قصة ١٠ "فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا."

0 0 0
                                    

كان من سنة الله التي لا تتبدل دفاعه عن عِباده المؤمنين، بكل موقفٍ يستدعي تدخل الله بقدرته تتفاجيء من تدبير الله للأمر، ومن كيف أخرجك من عُمق الظلمات إلى سِعة النور.
ولكن السؤال هنا هل شرط دفاع الله عن عباده المؤمنين محاولتهم دفع الأذى عن أنفسهم، أم اتخاذ الصمت منهجٌ إلى أن تتم حكمة الله؟

في كتاب الله العزيز الأمران، على حسب الموقف يكون الرد، فإن كان المرء قادرًا على دفع الأذى عن نفسه فعليه به حتى وإن لم يصل لنتيجه، وإن كان لا يملك ذلك فالصمت خير سبيل إلى أن يأذن الله بالفتح.
وفي قصة السيدة مريم عليها السلام لنا عِبرة في منهج الصمت..

" فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا."

كانت حياة السيدة مريم عليها السلام تحفها معيّة الله دومًا، نذرتها أمها محررةً لله قبل ولادتها، وكفلها الله زكريا عليه السلام، ورزقها بعيسى عليه السلام، وجعلها من أطهر نساء الأرض، المبرأة في كتاب الله من كل بُهتان اتهمت به.

ولكن ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام كان أمرًا عظيمًا، فمن كان سيُصدق مريم إذا قالت أنه هبة الله لها، وأنه وُلِد بغير أب، ولأن الأمر كان عظيمًا، كان رد الله ودفاعه عن مريم عليها السلام عظيمًا أيضًا.

" فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا، قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا، وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا."

لم تؤمر مريم عليها السلام إلا بالسعي، وتكفل الله سبحانه وتعالى ببقية الأمر، لأن طالما الله قدّر هذا، فهو كفيلٌ به

"وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا."

لذا مهما بلغ ضعفك وحزنك، عليك بالسعي، فلن تكون أضعف من إمرأة وحيدة في صحراء، تضع مولودها بغير أب، ومن خلفها قومٌ يلقون اللوم والأسئلة عن كيفية وجوده.
واجعل تسليمك لأقدار الله وتوكلك عليه محيطًا بسعيك وحافظًا له، فلن يُرد خائبًا أبدًا من توكل على الله حق التوكل.
#معيّة_الله.
رؤى عطية

معية الله Where stories live. Discover now