اتفاق

11 0 0
                                    

يوسف قرب منها وقال : مو مذلة لكن ابغى شيء منك - ناظر عيونها مرر اصبعه على خدها وجسم وئام تقشعر وتنرفزت منه وزاد تنفسها، يوسف قرب منها وهمس - اسم ليلى يعني لك شيء؟!
وئام دفعته بعيد عنه وقالت : تقدر تتكلم من بعيد ليش تقرب؟ ولا ما اعرفها
يوسف : تمام، - جاء صوت رسالة لـ وئام - افتحيها
وئام فتحتها وانصدمت لما شافتها وبلعت ريقها بتوتر
يوسف : ايه صورتك انت وليلى راح توصل لـ أبو طلال، وراح أدمر مخططك آسف لك، جلستِ كم؟! سنتين، ثلاثة؟! وانتي تركضين وراه وتعدلين ياقته وتبتسمين في وجهه
وئام حست برعشة وخوف بداخلها لكن كابرت على مشاعرها وقالت : ايش تبغى؟!
يوسف بابتسامة : حلو، صرنا نفهم على بعض - قرب منها - انتظرك الليلة في شقتك، وأبعد وشاف علامات الذهول والصدمة على وجهها والأهم ملامح خوفها، ابتسم على جنب، مد لها الكوفي وقال : قهوتك وتركها
وئام جاءتها رغبة بالبكاء وما تقدر تبكي امام الناس وتلفت الانظار لها، خرجت لـ أول مخرج طوارئ كان أمامها وصرخت بأعلى صوت وتلاها صوت بكاءها
مسحت على وجهها بقرف وأذنها وهي متقرفة منه ومن لمساتها كل ما تتذكر صوته ورائحته، بدأ نفسها يضيق عرفت ان نوبتها بدأت، مو أول مره تجيها اختل توازنها واصطدمت بالجدار، ورفعت وجهها لأعلى تأخذ نفس تهدآ به،جاءها رجل كان نازل من سلم الطوارئ لابس بدلة رصاصي وشافها تحاول تأخذ نفس وتمر بنوبة هلع، قرب منها وقال : ايش اسمك؟!
وئام بصوت متقطع : ووئـءء.. ـام
الرجال وهو يمسك معصمها يقيس نبضها : وئام، خذي نفس معي، شهيق زفير، يلا معي، وئام كانت مركزة على حركاته وهدوئه وحركة شفايفه وهو يأخذ نفس وتقلده، الى ما هدأت
الرجال : بقيس نبضك - مسك معصمها وقاس وهو يناظر ساعته - طبيعي الحمدلله، ساعدها توقف
وئام بلعت ريقها بتوتر وقالت : ممكن اقول شيء
الرجال : ايه تفضلي
وئام : لا تقول لأحد عن اللي صار
الرجال بابتسامة : العفو
وئام انحرجت انها ماشكرته واول شيء فكرت فيه انه ما يقول لأحد ابتسمت وتركته، ما سألت عنه ولا عن اسمه ولا تبغى تعرف عنه ولا شيء، بس المهم عندها انه ما يقول لأي شخص عن اللي شافه، ما تبغى خطتها اللي رسمتها بـدقة تخرب بسبب يوسف اللي ظهر فيها فجأة
-
منسدح في حضن أمه في الصالة يتفرجون مسلسل
طلال فجأة قال : ما أبغى اسافر
أم طلال استغربت : ابوك قال لك شيء؟!
طلال وهو يمسك كف امه : لا ما ابغى اتركك
ام طلال : يا حبيبي يا طلال عيش حياتك
طلال ناظرها بـ زعل : ايش يقنعك وتسوين العلاج؟!
ام طلال تنهدت من عناد ولدها : ولا شيء، الدكتور ذا لازم يتعلم يقفل فمه، ما كنت ابغى اقولك عشان ما أبغى أشوف هذي النظرة بعيونك
طلال : نظرة ايش؟!
ام طلال : نظرة الحزن اللي بعيونك
طلال تنرفز وطلع فوق لـ غرفته، مو عارف كيف يقنعها تعمل العلاج، وكلام نغم في راسه، سمع صوت رسالة من جواله فتحها وكانت نغم تذكره بـموعد تدريب الكلب
طلال ضرب جبهته وقال : نسيتت، اتصل عليها
نغم : هلا
طلال : انا جاي، نسيت والله
نغم : ليش ما كتبت في الواتس
طلال : عشانك ما تشوفين
نغم ابتسمت على اهتمامه وقالت : تمام انا والزفت ننتظرك اذا وصلت اعطيني رنة
طلال : تمام، راح لبس له جاكيت جلد اسود وتحته بلوزة بني صوف مرتفعة الرقبة، وبنطلون بيج، رش عطره المفضل واكتفى بأنه يسرح شعره ويحط شوي جل لآجل يثبت ونزل وهو مبتسم
أم طلال استغربت من تغيير مزاجه المفاجئ وقالت : على وين؟!
طلال وهو يلبس جزمته : مو قلتِ اعيش حياتي، هذاني بعيش حياتي وبسمع كلامك ان شاء الله تسمعين كلامي كمان
أم طلال ابتسمت وقالت : في حفظ الله
خرج وشاف اسكندر واقف ينتظره قرب منه وقال : سوف أقود السيارة، لا داعي لوجودك، أخذ منه المفاتيح وركب سيارته وحرك
وقف عند بيتها ودق عليها واعطته مشغول ثواني وهم نزلوا الكلب ونغم، نزل من سيارته ومسح على رأس الكلب وقال : كيفك؟!
نغم : الحمدلله بخير
طلال ضحك وقال : أسأل الكلب
نعم مدت بوزها وقالت : حتى انت
طلال وقف امامها وقال : ولا يهمك، كيفك حالك؟؟
نغم : بخير الحمدلله
طلال مسك يدها ولفها حول ذراعه وقال : كذا سهل اني اقودكم
نغم ضحكت وقالت : يلا سر بنا
طلال ابتسم وساعد نغم تركب السيارة، وحط الكلب بالخلف وكان مجهز له المكان عشان ما يزعجهم في الطريق
طلال وهو يتكلم بفصاحة : حزام أمانك لآجل سلامتك
نغم ضحكت وقالت : حاضرر، مدت يدها للشباك تتحسس المكان، طلال قام من مكانه وراح سحب لها الحزام نغم حست بقربه منها أرجعت نفسها للخلف وكتمت أنفاسها، طلال ناظرها وشاف تفاصيل ملامحها وهدوئها وبرائتها، شرد فيها بدءاً من عيونها البريئة الواسعة والنمش اللي على خديها المحمرتين وأنفها المدبب وشعرها الطويل الناعم فاق من شروده لما قالت نغم : الحزام ما تقفل
طلال ركب الحزام وقال : آسف، وحرك سيارته
شغل أغنية لـ شادية
-
إن راح منك يا عين، هيروح من قلبي فين؟!
ده القلب يحب مره، ما يحبش مرتين، ما يحبش مرتين
-
يوسف راح للمطبخ وأخذ مويا مغلية وسكبها على يده
وئام صرخت : ايش تسوي مجنون انت؟!
يوسف كان ما يتألم ويناظرها بملامح باردة
وئام أخذت مرهم جروح ونفخت على يده
يوسف مسك يدها يرفع ذقنها : لاحظتِ؟!
وئام بخوف وهي تناظر عيونه: مجنون انت؟! ايش سويت
يوسف وهو يرفع يده : لا تخافي ما أحس بالألم اتركيه
وئام عقدت حواجبها باستغراب
يوسف : مُصاب بمرض اسمه الانعزال الحسي، أكون عديم إحساس للحرارة والبرودة وحتى مصادر الخطر اللي حولي من بكتيريا من فايروس أو أي ميكروب غريب يدخل بداخل جسمي ما أحس فيه
كملت وئام كلامه : عشان كذا انت دائما بالكمام والقلفز، لمست الكمامة اللي على وجهه بحزن شديد وتعاطف
يوسف بلع ريقه وقال : دفعت ثمن براءة ولده بمرضي
وئام رجعت لمكانها وهي حالة ذهول من اللي سمعته من يوسف
يوسف مسك يدها وهو متأمل إنها توافق وئام رفعت نظرها له : ابو طلال تسبب في دمار حياة ناس كثير مو بس ليلى
يوسف هز رأسه : ليلى حبيبتي وملجئي، عرفت انه يتودد لها وأكيد انتي عارفه هذا الشيء، ما انكر ان تودده لها كان دافعي في انتقامي لكن ليش انتقم لـ وحده حبت شخص غيري ولمسها ما توقعت حبي لها رخيص لهدرجة
وئام عقدت حواجبها باستغراب وقالت : رخيص؟!، ضحكت بسخرية مو مصدقة، راحت لغرفتها طلعت صندوق وحطته قدام يوسف
فتحه يوسف وكان كل شيء يخص علاقتهم من هدايا ورسم والأكواب اللي عملوها وصحونهم لما دخل غرفتها ما شاف شيء يخص علاقتهم كانت الغرفة عبارة عن كراتين مجمعة عليها الغبار مهجورة من سنين وبعض الأشياء المتروكة على الرفوف توقع ان ليلى تخلصت من كل شيء يخص علاقتهم بعد ما شافت يقدر يحقق لها حلمها وهو تفتح معرض
وئام : اذا حُبها لك رخيص كان ما تركت خلفها هذا الصندوق عندي في آخر يوم لها، ما فتحت الصندوق بناء على رغبتها ولما عرفت بعلاقتها معك، حسبت ان لك يد بموتها وفتحت الصندوق وتفاجئت ليلى حبتك بتفاصيلك، - سحبت دفتر أسود - رسمتك بكل حالاتك وانت زعلان اومعصب اوتعبان ونظراتك لها وعطفك وحنانك عليها، ليلى حبتك اكثر من نفسها، وخافت عليك، رُغم انها كانت بتواجه الموت كان تفكيرها كله فيك، في النهاية تقول حبها لك كان رخيص؟!!
يوسف : ايش صار؟! كيف ماتت ليلى؟!
وئام جلست على الكرسي وقالت : يُقال انها سكتة قلبية لكن نعرف مين المتورط الحقيقي بالموضوع، ضحكت بسخرية، سكتة قلبية ووجدوا جثتها بمكان تحت الانشاء، اذا هي تبغى تنتحر ليش تروح لمكان تحت الانشاء؟! على الأكيد أبوطلال له يد بالموضوع
يوسف تنهد وكتف يدينه وقال : كل الطرق مسدودة، والاجابة تتمحور حول شخص واحد وهو أبو طلال - ناظر وئام اللي كانت مشمئزة من ذكر أبو طلال - كيف تعرفت عليه من الأساس؟!
وئام تنهدت : أبو طلال كان مسوي مشروع دعم للمشاريع الصغيرة ومن هناك تعرف على ليلى، في البداية كانت ليلى تقول انه يدعمها بعدين صار يضايقها بطلباته
يوسف : مثل ايش؟!
وئام بلعت ريقها وقالت : يعني يطلب منها تخرج معه، يروحون فندق - ناطرت يوسف اللي قبض على يدينه بقوة
وئام تكلمت بسرعة تهدأ : وطبعا ليلى رفضت هذي الاشياء، وابو طلال ما استسلم وصار يضايقها في بيتها ويتردد عليه وعلى مكان شغلها والناس صارت تتكلم عنهم، وليلى طفشت منه، الى فيه يوم جاتني وكانت الدنيا كلها مطر ودقت الباب كانت ملابسها كلها مبللة وعيونها خائفة وواضح انها بكت كثير، أعطتني هذا الصندوق وآمنتني عليه ومن بعدها ما شفت ليلى، رحت أسأل عنها ما لقيت أي استفسار الى ما وصلني خبر من مركز بأنهم لقوها ميته في أحد المباني اللي تحت الإنشاء
يوسف غطى وجهه بيده : احس ما عرفت ليلى لما اسمع عنها كذا، - مسك الاسوارة - وانا فكرتها تخونني عشان ما قدرت اساندها واساعدها في فتح المعرض - رفع نظره لـ وئام - حلمها يكون عندها معرض وأكون طبعاً أنا موضوع لوحاتها وإلهامها - ابتسم للذكرى التي لاطفت عقله - فيه مره كانت تحتاج مودل للجامعة ورحت هناك عشان تتفاخر فيني وطلبت الدكتورة ان انزع الجاكيت وابرز جسمي ليلى ماتت غيرة والبنات يتغزلون بجسمي مع اني وقتها ما كان عندي عضلات ، - ناظر وئام اللي مبتسمة بفرح وهو يتحدث عن ليلى وغيرتها - فين رحتي؟!
وئام على نفس ابتسامتها قالت بهدوء : تتكلم عنها بصيغة الحاضر وكأنها معنا، أنا غلطت انت مُغرم فيها
يوسف ناظر يدينه : أحبها لدرجة مقدر أبكي عشان أرثيها مقدر أبكي وأحرر حزني اللي بداخلي بسببه - رفع نظره لها - ايش قررتِ؟
وئام ابتسمت وقالت : تنتظر بعد كلامك هذا أرفض؟!
يوسف مد يده وقال : تشرفت بمعرفتك أستاذة وئام
وئام صافحته وقالت : ماراح أنسى هذا، وسحبت ظرف الاستقالة وحطته بجيبها
يوسف وهو يأخذ الصندوق : ما اعتقد انك راح تحتاجيه راح استقيل بنفسي قريباً
خرج يوسف ومعه الصندوق وراح لـ منزله والهموم مُثقلته

عيناكِ مأمني وأماني وأُنس روحي.. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن