«الدّنيا سجنُ المؤمن وجنّة الكافر»

19 2 0
                                        

••

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه وسلَّم: «الدّنيا سجنُ المؤمن وجنّة الكافر»

قال الشيخ علاء حامد في تفسير قوله تعالى:
{وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا} [النازعات : 2] 
الملائكة ستنشُط أرواح المؤمنين نشطاً سلساً سهلاً خفيفاً.
كما قطرة الماء تسيل من الكأس، تسيل بسرعة وسلاسة، وليست كالكاتشب تحتاج وقتاً لتُخرجها.◉⁠‿⁠◉
وكما قلنا: إنّ النّزع لا يكون إلا لمقاومة شديدة وعدم رغبة، فإن النّشط يكون لرغبة وشوق للّقاء وإرادة عالية ونشاط.
وفي اللغة "الأنشوطة" هي العُقدة الخفيفة، أي المؤمن روحه معلّقة بالآخرة لكن ثمةَ عقدة بسيطة جداً تربطه بالدنيا وهو ينتظرها لتُفكَّ فيسير وينطلق إلى الله ويلقاه وينعم في جنانه.
كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما حضره الموت: «مرحباً بالموت مرحباً، زائراً مُغيباً، حبيب جاء على فاقة، حبيب جاء على فاقة».
وكأن معنى كلامه أين كنت أيها الموت؟! أنا مشتاقٌ لله كثيراً.
وقد قال رسول الله عن روح المؤمن: [إِنَّ العبدَ المؤْمن إذا كان في انْقِطَاعٍ من الدُّنْيَا، وإِقْبالٍ من الْآخِرَةِ، نزل إليه من السَّمَاءِ ملائكةٌ بِيضُ الوجُوهِ، كأَنَّ وجوهَهُمُ الشمسُ، معهُمْ كفنٌ من أكْفَانِ الجنَّةِ، وحَنُوطٌ من حَنُوطِ الجَنَّةِ، حتى يَجْلِسُوا منه مَدَّ البَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ المَوْتِ حتى يَجلِسَ عندَ رأسِه فيَقولُ: أيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إلى مغْفِرةٍ من اللَّهِ ورِضْوَانٍ، فتخْرُجُ تَسِيلُ كما تسِيلُ القَطْرَةُ من فِيّ -فم- السِّقَاءِ]
وقد قال رسول الله ﷺ: [مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَن كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ
أعلمُ أنك خفت من الحديث، لكن قالت أمنّا عائشة رضي الله عنها: [ليسَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَهو يَكْرَهُ المَوْتَ]
فهذه حقيقة... كلّنا نكره الموت لأننا نجهل مصيرنا، ولا أحد منّا يستطيع أن يقول الآن: أنا أضمن الجنّة وأحبُّ الموت.
فقال لها رسول الله: [ليسَ بالَّذِي تَذْهَبُ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ إِذَا شَخَصَ البَصَرُ، وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ، وَاقْشَعَرَّ الجِلْدُ، وَتَشَنَّجَتِ الأصَابِعُ، فَعِنْدَ ذلكَ مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَن كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ]
فالمؤمن لحظة قبض روحه يطير فرحاً ويتحمّس جداً ليلقى الله تعالى ويقول في قبره: رب أقم السّاعة، رب أقم السّاعة، خلاف الكافر الذي يقول: رب لا تقم السّاعة، رب لا تقم السّاعة.
وكذلك قال رسول الله ﷺ: [الدُّنْيا سِجْنُ المُؤْمِنِ، وجَنَّةُ الكافِرِ]
فالمؤمن عندما يموت هو في الحقيقة يخرج من السّجن إلى الجنّة، فتخيّل ما حال من خرج من السجن؟! بالطّبع سيفرح، وسيخرج بسرعة ونشاط، سيركض ركضاً.
خِلاف الذي سيدخل السّجن الأبديّ فيُدافع ويتهرّب ويتحرّك ويُقاوم، وهو حال الكافر حينما يدركه الموت.
وهنا سؤال: لماذا الدنيا هي سجن للمؤمن؟!
الجواب: لأنّه مقيّد بقيود ربّانية، فهل تستطيع الزنا؟! أو هل تستطيع ترك صلاة؟! أو هل تستطيع ترك طاعة؟! بالطبع لا، فأنت مُقيّد.
أما الكافر فهو -حر- بزعمه، وكاد قلمي أن يُبدل الحاء كافاً سبحان الله.
لكن... نعم الدنيا سجن للمؤمن، لكنّه سجن للجسد فقط، أما روحه فهي تطوف حول العرش، وهذا لا يعرفه إلا من ذاق حلاوة الإيمان.
وبالرّغم من أن هذا السجن للجسد فقط، إلا أن الله يجعل هذا السجن جميلاً مُحبّباً للقلوب باحتساب الأجر العظيم، والأجر الجزيل، والوعد بالجنّة التي ليس لها مثيل.
من كتاب "جزء عمّ حياة أمّة" سورة النازعات.

وقال الشيخ علاء حامد في شرح حديثِ: "والولَدُ الصَّالحُ يَموتُ لِلمرءِ المسلمِ فَيحتسِبُه".
نقولُ لكلِّ أمٍ مات لها ولدٌ ولكلِّ أبٍ مات له ولدٌ صالح: اصبِر واحتسبه عند الله، فإنَّ أجرك عظيمٌ، وميزانُك ثقيلٌ جداً.
وليس هذا فقط، بل إنَّهم في الجنَّة عند سيِّدنا إبراهيم عليه السَّلام وأمِّنا سارة رضي الله عنها.
بالله عليك لو كنتَ وابنك داخل سجنٍ وقيل لك سنُخرج ابنك من السِّجن، أمَا تفرح؟!
فافرحي يا أختي وافرح يا أخي..
ابنك خرج من سجن الدُّنيا وضنكِها إلى سَعة الجنَّة ونعيمِها.
خرج من البؤس والشَّقاء إلى الرَّاحة والهدوء والهناء.
هو ينتظرك هناك، فأعدَّ للِّقاء عمل..
وفَّقكم الله.
من كتيّب "ذكرك ربّي حياة قلبي".




#منقول

معجزات الصلاه على النبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن