الفصل الثاني عشر
-عملت فيكي زيهم، أنا اللي دخلت كلمتك من كام يوم عشان منحة الجامعة.
قالها بصعوبة شديدة وكأن الكلمات تأبى الخروج من بين شفتيه، بينما هي تقع على الفراش جالسة بعدما لم تستطع قدماها حملها، جحظت عيناها بعدم تصديق، ثم طالعته برفضٍ تامٍ، تشعر وكأنها في كابوسٍ ما سخيف ستخرج منه في أي لحظة، بالتأكيد ذلك ليس حقيقيًا، وفجأة شهقت بحرجٍ عندما مر بخيالها فكرة رؤيته لها وهي عارية، ولكنه صحح لها فكرتها تلك وكأنها يقرأ أفكارها الجحيمية:
- صدقيني مشوفتش أي حاجة ومجتش فرصة أشوف أي حاجة.
وبالرغم من تبريراته العديدة لم تصدقه، بل وعاتبته بقسوة جعلت قلبه ينفطر بلا رحمة:
- إنتَ إزاي تجرؤ تعمل كدة في الناس!؟... مين إداك الحق؟
وضع كلا كفيه على وجهه يخفى دموعه التي تغازرت، ثم قال بصوتٍ مكتومٍ بغصة مريرة لم يستطع التخلص منها:
- كان غصب عني، صدقيني كان غصب عني.
ردت عليه بنفس النبرة القاسية وهي تحتقره بنظراتها التي لم ترحمه ولم ترأف بحاله قط:
- مفيش أي مبرر يسمحلك باللي عملته دة .
رفع وجهه الذي تخضب بحمرة جحيمية أرعبتها، عيناه دموية بصورة مفزعة من فرط البكاء، أنفاسه متهدجة، وعروقه بارزة من عنقه، وكأنه خرج من معركة عاتية للتو، ثم قال بصوتٍ مبحوحٍ وهو يستحث منها أي مشاعر إيجابية ناحيته، ينتظر منها هي دون غيرها، ينتظر منها العفو والغفران ولا يعلم السبب:
- لما تتولدي في بيئة غير سوية هتفهمي ، لما ربنا يرزقك بأم بتكرهك هتفهمي ، لما تعيشي في رعب كل يوم بسبب إنك كنتي بتتعرضي لعنف هتفهمي ، لما تشوفي أمك كل يوم بتخون أبوكي وبتكون في حضن راجل غريب هتفهمي ، وفوق دة كله بتتعرضي لعنف من عشيقها، ضرب، وشتيمة، وبهدلة، وإهانة، وشخصيتي اللي خلوها ملهاش وجود، كوابيسي اللي بحلم بيها ليل نهار بسببها هي والراجل دة ، لما تحسي إن حد حابس الكلام اللي جواكي هتفهمي ، لما تبقى عمرك كله خايفة تكوني صحاب ومش عارفة تتواكبي مع الناس وطباعها هتفهمي ، لما تحسي إنك غير مرغوب فيكي من كل حتة هتفهمي ، إذا كان أقرب الناس ليكي مكانتش راغبة فيكي الناس هترغب فيكي؟
ثم تابع برجاء بعدما تخلص من الغل الذي ظهر في نبرته عنوة، وأخذ يطالعها بتوسلٍ من بين دموعه التي انهمرت على وجنتيه:
- أنا عارف ممكن دة كله يكون مش مبرر بالنسبالك، بس أرجوكي سامحيني.
نهض من على كرسيه، ثم اقترب منها ليجثو على ركبتيه أمامها، ليقبض بعدها على كفيها قائلًا بنفس نبرته السابقة:
أنت تقرأ
فاسد زين جحيمها
Romanceظلت عيناه متعلقة بشاشة حاسوبه الخاص وكأنه ينتظر ظهور شيء ما! وفجأة التمعت حدقتاه بوميضٍ شيطاني لا يطمئن قلب المرء، وكأنه صياد التقى بفريسته بعد عناء لا يستهان به! ازدرد ريقه بصعوبة وهو يتابع ضحيته الجديدة، وهي تخرج من المرحاض وجسدها ملفوفًا بالمنشفة...