في حفظ الرحمن..

12 0 0
                                    

كان واقف يتكلم مع المدرب، وعينه على نغم اللي كانت الكلاب حولها وتلعق يدها و تحاول تبعدها عنهم وتقول لهم "هشش"
نغم بعصبية وصوت خافت : يخربيت شكلك ابعدد، لعق الكلب يدها رفعت يدها باستسلام وقرف، شعرت بيد تمسك يدها المرفوعة ويده الثانية حول خصرها تجعل جسدها يتكئ على جسده
نغم ما قدرت تتكلم وبلعت ريقها وطلال غمض عيونه واشتم رائحتها المميزة التي لا تفارقها ما قدر يتمالك نفسه وهمس بخفوت : ايش نوع الشامبو..
نغم سمعت كلامها توترت : ططـلال؟!
طلال فتح عيونه وقال : آسف، بعد عنها
نغم بارتباك ودقات قلبها تتعالى حست انها مو طبيعية وفيه شيء غلط : ععـادي حصل خير
طلال أبعد عنها وقال وهو يقلب كفيه منحرج انه انجرف خلف مشاعره : راح يكون الكلب هنا يتدرب أسبوع ماراح تقدري تشوفيه بعدين تجي بين فترة وفترة تأخذيه
نغم بارتياح وابتسامة : الحمدلله، شكراً لك مره أنقذتني، عاد عشاك علي
طلال بابتسامة : العفو، اجل بستغل الفرصة وباخذ مطعم غالي، مسك يدها ولفها حول ذراعها وخرجوا شاف الدنيا ظلام وليل
نغم : يلا اختار اللي تبيه
طلال مسكها وساعدها تركب السيارة ودخل مكان السائق وقال وهو يشغل الدفاية : الجو بارد كان ودي اكل على البحر شيش طاووق، - حط يده تحت ذقنه يفكر - همم على كذا بنروح مطعم بس فين يا طلال؟!
نغم ضحكت وقالت : انت كذا تفكر بصوت عالي؟!
طلال ناظرها وهو مبتسم لضحكتها اللي خطفت قلبه وقال : ايه، أحب أفكر بصوت عالي واتكلم عن نفسي كأني شخص اخر يعني اقول السيد طلال يبغى كذا وكذا
نغم : تعرف ان هذا مرض نفسي؟!
طلال : ما يهمني فلسفتهم النفسية، المهم انا مرتاح وما آذي أحد
نغم ابتسمت وقالت : طيب السيد طلال اختار لنا مطعم؟!
طلال وهو يفتح الماب بالسيارة : هشش خليك راكب هادئ لا تشتتيني
نغم بعناد وهي تحرك يدها بعشوائية : ايش قصدك بالتشتيت؟!، حست بيد طلال تمسك يدها وتنزلهم على فخذها ونغم توترت وسكتت
طلال ابتسم على احراجها وحرك سيارته للمطعم
وقف أمام مطعم كان عبارة عن مطعم يقدم مأكولات فرنسية
نزل فتح لها الباب وساعدها وهو يقول : انتبهي لخُطاك المكان مزدحم
نغم هزت رأسها وتمسكت بذراع طلال وكأنها طفلة متمسكة بأبيها خائفة من الضياع، دخلوا المطعم
النادل : عندك حجز مُسبق؟!
طلال : ايه باسم طلال
النادل هز رأسه وناظر للقائمة وانتبه لاسم والده وقال : تفضل من هنا أستاذ طلال
طلال ابتسم بتزييف يكره فرق المعاملة لما شخص يعرف عن أبوه تنهد لأن اسمه أبوه مسبب له عُقدة طالما مُقترن به، سحب الكرسي لـ نغم وجلسوا
نغم ابتسمت وهي تشم الرائحة : مطعم فرنسي!!
طلال : توقعت انك راح تشتاقين لها قلت أختار لك مطعم تعرفيه
نغم ابتسمت على اهتمام طلال بالتفاصيل، وصل النادل أعطى طلال قائمة الطعام كان بيعطي نغم لكن لاحظ عصاتها قطع عليه صوت طلال وهو يقول : أعطيها القائمة
النادل هز رأسه وراح، طلال فتح المينو وتوهق كله فرنسي وهو ما يعرف لغة فرنسية
نغم : ايش عندهم أصناف؟!
طلال احم احمم - اممم، لسه ما اخترت
نغم ضحكت بفرط وقالت : ما تعرف فرنسي؟!!
طلال بحرج ونظرات الناس اللي بالطاولات المجاورة لهم التفتوا عليهم : اخترته عشانك
نغم : وانا كفيفة مقدر اساعدك، اطلب النادل يطلب لك
طلال بتسرع : لا لا خلاص انا بختار من الصور
نغم ضحكت وجاء النادل
طلال وهو يأشر على الصور : أبغى هذا وهذا وهذا
النادل عرف ان طلال ما يعرف فرنسي فقال : للاسف خلصت الوجبات لكن فيه هذه الاقتراحات
تدخلت نغم بالفرنسي وقالت : ماذا لديكم على المنيو؟! هل يوجد بوف بورغينيون؟!
النادل بالفرنسي : نعم يوجد
نغم بابتسامة : أريد واحد بوف بورغينيون وحساء البصل
النادل أخذ الطلبات وراح
طلال وهو يشرب ماء : شكراً
نغم بابتسامة : كان لازم اتدخل الوضع سيء
بعد مُدة جاء الاكل وبدأوا يأكلون باستمتاع وطلال عجبه الأكل ويأكل نغم شوربة ويساعدها وهو مبتسم غير مبالي لـنظرات الناس لهم، فجأة سمعت نغم عزف بيانو لـ أعزوفة للموسيقار باخ
ابتسمت وهي تحرك بيدها العصير منسجمة مع اللحن ويدها تحت ذقنها، يوسف حط يده على خده يتأملها ويتأمل تفاصيلها اللي أُخفيت عنه، حركة يدها اليسار وهي تتحرك على الطاولة وكأن تعزف بيانو، استمتاعها لسماع الأعزوفة، تجاعيد خديّها الناتجة عن ابتسامها
طلال : انتي كذا لما تعزفين؟!
نغم بابتسامة : كيف؟!
طلال : ساحرة للأنظار وخاطفة للأنفاس، محد يقدر يرفع نظرهه عنك
نغم ابتسمت بحرج وقالت : ميرسي على الكلام الحلو
-
في السيارة، بعد ما خلصوا
طلال ابتسم وعينه على الطريق : شكرا لك على اليوم الحلو، صراحة ما كنت أبغى أفكر كثير
نغم فهمت ايش يقصد قالت : ايش صار؟! كلمتها؟!
طلال تنهد وعينه مازالت على الطريق : رافضة العلاج وبقوة
نغم ابتسمت للفكرة اللي جاتها وقالت : في مره لما كنت بالخارج كان فيه دار رعاية تلطيفية كنت زمان اشتغل فيه واعزف لهم كانوا يحققون أمنيات المرضى قبل ما يموتون ومن الأمنيات اللي أبهرتني على بساطتها كانت جمعة بسيطة للأهل والأصدقاء وكل الناس اللي تحبهم، أعطي أمك هذي الفرصة يمكن لما تحس بأن أحد حولها راح تتراجع عن القرار
طلال ابتسم بحماس: عرفت ايش راح اسوي، - ناظر نغم - شكراً لكك مرهه
نغم بابتسامة : العفو
طلال وقف السيارة عند باب بيتها وساعدها تنزل وقف أمام بيتها جاته الرغبة بأنه يحضنها وفعل ذلك بدون تردد وتفكير، همس لها : شكراً لك مرهه
نغم ابتسمت وراحت لبيتها، طلال حط يده على قلبه وقال : اهدأ فشلتنا!!!
ركب سيارته وحرك على بيته وألف فكرة بباله كيف يخلي أمه سعيدة ويعيش معها آخر أيامها ولو انها بتكون تتألم
-
في فيلا يوسف، جلس وفتح الصندوق واسترجع الذكريات معها، كان فيه اول هدية جابها لـ ليلى، وصورهم لما لعبوا بمدينة الملاهي، وصور يوسف وليلى لما ليلى تخرجت، والأكواب الخزفية اللي سووها كانت أكواب لكوبل تحمل أول حرف من اسمائهم، وكمان صحن قلب اللي عمله يوسف، والرسائل اللي كان يوسف يكتبها لـ ليلى، وأخيراً الدفتر اللي كان يحمل رسم لـ جميع مزاجيّـات يوسف، وهو زعلان مقطب حاجبيه وماد بوزه ولما يتوتر يعض طرف ابهامه، ولما يفرح يبتسم وتجاعيد ابتسامته مزينه زوايا فمه، نظرته لـ ليلى اللي ما تغيرت نظرة الحب والضياع في تفاصيل وجهها نظرته لـ ليلى نظرة لم ينظر لها لإمرأة من بعد ليلى، شاف قصاصة ورق مخفية في غلاف الدفتر، سحبها وفتحها وكانت ورقة تحمل "You S" استغرب وكتب في قوقل طلع له اشياء غريبة، دخل على الخرائط وجد معرض لوحات يحمل الاسم عقد حواجبه لكن سرعان ما تذكر آخر يوم وآخر ليلة وآخر ساعة جمعتهم قبل ما يسافر
~ نرجع بالزمن للخلف ~
كان جالس على حافة الشباك وليلى وجالسة على الكرسي مقابلته ويناظرون بعض
ليلى : يعني خلاص بكرا راح تسافر؟!
يوسف استشعر الحزن بكلامها فاكتفى بهز رأسه
ليلى بابتسامة مسك كف يوسف  : راح أنتظرك يا يوسف العمر كله، وحتى لو سافرت وتزوجت من بعدي عادي، بس أكيد ماراح تكون أجمل مني
يوسف ضحك
ليلى تكلمت بجدية : يوسف لو حصل شيء وما قدرت تشوفني، بسوي معرض متأكدة انك راح تعرفه اول ما تشوفه
يوسف مسح على شعرها وقال : أبوس عقلك اللي يفكر، ولا ماراح أتزوج من بعدك لأن مافيه بنت بعدك ممكن تحرك هذا، وآشر على قلبه
ليلى ابتسمت وحضنته وقالت : راح أشتاق لك
يوسف وهو يمسح على ظهرها : ما يشتاق لك غالي يا عمري، ان شاء الله فترة بسيطة وتعدي
ليلى : بعطيك هدية، لفت بسرعة ومسحت دموعها وهي تنزل بغرازة، يوسف عرف انها تبكي راح وحضنها من الخلف وهو يقول " اشش اشش، عادي ابكي"
ليلى لفت وصارت مقابل لصدره لـ فرق الطول ما بينهم وقالت وهي تبكي : ممكن تكنسل، ما أبيك تسافر صعب يا يوسف صعبب مرهه، قلبي يوجعنيي
يوسف أبعدها وقال : سلامة قلبك يا عمري، راح نتكلم كل يوم فيس وماراح أبعد عنك ولا لحظة
ليلى ناظرت الأرض وقالت : أحس إني أنانية وانا اطلب منك تبتعد عن أحلامك بسببي وانت دعمتني
يوسف ابتسم وقال : أنتِ انانية بحبي وانا راضي، لكن أعتقد عزام عنده رأي ثاني ما صدق السرير يكون له
ليلى ضحكت وسط دموعها يوسف ما فشل بإسعادها وتغيير مزاجها بيوم
يوسف وهو يمسك وجهها بكفيه يتأمل ابتسامتها : رِفقاً بي يا إمرأة
ليلى ابتسمت بخجل وراحت لـ درج التسريحة وطلعت إسوارة وقالت وهي تلبسه : بضغطة زر راح تكون قريب مني، وماراح تحس بـ غُربة كل ما طفشت اضغط عليها وتخيّلني جنبك
يوسف ابتسم وهو يناظر الإسوارة وضغط عليها واضائت اسوارة ليلى قال : احس بإني وقح ما جبت لك هدية
ليلى وهي تحضنه : انت هديتي، ما أبغى منك ولا شيء غير ترجع لي بالسلامة
يوسف ابتسم وناظر الساعة المعلقة على الجدار تشير للـ ١٢  ليلاً
يوسف : آسف ليلى بروح ألحق الطيارة راح تقلع الساعة ٣
ليلى : مع السلامة يا حبيبي، يوسف جاء بيخرج من الشباك لكن التفت لها وسرق قُبلة عميقة من شفاتها وهمس أمام وجهها : في حفظ الرحمن، أستودعتك الله، وختم كلامه بقبلة على جبهتها
ونزل للأسفل يهرول كعادته لكي لا يراه أحد، توقف بعيد عن المنزل ناظر لشباكها المفتوح وضوء غرفتها المضاء غمض عيونه يحبس دموعه، دخل يدينه في جيبه وطلع صندوق أصفر صغير فتحه وكانت تحمل خاتم زواج، تنهد وقال : آسف لك راح أرجع لك وانا مستاهلك، راح لـ بيت عزام وشاف عمه ينقل شنطه في السيارة، عمه التفت له وقال بعصبية : انت لسه ما جهزت؟!! ترى الطيارة بتطير فيك ولا بدونك
يوسف هز رأسه وراح لغرفته المشتركة مع عزام وشافه جالس يقلب بجواله ابتسم وقال : ماراح تودعني
عزام : أودعك والسرير بيصير لحالي هاا هاا هاا
يوسف ابتسم عزام ما يحب يظهر ضعفه لكن يعرف بداخله انه راح يحزن بمجرد ما يخرج من المنزل، قرب منه ونفش شعره وقال : راح أشتاق لك لا تنبسط كثير
عزام وهو يبعد رأسه : تمامم، انت قول لي ايش صار مع ليلى؟!
يوسف وهو يفصخ بلوزته : بكيت كثير لكن عرفت أراضيها، حط يده بجيبه وطلع صندوق أصفر وقال : خليها أمانة عندك اذا رجعت بأخذها يا ويلك تفتحها
عزام : ماراح افتحها لكن ايش فيها؟!
يوسف : مالك شغل، لا تفتحها وبس كل يوم راح أسألك عنها
عزام وهو يدفع يوسف للخارج : خلاص اطلع يلا مع السلامة
يوسف لف وأرسل له بوسة بالهواء
عزام : ليلى كان الله بعونها، مدري وش شافت فيك
يوسف : كلامي الحلوو، وجهي الجميل
عزام ضحك وقال : يلا ابوي ينتظرك
خرج يوسف وركب السيارة بجوار عمه ويناظر الشوارع
عمه بدر : برا الدنيا مو مثل هنا، لا تهيت في الشوارع وتشرب من هالسم حقهم، والله ثم والله يا يوسف لو دريت ما يصير لك طيب، ارجع لنا ونحنا فخورين فيك
يوسف مسك يده وباسها وقال : أبشر يا عم، راح أرجع واخليك تتفاخر فيني
بدر مسح على كتفه وكمل قيادة
~نرجع للواقع ~
-
صباح ثاني يوم، استيقظ وهو متنكد شوي نومته ما كانت أفضل شيء بسبب عمله البارحة لـ وقت متأخر
طفى المنبه وقام ولبس بدلته الرصاصية وخرج وما شاف يوسف في المطبخ، راح لغرفته وشافه واقف أمام المرايا ولابس جاكيت طويل ونظارة طبية، استغرب وقال : وين رايح؟!
يوسف : همم، ماراح اروح الدوام عندي شغل
خالد : ايش عندك؟
يوسف وهو يحط جواله في جيبه : مالك شغل، يلا مع السلامة حطيت لك فطور في بوكس خذه معك، وخرج بدون ما يسمع رد من خالد
خالد ابتسم وقال : أخيرا يا يوسف تغيرت شخصيتك
خالد ابتسم وهو يناظر كيف تغيرت شخصية يوسف من لما التقى فيه بالسجن إلى الآن. ابتسم على التغيير الطفيف اللي يحصل على شخصية يوسف، ومهاراته الاجتماعية
-
وقفت سيارة التاكسي، أمام المعرض الذي يحمل اسمه "You S", المكان جداً راقي مليء بالتُحف والمجسمات، واللوحات الجميلة التي تحمل في ثنايا ألوانها قصص مؤلمة وأخرى سعيدة، يمشي وهو لابس كمام أسود وقلفز جلد ونظارته الطبية وخصلات شعره الاسود نازلة على وجهه تُعيق نظره للوحات الى أن استوقفته لوحة ماهي غريبة عنه عبارة عن مزهرية ورود باللون الوردي، قرب أكثر وشاف توقيع باللون الذهبي "Ly"، ابتسم
جاءته موظفة المعرض وهي تقول له : اعجبتك اللوحة
يوسف : ايوا، ممكن اعرف مين رسمها؟!،
الموظفة وهي تبحث بالايباد : للاسف الاسم مجهول يوسف عقد حواجبه وقال : ليش مجهول؟!
الموظفة : بعض الفنانين يحافظون على خصوصيتهم ما يظهروا اسمهم الحقيقي
يوسف هز رأسه مو مقتنع بالكلام، لفت نظره..

عيناكِ مأمني وأماني وأُنس روحي.. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن