فقد

14 0 0
                                    

كان نائم بجوار خالد وكان يهلوس بـ "أمي لا تتركيني!!"، قام فجأة وحاول يستوعب هو فين، سند ظهره على السرير لما شاف خالد بجواره، فتح جواله وكانت الساعة 3 بالليل، عض على شفته نسى يجيب دواءه اللي يريحه من الكوابيس والصداع اللي دائم مرافقه، قام وراح لـ المطبخ فتح الثلاجة وشاف كل ما لذ وطاب وابتسم وقال : اشتقت لطبخ يوسف
أخذ كيك وورق عنب ومعه حليب
ولف وشاف يوسف واقف وصرخ بفجعة، حط يده على صدره وقال وهو يتنفس بقوة : ما نمت؟!
يوسف وهو يرجع الأكل للثلاجة : أول الليالي بتكون عليك صعبة خُذ مهدئات طبيعية
طلع ابريق شاي شفاف وحط فيه بابونج وشمر وزنجبيل ومويا حارة وحطه على النار
طلال مسكه من يده وقال : مين اللي ماتت؟! - ناظر دبلته اللي بيده والاسوارة وابتسم - هي؟!
يوسف ناظر مكان ما يناظر طلال وقال : ايه
طلال بحزن : غيّـرتك يا يوسف، - ناظر عيونه - عيونك صارت باردة بشكل يقشعر، فين يوسف الحنون الدافئ؟!
يوسف وهو يرفع يده : مو معنى اني سمحت لك تنام ببيتي، اني سامحتك!!
طلال ابتسم بحزن ولف للشايّ وطفى النار وصب له كوب وقال وهو يأشر على الكرسي اللي بجواره : تعال، أبغى أكلمك عن أمي، وختم كلامه بابتسامة يمنع فيها نزول دموعه
يوسف يعرف طلال ماراح يرتاح الا لما يتكلم جلس بجواره وناظره
طلال بابتسامة ودموعه تنزل وصوت الخنقة بصوته : تعرف ان أبوي دائم يضربني - ضحك وهو يناظر الكوب اللي بيده - ايه كان يضربني من لما كنت صغير، وهذا الشيء خلاني ادمن على المخدرات، كنت أبحث عن شيء يخليني أهرب من التفكير ويسكن آلام ضربه اللي ما عاد صارت تفيد سواء ضربني او لا راح أعمل اللي براسي - ضحك بخفة ورفع رأسه لأعلى يمسح دموعه - أمي كانت هي الصديقة والحبيبة والحضن اللي يحميني من أبوي، على رُغم محاولاتها ما تفيد لكن على الأقل حاولت!!، حاولت عشان انا ولدها، حاربت لسعادتي، رضيت تعيش مع رجل أهان كرامتها عشان تحافظ على استقرار أسرة ضحت بشبابها عشاني - ناظر يوسف اللي كانت ملامحه باردة - من بعدها صرت ما أععـ.. ـرف شيء، - وانهار بكاء غطى وجهه بيدينه وهو يردد " ما أعرف شيء"، حس بيوسف يحضنه ويمسح على ظهره بادله الحضن وشد عليه بقوة إلى أن هدأ طلال وبعد عنه
يوسف : تعرف متى تحس بفقدانها؟! - طلال هز رأسه بنفي وهو يمسح دموعه - لما تبحث عنها ما تلقاها، لما تغلط باسمها وما ترد عليك، لما تدخل للمنزل وما تسمع صوتهم، لما تدخل غرفتها وتشوفها فارغة، هنا تحس بفقدانهم، تحس دائماً دائماً انها راح تدخل من هذا الباب وتناديك، راح تسمع صوتها دائماً بعقلك، والذكريات راح تحيطك بكل مكان وتحس كل الأماكن تذكرك فيها؟! كل همسة كل لمسة فيها شيء يخصها
طلال وهو يشرب من البابونج : مين الشخص اللي غيّرك يا يوسف؟!
يوسف وهو يصب له من البابونج : وحده اسمها ليلى، - ابتسم على جنب - حبيتها من كل قلبي، - ضحك وهو يناظر كوب الشاي اللي يطلع منه البخار وما يحس بحرارته - سافرت لآجل أبني مستقبل لي ولها، لكن هذا المستقبل للأسف بعيش فيه لحالي
طلال تنهد وقال : راح أعتذر لك العمر كله وماراح يوفي بحقك، لكن أي شيء تحتاجه كلمني محد يعرف أبوي أكثر مني، - قال وهو يوقف - استخدمني قد ما تقدرر
يوسف ابتسم بخفة وراح طلال لـ غرفة خالد وسمع صوت شخيره، تنهد وقال : ليلنا مطوّل
ابتسم لما شاف رسالة صوتية من نغم لبس سماعته وكان محتواها " كيف حالك يا طنطوني؟!"
طلال ضحك على الدلع واتصل عليها
نغم بابتسامة ردت : آلوو
طلال : قوليهاا
نغم بغباء : ايش؟!
طلال : أنتي تعرفين، يلا تكفين بسمعها
نغم بدلع : طنطووني
طلال ضحك وقال : يقطع شرك على هذا الدلع من فين طلع
نغم : تفرجت مسلسل لبناني مع إميي
طلال : لا واضح التأثير
نغم : الا قولي وينك؟! من بعد ما رحت من عندنا ما اتصلت
طلال : رحت لـ يوسف
نغم بفرح : وايش صار؟!!
طلال : تقريباً سامحني بس يكابر، تغير مره يا نغم
نغم : الا ما قلت لي ايش صار بالضبط معه عشان يزعل هذا الزعل كله؟!
طلال ابتسم بدأ يحكيها المحاكمة وايش صار فيها
نغم بصدمة : ما توقعت أبوك كذا
طلال وهو يتنهد : أكثر من كذا يا نغم، قررت ما عاد أسكت له بفضحه بكل أفعاله
نغم : بس ماراح تندم لأنه في النهاية أبوك؟!
طلال ابتسم على جنب وقال : لما يكون بالأول أب يمكن وقتها أندم
نغم : لا تخاف صرت جزء من عائلتنا الصغيرة، أهلي كثير حبوك
طلال ابتسم قال : حبيت أمك أكثر، يمكن لأنها تذكرني بأمي دائما بشوشة
نغم : الله يرحمها
طلال وهو يتقلب بالسرير قال بتثاوب : آمين
نغم : شكلها هذه إشارة لي ان أقفل
طلال بصوته الثقيل : أحبك فنانتي
نغم ابتسمت : تصبح على خير يا قلبي، وباسته وقفلت الجوال
طلال ابتسم ونام بجوار خالد
-
في صباح ثاني يوم، كانت واقفة تتأكد من طاولة الفطور اللي جاهزة لـ أربع أشخاص، ولابسة بنطلون جينز وبلوزة وردي قميص رافعة شعرها كعكة
حطت الزيتون والجبنة والمخللات وطبق الفول والبيض المسلوق والشاهي الأحمر بالنعناع
دق الباب ابتسمت وراحت فتحت الباب، دخلت أمها فقط، سلمت على أمها وأخذت منها البوكيه
وقالت : تسلمين يا قلبي
سعام دخلت وهي تناظر البيت وقالت : ما شاء الله بنتي مرتبة
وئام وهي تدخل : توقعتِ أعيش بزريبة!!
سعاد وهي تسحب كرسي طاولة الطعام : ماراح أكذب عليك واقولك لا
وئام ضحكت بخفة وصبت الشايّ وقالت : وين غلا وبابا؟!
سعاد : جيت لحالي عشان اخذ راحتي بالكلام
وئام هزت رأسها وقالت : تفضلي، بدأوا يأكلون
سعاد : جيت لك يا بنتي عشان أقولك سبب خروجك من المنزل هو بسبب خيانة أبوك لي؟!
وئام تركت الخبز اللي بيدها وناظرت أمها
سعاد تغرقت عيونها بالدموع اللي كانت حاسة فيه طلع صح
وئام : من أول تعرفين؟!
سعاد : لا قريب عرفت
وئام : انا من طفولتي
سعاد بحزن : انا اسفة لأنك اضطريتِ تشوفين هذا المنظر أمامك، وانا اسفة لأن فرضت عليك العلاج بدون ما اعرف عن السبب الرئيسي، واسفـ... قاطعتها وئام : خلاص راح تتعبين وانتِ تعتذري
سعاد : هذا ولا شيء مقابل اللي سويته لك
وئام وهي تحط لها فول : ايش تفكرين تعملين؟! بعد ما عرفتِ بخيانته
سعاد ابتسمت بـ هدوء : بجلس بـ بيتي، بين زوجي وعيالي
وئام : راح تعيشي مع رجال خانك؟!
سعاد : صعب يا بنتي اتطلق بعد هذا العمر كله،لأن زمننا غير عن زمنكم لو بنت من زمنكم عملت هذا الشيء محد راح يتكلم لكن لو وحده مثل عمري، الناس ماراح ترحمها من الكلام
وئام : طالما انتِ سعيدة بـ خيارك، ما عندي شيء أقوله لك، لكن اعرفي سواء كنتِ معه أو بدونه انا وغلا راح نحبك بكل حالاتك
سعاد بابتسامة : انا سعيده معك انت وغلا
وئام : باقي غلا نراضيها
سعاد وهي تشرب الشايّ : معليك منها، ثاني يوم كانت تناقز والوضع طبيعي واعتقد كلامك أثر فيها وقررت تكمل دراستها
وئام ابتسمت وتذكرت شيء وقالت : ماما، تتذكرين ولد صغير كان يجي بيتنا زمان اسمه بسام بن عبدالعزيز، ساكن قدامنا في القصر الصغير
سعاد وهي تحاول تتذكر : بسام، بسام. بسام؟!! - ابتسمت - ايه تذكرته، أمه كانت تخيّط لنا الفساتين أيام زمان وكان معها ولد اسمه بسام وبنت ثانية اسمها العنود
وئام ابتسمت وقالت : طيب هو يعرفني؟!
سعاد ضحكت وقالت : كيف يا بنتي ما يعرفك؟! فيه أحد بالحي ما عرف اسمك من كُثر ما ندور عنك بالشوارع
وئام : عن ثقالة الدم ما كنت شقية للدرجة ذي
سعاد : أكثر وحده مطلعة عيني انتِ الحمدلله كبرتِ
وئام وهي تتملق أمها وترمش عيونها بسرعة : صرت آنسة
سعاد : وأحلى آنسة
وئام ابتسمت وأخذت من الخيار
-
في الجهه الثانية، واقف أمام شباك تذاكر السينما
وهو لابس بنطلون وبلوزة، ونغم بجواره ماسكة يده بدون عصاتها، صارت تثق فيه وتحس بالأمان معه
طلال : ايش تحبين فشار؟!
نغم وهي تعقد حواجبها : الفشار له نكهات؟!
طلال : ايوا فشار بالزبدة، بالكراميل، سادة، سبايسي
نغم : خلاص فشار
طلال ضحك وقال للموظفة : اعطيني واحد عادي
الموظفة أعطته ودخلوا لقاعة السينما وكانت فاضية
طلال ابتسم وقال : فاضية أحسن شيءء، - بنبرة لعوبة - نأخذ راحتنا
نغم وهي تقرص يده : جينا نتفرج فيلم بسس
طلال حس بألم : اوتشش خلاص طيب
نغم ابتسمت، طلال ساعدها تجلس وهو جلس بجوارها، انطفأت انوار القاعة وبدأ الفيلم يُعرض
طلال :  واو البطلة لابسة فستان وردي وكعب أحمر، والبطل - عقد حواجبه - ايش هذا البطل أحد يلبس بدلة كاروهات بألوان البني، نغم ابتسمت لأن طلال ما حسسها ولا بـ مرة انها ما تشوف، يا انه مرات يقولها بصوت عالي عشان تسمعها او يقولها بطريقة لا إرادية عشان ما يحسسها انها كفيفة، طلال مد يده وشبكها بيد نغم وهو مبتسم ويناظر السينما وهمس في أذنها : أحبك
نغم ابتسمت : وانا أحبك أكثر
-
في الطرف الثاني، تحديداً بالبحر
لابس بنطلون بيج وقميص أخضر قطن قصير الاكمام، ونظاره شمسية عسلية وإطارها ذهبي، أما وئام عباية سوداء وكعب أسود، وبيدهم كوفي ويمشون
وئام تنهدت وقالت بابتسامة : حلو البحر، خليّ جلساتنا هنا دائم
بسام : ابشري
وئام شربت من الكوفي وقالت : علاقتي بأبوي مو أفضل شيء وصدقني مو عاجبني الوضع كذا، ودي بيوم أروح له وأتحامى بظهره لكن صورته انكسرت أمامي، ما أقدر كل ما أشوفه يتكرر المشهد برأسي، صار عمري ٣٠ سنة وما قدرت أتخطاها، - ناظرت بسام - ما أبغاه تلازمني طول العمر
بسام ابتسم وقال : ايش صار بالضبط؟!
وئام : أبوي خان أمي وشفت الخيانة بعيوني
بسام : رحتِ كلمتيه؟!
وئام رفعت نظره له: لا، خفت، خفت انه ينكر، خفت ان صورته تصير أسوأ، وما أبيها تصير أسوأ
بسام : لازم تتكلمي معه وتصارحيه بأنك تعرفين
وئام ابتسمت بسخرية : أمي تعرف وساكته، اذا هي راضية انا مين عشان أتدخل بينهم؟!
بسام مسك يدها : أنتي بنتهم، انتِ فرحتهم الأولى، انتِ كل شيء بالنسبة لهم، لما ودوك لمستشفى النفسيين كان من باب حرصهم عليك، اتفق معك طريقتهم غلط لكن هم مهتمين فيك، يا وئام، محد ما يحب روحه يا وئام!!
وئام رفعت نظرها له وقالت : ايش تتوقع يقول؟!
بسام وهو يناظر البحر : يا ينكر يا يعترف، وهذا بناءاً على علاقته بهذه المرأة
وئام : قصدك نزوة وانتهت من زمان؟!
بسام هز رأسه وقال : شخص تزوج زواج تقليدي كبر بالعمر وحب يرجع لشبابه او مرت عليه فترة كان محتاج شيء ولقاه مع البنت
وئام نزلت رأسها لأسفل حست بـ بسام يمسح على ظهرها وقال : مهما صار انا جنبك، ابتسمت له
بسام شاف عربة ايسكريم وقال : تعالي، وسحبها وراحوا للعربة
بسام : ايش تبغين؟!
وئام وهي تناظر المنيو : فانيليا شوكولاته ميكس
بسام : واحد مانجو وواحد فانيليا وشوكولاته، كم حساب؟!
العامل : ٨ ﷼
بسام طلع محفظته ووئام لمحت صورته وهو صغير ومعه أخته فجأة حست بأصواتهم وهم صغار تتداخل بـ رأسها، ضحكهم لعبهم، لما هربت من بيتها وراحت لـ بيت بسام، لما كان بسام يسرق منها.
حست ببسام وهو يناديها لكن الرؤية كانت غير واضحة لها وآخر شيء كانت تسمعه هو صراخ بسام باسمها "وئام!!".
بسام رفعها وراح للسيارة دخلها فيه وحرك للمستشفى
-
وصل للمستشفى وصرخ عليهم يجيبون كرسي متحرك
وسحب احد الكراسي وحطها على الكرسي وراح للطوارئ، حطها على السرير وقال للممرضة : قيسي عملياتها الحيوية، وحطي لها مغذي، الممرضة هزت رأسها بايجاب
بسام راح يسجلها وأخذ جواله واتصل على يوسف وأهل وئام
-
فتحت عيونها ببطء وهي تسمع صوت جهاز نبضات القلب، والضوء الأبيض لمع أمام عينيها، التفت يمين ويسار شافت انها بداخل غرفة مستشفى، عقدت حواجبها بتعب، وتذكرت كل شيء حصل قبل إغماءها، وقالت بصوت مبحوح : بسامم!!، وضغطت على زر النداء اللي موجود بسريرها، دخل بسام وقال بخوف : وئام؟!
وئام بلعت ريقها بصعوبة وقالت : ابي مويا
بسام ابتسم وصب لها مويا وفتح ملفه وكتب كل عملياتها الحيوية ووئام كانت تتأمله بلبس الطبيب اللي كان عبارة عن معطف أبيض وبلوزة وبنطلون أزرق
ابتسمت وهي تناظره وقالت : يا حلو اللبس عليك
بسام انتبه لنظراتها وقال وهو يمسك يدها : كنتِ فاقدة لذاكرتك
وئام وهي تناظره بحزن : عشان كذا ما تذكرتك، الى متى كنت راح تخبي عني لو ما تذكرت؟!
بسام ابتسامة عريضة وقال : قلت لك صرت دكتور لآجل وحدة أكيد راح تعرفيني
وئام : كنت ولا زلت الشخص اللي يسمع مشاكلي وأهرب له انا واثقة اني أقدر أتحامى فيه
بسام مسح على شعرها وقال : أمك وأبوك بالخارج قلت لهم، شفتِ أول ما عرف جاء علطول، انت قطعة من أرواحهم، وئام ابتسمت له بتعب، راح بسام وسمح لهم يدخلون وقفل الباب خلفه يتركهم براحتهم
سعاد دخلت وهي تبكي وقالت : ايش صار لك يمه!!
وئام : والله اني قطعة واحدة ما سويت لا حادث ولا شيء، بس - ناظرت أبوها اللي شافته لأول مره بحياتها يبكي - بسس... وسكتت ما قدرت تكمل لأن أمها حضنتها وكانت تناظر أبوها بصدمة ومشاعر ملخبطة وسط حضن أمها
أمها بعدت وقالت وهي تناظرهم : بروح أجيب لي قهوة وارجع، خرجت لآجل تتركهم على راحتهم
وئام بلعت ريقها وهي تناظر أبوها : أول مره أشوفك تبكي
سلطان بعتاب : ليش ما تهتمين بصحتك؟! للدرجة هذه نحن عندك ولا شيء؟!
وئام تفاجئت بكلام والدها اول مره يعبر عن مشاعره قالت بهدوء : بتكلم معك عن حاجة حصلت قبل ٢٧ سنة، أبغى أسألك سؤال جاوبني بصراحة!! ، سلطان هز رأسه بموافقة
وئام : لما كان عمري ٧ سنين اكتشفت خيانتك لأمي، ليش خنتها؟! ايش اسبابك؟!
سلطان..

عيناكِ مأمني وأماني وأُنس روحي.. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن