سَدن - الساعةُ الخامِسةُ صباحًا.
في الأيّام القَليلةِ الماضيّة استَعطتُ تحديدَ مواعيدِ مناوَبةِ هؤلاء الهَمج
وحسبَ مَعرفتي اليومَ السّاعة العاشرة ليلًا سوفَ نكونُ خارج المُراقبةِ لِربعِ ساعةٍ.
حُروقُ ظهري أتلَفت أنسجَتي
ومع عدمِ توافرِ دواءٍ سوفَ تُهاجِمني العَدوى ..
يتحوّلُ هذا الهَواءُ المُتسرِّبُ من النافِذةِ إلى مَوجاتٍ ألمٍ ضَربت ظهري بِشكلٍ خاصٍ وسَببت رعشةً على طولُ جَسدي.كاتاليا تتمَلمَلُ في نَومها وهذا العُصفور يَعزِفُ سمفونيّةً حزينةً يذهَبُ إلى مَوطِنه.. ويتركُ اللحنَ في عقلي ربُّما لَم يكن تغريدُهُ حزينًا أنا فَقط من صيَّرتُه كذلكَ.
"صَ .. صباحُ الخَير ".
كاَنت هذهِ كَاتي تتثاءبُ وتضغطُ بيدِها على عينَيها.ابتَسمتُ وعانقتُ كاتاليا بشكلٍ جانِبيٍّ
وكِدتُ أحَييها حتّى خدشَ مسامِعي صوتُ صهيلِ خيلٍ قريبٍ تكلَّلت ملامِحي بالأملِ
لكنّي دَهوَرتُها حالما دخلَت الإمرأة بالطّعامِ ووضعتهُ قُربي وخَرجَت في ريبةٍ.هذهِ المرة سارعَت كاتي لأخذِ الطّبقِ وجعلَت تمدُّ يديها الصغيرتينِ لِتُطعمَني.
إنَّها تقَلدنِي عندما أفعلُ المِثلَ لها ..
"كاتي اليومَ أريدُكَ أن تبقَي مُستيقظةً لوقتٍ أطوَل "
بالفِعلِ عرفَت كاتالِيا أنّي أستطيعُ التّحدثَ لكنّي طلبتُ منها ألّا تذكُرَ الأمرَ حتّى نعودَ لا أعلمُ ماذا دهاني لكنّي لَم أعُد آبهُ بالإنتقامِ أو السيدة قمر أو أمي حتّى!
ربُّما هذه هي غريزةُ البَقاءِ ما ساعَدني حقًا أنَّ كاتي لا تعترضُ أو تناقِش هي فقط تَستقبلُ ما أقولُ وتُنفِّذهُ."-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"
مَملكةُ سبالِين - القَصرُ المَلكي صَبيحةَ يومِ إختطافِ الأميرةِ كاتالِيا.
كانَ شِهاب يعملُ في مَكتبهِ
بِلحظةٍ خطفَ نظرهُ نحوَ السّاعةِ
إنّها السابعةُ صباحًا بعدَ نصفِ ساعةٍ سوفَ يقتحمُ المَكان كائنٌ صغيرٌ يُدعى أختهُ لِتُلقي عليهِ تحيّة الصباحِ ويرافِقها للإصطِباحِ
بالفِعلِ اقتُحِمَ المكانُ لكنّها ليسَت أختهُ
إنّها إيلي بَدا وَجهُها شاحِبًا للغايةِ وناظَرتهُ بِرُعبٍ ممّا سيفعلهُ وبَثَّت ذلك الخَبرَ: " الأميرة ! كاتالِيا ! هِيَ.. لا نَجدُها في أيِّ مكانٍ ؛ الفتاةُ.. أعني المُربيّةُ ليست هُنا أيضًا! ".
نَهضَ بسرعةٍ وتجاوَزَ إيلي هابطًا للطابِقِ السُّفليِّ حيثُ سمِعَ صوتَ أقدامٍ كثيرةٍ تهروِلُ الخادِماتُ في كُلِّ مكانٍ يفتحنَ أبوابَ جميعِ الغُرفِ لكن لا أثرَ .. اقتربَت مِنهُ رئيسةُ الخدم الشّابةِ
: " أيُّها المَلك.. منذُ ربعُ ساعةٍ اكتشفنا فُقدانَها لكِن أسفلَ فِراشِها وجدنَا هذا "
مدّت يَديها بِمنديلٍ صغيرٍ نُقشَ عليهِ بالخيطِ الأحمرِ صُورةٌ أفعًى صغيرةٍ وعندمَا تفحصَ المنديلَ أكثرَ رأى تِلكَ الجُملةَ بِخطٍ ناعِمٍ للغايةٍ
: " تَعودُ الضّالةُ بِفديةِ تَاجٍ ".رفعَ رأسهُ فلمحَ لِيام الذي يهرعُ لهُ
: "شِهاب ؟ "- " أدعُ السّيدةَ قمر لِهُنا حالًا وحالما تَجيءُ ضَعها في السّجن الإنفرادِيّ،
تحقّق مِن جميعِ الحُراسِ عن مَاهيّةِ الأشياءِ الذي غادَرت أمسُ من المملكةِ.
خُذ بعضًا من الجنودِ واذهَب وأستَعلم عَن أيِّ تحركَاتٍ مُريبةٍ وشدّدِ الحِراسةَ على تلكَ القَريةِ لنرى إلى أيِّ مدًى سوفَ تذهبينَ آنسة سَدن "توَّقدَت عيناهُ والمُتّهمُ الأوّلُ دَخيلةُ القَصر المُربيّة الجديدةُ
وتوَلّى آخِذًا لجامَ فرسهِ نحوَ الغابةِ فَمن يُريدُ تخبئةَ شيءٍ بعيدًا عن الأعينُ سوفَ يُخبِّئهُ هُنا كانَ يعلمُ أنَّ أختهُ
ما زالت في حُدودِ المملكةِ لأنَّ ذلكَ يحتاجُ مسيرَ أيّامٍ متواصِلةٍ بدأت الأشجارُ بالإلتفافِ حَولهُ وتبَحَّرَ فيها عميقًاساعةٌ ؛ إثنتانِ ؛ ثلاثُ ساعاتٍ ولا شَيءَ
مَا في هذهِ الغابةِ هو سكونٌ مُريبٌ فقط.
عَند اجتياحِ فكرةِ العَودةِ لمحَ شيئًا أخيرًا! أنّهُ حِصانٌ وإن لَم يكُن مخطئًا فهذا الحِصانُ تابعٌ لِإسطبلِ القَصر !
كَان هرعًا خائفًا لكنَّ شهاب نجحَ بتهدأتهِ.رأى عليهِ خُدوشًا مِن الأغصانِ.. لكِن إذا ما كانَ هذا الحِصانِ هو نفسهُ الذي استخدمتهُ سدن لإختطافِ أختهِ فَما لهُ هُنا ؟ هل أكملَت سيرًا ؟ أم أنّها بدّلت الحصان؟ تشوّشَ تفكيرهُ للحظةِ لكنّه سمعَ صهيلًا قويًا عرفهُ جيّدًا وبعد ثوانٍ ظَهرَ ليام على ظَهرِ فرسهِ
:" شِهاب يجِبُ أن ترى هذهِ وصلَتِ القصرَ قبل نصفِ ساعةٍ ؛ استغرقَ الأمرُ مِنّي وقتًا حتّى خمّنتُ مكانكَ ".أخذَ شهابٌ الوَرقةَ وقرأ ما فيها .. ثمَّ نظرَ لِليام الذي أومأ لَهُ بتشجيعٍ وأردفَ
:" هيا بِنا ".كَانَ شِهاب يعرفُ العُنوانَ المُسجّل على هذهِ الورقة ويحفظهُ عن ظهرِ قَلبٍ ؛ في قَلبِ الغَابةِ شيءٌ يدلُّ على الحياةِ ؛ كُوخٌ وحيدٌ.
- قُبيلَ أفولِ الشّمس دَاهمَ شِهاب ولِيام المَكانِ كانا يلهَثانِ لكنَّ المَكانَ كان فارِغًا مَا خَلا شَمعةً وحيدةً لم تَنطفئ بَعدُ.
ارْتَجفَت يَداهُ وطأطأ رأسهُ ثمَّ أجالَ حَدقَتيهِ وحَدجَ الغُرفة فَلمَحَ قطعةَ الكَاغِد المَلقيّةِ أسفلَ طاوِلةِ الطّعامِ و مَالَ إليهَا بُغيةَ إفصاحِ مُحتواها وها هو ذا عَلِمَ ما يَرمونَ إليهِ ..
إنَّها لُعبةُ القِط والفأرِ ..
حسنٌ مِنَ الوَاضحِ أنّهم أخطؤوا تقديراتِهم فَشهاب مِن عائِلةِ السّنَوريّات تحديدًا الفَهد.-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-"-
- أتدرونَ ما الشّيءُ المُشتركُ بينَ تفاعُلكم وضَميري الدِّراسِيّ ؟-أجل كِلاكُما ميتَانِ.
☆- أرجو أيامًا سعيدةً لَكُم .
أنت تقرأ
لم دُعيت حبيبًا؟
Historical Fiction_كَالوَردِ سامَرُهُ النّدى. - أحبَبتُكِ أكثرَ مِما ينبَغي يا سَدن. - وَ أنا مَنحتُكَ فُرصةَ الرّحيلِ والآن يَا شِهابي سأحَقِقُ أمنِيتي بِأنْ أقتلَ رَجُلًا .