديرحتى أصبح يخبرني بمخططات المصحة ، أنها تقوم بتجارب على المَرضى ، وتُبيد ما لا ينفعها وتُعذبهم لترى قُدرة تحملهماكتشفت ان المَصحة ليس إنسانية وأهدافها خطيرة ، وتعامل البشر كـحقل تجارب ، ولا تعي أنهم أُناس حالهم حَالنا.بدأتُ بجمع دلائل لفضحهم 1545|2|3ـفي تلك الليلة أصرت "أمُ نابٍ" على مشاركتيّ سريريّ ،كُدتُ أغفي لتويّ فَسمعتُ وشوشة وهمسات في الغرفة ،لم اشَئ فَتحُ عينياي المتثاقلة لَكن كان صوت "أمُ نابٍ" يَهمسُ: لَن تستطيعي إنقاذي يا وديّ ،لَكن في المُقابل أتمنى أن تَنقذي حَملي.: احميه وأحبيه ، فـهو حنون رغم ماهيتهُ ورغم تصرفاتهُ البشعة ،تحمليه وأحتويه، أنا أثقُ بكِ سألتيني في أول يوم لكِ كَيف عَرفتُ أسمك !!سيُجيب أبني عَن سؤالك ولَيس أنا ، فهو مَن أخبرني عَنك ،حَتى قَبل مجيئكِكُنت أستمع لكلُ حرف تَنطقُ به ،لَكن ويا للغرابة لا استطيع الحراك او التفوه بِبنت شَفة*** *** ***ـفي اليوم التالي نهضتُ فلم اجد "أمُ نابٍ" بجانبي، تذكرت كلامها في الأمس وقلبي يكاد يخرج من مكانهُأنى يكون لها طُفلٌ؟!ماذا تعني بـ احميه وأحبيه؟!أرتعبتُ مِن الفكرة التي راَوَدتني عَنها فـ اخذتُ أهرول بحثاً عَنها فَـلم أجدها بدأت تخور قواي ، هرعتُ للسردابِ ، فـ أمسكني المدير ،وقال لِما العَجلة؟!قلتُ لهُ مُتمتمة بكلام غَير مفهوم ، نائمة ، أمُ نابٍ، اختفت ، طِفل:اهدئي عَزيزتي أن كُنت تسألين عَن "أمُ نابٍ" فهي الان ضِمن الفَحص يَجرون عليها التجارب:لِما ، لِما اخذتها؟؟!:لقد أكتشفنا أنها ليست أنسانة كانت مخادعة دخلت بيننا متظاهرة بكونها مجنونة ، وهَي في الحقيقية تحاول فضحُ المَصحة!!أخذتُ أركض واركض احاول النجاة بذاتي مٍِن هَول الصدمة ،لقد كنتُ أشعر بأنها سليمة ، لم يكن يَبدوا عَليها الجنونأنا جبانه لم استطع أنقاذها لم استطعاختبأتُ في المطبخ الأرضي ، واخذتُ أجهجُ في البكاء ، فدخل جسد ضخم ، ذاته الذي رايتهُ هُنا يشرب الدماءارتعبت مِن مُجرد تذكر تِلك الليلة ، أحتظنني وقال :سأجعلهم يدفعون ثَمن ما فعلوه بـ "امي" تشبثتُ في عناقهُ ، ولم أشعر إلا بوغزٌ في رقبتي وبعدها فقدتُ وعيّ*** *** ***ـأستيقظتُ في سريري وفي مَنزلي ، أنها الديار!!هَل كُنت أحلم؟!توجهتُ نحو الحمام وانا اكاد استوعب ما يحصل ، غسلت وجهي بالماء البارد ولم يَزل الحلمُ من باليرفعتُ شَعري فـترأى لنظري ثقبان صغيران على رَقبتي ولا زالاَ رطبتين ويبثان الدمِ خارجهما !.وكانت هُناك كِتابة على المرآة مكتوب فيها:نَحنُ مَرضى نَفسيون ، نَعيشُ في مَصحة العالم


آيات الموسوي
حُقوقي

(💭 بَعد تشجيع مِن زِميلاتي الكَاتبات قَررتُ بَعد التخرج أن أقوم بتحويلها مِن قُصة قصيرة الى رواية وأكمل احداثها وأسردها لَكم بشكل أعمق..)

قصص قصيرة بقلميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن