ليّـلى ومَجنونّـها..

13 0 0
                                    

لفت نظره ممر مظلم، مشى وناظر حوله ولحسن الحظ مافيه أحد دخل وحط لوحة مغلق عند الممر، ومشى وكان فيه لوحات مغلفه وبعض أوراق النايلون لتغليف اللوحات ملقى وبعض المجسمات مُغطى بقماش أبيض، لفت نظره قماش أبيض طويل من السقف الى الأرض استغرب وأبعد القماش وشاف مجسم لـ شخص كبير وبنت صغيرة وبينهم خشبة شجرة وكانت بعنوان " ليّـلى ومَجنونّـها".
استغرب ان المجسم كان ناقص غير مكتمل
تذكر لما ليلى قالت له " لو راح أفتح معرض راح تكون أول معروضاتي الخاصة، شيء يرمز لنا" ما توقع انها تجسد الليلة الأولى اللي تعرف فيها على ليلى
سمع صوت رجل غاضب يقول : ليش مقفلين الممر؟؟ كذا نلفت الانتباه، كم مره قلت لهم يعملوا شغلهم على أكمل وجهه، لاحظ الرجل شيء قريب من القماش الأبيض وبدأ يمشي باتجاه القماش
يوسف شاف ظله يقرب منه بلع ريقه وغمض عيونه، وكل ماله الظل يقرب قطع عليه صوت الجوال اللي كان مع الرجال
الرجال بلغتة الانجليزية : اهلا وسهلا مستر أليكس، أتمنى أن تكون بصحة جيدة... نعم.. انها غير مزيفة، وهل يُعقل بمعرض بـمثل معرضنا لوحات مزيفة - ضحك ضحكة يخفي خلفها شره - الإشاعات انها إشاعات لا صحة لها، همم لا أعتقد أنه قد يتغيب كثيراً من المحتمل شهر أو ثلاث أسابيع فكما تعلم زوجته هنا لن يتغيب كثيراً، كُل الذي عليك أن ترسم لنا لوحات جميلة وهو سيكافئك قريباً فـ كما تعلم إنه لا يحب الأخطاء في عمله.. لقد رأيت الأحداث لم يغفر لولده عن خطأ ارتكبه من سنين فكيف برجل غريب ليس من دمه.. انا لا أريد تخيل ذلك حقاً!! .. اوه انا لا أتكلم عنه بسوء انا فقط أقول الحقائق.. إلى اللقاء
قفل من الاتصال ونزل أخذ خيط القماش اللي طايح بالأرض وناظر للـ قماش الأبيض وجاء بيحركه، ويوسف كان مغمض عيونه مستسلم، قطع عليه صوت أحد العاملات تناديه باسم "قاسم" ، التفت لها وراح مع العاملة
يوسف حس بالهدوء وخرج بتخفي شاف رجال يتكلم مع العاملة وسرعان ما عرفه وابتسم على جنب وجاه رقم غريب فتح الاتصال وقال : آلوو..
جاءه صوتها : السلام عليكم، أستاذ يوسف معي؟!
يوسف سند نفسه على الجدار وقال : لو انا مو شايفك امس كان قلت هذه البنت محترمة
وئام بحدة : محترمة غصبن عنك
يوسف : همم، متصلة ليه؟؟ اشتقتِ لي؟!
وئام : طبعا لا، أحد يشتاق لك، اتصلت عشان أتطمن عليك لأنك قلت انك - سكتت شوية - عديم إحساس وحرقت يدك أمس
يوسف ابتسم وهو يناظر يده المضمدة : الحمدلله بخير، اذا يهمك الموضوع أكثر ممكن تجي بيتي
وئام بعصبية : انا غلطانة متصلة عليك، يلا بايي
يوسف بتسرع : خلاص خلاص لا تزعلي، عرفت أشياء حلوة - وهو يناظر المعرض - وبشاركها معك راح تجي بيتي ولا نروح مطعم
وئام : ما ينفع نتكلم بمكان عام، خلاص أرسلي اللوكيشن
يوسف بنذالة : تبغين نكون لحالنا؟!
وئام : احترم نفسك أحسن لك انا مدري ليلى ايش عجبها فيك، وقفلت، يوسف ابتسم وناظر الرقم وحفظه بجواله باسم " وئام".
-
قام الصباح وهو تعبان من ليلة أمس ما قدر ينام، الكوابيس صارت تراوده وهذا الشيء بدأ يزعجه، سحب المسكن في الدرج الاول من الكومدينه وأخذ له حبة لعل وعسى تخفف عنه الصداع اللي ملازمه هالأيام
نزل وشاف أمه وأبوه
ابتسم وباس رأس أمه وقال : صباح الخير يالغالية
جلس على يمين أبوه وبدأ يفطر بـ صمت، قطع هالصمت صوت أبوه وهو يقول : انا بسافر رحلة عمل لـ شهر، - ناظر ولده - راح تلحقني بعد أسبوعين، وبعرفك على عائلات المستثمرين بشركتنا ممكن تلقى نصبيك عندهم
طلال : وليش أتزوج من عندهم؟!
أبو طلال بحدة : لأنهم ما يعرفون خطيئتك
طلال تنهد لأن أبوه كل ما سمحت له الفرصة يذكره بقضيته، ما حب يعارضه وأمه مُقبلة على الموت سكت لأجلها، رفع نظره وابتسم لها وبادلته الابتسامة بـ وجهها المُصفر من التعب، أم طلال ابتسمت لأن أخيراً طلال صار هادئ ومتحكم بتصرفاته
-
قامت بهدوء من نومها وهي لابسة بيجاما حرير لونها بنفسجي ابتسمت وهي تمطمط وقالت : اهه، أخيراً راح أنعم بـهدوء، قامت وفتحت باب الغرفة وشمت رائحة خبز وقالت : منى انتي هنا؟!!
سمعت صوتها خرجت من المطبخ وهي لابسة مريلة طبخ ورافعة شعرها البني كعكة ولافة عليه ربطة تيفاني ولابس فستان أصفر فاتح مُطرز بدانتيل على الصدر ومسكت يدها وقالت : صباح الخير، سويت لك أحلى فطور
نغم وهي تتلمس كتف منى : منى الحياة بدونك صعبة!!، والله ما تصدقي كيف انا ضائعة بدونك
مُنى وهي تجلسها على طاولة الطعام الصغيرة اللي في المطبخ : عشان تعرفي قيمتي
نغم : والله عرفتها، ذاك الكلب بهذلني الحمدلله تخلصت منه
منى وهي تصب الخليط بالصينية : لا يكون قتلتيه
نغم : ما توصل للدرجة، أصير قاتلة عشان كلب، - ابتسمت وهي تقول - فيه شخص ساعدني
مُنى رفعت حواجبها من ابتسامتها وقالت : وان شاء الله هذا الشخص هو اللي يدق عليك
نغم توترت ومسكت جوالها وقالت : آلوو طلال
منى ضحكت وقالت : امزح معك مافي أحد يدق
نغم حطت الجوال على الطاولة وقالت : يوهه منك يا منى
مُنى وهي تدق كتفها : تحبينه ولا لا؟!
نغم : بدري على الحب، يعني إعجاب، يعني لما تسمعيه تحسين بتوتر ولخبطة فيك كلك وتطلع شخصية ثانية منك، وفيه أشياء مشتركة بينكم قلبك راح يميل له أكيد صح؟!
مُنى وهي تحط قدام نغم آخر طبق للفطور : وهو قلبه راح يميل لك ولا لا، هذا الأهم
نغم سكتت، مُنى مسكت يد نغم وقالت : أنا أحبك زي أختي بالضبط أبغى مصلحتك وما أبغاك تنغمسي بالموضوع وصعب نطلعك منه، صارحيه بمشاعرك أول ما تتأكدي منها اذا هي اعجاب ولا حب وهو له الخيار يا يكمل يا لا
نغم ابتسمت وقالت : ان شاء الله راح اتأكد قبل ما انغمس في مشاعري، المهم قولي لنا طبختي لنا ايش؟! لأن الروائح تجوع
منى ابتسمت وبدأت تأكل نغم وتساعدها عشان تأكل
-
دخل بهيبته والكل وقفوا له احتراماً له، دخل لـ مكتبه واستقبلته وئام بابتسامة وهي تقول : صباح الخير يا أبو طلال
أبو طلال تنهد وقال : صباح النور، وبدأ يفتح الملف، لاحظ أبو طلال وئام ما خرجت وقال : قولي ايش عندك؟!
وئام بتوتر : ما أبغاك تعتبرها قلة احترام، لكن ليش جاي الشركة؟! بكرا سفرك
أبو طلال رفع نظره لها وقال : انا اذا نمت شركتي اللي تعبت عشانها راح تنهدم بأي لحظة، في أعداء كثير يتمنون سقوطي يا وئام، أنهى كلامه بنظرة حادة وابتسامة جانبية
وئام بلعت ريقها بخوف، أبو طلال ناظر ورقه وقال :  اليوم راح يجيني شخص مهم جداً جهزي غرفة الاجتماعات، وجهزي عرضنا له، لأنه فرصة ما تتعوض لمصير شركتنا - رفع نظره لها - لازم نأخذها يا وئام
وئام هزت رأسها، وخرجت من المكتب وجهزت غرفة الاجتماعات وهي متوترة وكلام أبو طلال يرن في أذنها
-
خرج من غرفته وهو لابس جاكيت بني وبلوزة بيضاء داخلية، وبنطلون بيج، وشوز رياضي أبيض
شاف أمه جالسة في الصالة وجهها بدأ يصفر وواضح انها تعبانة، ابتسم رُغم ذلك وقال : كيف حالك؟!
أم طلال : الحمدلله يارب
طلال مسك يدها : ايش رأيك أحقق لك أمنيتك
أم طلال : واللي هي؟!
طلال بابتسامة : يكون عندك بنت
أم طلال ضحكت بتعب وانتهت ضحكتها بـحكة : ايش تقصد يا ولدي، لا تضحكني
طلال : راح نعيش انا وانتي يوم كامل الام وبنتها، ونسوي كل شيء يسوونه الام وبنتها
أم طلال : انا اعرف انك تبغى تخليني أخذ علاج، لكن شيل الموضوع من راسك
طلال وقف بزعل وقال : يعني لا علاج ولا تبغيني أسويلك شيء يفرحك، - كتم خنقته - تبغيني متكتف وانا اشوفك كل يوم تتعبين زيادة
أم طلال استشعرت الحزن بصوت ولدها  : لا انا بخير الحمدلله
طلال رفع نظره وقال : لا تحسبين اني ما أعرف لما تروحين الحمام تستفرغين، ولا في الليل لما تآنين من الألم، ولا لما تطلعي الدرج وتجيك الدوخة، ولا لما توقفيي وفجأه يختل توزانك، تراني مو عشاني ساكت يعني انا راضيي
أم طلال بلعت ريقها ما توقعت ولدها يدري بكل شيء تمر فيه، طلال جلس على الارض ومسك ركبتها وقال : على الاقل خليني أسعدك باللي أقدر عليه
أم طلال وهي تناظر كفوفها تمنع دموعها تنزل قالت : سحاب
طلال رفع راسه وقال : ايش فيها سحاب؟!
أم طلال بابتسامة : كُنت بسميها سحاب لو جبت بنت، - ناظرت للشباك - لأني أحب السُحب والغيم وأحب اتأمله، فـ ايه لو كانت عندي بنت بسميها سحاب
طلال ابتسم وقال : أعطيني جوالك، أخذ الجوال وغير اسمه من طلال لـ سحاب
أم طلال ضحكت وقالت : ايش راح نسوي يا طلال؟!
طلال وهو يقومها : راح نروح سينما ومول
أم طلال ابتسمت وطلعت لـ تغير ملابسها
-
عند بطلتنا توزع قوارير المويا وحطت الملفات اللي تتكلم عن عرضهم وناظرت للمكان بابتسامة رضا
ثواني ودخل أبو طلال وجلس
وئام كان فيها فضول تعرف مين هالشخص المهم اللي يتكلم عنه أبو طلال لـ درجة انه جاء قبل سفره وبنفسه عشان يقابله، قطع على أفكارها صوت دق الباب فتحته ودخل رجال تقريباً عمره في الثلاثين لابس بدلة سوداء رسمية وفاتح اول زر من البلوزة البيضاء
ناظرته وحست انه مو غريب الوجه مألوف، ابتسمت وجلس
أبو طلال : كيفك يا أستاذ بسام
بسام ابتسم وقال : الحمدلله بخير، انا مو جاي نتبادل أحوال بعض، خلينا نبدأ بشغلنا
وئام انعجبت بجرأته وكيف قدر يكلمه بصراحة أبو طلال اللي محد يقدر يرفع نظره عشان يتكلم معه
أبو طلال بانزعاج : وئام اطلعي
بسام التفت لها وما ابتسم ولا أبدى أي تعبير وانتظرها الى خرجت
وئام بتفكير : انا فين شفته شكله مو غريب، - وسعت عيونها - عرفتهههه!!!! هذاك اللي ساعدني لما جاتني نوبة هلع، راحت للجدار الزجاجي تتأكد اذا هو ولا لا
لكن قطع عليها يد تدقها، لفت وهي منفجعة وشافت السكيورتي وهو يقول " ممنوع"
وئام وهي تمشي : انا عارفة انه ممنوع، وهي تحاول تأخذ نظرة أخيرة وتمشي
-
في المول، يتمشون بعد ما خلص الفيلم
ام طلال : الفيلم مره حلو، انت كيف عجبك؟!
طلال : ايه، عجبني، بس لو جابوا ممثلة ثانية
أم طلال ضحكت وقالت : يهمك الممثلة نفسها
طلال : ايهه اجل اتفرج فيلم والبطلة شينه؟! ما يصلح يا ام طلال
أم طلال سندت رأسها على صدر ولدها وقالت : تعبت
طلال : تعالي نجلس، جلسوا في إحدى الكافيهات
أم طلال : قول لي مين اللي في قلبك؟!
طلال انصدم من السؤال المفاجئ وقال : مين في قلبي؟! محد فيه؟!
أم طلال وهي تصغر عيونها تحقق فيه: تحسبني تعبانة يعني معرف، كل يوم طالع برا البيت ولابس ومتكشخ وريحة عطرك تجيب القريب والبعيد
طلال ضحك وقال : شوفي والله يعني مدري
أم طلال : مدري ايش؟!
طلال : مدري كيف تقابلنا لكن اللي اعرف، اني منجذب لها ومرتاح وانا اتكلم معها، تعرفِ شعور أتكلم مع شخص وانا مرتاح انه ماراح يحكم علي عشاني ولد الفيصل، ولا راح ينظر لي بنظرة إزدراء اللي انت غني وش عندك هموم، كنت مرتاح معها وانا اتكلم وبس
أم طلال ابتسمت وقالت : هذا الحب يا ولدي
طلال ضحك
أم طلال : عرفني عليها وانا راح آكد لك انه حب
طلال ضحك وقال : يصير خير
أم طلال فجأة تكلمت بجدية وقالت : شوف ياولدي اعرف المكان مو مناسب بس لازم اقولك اللي في قلبي، معرف متى راح اموت
طلال أعطى أمه كل انتباهه
أم طلال : أعرف من بعد ما تحاكمت صارت غلطتك من المحرمات في البيت نتكلم عنها، لكن لازم نتكلم
طلال تنهد وهو يسمع أمه تذكر يوسف اللي غدر فيه بالمحكمة
أم طلال : لازم تروح تسأل عن الولد وتحلل نفسك يا طلال ما ينفع تجلس وانت شايل الذنب، لا تصير مثل أبوك ذمته وسيعة
طلال ابتسم وقال : تحسبيني كل يوم انام وانا مرتاح البال، بس ما أعرف ايش اقوله؟ اللي سويته فيه مو قليل وما انكر انه يوم من الايام كان صديق لي وونيس في وقت غربة
أم طلال مسكت يدين ولدها : اشرح له ظروفك وهو براحته يا يحللك أو لا، المهم انك على الأقل حاولت عشان تبيّـن له انك مو مرتاح مثل ما هو متخيل عنك
- طلال عقد حواجبه - انت في عز وأبوك عمل المستحيل عشان محد يتكلم عن الموضوع، أكيد متخيل انك مرتاح البال
طلال ابتسم وقال : ابشري ان شاء الله خير
أم طلال ابتسمت لابتسامة ولدها
-
في الشركة
خلص اجتماعهم خرج وأبو طلال يسلم عليه يقول له : مشكور لوجودك
بسام : ولو، رفع نظره لـ وئام اللي جات لهم بعد ما سمعت صوت أبو طلال، ابتسم وهو يناظرها
أبو طلال شاف وئام وقال لـ وئام : وصلي الأستاذ لخارج الشركة
بسام : لا ما ينفع بنت ترافقني للخارج، أنا اعرف مكان الباب
وئام ابتسمت وقالت : راح أوصله للمصعد
مشيت معه للـ مصعد في صمت وصوت كعبها هو اللي يصدح، ضغطت على زر المصعد ولفت لـ بسام وقالت : شرفتنا أستاذ بسام
بسام ابتسم : شكراً لك، - قرب منها وهمس - أتمنى أخذتِ نظرة عن قُرب
وئام بلعت ريقها وتوترت ومشيت بسرعة مبتعدة عنه دق جوالها شافت المتصل وكان يوسف تنهدت وقالت : نسيتهه!!!...

عيناكِ مأمني وأماني وأُنس روحي.. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن