البداية

135 2 0
                                    

في المطار الدولي، نزلوا من طائرتهم وهم مشتاقين لرؤية أهلهم بعد ابتعاد عنهم لمدة ٦ سنوات
ناظر صديقه وقال بابتسامة : الحمدلله على سلامتك يا طلال
طلال : الله يسلمك، وضربه على كتفه وقال : ماراح تقول لي مين اللي شغلت بالك؟!
صديقه بتوتر ارتباك : مين تقصد؟!
طلال : ما تركت تناظر الإسوارة اللي في يدك وتتبسم
صديقه عض شفته السفلية وقال : هصص مالك شغل
طلال وهو يطلع الجواز يعطيه الموظف : أنا صديقك لـ سِت سنوات ولا فتحت لي قلبك
ناظره بابتسامة ثقة وقال بـ مزاح : انت مو أهل ثقة
طلال بقق عيونه وقال : طيب، يا يوسفف
يوسف ضحك وأخذ جوازه من الموظف
الموظف بابتسامة : الحمدلله على سلامتكم
راحوا لمحطة التقاط الشُنط
يوسف كان يناظر السير المتحرك الذي عليه الشنط يعد الدقائق والثواني لأجل يقابلها، مشتاق لها حيل يبغى يعرف أخبارها اللي انقطعت عنه لمدة ست سنوات من لما سافر لآجل دراسته، ناظر الإسوارة اللي بيده وابتسم لما تذكر انها أعطته اياه هدية قبل ما يسافر بُعدهم عن بعض، وتذكر صوتها لما قالت " بضغطة زر راح تكون قريب مني، وماراح تحس بـ غُربة كل ما طفشت اضغط عليها وتخيّلني جنبك".
يوسف تنهد بشوق كبير لها تخيّله لها ما عاد صار يروي شوقه لها يبغى يشوفها على أرض الواقع بأسرع وقت
طلال شاف ابتسامة يوسف وقال : هذاا اللي اتكلم عنههه، - وهو يمسك خدوده - هذه الابتسامةةةة اللي ما اشوفها انا
يوسف وهو يبعد وجهه يخفي ابتسامته وقال : هصص انقلع عني
طلال وهو يتمدد بتعب حس بمغص في بطنه وقال : بنقلع عنك، - حط يده على بطنه وقال وهو يتجه للحمام - بروح الحمام، خُذ شنطتي لا تنساها فيها هدية مهمة
يوسف ضحك على شكله : هدية من مين؟!، وغمز
طلال ضحك وقال : الله يقلعك لا تفضحنا
احذ شنطته وشنطة طلال وراح لمحطة الأشعة لكشف عن أي ممنوعات، ودخل تحت الجهاز
استغرب الموظف من وجود شيء في شنطة طلال
فتح الموظف الشنطة يفتشها، يوسف استغرب وقال : مافيها شيء، بس ملابس
الموظف فرغ الشنطة من أمتعتها ما كان ظاهر شيء
أخذ السكين وقطع قماش الشنطة الداخلي الفاصل بين الهيكل الخارجي للشنطة وأمتعها وطلع كيس صغير فيه بودرة بيضاء، الموظف أخذ اللاسلكي وبلغ عن حادثة حيازة مخدرات..
-
يوسف ناظر الكيس بصدمة وألف سؤال استفهام في رأسه " مين اللي حط الكيس؟!، أكيد مو انت يا يوسف - ضحك بسخرية في راسه - تشك بنفسك؟!!" قطع عليه صوت الموظف وهو يبلغ عن حادثة حيازة مخدرات، يوسف قاطعه وقال : هذي مو لي انا ما أخذ المخدرات؟؟!
الموظف : وفر الكلام لنفسك وراك تحقيق
يوسف بلع ريقه بخوف " تحقيق؟!!، ليش انا ما أخذت هذي المخدرات؟!، - قال وهو يحاول في تهدئة نفسه - معليه يا يوسف ربك يسهلها ان شاء الله"، حس بيد تمسك يده من الخلف وصوت يملي عليه حقوقه ناظر خلفه وشاف الشرطي فزع ونطق بخوف : مو ليي وربك انا ما أخذ هذي الأشياء؟!!، ليشش اروح معكم؟!
الشرطي وهو يقاوم يوسف عكس حركته قال : أي تبرير قوله في التحقيق
مشى معهم رُغماً عنه يوسف لف نظره الشرطي وقال : انا ما أخذ مخدرات؟! حتى مو شنطتييي؟!!، تكفى فكك - وحرك يده بقوة داخل الاصفاد الشرطي كان متجاهل رجائه بأنه يفك الأصفاد، يوسف سئم منه واستسلم للأمر الواقع، وناظر أمامه وشاف الناس اللي تجمهرت حولهم ويناظرونه نظرة شفقة وحزن، كَرِه هذه النظرة اللي خلته بسببها يترك بلد بكاملها، رافقته هذي النظرة طول حياته تنهد لما حس بالشرطي وهو يدفعه للأمام
شاف رجوله واقفة أمام سيارة الشرطة مو قادر يدخل الكيس مو له مو عارف كيف جاء لشنطته، أجبره الشرطي يدخل للسيارة، دخل وناظر يدينه المكلبشة وحركتها وصوت الأصفاد يتكرر في مسامعه " خلاص هذا هو مصيرك يا يوسف؟!".
-
في غرفة مظلمة لا يوجد فيها الا ضوء ابيض خافت وزجاج كبير فاصل، جالس ويدينه مكلبشة بالأصفاد حط يده على رأسه يردد الكلام اللي بيقوله " بقول لهم هو كيس طلال وانا مالي شغل فيهم، ايوا اذا قلت الصدق بخرج بسرعة - تنهد ومسك يده مكان الإسوارة بس كان فارغ لأن حطها في منطقة التفتيش - واقابلها"، رفع رأسه لأعلى وغمض عيونه وبدأ يهز رجوله ويكرر " بسرعة مشتاق لها ".
فتح عيونه لما سمع صوت الباب يُفتح ودخل المحقق وكان شخص بعمر الأربعين، وشعره رمادي وفيه شعر خفيف ابيض من الأمام
المحقق : يوسف بن فهد؟! 
يوسف هز رأسه بإيجاب وهو ينزل يدينه المكلبشة تحت الطاولة
المحقق : متى راح يجي محاميك؟!
يوسف بلع ريقه وقال : احتاج محامي؟!
المحقق : ايه، لأن عُمرك ٢٧ سنة كل الأنظمة والقواعد تُطبق عليك
يوسف برجاء وصوت خائف مُتردد : الكيس مو لي وربيي، انا ما أشرب مخدرات
المحقق : كيف تبرر بصماتك اللي وصلت للكيس؟!
يوسف استغرب وارتبك من اتهام المحقق له وقال باستغراب : بصماتي؟؟!
المحقق وهو يكرر الكلام بـ حِدة شديدة : ايه بصماتك وُجدت على الكيس؟!
يوسف توتر ومسك يدين المحقق : وربك ما أخذ مخدراتتت، هذا الكيس أصلا لـ طلال و وُجد في شنطته ليش أخذتوني؟!
المحقق تنهد من ازعاج يوسف وقال بـ حدة : اسمععع، صديقك هذا مختفي ماله أي أثرر، وانت اللي أخذت الشنط بصماتك لقيناها على الكيس، لحد الآن انت المُتهم الوحيد
يوسف انصدم ورجع ظهره للكرسي يستوعب صدمته، صديقه اختفى وهو المتورطط، رفع نظره وفيه أخر شعرة أمل : أخر مره افترقنا راح الحمامم، دوروا هناك
المحقق لف الملف اللي أمامه وضرب رأس يوسف بخفة وقال : تعلمني شغلي؟!
يوسف كشر وقال : لا، بس..
قاطعه المحقق : راح تنام في الحجز اليوم وفكر كيف بصماتك وصلت للكيس
يوسف هز رأسه وخرج من غرفة التحقيق بـ صُحبة الشرطيان وراح لـ الحجز، كان فيه 4 رجال موجودين واضح عليهم انهم أشخاص سيئين
جلس على الأرض وضم رجوله لصدره وهو يناظرهم بخوف ورهبة لف نظره لما شاف واحد منهم يناظره وكل خليه في جسمه ترعد وتصفق من الخوف والرهبة اللي هو فيها المحقق بيصدقه؟ ولا لا؟
قطع حبل أفكاره صوت الموظف يناديه
يوسف فاق من شروده وقال : هلا
الموظف : عندك زيارة
يوسف هز رأسه وخرج من الحجز وراح لـ غرفة التحقيق، وشاف من الشباك الزجاجي الفاصل بينهم شخص كبير بالعُمر ينتظرهه
الموظف وهو يفتح الآصفاد قال : 5 دقائق
يوسف هز رأسه ودخل، وعرفه من جلسته قال : السلام عليكم يا عمّ بدر
بدر لف له وقال بصوت عالي وملامح غضب : تتورط في مخدرات يا يوسففف؟! هذي نهاية اللي يبغى يسافر ويجيب شهادة ويرفع رأس أهله؟!!!
بالنسبة لـ يوسف كلام عمه على رُغم انه مو قاسي بالنسبة له لأنه شاف الكثير من قساوة الحياة، لكنه بكى وطاح على الأرض وقال : والله ثم والله ما أخذت مخدرات، هذا كيس لصديقي وقلت لهم الصدق ومحد مصدقني ليه؟!!
بدر تنهد وهو مصدق ولد أخوهه مسكه من كتوفه ورفعه وقال : انت امانه تركك اخوي، ابي اصونك مثل ما اصون عيالي، وكلامي لو انه قاسي من مصلحتك يا ولدي
يوسف تنهد وجلس على طرف الكرسي وبدأ يحك طرف أصبعه الابهام بتوتر وقال : يقولون ان طلال مختفي؟! وانا الوحيد المُتهم لازم نلقى طلال
بدر ربت على كتفه وقال : خلي شغل البحث لهم، وسالفة المحامي بدبرها لك
يوسف مسك يد عمه اللي على كتفه وناظره بابتسامة أمل، انه ممكن يطلع ببراءة
بدر جلس مقابل له وتكلم بـ جدية وقال : طيب، كيف وصل الكيس لشنطتك؟!
يوسف رفع ابهامه لفمه وهو يعض الجلد قال بتوتر وتفكير شارِد : مدريي
بدر تنهد وقال : يوسف شاك بأحد
يوسف زم شفايفه بتفكير وقال : لا، - ناظر عمه - طلال ما قرب من اغراضي بس ما يمنع اننا نحط احتمال انه حطها
بدر استغرب وقال : ايش تقصد؟!
يوسف بلع ريقه وقال : فيه مره شفته عند أحد الخانات مع شلة صايعة، واعتقد انه يأخذ منهم المخدرات، لأن في مره شفت كيس مغلف اسود في شنطته ولما سألته توتر وتحجج بأنها هدية لحبيبته طلبها من برا عشان زي كذا مُغلفة بنايلون اسود، علاقتي بـ طلال مهي قريبة مره فـ صدقته
بدر تنهد وقال بحماس : يوسفف قول هذا الكلام لما يجي المحامي، لما يسمعه برائتك بتثبت ان شاء الله
يوسف ابتسم على فرحته وقال بنفس الحماس : ابشرر

عيناكِ مأمني وأماني وأُنس روحي.. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن