part 8

308 7 0
                                    

نظرت لمن حولي.. كانوا زبائن المقهى ينظرون إلينا مبتسمين !... فضحكنا خجلاً ...

في زيارتي الأولى للعائلة التي تسكن معها خلال بداياتنا معاً.. قال لي روبرت بعد أن تعارفنا : أنتم شعب جميل للغاية!.. أحببنا شعبكم عندما تعرفنا على عزيز وسنحبه أكثر من أجلك... استطردت باتي : كما أن موسيقاكم جميلة..... يملأها الحنين...

سألتها بدهشة: لمن استمعت..؟

أشارت بيدها إليك : استمعنا إلى عزيز ..... إنه رائع... لم تكن قد أخبرتني بعد أنك تجيد العزف على (العود)، ولم أتخيل يوماً أن أجد (عوداً) في هذه البلاد.. تسربت حمرة خجلة إلى وجهك أنا مبتدئ ..... أعزف كهواية.. لست بمحترف... قلت : أريد أن أسمع منك...

حاولت أن تتهرب خجلاً لكن باتي وروبرت كانا لك

بالمرصاد.. أحضرت عودك من غرفتك واحتضنته : ماذا ستسمعين؟ أي شيء !.. أممم.. حسناً سأسمعك شيئاً لا أظن بأنك قد سبق لك أن

سمعتيه.. سأسمعك ليلة القبض على فاطمة)... لم أكن أعرف مقطوعة (عمر خيرت هذه ولم أسمع بها قبلاً...

فسألتك بدهشة: من هي فاطمة..؟؟

أجبتني بعفوية : خادمتنا التي هربت !...

طوال حياتي يا عزيز.. لم أبك بحرقة إلا بسببك ولم أضحك

من أعماقي إلا معك.. أليست بمعادلة صعبة..؟

قلت لي مرة جمان.. أتدركين كم أنت ثقيلة ظل..؟ أجبتك بغضب : نعم ؟؟ ببراءة : دمك ثقيل !... قلت غاضبة: ولماذا تحبني إن كنت ترى أنني ثقيلة ظل ؟... أممم.. لا أدري.. أحب تفاصيلك الأخرى... والحق يقال.. إنني ثقيلة ظل ... نادراً ما يضحكني غيرك... في كل مرة أغضب فيها منك.. كنت تحاول إرضائي بطرفتك (السخيفة التي تضحكني كثيراً... حينما أكون غاضبة.. تسألني: جمان.. يوجد عجوز رجلاها متلاصقان ليه؟.. قولي ليه..؟.. اسألي ليه ..؟.. ترى ما راح أقفل إذا لم تسألي ليه...

أسألك بملل : ليه؟

تقول ضاحكاً : فيها السكر !...

في كل مرة يا عزيز، أضحك على سخافة الطرفة وتضحك أنت على ضحكي عليها.. ونرضى !...

***

ماجد.. طالب إماراتي.. يحضر الدكتوراه في علم الاجتماع

رجل في بداية عقده الرابع.. متزوج وأب لطفلين، رقيق ولطيف

للغاية.. ابتسامته جميلة علاقته حميمة مع الجميع ويتحدث بدفء

أخاذ..

كنت أجلس وهيفاء في أحد المقاهي القريبة من الجامعة حينما

التقيناه لأول مرة.. دلف إلى المقهى وألقى السلام علينا فرددنا عليه  التحية.. جلس بعيداً بعد أن نشر عشرات الأوراق أمامه.. كان

منهمكا بالكتابة... قالت لي هيفاء جمون كيف عرف أننا خليجيات..؟ من ملامحنا .. ألم تعرفي بأنه خليجي قبل أن يلقي السلام..؟

بلی !..

وكيف عرفت..؟

من ملامحه..

أرأيت...

قضينا حوالي الساعة قبل أن نهم بالمغادرة.. عندما طلبنا من النادلة فاتورة الحساب.. أخبرتنا أن السيد العربي قد قام بدفع حسابنا .. قالت لي هيفاء شنو شنو شنو..؟؟.. جمون شيبي هذا ..؟... شكو يدفع لنا ..؟...

وأنا أيش دراني..؟.. أيش نسوي الحين..؟

شنو شنسوي الحين..؟.. قومي خل نغسل شراعه...

اتفقنا على أن ندفع للرجل نقوده بدون مشاكل.. وتوجهنا إلى

حيث يجلس..

رفع رأسه مبتسماً.. قالت له هيفاء: أنت بأي صفة تدفع

حسابنا ..؟

أجاب بهدوء : بصفتنا أخوة.. ألسنا أخوة..؟

ترى هالحركات شبعنا منها .. تبتدي أخوان وتنتهي نيران......

خذ فلوسك وعن قلة الحياء...

قرصتها : هيفاء، يكفي ... المعذرة يا أخ.. أرجو أن لا تكرر

ما فعلته معنا مجدداً ...

أجاب ببساطة وابتسامة كبيرة زين......

مضى أكثر من شهر بعد هذه الحادثة.. كنت أذاكر في المقهى ذاته لوحدي حينما دخل (ماجد) بصحبة طفليه.. ابتسم وحياني فبادلته الابتسامة والتحية جلس إلى الطاولة المقابلة مع الصغيرين.. كان طفله الأصغر شديد الثرثرة كثير الأسئلة.. لم أتمكن من

التركيز بسبب صوته العالي.. ارتفع صوت والده أحمد.. أخفض صوتك، عمة " تذاكر !.. رفعت له رأسي بامتنان: لا بأس.. أشتاق لصوت طفولة

عربية..

أنت طفلة ..... تبدين كطفلة !...

لست كذلك..

بالنسبة لعمري.. لست إلا طفلة ....

عرف ماجد كيف يضفي بعض الطمأنينة على حوارنا.. فرجل مثله يدرك أن فتاة مثلي تشتاق لحنان أبوي في غربة لا تطاق وتحت وطأة حب لا يرحم...

تحدثنا عن الدراسة والوطن وغربتنا القاسية وعن أطفاله الأشقياء.. أخواني الجدد ... سألني إن كنت أزور المقهى كثيراً فأجبته نافية بأنني أقضي معظم وقتي في مقهى آخر سميته له.. تبادلنا

الأمنيات بالتوفيق وغادرت المقهى بعد أن قبلني طفلاه الشقيان...

حدثتك في المساء عنهم.. كان قد سبق لي وأن أخبرتك عن

لقائنا الأول معه أخبرتك عن تفاصيل التفاصيل.. غضبت كثيراً ... قلت لي : أنت تعلمين بأنه قليل أدب) فلماذا تتحدثين معه..؟

أجبتك : رجل في الأربعينيات من عمره يا عزيز.. كوالدي..

اسمعي، لا والد لك سوى من تحملين اسمه ولا أخوة لك

سوى أشقائك...

وأنت..؟

                                                                      ٣٨

احببتك اكثر مما ينبغي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن