صُدفة

13 0 0
                                    

خارجة من الحمام وهي لابسة الروب، ولافة شعرها بمنشفة قالت بانتعاش : اهخخ التعب في شغل ابو طلال حمام ثلاث ساعات يخليه يروح
لبست بيجاما وانسدحت على السرير بتعب
فتحت الكومدينه وأخذت جوال ليلى القديم
وكتبت " وحشتيني، اليوم طحت بالدوام وفيه رجال غريب أنقذني وجاب لي سندوتش وعصير كنت محتاجتهم الصراحة، لما طحت وقتها تمنيت انك معي، وسمعت صوتك وانتِ تلوميني على انغماسي في العمل، واهمالي لنفسي واكلي، ليلى اشتقت لـ لياليّنا مع بعض ونقعد نحش ونضحك ونصارح بعض بأفكار غبية، تعرفت على صديقات بعدك لكن مثلك ما حصلت تمنيت اليوم تكوني معي وتكوني بجواري" وضغطت إرسال
حطت الجوال على صدرها بحزن وقالت : راح أخذ بحقك يا ليلى
-
عند يوسف نزل من سيارة التاكسي بعد ما حاسبه
وجاء بيفتح باب الفيلا لكن جاته صوت رسالة من جواله القديم، فتحها بلهفة وبدأ يقرأ محتواها
انصدم لما قرأ المحتوى، كمل كلامه استشعر من كلامها وحدتها والفراغ الكبير اللي تركته ليلى بحياتها
لا تلقائي كتب لها " سلامتك ما تشوفين شر، واذا تبغين صديق تفضفضين له انا بالخدمة، والفراغ اللي تركته ليلى بحياتك محد بيقدر يملأه ولا يوصل مكانتها لأن ليلى كانت أماننا ومأمننا".
عند وئام استغربت لما سمعت صوت الرسالة وقرأت رسالته وبعدين استوعبت : اوففف قرأ الرسالة، حطت يدها فوق جبهتها
كتبت وئام" معليش اعتذر على الازعاج، نسيت ان الجوال عندك، من تعب اليوم مقدر أفكر بشكل سليم"
يوسف قرأ رسالتها وكتب" سلامتك من كل تعب، معليه حصل خير وعرضي متاح لأي وقت"
وئام ابتسمت وقالت : لطيف، يا حظ ليلى أكيد حبته بعمق
طفت الجوال ونامت، عند يوسف كان متأمل انها ترسل شيء ثاني لكن ما أرسلت دخلت للبيت وقال : السلام عليكم
خالد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كيف دوام اليوم ايش حصل معك؟!
يوسف وهو يفصخ ثوبه ويرميه في سلة الغسيل : قابلت وئام
خالد قام من مكانه وقال : بهذي السرعة؟!
يوسف : انا مثلك منصدم، طاحت بين يديني في المصعد
خالد : شفت قلت لك راح يغمى عليها من جمالك
يوسف وهو يمثل الضحك : ها ها ها، ضحكتني
خالد : اسمع سويت سيرش عنها وجمعت لك معلومات عنها، عشان تعرف تتقرب منها
يوسف هز رأسه، ودخل الحمام يأخذ شاور وخرج لبس بنطلون رصاصي وبلوزة سوادء
أخذ الملف الموجود على الطاولة، الاسم وئام بنت سلطان، العمر 31 سنة، تمت ترقيتها من سكرتيرة علاقات عامة الى سكرتيرة الرئيس التنفيذي في خلال سنة واحدة، ارجع راسه للخلف وقال : مافي شيء مُهم فيك يا وئام
جاه اشعار من حساب الانستقرام لـ ملاك منزلة ستوري، فتح جواله وشاف صورة لـ ليلى وصديقاتها وكاتبة " وحشتوني"، يوسف رفع حواجبه لما شاف وئام من ضمنهم وقال : وئام هذي اللي معنا بالشركة ايش جابها هنا؟! كتب لـ ملاك " هذي البنت - حط دائرة على صورة وئام - ايش اسمها، وهي صديقة ليلى منجد؟!"
ملاك ردت عليه " ايه، صديقتها من الجامعة تعرفت عليها"
يوسف" اها"
ملاك " ليش تسآل😒"
يوسف "😂😂😂 كلام كبار مايخصك"
ملاك "اننن، انا كبرت خلاص"
يوسف قرأها وهو مبتسم وقفل الجوال وناظر في السيرة الذاتية لـ وئام وقال : كل الخيوط تدور حولك، ايش سرك؟!
سحب الملف قرأه مره ثانية بـ تمعن لعل وعسى يلقى شيء مثير للاهتمام، لاحظ تاريخ السنة اللي قدمت فيها على الوظيفة كان عام ٢٠١٨، قال في نفسه" ليلى توفت عام ٢٠١٦، وئام دخلت الشركة عام ٢٠١٧، بعد سنة من وفاتها، وخلال سنة ترقت لـ سكرتيرة أبو طلال، - ضحك بخفة - وضحت خطتك يا أستاذة وئام".
خالد خرج من المطبخ وبيده اكل وشاف يوسف مبتسم
خالد : ايش خلف الابتسامة؟!
يوسف : وئام
خالد رفع حواجبه وقال : ايهه
يوسف بابتسامة : تبغى تنتقم مثلي وكانت صديقة ليلى
خالد فرح وقال : منجدد، القدر جالس يمشي معنا بشكل رهيب، وحضن يوسف
يوسف بابتسامة : صار سهل اني أوقعها
خالد : خطتنا جالسة تنجح بقول لـ عزام يجهز الهكر
يوسف ابتسم وهو يناظر صورة وئام في السيرة الذاتية بابتسامة
-
كانت تمشي ومعها مقود الكلب (الحبل المشبوك بالطوق) يمشي امامها، وتكلم نفسها : آخر عمري أمشي كلب، المهم هو مبسوط، تقلق على اختها لا
فجأة الكلب بدأ يسرع ويمشي بين الناس يتخطاهم
نغم وهي تركض خلفه بسب الحبل صرخت : لالا لااا ما ينفع كذا، انت يا زفتت وين رايح، فجأة صدمت بعامود كهرباء وطاحت على الارض، وفلت الحبل من يدها
نغم بألم مسكت جبهتها وقالت : الله يلعن اليوم اللي جبتك فيه
حست بشخص يهمس عند اذنها وهو يرفعها : مصيرنا نتقابل كل ما طحتِ
نغم وهي تتلمس الهواء الجهه المعاكسة : ميننن؟!
مسك يدها وقال : طلال
نغم بابتسامة : كويس، شوف لي الكلب هذا فين راح؟!، ما أكون نغم اذا ما ربيته يركض ويصدم بالناس وسحبته بدون ما تسمع رده وركضوا جهه صوت نباح الكلب
طلال شافه واقف عند كرسي وينبح، قرب منه ومسح على راسه وتحت رأسه والكلب يلهث
نغم وقفت قريب منهم وقالت : وينه هذا الزفتت
طلال ضحك وقال : اسمه زفت؟!
نغم : مدري وش اسمه اناديه زفت انا ويفهم علي خلاص، الكلب شاف نغم ركض لها ونقز يحاول يوصلها ونغم تمد يدها تبعده وهو يلعقها
نغم بقرف : اععهه، تكفى يسوي هذي الحركات كل شوي
طلال : هو كذا يلعب معك ويحبك
نغم : صدق انه كلبب اجل يحبني يلحسني
طلال ضحك وقال : ليش جبتيه اذا ما تحبينهم
نغم : مو كلبي، كلب اختي، سافرت وحطته عندي تخيل انها تتصل تتطمن عليه مو علي، لا والله نِعم الإخوة
طلال ابتسم وقال : انا ما عندي أخوان فـ ما أعرف الشعور
نغم : يا حظك ربي رحمك من الهم ومن مشاكلهم
طلال : ودي بـ أخت أو أخ يكون سندي، في مثل هالوقت اكون محتاج اكلمه وافضفض له
نغم بابتسامة : وش مثقلك؟!
طلال حط يدينه بجيوب الكوت وهو يناظر البحر والهواء يشتد عليهم قال : أمي مصابة بالكانسر، طول عمرها تبغى بنت ما قدرت تجيب لكنها حملت فيني وطلعت ولد
نغم حزنت عليه وقالت : الكانسر مو آخر الدنيا راح تتعالج وتصير كويسة
طلال وهو يتنهد ببطء : رافضة العلاج
نغم بصدمة : اوهه، طيب، عيش معها واحترم قرارها، يمكن تغير رأيها بعدين، وترى ٩٠ ٪ المصابين بالكانسر يحسون بـ عدم أهمية لـ حياتهم انت امسكها بيدك وخليها تعرف قيمة وجودها بحياتك
طلال ابتسم على كلامها وقال : عرفت ليش كانت تبغى بنت فعلا انتم المُؤنسات الغاليات
نغم ابتسمت بحرج على مدحه وما عرفت ترد
نغم تذكرت الكلب وقالت : فين الكلب هذا؟!
طلال شافه يمشي بعيد وقال وهو يمسك ذراعها : هناك تعالي، وسحبها معها
نغم ابتسمت على تصرفه أخذ طلال طوق الكلب وقال  :  ترى في مراكز تدريب للكلاب لو تبغين اساعدك بالموضوع
نغم ابتسمت وقالت : ايش راح يسوون؟!
طلال : يدربونه بأنه يساعد شخص أعمى
نغم : حلوو، تمم
طلال ابتسم وقال : وين بيتك؟! تبغين اوصلك؟!
نغم : نحنا فين؟!
طلال : في البحر
نغم : اختصار للوقت في محطة عند لفة بيتي، اذا وصلنا عندها قول لي
طلال : تمام، ومشيوا مع بعض، طلال ماسك الكلب ويمشي امامهم ونغم متمسكة بذراعه
-
يمشون والطريق هادئ والليل مظلم ومافيه غير انارات الطريق وصوت ضرب عصا نغم بالطريق
طلال : نغم
نغم : هلا
طلال : فيه أمل انك تتعالجين؟!
نغم مدت بوزها بتفكير : همم، لا، كلمت الدكتور قال لي ان العصب البصري تضرر فـ مافي أمل اني اتعالج
طلال : كيف حصل لك؟!
نغم : هممم
~ نرجع بالزمن قبل ٦ شهور ~
تحديداً في باريس، في قاعة الأوبرا، لابسة فستان اسود أنيق وطويل، رافعة شعرها كعكة للخلف، وتعزف بيانو " امتى الزمان" وخلفها فرقة موسيقية، مندمجة في العزف والألحان وألحان تراقص لها المستمعين
وقفت وانحنت للجمهور بعد أن أنهت معزوفتها، ونزلت من المسرح وهي مبتسمة تسمع المديح لـ عزفها الذي أخذهم من عالمهم الى عالم آخر
لبست جاكيتها الأبيض الذي بأطرافه فرو بنفس اللون، خرجت وكانت تمطر، جاء البوديقارد وفتح لها المظلة الى ما دخلت للسيارة، والمطر يزداد أكثر وأكثر
-
نغم باللغة الفرنسية : أخفض السرعة لو سمحت
السائق هز رأسه
فجأة من اللامكان ظهرت شاحنة نقل بريد واصطدمت بهم، وانقلبت السيارة والدخان يتصاعد منها، نزل السائق عربية البريد يتطمئن عليهم، نغم كانت تنزف من رأسها والرؤية غير مُتضحة لها، اتصلوا على الاسعاف وذهبت الى المستشفى
~ نرجع للواقع ~
نغم : وبس كذا صرت كفيفة
طلال : اها، كانت اخر معزوفة لك في باريس " امتى الزمان"
نغم : ايوا، بس خلاص موضوع العزف شلته من راسي تماماً
طلال مسك يدها وقال : لا تستهيني بـ جسمك وذاكرته، انتي تنسين لكن جسمك ما ينسى شيء تدربتي عليه طول حياتك، يا كُثر الأشخاص الكفيفين اللي أثبتوا نفسهم في حياة الناس المُبصرة، والكفيف مو كفيف عين، كفيف عقل، فـ لا تكوني من الناس كفيفة العقل وتحصري امكانياتك
نغم ابتسمت وقالت : تعرف تواسي والله
طلال حك طرف راسه : بحاول على قدي
نغم بابتسامة : شكراً لك يا طلال، انت اول شخص قال لي هذا الكلام على انه بعيد الامل، لكن كـ شخص عاش حياته كلها في البيانو ومشاعره ارتبطت فيها، كلامك فرق معي
طلال وهو يبتسم لابتسامتها : مش كل عازف فنان ومش كل من عزف بيانو نغم
نغم : الله الله يا سليم سحاب
طلال ضحك وقال : لا يغرك ترى أحب أسمع واستمتع
نغم رفعت حواجبها بحماس : قالت تسمع لمين؟!
طلال : كل الناس القديمين
نغم ضحكت وقالت : ما توقعت كذا
طلال : ليه؟ ايش توقعتي؟!
نغم : لأن قليل القى اشخاص يسمعون لوردة او عبدالحليم
طلال : راح اكون اول واحد
نغم ابتسمت وقالت : ايه
طلال ناظر المكان اللي وصلوا له وقال : وصلنا بيتك؟!
نغم بابتسامة مدت يدها بالهواء بعبث تبحث عنه، حست بيد طلال المليئة بالعروق تمسك يدها
نغم : شكرا لـ وجودك اليوم
طلال وهو يسجل رقمه في جوال نغم : عندك رقمي اتصلي علي بأي وقت، راح أكون أذن لك
نغم : لا تنسى موعد الكلب ومشكور مره ثانية، طلال حط حبل الكلب في يدها ومشت
طلال تنهد وهو مبتسم يناظرها الى ما طلعت
حس على نفسه يبتسم، ضرب خده بخفيف
طلال : اصحى على نفسك، تبتسم كذا ليش؟!
حط يدينه بجيوبه ومشى
-
صباح ثاني يوم، في الشركة
جالسة على مكتبها تكتب التقارير والأشياء الضرورية
ارتاحت بعد ما أبو طلال سافر فـ صارت تقدر تشتغل براحتها
جاء لها صوت من أمامها وهو يقول " صباح الخير
وئام بدون ما ترفع نظرها قالت : ابو طلال، غير متواجد اترك الاشياء اللي تبغاها هنا
يوسف : واذا الشيء اللي ابغاه انتي
وئام عقدت حواجبها ورفعت نظرها له وتنهدت
يوسف وهو يناظرها : أجل كذا أبو طلال يبدأ صباحه
وئام بـ حدة : ايش تبغى؟!
يوسف مد لها الكوفي
وئام نزلت نظرها للملف وقالت : شكراً شربت قهوتي
يوسف : هذي مني غير
وئام تنرفزت ورفعت نظرها وقالت : راح تذلني عشانك ساعدتني، شكراً لك وما ابغى قهوتك
يوسف قرب منها وقال : مو مذلة لكن ابغى شيء منك - ناظر عيونها مرر اصبعه على خدها وجسم وئام تقشعر وتنرفزت منه وزاد تنفسها، يوسف قرب منها وهمس..

عيناكِ مأمني وأماني وأُنس روحي.. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن