لطالما كان من صفات المنافقين الملازمة لهم إلحاق الأذى بالمسلمين بشتى الطرق، إلى أن وصل بهم الأمر إلى أذية رسول الله صل الله عليهم في أهلهِ وعِرضه!
_كُلنا نعرف حادثة الإفك والتي كان زعيمها كبير المنافقين"عبدالله بن أُبي بن سلول"،
وعند قرأتي لحديث السيدة عائشة وكيف كان حالها طيلة الشهر الذي انقطع فيه الوحي عن النبي صل الله عليه وسلم، لا يسع قلبي الألم الذي يشعر به، وكان أكثر ما استوقفني هو حديث النبي صل الله عليه وسلم عندما صعد على المِنبر...
وقال: _" يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيرًا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي "
لم يكن النبي صل الله عليه وسلم ضعيفًا أبدًا، ولكن كانت قوته دومًا يُحيط بها الحكمة.
وبعد حديثه اشتد الجِدال بين الأوس والخزرج، فأسكتهم رسول الله صل الله عليه وسلم ونزل من على منبره، ثم ذهب إلى "عائشة رضي الله عنها"، وكان حديثهما مما وقفت أمامه كثيرًا ولم ينساه عقلي قط...
عندما جلس النبي صل الله عليه وسلم إلى عائشة وكانت حينها ببيت "أبي بكر رضي الله عنه" قال لها" أما بعد يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ثم توبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب الله عليه."
حينها جف دمع السيدة عائشة والذي لم ينقطع منذ سماعها بما يُقال بحقها وقالت: "فقلت لأبي : أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: والله ما أدري ما أقول للرسول، فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله، فقالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله، فقلت _وأنا جارية حديثة السن_، لا أحفظ كثيرا من القرآن - : إني والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا، حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، ولئن قلت لكم إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر والله عز وجل يعلم أني بريئة تصدقوني، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف :"فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.""
وفي قولٍ أخر أنها من عِظم الأمر عليها لم تتذكر اسم سيدنا يعقوب عليه السلام.
ولأن السيدة عائشة رضي الله عنها توكلت على الله بصدق، لم يخرج الرسول صل الله عليه وسلم من بيت أبي بكر حتي أنزل الله عليه قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة بتبرأة السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها..." إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ، لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ، لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ، إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ، وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ."
_سورة النور الآية ١١فكان أول ما نطق به صل الله عليه وسلم أن قال وهو يضحك: "أبشري يا عائشة، أما الله فقد برأك، فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل ، هو الذي أنزل براءتي.
لم تكن السيدة عائشة ترجو ولا تتوقع أن يُنزِّل الله آياتٍ لتبرئتها، كان أقصى ما ترجوه أن يرى الرسول صل الله عليه وسلم في منامه رؤية تُبرئها،
ولكن الله رأي وسمع وهو سبحانه عادلٌ حكيم، لا يرضى بظلم، فأنزل في كتابه آياتٍ تُتلى إلى يوم القيامة، وأصبحت السيدة عائشة رضى الله عنها مبرأةً من الله وفي كتابه إلى يوم يقوم الأشهاد.
ولم يقتصر الأمر على الآيات وحسب، بل أنزل الله سبحانه وتعالى عذابه بكل من تحدث بهذا البهتان بحق السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاه وجعلنا في صحبتها في الفردوس الأعلى.#معيّة_الله.
YOU ARE READING
معية الله
Truyện Ngắnإن لله عبادًا يختصهم لمعيته، يدافع عنهم ويجبر قلوبهم، وتلك سنة الله في خلقه التي لا تتبدل، فاللهم اجعلنا ممن تختصهم لمعيتك 🖤